14

42.2K 258 0
                                    

هل هناك شخص ما؟
أم هل هو ذئب جبلي مثلا؟
احتمالان أسوأ من بعضهما.. دعوت الله أن يكون مجرد حيوانا شاردا يمر أمام الكهف وينصرف لحال سبيله.. ولكن الامر لم يكن كذلك..
إنه الغريب..
كان يدخل الكهف ويخلع ملابسه في نفس الوقت، غير مدرك أن هناك أحد بالداخل.. لم اعرف ماذا افعل..
ضممت ركبتاي على صدري بشدة وصرخت: ابق عندك، هناك أحد بالداخل..

جفل لحظة ثم قال ضاحكا: اوبو.. اهلا..
وأكمل خلع ملابسه..

صحت وأنا أشيح بوجهي بعيدا عنه: ماذا تفعل؟.. أنا هنا

قال: وما المشكلة، هناك مساحة تكفي لي أيضا..
واقترب من الماء..

فقلت له متوسلة: ولكني لا ارتدي ملابسي، ارجوك ارحل..

هز كتفيه وقال: لا.. إن أردتي أن ترحلي انتي تفضلي..
ونزل في الماء وجلس فاردا رجليه وأردف في بساطة: إذاً سمعتي لي، أليس النزول هنا بدون ملابس أفضل؟

نظرت له بطرف عيني وأنا أضغط بركبتاي على صدري أكثر وقلت في تردد: قليلا..
كان جسده مغمورا تحت المياه ولا يظهر منه سوى اعلى صدره، مما اعطاني بعض الحرية في النظر له وهو يتكلم

استمر في الحديث وكأن الموقف هنا ليس غريبا: قلت لك.. المكان هنا إدمان، ما ان تأتي مرة سترغبين أن تأتي كل يوم مثلي..
كان ينظر لوجهي ايضا.. لم يكن يحاول النظر لجسمي المغمور تحت المياه .. لم اشعر ان نظراته وقحة او منحرفة .. كان يتكلم كإننا نجلس كأصدقاء في مقهى عادي .. لا أعرف إن كان هذا يجب ان يريحني ام يحزنني..

قلت له: ولكنك تأتي من الثامنة للعاشرة.. انا اتيت بعد الحادية عشر حتى لا التقي بك.. هذا ليس عدلا..

هز كتفيه وقال: انشغلت اليوم فأتيت متأخرا.. إنه ليس قانون في كل حال..

زممت شفتي وقلت: حسنا.. هل يمكنك ان تذهب الان.. او على الاقل تنتظر خارج الكهف بينما ارتدي ملابسي؟

هز رأسه وقال: لا.. هذه ليست مشكلتي أنكِ تريدين أن تختبئي.. الكهف لا باب له، يمكنك المغادرة الان لو أردت..

ضغطت على اسناني.. إن نهضت سيرى جسدي بالكامل.. وهو بالطبع ليس من النوع الذي يمكن أن يشيح بوجهه إن طلبت منه .. قررت أن انتظر .. بالتأكيد هو لن يظل هنا للابد.. سيغادر خلال ساعة او حتى ساعتين.. وقتها يمكنني المغادرة.. يمكنني الحركة..

قفزت اليوم في ابو الوشواشي.. خرجت الكلمات من فمي دون ان اعرف سبب خروجها

صفق بيديه وقال: عظيم

سألته: هل هذه سخرية؟

رفع حاجبيه وقال: بالتأكيد لا.. ذهبت للمكان منذ عدة أيام.. الأمر مخيف.. ولكن الجميع يتظاهرون بالشجاعة ولا يرغبون أن يرى أحد خوفهم وهم يقفزون..

صحت: بالضبط .. أليس كذلك؟ .. شعرت إنني الخائفة الوحيدة..

