22- فرار..

1.2K 104 17
                                    

الحياة ليست ظالمة لكنها قاسية..
الحقائق دائماً قاسية تدفعنا للفرار منها..
-----------------------

فر عمار من الحياة و بقيت ابنته مقيدة في ذات المكان، القيود التي عقدت روحها انفلتت أما عن قيود يدها فقد اشتدت..
" ثم ماذا؟! "
سألته براءة بوهن و هي تستند برأسها إلي الجدار، لم يجبها كعادته الجديدة، رددت عليه سؤالها للمره الألف و لم يعطها أي جديد، لم تعرف فيما يفكر، توقف عن إيذائها منذ أيام، أرادت لو أن يعطيها رداً في أي مره علي سؤالها ولا يؤثر الصمت، لكن في تلك المره جاء الرد مختلفاً، اقترب منها فارتعدت أوصالها، خافت أن يلطم وجهها فرفعت يدها  المرتجفة المعقودة بالآخري لتحميه و أغمضت عيناها بشدة، لحظة، الثانية، الثالثة و لم يحدث أي شيء..لمَ؟!
لم تتملكها الجرأة أيضاً لتبعد يداها عن وجهها، شعرت بحركة غريبة علي يديها صدمتها، جود يفك وثاق يداها..لماذا؟!

أبعدت يداها لتراه لأول مره ترتسم على وجهه علامات الإنكسار، جلس مقابل لها و رأسه منتكسة كطفل صغير أخطأ و ينتظر العقاب، الحيرة و التشوش تملكا رأس صديقتنا، سألته بصوت خفيض
" ثم؟! "

" ارحلي ولا تعودي مجدداً مهما حدث "
قالها بصوت خفيض لكنه ثابت لم يرتعش او يتردد، لكنها بعد كل شيء خافت، خافت أن تثق بمن حطم ثقتها بالجميع للأبد، أوقع قلبها و وقعت هي منكبة علي وجهها كالغبية، صدق من قال لا تقترب من النار و إن اقتربت لا تعود لتبكي لأنها أحرقتك..

كادت تقف ببطء و تمهل و مازال هو منتكس الرأس، لعلها كذبة جديدة من كذباته هذا ما دار بعقلها وهي تقف، لكن جذب انتباههما بعد ذلك صوت طرقات قوية علي الباب، منذ أن جاءت هنا لم يدق أحدهم الباب و فجأة صارت الطرقات قوية لدرجة أنها قد تقتلع الباب من مكانه، ارتعدت اوصالها و نظرت لجود و رأت علي وجهه عكس الملامح التي ظنت أنها ستجدها، نظراته نحو الباب مشوشة و تائهة، تبادلا النظرات ليخبرها أن تختبيء في تلك الغرفة بأحد أركان الشقة، لا تعلم براءة أفعلت ذلك دون اعتراض لأنها خائفة منه أم خائفة عليه، شيء من الخطر تسلل إلي نفسها لتدفع جسدها نحو الغرفة و تغلقها خلفها..

الطرقات القوية علي الباب لم تتزحزح عن قوتها، أمسك جود المقبض بعد ان قطع المسافة من منتصف الشقة للباب، تنفس الصعداء بعمق ثم زفر بقوة، فتح الباب و هو يعلم أن مريد وراء كل ذلك الصخب، اندفع الآخير بقوة ليدفع جود بقوة فيسقطه أرضاً، ثارت ثائرته، الغضب اعتراه و تملك منه، مريد الهادئ الحكيم للتو رفع قبضته ليلكم صديقه، راح يعيد ذلك لكن صوتها اوقفه
" لم نتأكد بعد أنه فعل ذلك يا مريد، قد لا يكون هو من فعل ذلك، ربما.. "
سمر قالت ذلك ليقاطعها جود بإستسلام
" أنا من فعل ذلك، أنا من اختطفت براءة و أذيتها بشدة "
لكمة من قبضة مريد الغاضبة جعلت فم جود ينزف و تسيل الدماء من شفتاه، لكمة عدة لكمات و مازال جود مستسلم يتألم بهدوء، صاح به مريد بينما يبتعد عنه ليستقيم جذعه
" لماذا؟! لماذا قد تقدم علي ذلك؟ ألست صديقي؟! ألم أخبرك أنني أحببتها؟! أفضيت لك بسري الذي استأثرته لنفسي طويلاً، تؤذي من أحبها صديقك؟!  كنت أظنك أخي، كنت أحمق و مازلت أحمق، لم يستطع عقلي تصديق ذلك و إلي الآن لا أصدق، لا أصدق أنك خائن، لا أصدق أنك تلاعبت بثقتي بك و كسرت عهدك معي "

براءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن