18-كل عزيز راحل

1.5K 139 12
                                    

 
الدعاء بوابتك لكل ما تريد
--------------

الأمر لم يتوقف عند قراءة الفجان، تهتم بالأبراج، و تتعمق في التطير، تتقرب للسحرة، و تهاب الجان، جميعها أشياء مخيفة لبراءة، جميعها تدفعها للخوف من صاحبة الجمال العربي الأسمر، رغم كل ذلك دوماً كان حدس صاحبتنا يجبرها علي حب تلك السمراء، دون شعور، أحبتها رغم أفعالها المرفوضة في عقيدة براءة..

-----------------------

مرت أسابيع قلال، علي تواجد سمر معها لكن لم يغنيها تواجدها عن لينا، تلك المسيحية الجميلة، لم تكن تشعر بأنها غريبة عنها، روح لينا تآلف روحها، و كأن لقاءهما في عالم الذر لم يشبعهما من بعضهما فعادا ليلتقيا علي أرض الواقع، لم يصلها أي اتصال أو رسالة منها، حدسها يخبرها بأن مكروهاً حدث لها، لكن مازالت تكذبه، بات حدسها في الآوانة الآخيرة يتدخل كثيراً في حياتها، وهي تنكر عليه كل أمر يتملكها حدسها في تفسيرها..

جود، ذاك الشاب الذي يتقرب لها أيضاً في الأسابيع السابقة، في كل مره تغدو فيها وحيدة تجده أمامها بإبتسامته الجذابة بشكل مفاجئ، باتت وسامته تغشي قلبها عند حديثهما التي ظلت تقودها إلي الله أعلم ما سيكون..
لكن تعلم بأنه يحاول للتقرب لها و تعلم بضعفها أمامه، تنتظر أن تقابله صدفة ليسرق من وقتها القليل، لتشعر بقلبها يدغدغه شئ ما، تبتسم لا إرادياً كلما رأته يختلق حديثنا قصير فقط ليحادثها..

اليوم هو آخر يوم في العام الدراسي، ستجري اختبار آخر مادة بعد ساعتين، كانت قد استيقظت فجراً لتصلي و تستذكر بعض النقاط المهمة في مقررها، جاءها إتصال من إحدى زميلاتها فأجابتها..
" السلام عليكم.. "
"براءة، لم تتابعي ما حدث؟!"
تفاجأت براءة من عدم إجابة السلام، شعر بأن شئ ما كبيراً قد حدث، انتفض جسدها، اعتدلت بجسدها علي الأريكة، سألتها بتمهل
"ماذا هناك، ألتلك الدرجة الأمر عظيم؟!"
" لم تلقي نظرة منذ الصباح علي وسائل التواصل الإجتماعي، الأمر بالغ الأهمية، حدثت إنتفاضة في القدس، إنتفاضة إهتز لها العالم، تابعي ما يحدث و هناك أمر آخر يهمك لا استطيع إخبارك به، أرجو أن تعرفيه قريب.. سلام"

لم تنتظر الفتاة رد براءة حتي، أغلقت الهاتف و تركتها في شلالات أفكارها السيئة، أيكون ما تقصده الفتاة هو مكروه حدث للينا، عادت هناك و كأن قلبها حدثها بما سيكون، أمسكت هاتفها و ضغطت علي تلك الأيقونة السماوية بعصفورها المميز التي هي بوابتها للعالم، رحب بها موقع تويتر و انبثق صوت الإشعارات من العدم يعلمها بكل جديد حدث في غيابها، قرأت بعض آراء في تغريدات المشاهير و صناع القرار و أصحاب الفكر و الفلسفات الخاصة، الجميع اهتم بالأمر لكن القليل أيد نجاحه و خاصة بعد الإجراءات الآخيرة التي آخذتها فلسطين في التجحيم علي المقاومة، خرج الشباب يطالبون بحقوقها في الأرض، لكن ما أستدعاها للتوقف مقطع مصور لفتاة، الفتاة صاحبة الرأس المنفجر برصاص المحتل، استوقفها الصليب حول رقبتها، استوقفها أيضاً صوت أحدهم في المقطع يصرخ لين..