قال: لا لست الوحيدة، الجميع كذلك ولكنهم بارعون في إخفاء خوفهم لا اكثر.. الخوف وقت القفز له جذور عميقة بداخلنا، انه مرتبط بخوف الانسان البدائي من السقوط من الاشجار.. نحن نخاف السقوط من عل حتى لو كنا متأكدين تماما من توفر عوامل الامان..

سألته: لهذا أيضا نشعر بالخوف في ألعاب الملاهي، أليس كذلك؟

أومأ برأسه قائلا: بالضبط.. الكثير من الاشياء ملتصقة بنا من أصولنا التطورية ولم تتخلص منها الانسانية بعد.. شاهدت مقطع فيديو عن هذا الأمر على قناة (ناشيونال جيوجرافيك) الشهر الماضي

لاحظت اننا نتحدث ببساطة.. وليس كأننا لسنا رجل وامرأة عاريان في بركة صغيرة.. ولكن الحديث كان شائقا

قلت مبتسمة:  ناشيونال جيوجرافيك .. بالطبع.. انا اشاهدها احيانا ايضا، ولكنني اشاهدها بالعربية

قال: لم اكن اعرف ان منها نسخة عربية.. ولكن هذا جيد.. الجميع يجب ان يشاهدوا تلك القناة واللغة لا يجب أن تكون حاجزا..

هززت كتفي وقلت: انا افهم الفيديوهات بالانجليزية، ولكن القناة العربية أفضل بالنسبة لي لان بعض المواضيع تختص بالشرق الاوسط.. لكن ليس عندي مشكلة في مشاهدة الفيديوهات والافلام غير المترجمة.. بالعكس، كل الافلام على حاسبي المحمول غير مترجمة..

سألني: ما نوع الأفلام التي تفضليها؟

فكرت قليلا ثم أجبت: لا اعرف بالضبط.. لا اعتقد ان لي نوع محدد..

قال: قولي لي ما الافلام التي تحبين مشاهدتها ربما يكون هناك خيط ما يربطهم جميعا..

ذكرت له الافلام الموجودة على حاسبي وهاتفي، كان يعرف معظمها .. قال لي انني أفضل الافلام التاريخية والرومانسية.. سألته عن افلامه المفضلة فأخذ يعددها لي.. كنت قد شاهدت بعضها بالفعل.. أخذنا الحديث لمناقشة أفلامنا المفضلة المشتركة، ولماذا كان يفضلها كل واحد منا.. وتحدثنا ايضا عن الافلام الجديدة التي نريد مشاهدتها ولم نشاهدها بعد، أبطالنا المفضلين، والكثير من الاشياء..

بينما نتحدث أمسك بهاتفه وصاح: هل تصدقين انها تعدت الثالثة صباحا الان؟ ..

فتحت فمي في بلاهة وقلت: هل هذا معقول؟

قال في أسف: انها الثالثة وسبع دقائق.. اعتذر منك، انا مضطر للذهاب، يجب ان أحظى بساعتين من النوم قبل الصباح..

قلت: حسنا انا ايضا تأخرت للغاية..

قام فجأة فظهر جسده العاري امامي لوهلة قبل أن أبعد عيناي بسرعة.. لم يبد انه لاحظ او انه يبالي.. ارتدى ملابسه ثم نظر ناحيتي وقال: استمتعت بحديثنا

ابتسمت وأنا لازلت أنظر بعيدا وقلت: وأنا أيضا..

خرج في هدوء، وانتظرت بضع دقائق حتئ تأكدت انه غادر تماما..
فردت رجلي بصعوبة فقد كانت ركبتي شبه متصلبتان من ضغطي لهما على جسدي طول الوقت..
نهضت وارتديت ملابسي في سرعة وقبل أن أغادر لاحت مني التفاتة سريعة للكهف وابتسمت وقلت لنفسي: برغم كل شيء كانت تجربة رائعة.. ولكنها لن تتكرر..

ولكنني اكتشفت بعد ذلك انني كنت مخطئة في ظني هذا..

أنثى وسمكة +١٨ {نصف مليون مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن