البعد فرض، و القرب محبوب، اركضي بعيداً فالعواقب وخيمة..
----------البحث مازال يجري داخل جنبات عقلها..
متي كانت السعادة رفيقتي؟!..، كتابات أمي تسعدني، جلساتي مع لينا تسعدني، الكتب تسعدني، الأكل أيضاً، القرآن يسعدني، الصوت العذب يسعدني، الطيور و القطط، السماء و المطر، ذكريات طفولتي تسعدني، أخواي التوأم يسعدانني، السفر، الغرائب، القراءة، الفلسفة، التفقه، التأمل، الكثير يسعدني لكن لم أجد ما أختزل فيه السعادة..كان حديث نفسها يغلب عليها، وصلت للمنزل لكنها لم تجد لينا، استحمت و تعطرت، تمددت علي فراشها، سحبها بحر أفكارها لذاك الغريب الذي سرق قلبها، صوته، حديثه، لباقته، ابتسامته و عيناه كل تلك الأشياء تدفع فطرتها للإبتسام بمجرد زيارته لرأسها، اعتدلت لتمد يدها تمسك بدفتر كتابات أمها لتكمل القليل الباقي، لكن ما إن رفعت دفترها وجدت ورقة مطوية، فضتها لتري ما كُتب...
" سأشتاق لك يا براءة الكون، سأشتاق لأحاديثك الشيقة عن والديك و ما دفعك لهجر وطنك، سأشتاق لخدعك الفلسفية، سأشتاق لعيناك الجميلة، لن أجد مثلك بالكون أجمع، أنتِ كالكوهينور فريدة و متوهجة، دائماً تذكري بأنكِ قوية، قوية بما يكفي للوصول لما تشائين، قوية لتنقية روحك من آثام الماضي، أنتِ قوية لمواجهه الجميع حتي نفسك، أبحثِ عن سعادتك الأبدية ستجدينها تبحث عنك في دهاليز المستقبل، كوني كما أنتِ جوهرة..
تحياتي لك براءتي..
لينا.. "تقطر الدمع من عينا براءة، تعلم أن لينا رحلت لموطنها، عادت فلسطين، توهم نفسها بأنها قادرة لإستعادة أرضها و روحها، عادت كما نرغب جميعنا أن نعود، نعود لنصرة الحق و استرداد أملاكنا، نحن قادرون لكن النخبة من الجبناء..
نامت مبكراً لكن أيقظها ليلاً صوت رنين هاتفها، ألتقطته و كان وقع الاسم علي قلبها كالطبول فاجابت
" السلام عليكم، اشتقت إليكِ خالتي "
ضحكت و أجابتها
" و عليكم السلام صغيرتي، أنا اشتقتِ لكِ أيضاً، كيف حالك براءتي "
"الحمدلله، كيف حالك أنتِ حوراء! "
" لا أريد كلمة أريد تفاصيلاً أعمق، وصلتني أخبار بأنك لست علي ما يرام في الفترة الأخيرة، ما بالك عزيزتي! ، أما عني فانا بخير و بأحسن حال "---------------
ذاك الغريب الذي سرق عقلها و لبها، لازال غامضاً حتي في جلوسه وحيدا في شرفته يطالع النجوم، سرقت تلك الصغيرة فؤاده أيضاً، كانت جميلة بما يكفي لجذب انتباهه ثم أحاديثهما القصيرة التي باحت بالكثير من الحكمة و الذكاء جعلت قلبه يطالب بها أكثر، " إذاً لتكن لي.. " همس بها لنفسه قبل أن يخرج من شرفته ليجيب علي الهاتف الذي لم يتوقف عن الرنين..
-------
دق باب براءة في الصباح الباكر، كانت تصلي الفجر فخرجت من الغرفة و نبضات قلبها تشتد خوفاً، بالأمس كانت لينا معها أما الآن فهي وحيدة، تخشي الجميع و تخاف الوحدة، اقتربت من الباب، ألقت نظرة من عدسة الباب لتري من بالخارج يطرق بابها، فتاة..، فتاة ترتدي الحجاب، سألت براءة و قد زال الخوف و بقي القليل من التوجس " من بالباب؟!"
و كأن سؤالها باب من أبواب الجحيم
" أنا سمر، سأشاركك الشقة أو أظن أنها أصغر من ذلك فقد طرقت شقة أخرى بالخطأ قبل أن أجدك و رأيت المنزل هناك، نسيت إخبارك أنا من مصر، أخبرني الحارس أنك مصرية أيضاً، سعيدة بذلك جداً و متحمسة لمجاورتك و أظن.... "
أنت تقرأ
براءة
Spirituellesسأسميها براءة.. ________ لم يرها يوماً جميلة فقط كما يصفها الجميع، وحده كان يري ملامحها تستحق المراقبة حتي تُحفر في المخيلة بأدق تفاصيلها الرقيقة، ملامحها كانت لوحته المفضلة التي يرغب في البقاء طويلاً في محاولة لفك طلاسمها بسيطة التعقيد. _________ ...