مرت بعدها لحظات ثقال، هاجم فيهما الدمع عينا برائتنا الرمادية، غزا وجنتاها التي توردت من شدة الغضب، شعرت بقلبها ينكسر، كما لم تشعر من قبل، شعرت بأن فؤادها تحطم و انتثر حطامه، حطامه كالزجاج جارح يمكن أن يصيب روحها بالجروح إن لم تلملم شتاتها بالصراخ حتي تجد السكينة و الهدوء...
كل عزيز راحل، همست بها لنفسها و قامت لتتجهز لإختبارها الآخير ثم تعود لتكمل رثاء صديقتها الغالية..

-----------------------------

" أشتاق لك يا صديقي، من بعدك لم يعد لي رفقة، أعيش وحيداً فقير الصداقة، كم أعشق تلك اللحظات التي أخبرك فيها ما يدور برأسي، اجدك آمن الناس بها، فالموتي مستمعون جيدون لأحزاننا، و من الحب ما قتل، لم أصدق تلك العبارة يوماً، كنت ترددها كثيراً لكنني كنت ساذج، نحن الحب يقتلنا أو يقتل أقرب الناس لروحنا، أحببتها و أحبتني، تبادلنا المشاعر لكن مشاعر الحب و غيرتها طغت علي مشاعر إنسانيتها، أشعر يا صديقي بأنني محطم من الداخل، أشتم رائحة النار التي تأكل حطام قلبي علي ابنتي، أشتاق لفتاتي الصغيرة، حقاً أشعر بأنني وحيد بدونها، الحب قاتل ماهر ما إن يتملكك و يسيطر عليك حتي يقتل الجميع و أحياناً يخطئ و يصيب قلوب من يحب..

لا تحزن يا صديقي لم أنساك يوماً من الدعاء، أدعو الله دوماً بأن تكون رفيقي في الجنة، كما أدعو بأن يجمعني الله بابنتي قبل رحيلي، أشعر بدنو أجلي، اشعر أن ملك الموت يطرق بابي كل ليلة ليخبرني بأن هيا بنا فلم يعد في العمر بقيا، مازلت أخشي الموت كما كنت، مازلت أحسب زلاتي و أخاف أن يكون ميزاني فارغ، اخشي أن أروح و أغدو منسيا، لا أحد يذكرني بالدعاء حتي، أنا بحاجه لمن يدعو لي، بحاجه لأتقرب لمن هم حولي، بحاجه لأن تكون براءتي بين يداي أحتضنها لآخر مره، أفتقدها، أعلم يا صديقي علم اليقين أنك تسمع ما أقول و أشد يقيناً بان الله يسمع نجواي، أناجيه كل ليلة و أعلم ان دعائي هو بوابتي لما أريد، أعلم علم اليقين بأن الله سيجيبني و لو بعد حين، سيجيبني و أضم ابنتي ثم أرحل بسلام.. "

لم يكن ذلك سوى حديث عمار لقبر حسن، او لنقل لروح حسن الراقد جسدها تحت التراب، كم هو الموت مخيف، موت الغفلة مرعب، أخافه و يخافه الجميع و كأنه خيانة لأخطائنا التي ننام كل ليلة و نرغب بأن نتوقف عن إرتكابها، نصرخ كثيراً بأن اللهم أغفر لنا و ارحمنا لكن لا ندري أهي مقبولة أم أننا مغموسون في أخطائنا للحد الذي يجعل أصواتنا لا تصعد السماء لكن نصرح و تصرخ قلوبنا بثقة، لم نيأس قط، لم نقنط من رحمة الله أبداً، الكافرون فقط من يقنطون..
أن يواري جسدك التراب ولا فرصة أخرى لك في الحياة، هكذا هو الموت دائماً نهابه، يسرق منا أحبائنا، ينسينا من عاهدنهم بأننا لن ننسى ملامحهم و أرواحهم، الموت مخيف لمن هو غير مستعد، لكن أأحد منا مستعد للحساب؟! أمنا شخص يثق بما قدمه إلي الله لينجو من الحساب!! أمنا ذاك المعصوم التائب الواثق بأن أعماله مقبولة جميعها لتنجيه من النار؟!
لا أظن أنا ذلك ممكناً..
حقاً كل عزيز راحل..

------------------------

أسفة كتير جداً علي التأخير 💜
اتمني يكون لسه في حد حابب يقرأ، و اتمني تسامحوني علي التأخير الغير مقصود بالمره، و احب أقولكو أن بجد وحشتوني، اشتقت لأراءكم كتير... 💜💜

براءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن