19-قرار

1.5K 109 34
                                    

من حيث لا يدري
--------------

الحكمة ليست في التوقف عن الحياة للتأمل، الحكمة هي التأمل بينما تكمل طريقك الطويل للفناء..
مريد قالها بينما يجلس بجانبها، اه من ذاك الغريب الغامض، يشعرها بحكمته، يجلس تلك الدقائق ليسقيها جرعات قليلة من الأمل و التأمل ثم يرحل بهدوء، كانت نظرتها المتغابية مازالت تحتل وجهها المكفهر و عيناها الباكية، جلس بهدوء و هو يلقي بنظره للأمام، لللاشئ، للطريق الخيالي الممهد أمام عينيه ليسير بتروي لعله يجد في ذلك حكمته..

تحدثت بهدوء بينما تزيح عيناها للطريق الماطر خلف زجاج الحافلة، كانت تعقد يداها علي صدرها، لا تعلم سبب لذلك، يمكن لشعورها بلسعات البرد التي مازالت تطال جسدها رغم الكثير من الملابس، أم محاولة منها لإحتواء نفسها بعد شعورها المفاجئ بالوحدة لرحيل الجميع، أو أنه فعل من عقلها الباطن لتبقي متماسكة ولا تنهار بعد الفاجعة التي رأتها، مازال حدسها الغبي يصرخ بأنها ليست لينا، لا تشعر بأنها هي، كان المقطع غير واضح، لم يظهر وجه الفتاة بعد أن فتك به الرصاص فتطاير نصف رأسها من مكانه، فقط قلادة الصليب بين يديها متشبثة بها..

" علمت أنت أيضاً أيها الغامض بما حدث لها، أشعر بأن روحي تتمزق لأجلها، فؤادي محط.. "
قاطعها بذات الهدوء الذي يغلف أحاديثهما القليلة..
" ليست هي.. "
اعتدلت و فكت سجن يديها حول نفسها، صاحت بمفاجأة و سعادة تتخبط في صدمتها..
"حقاً!! أم أنك تواسيني، هيا أخبرني لا تبقي صامتاً هكذا.. "
قال بينما يخرج هاتفه من جيب سترته
" حقاً، لينا علي قيد الحياة، تلك المحاربة الصامدة، كانت تقود بعض التجمعات، كانت صوتها يصدح بين الجميع تبث في نفوسهم القوة كما هي قوية، بثت قناة فضائية بث مباشر للأحداث كانت هي بين الجموع تصيح، ها هي صديقتك.."

كانت تراها بالفعل، قوية، صامدة و محاربة، لا تخاف أو تخجل من البحث عن الحق، تبحث عن الحق في الأديان، تبحث عن كل حق ضائع و تتشبث به، كم كان صوتها يبث الروح في روح براءة من جديد، و الآن تشعر بأنها جاهزة لمواجهه أي شئ، حتي زوجة أبيها، نعم، اتخذت القرار الآن، سأعود مصر بعد تأدية الإمتحان، سأواجه ما أخشاه، لا أرغب في رحيل من أحب دون أن أراه، من منا يثقف بالموت الذي يسرقنا من بين أحبابنا..
" سأعود لموطني بعد تأدية إختباري اليوم، سأجهز كل شئ و أعود، الشوق يقتلني.. "
قالت ما يدور بذهنها لعله يؤيدها، أما عنه فقد نبتت بسمة علي وجهه بحماس مريب لا تخرج من غريب عابر، لكن تجاهلت براءة ذلك و بادلت الإبتسام بعد أن شعرت بقوتها، الحيوية دبت في جسدها من جديد، لعل لينا لها فرصة آخرى في الحياة..

-----------------

" حقاً سترحلين بعد غد!! "
سألت سمر بصوت يشي بأنها جد حزينة لعودة براءة إلي مصر، كانت تقف مستندة بكتفها علي باب الغرفة بينما براءة تحزم حقائبها بعد أن عزمت العودة لديارها، سمعت براءة صوتها و شعرت بمشاعرها الصادقة يتجلي في حديثها، أحبتها تلك السمراء و كان شعوراً متبادل بين الفتاتان، اعتدلت براءة و اقتربت منها، لأول مره مع سمر تقطع براءة مساحتها الخاصة و تضمها و تقول بصوت نقي خلا من الشوائب
" سأعود مجدداً كما تعلمين ان شاء الله، فأنا أيضاً سأشتاق إليكِ يا صديقتي.."
كانت كلمات براءة و كأنها تصريح لتدخل الدموع في أوج الحديث من جهه سمر، همست الآخيرة من بين دموعها
" أعلم ذلك ولكنني كنت أتمني لو أنكِ تستطيعين البقاء معي هنا وقت الإجازة كنا لنتسلي كثيراً،  لكن لا بأس عزيزتي سنفعل ذلك عند عودتك من مصر "
ابتسمت لها براءة و قالت "حسناً لك ذلك يا فتاتي عند عودتي، فقط لا تبكِ.. "
قاطعهما صوت رنين هاتف براءة يعلن عن تلقيها إتصال، التقطت هاتفها و نظرت لسمر تستأذنها لتخرج من الغرفة تجيب هاتفها..

براءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن