37- رسائل

372 32 13
                                    


قلوبنا مليئة برسائل لم تكتب..
-----------------

"فقط أرغب برؤيته للمره الأخيرة، أرجوكم دعوني ألقي عليه نظرة الوداع لن تكون لي فرصة أخري لأراه، أرجوكم ساعدوني لتهدأ روحي ربما رؤيته تخففي عني وطأة ما حدث، بالله عليكم دعوني أراه.. "
صراخها علي الجميع مع بكائها الهستيري دفع الجميع للتعاطف معها، لكن يخشي عليها الجميع أيضاً مما قد يحدث لها أو لجنينها إن رأت جثته أمامها.

"أختي تعالي إلي هنا"
اقترب منها أدهم محاولاً ضمها لصدره لتهدأتها.
لكنها فقدت صوابها تماماً و دفعته بعيداً بينما تصرخ "سأدخل إليه و لن يمنعني أحد، سأقبل عيناه للمره الأخيرة، ابتعدوا عن طريقي"
أخذت تشق طريقها بتهور و إندفاع كالمجانين، فقد مات حبيبها الأول، مات رفيقها، رحل و تركها تتخبط في الحياة وحيدة مجدداً، قربه جنة و فراقه كالجحيم المستعرة التي تلتهم عقلها و قلبها في تلك اللحظة.

دفعت الجميع و حاولوا ردعها لكن خافوا استخدام العنف معها لكي لا يؤذيها أحدهم و يتسبب في ضرر لها و لجنينها، تركوها تدخل ثلاجة حفظ الموتى في النهاية.
تركوها تكشف الغطاء عن وجهه المشوة إثر حادث السير الذي تعرض له و أودى بحياته.

أُغرقت عيناها بالدموع من هول مظهره المفزع، تساقطت عبراتها علي وجهه الذي بدى دون ملامح، دون ابتسامته الناعمة التي تأسر القلوب، رحل و لم يترك سوى ذكراه الطيبة، لمست أذنه و خده برفق لتتلطخ يدها بدمائه التي لم تترك أي جزء من وجهه لم تغطيه
" سنتلقي بالجنة إن شاء الله "
ابتسمت و عيناها لم تتوقف عن ذرف الدموع، همست في أذنه " أبلغ أمي حبي و اشتياقي لها "
قبلت جبينه و أنهار جسدها علي الارض بينما تبكي، تتزايد شهقاتها و تتعالي صرخاتها حتي دخل مُريد..
اقترب منها و احتضنها فتعالت صرخاتها الملتهبة و كأن جذور قلبها انخلعت من صدرها.

" أبي أنا أسفة، أسفة يا أبي، لم استمع لأحد منك، ليتني بقيت هنا و لم أسافر، ليتني فضلت البقاء جوارك، أبي أرجوك لا تتركني يتيمة مره آخري.."
رفعت رأسها له و بنظرة منكسرة و صوت متوتر قالت
" أرجوك أبي، أرجوك..."
صرخت بأعلي صوتها متألمة و هي تجهش بالبكاء، مُريد يحاول تهدأتها و بث الأمان في روحها بينما يحتضنها و يشد جسدها إليه، لعلها تستشعر الهدوء و تجد السكون كما اعتادت إيجاده بين يديه.

هدأت لكن هدوء غير مطمئن مفاجئ، فاستغاث مريد بأي أحد يستطيع مساعدتهم، يخشي فقدان ابنه مع فقدان حماه الذي كان بمثابة والده الثانِ.

مر اليوم ثقيلاً يحمل على عاتقه تلك الأرواح البريئة التي انكسرت أجنحتها كلما شارفت علي التعافي..

________________________

" كيف ذهبت بتلك السرعة؟! "
تعجب جود متضايقاً بينما يعتدل في جِلسته منتبهاً لما تلقيه التي تقبع أمامه على مسامعه.
في ذلك المقهي الذي اعتاد أن يلتقي مع سمر به، كانت تجلس تلك الآخيرة أمامه و عقلها تشتت حينما رأت تغير قسمات وجهه لعلمه برحيلها، لم تكتم هذا التعجب و صرحت به
" و هل يهمك أمرها لتلك الدرجه؟! "

براءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن