الهروب صعب لكن النسيان أشد صعوبة..
----------------------------------نعيش في الماضي مهما جاهدنا للمضي قدماً للأمام، نركض لنهرب من ماضينا لكن بكل سذاجة نتوقف لنلتقط أنفاسنا و ننظر خلفنا لنري كم قطعنا مما نهرب منه..
سذاجة! غباء! أم أنها فطرة!..
أظن أن القدر يربط الماضي بالحاضر و يلحق بهم المستقبل، كل تفصيلة صغيرة تنسج خيوط للمستقبل لتكون جزء جديد في حياتنا، و كأنها تلك الذرة الصغيرة في الفراغ التي انفجرت و تكون الكون منها------------------------------------------
استيقظت مبكراً قبل الجميع، النشاط دب بأوصالها اليوم، يوم جمعة، توضأت و مشطت شعرها، صلت فرضها و خرجت للمطبخ، مر الكثير علي آخر مره شعرت فيها بالنشاط و الحيوية تتخللها، أخدت تدور في المطبخ كالنحلة تعد الطعام
استيقظت غزال علي صوت حركة لم تعتدها في المطبخ فخرجت ترى ما يحدث، اقتربت منها لتجدها تحضر الفطور لأول مره منذ أتت، تلقائياً ابتسمت و بقيت ساكنة، لم تشعر حتي بشيء إلا أن أيقظها صوت صرخة صغيرة من براءة المفزوعة"أخفتيني يا زوجة أبي "
قالتها براءة لتعقد غزال حاجبيها بإستهجان
" زوجة أبي!! لا أرغب بهذا اللقب إما أن تناديني بأمي أو غزال "صمتت براءة لحظات تفكر بالأمر، أمي! لم أنطق بها يوماً، لم أشعر بها، لم أعد أكرهه غزال، سامحتها لكن لم أنسي ما فعلت بي، و لن أنسي أنها لقبتني بالسارقة و لم أرغب انا أيضاً بهذا اللقب، لم و لن أنادي إمرأة علي وجه الأرض بأمي و هي لم تكن مأمناً لي، لم تكن مكان أرمي بأثقالي فيه، لم تتركني و شأني فحسب..
" حسناً غزال، لماذا استيقظتي الآن، مازال الوقت مبكراً؟! "
قالت براءتنا بإبتسامة تذيب الجليد، تذيب هموم القلب و العقل، و كأنها شفاء لمن يحبها
" شعرت بحركة غريبة خرجت لأرى ماذا يجري و قد وجدتك ها هنا"
تبادلتا الابتسامات و حل الصمت كضيف ثقيل.."ستعودين إلي إنجلترا لتكملين دراستك هناك؟!"
أكملت براءة تحضير الإفطار و بدأت تساعدها غزال ولا حديث بينهما إلا أن قطعت غزال السكون قائلة جملتها التي جعلت براءة تلتفت لها لتناظرها، لتجد جملة آخري شعرت بصدقها بشكل غريب، و كأن غزال ألقت جملتها داخل قلب براءة مباشرة دون شعور و بكل بساطة
"ستتركيننا مجدداً؟!! "----------------------------
" عمتي الجميلة متفرغة أم أعود في وقت لاحق؟ "
قالها مُريد بينما يقف بباب مكتب حوراء و علي وجهه ابتسامة لم ترها حوراء علي وجهه منذ مده، أما عن حوراء التي كانت تجلس علي كرسيها المفضل بجانب الشرفة و تقرأ كتاب ينقلها لعالم جديد، عالم ظلت سنوات تجاهد لتتخلص منه و لم تستطع الهروب منه فظلت حبيسته طويلاً و رضيت به..
"و كيف أتركك بعد رؤية لتلك الإبتسامة علي وجهك! تعال هيا"
أنت تقرأ
براءة
Spiritualسأسميها براءة.. ________ لم يرها يوماً جميلة فقط كما يصفها الجميع، وحده كان يري ملامحها تستحق المراقبة حتي تُحفر في المخيلة بأدق تفاصيلها الرقيقة، ملامحها كانت لوحته المفضلة التي يرغب في البقاء طويلاً في محاولة لفك طلاسمها بسيطة التعقيد. _________ ...