🄿🄰🅁🅃80

890 132 129
                                    

‏"من يدخلُ مدينة الحب إما يعودُ طفلاً يحب كل الأشياء، وإمّا يخرج منها مسنٌ لا يدرك إلی أيّ منفى ينتمي."

نزار قباني
____________________

في المستشفى الكبير
لم يفق بعد .. يبدو أن مقاوماته للحياة انطفأت ، وماذا يجعل قوي القلب والقالب يستسلم في لحظات انتظار الجميع لمحاربته ؟؟ أي تغير يجعله يتراجع عن روحه ويرضخ للخط المستقيم الأبيض بطنينه ...
يتخلى عن نفسه في اشد اوقات احتياجه ....

على الكراسي ...
جالسون والخوف يصعقهم من صوت دقات قلبه المعدوم تقريبا ... عادل وفيصل وأفكار كثيرة تأخذ بهما أولها حياة عماد في الداخل.
كانا اثنان ثالثهما تلك الصغيرة الجالسة أرضا أمام باب غرفة العمليات لا ترضى النَهوض حتى يخرج سالما من الداخل ... تنهمر كراتها الثلجية على احمرارِ خديها ونظرها في كفيها .... لدمائه في يدها ورائحته في أنفها ... لمنظره في عينها .
تسند رأسها على باب غرفة العمليات المغلقة ويدها تعانق رمز ال(ꨄ︎) في نحرها ... تتلمس برودة سلساله في رقبتها .

تبكي دمعها وتنعي برودة اطرافها .. تسكت خوفها بدعاء عَوَّدَها بذِكرِه : اللهمّ إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي وهواني على النّاس يا أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين،وأنت ربّي إلى من تكلني إلى بعيدٍ يتجهّمني أم إلى عدوٍّ ملكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت به الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة من أن يحلّ بي غضبك،أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتّى ترضى ولا حول ولا قوّة إلّا بك...
بكت وهي تجد أخاها يجلس القرفصاء أمامها يسحبها جهته يسكت دموعها ... تمسكت به وهي تهمس : قالي ما نخليكش _بكت اكثر _ وعدني
فيصل : راح يفطن ما تخافيش _باسلها راسها وهمس_ ما تبكيش 

عادل هو الأخير يلهج لسانه بالذكر خوفا على روحه المقاومة داخلا ... ينفي احتمالا منافٍ لرجوع ذاك المتهور ... يضع رأسه بين يديه في نغمة ضاحكة بصوته : الأبو وقتاش تفرحنا وتجيب ريحة أنثوية للدار

تنهد مغمضا عينيه: اللهمّ فارج الهم..... كاشف الغم ... مذهب الحزن .. اكشف اللهمّ عنّا همّنا وغمّنا، وأذهب عنّا حزننا.

صوت سقوط الابرة في هذه اللحظات كان جليا لما انتشر من السكون الرهيب ... الضجيج المزعج لجهاز دقات القلب الذي يغتصب مسامعهم ... صراخ الدكتور آمرا بجلب جهاز صدمات القلب ... صوت الاقدام المتضارب أرضا ركضا للتمسك بحياته .... به .. بعمادها

دقائق ليهدأ الوسط إلا من رجفة أطرافها وتغير نبضات قلبهم
خرج الدكتور بملامح معقودة ... ما تفرسته من ملامحه هو انكسار جناحها ومغادرة عمادها
مع إكمال الدكتور لكلامه ملامحها تصنمت وانعقد لسانها .. همست كمن يسمع صوته وحده: عماد

وأغمي عليها ... لا يقوى عقلها على ابتلاع الحقائق  و حِدة واقعيتها
لم يلحظ تهاوي جسدها أحد ... لولا صوت ارتطامها القوي بالأرض

رواية:  ﴿ أوراق غيرت لونها -لماذا تنتحر الأوراق عندما تشعر بالاصفرار ﴾حيث تعيش القصص. اكتشف الآن