إني قد رزقت حبها..
----------الحب ذلك الشعور الذي يخالجك دون إنذار، تتفاجئ بأنك وقعت في الحب دون مبررات، كيف؟! و متي؟! و أين؟!، تدور في دوائر لتبحث عن أسباب لحب من تحب، لكن اختصر رسولنا الكريم كل ذلك في جملة "رزقت حبها.. "
الحب رزق، الحب كالمطر رزق، كالأم و المال و كل شئ رزقنا إياه بالحياة، الحب كلمة قصيرة عجز الجميع عن تفسير أو شرح مدلولها، الجميع يقف أمام كلمة قصيرة تحمل مشاعر السعادة و الغيرة و الغضب و الألم و الخوف و الشفقة، الحب هو أن أسعد برؤية من أحب، اغار إن اقترب منه أحد، اغضب إن أثار غيرتي، أتألم لألمه، اخاف أن يصيبه مكروه، اشفق علي قلبي من إهماله، الحب في أبسط، أقيم و اسمى معانيه هو رزق..كانت تلك الكلمات لحوراء تسبح علي بحيرة أوراقها، أخرجها من قوقعتها التي دست نفسها بداخلها صوت هاتف، التقطت الهاتف فخرج اسمه علي شاشتها فابتسمت و هي تجيبه..
" كنت تجول بخاطري قولت و لم لا اسمع صوت ابن اخي العذب، كيف حالك يا فتي؟! "" و ستظل عمتي لسانها معسول، تخدع القراء و لا يسلم منها احد، اعلم انني لا أخطر ببالك يا حوراء فلا تجملي الحديث بكلامك المزركش، بخير يا صاحبة أجمل عيون "
ضحكت حوراء بشدة فقد كسب منها حديثها المعسول، فقد شب الفتي، صار شاباً صالحاً كما رباه والده، أحسن أنس تقويمه و تنشئته، كان صوت ضحكته يخرج من سماعة الهاتف، هدأ الضحك و سألت بإهتمام
" كيف حالها الآن؟! "
" تقصدين براءة، مشتتة كما أراها، بدأ وجهها الجميل يشحب و عيناها البريئة تنعس، كادت تلك الزهرة تذبل يا عمتي، كأنها خرجت من تربتها لكنها تقاوم بشدة قلة الإعتناء بها.. "بعض كلماته أثرت غضبها فتحدثت حوراء من بين أسنانها
" أظن أن المكوث في بلاد الغرب أنساك غض البصر أم أنك أحببتها يا عاشق!! "
لم يأتها منه رد فأستحلت حرمة الصمت و قالت
" حسناً، سأتصل بها و أحادثها لأرى ما بها.."
" ثم اخبريني بما أصابها، أرجوك عمتي.."
كانت تعلم مكنون حديثه، فقد أحبها، و لمَ لا؟! رزقت الجمال و الأخلاق، العقل و الوعي، رزقت بكلا ما تميزت به نصف الإناث عن النصف الآخر، براءة لم تكن مجرد فتاة يعجبك جمالها أو خلقها فقط، بل هي حكاية، قصة يسردها الكون في حقها، هي جوهرة فريدة من نوعها، يمكن أن تتواجد تلك الجوهرة مره كل مئة عام...أغلقت معه الخط، لكن لم يكن بوسعها قتل الحب بقلبه، بل شعرت باستحسان ذلك، شعرت بأنها ترغب بقرب براءة و ابن أخيها من بعضهما، كانت تستشعر في ذلك الأمان و السكينة لكليهما...
------------رونق طلبت أن يجتمع الجمع في مكان مجلسهم الدائم، فلبي الجميع النداء لكن براءة تأخرت قليلاً، فكانت أخر الحاضرين، كادت تجلس لتكمل الحلقة فأوقفتها رونق بصوتها..
"حدثينا عن السعادة و ماهيتها، أنسة متأخرة.."
الأمر مفاجئ، أنعقد لسان براءة الفصيح المحدث اللين و لم يكن بمقدورها تذكر جملة واحدة عن السعادة، لكن قبل كل ذلك.. هل شعرت براءة بالسعادة يوماً!!
كان سؤال يتردد داخل عقل براءة، نطقت علي حين غرة و قد يأس الجميع من أن تتحدث، باغتتهم و قالت:" السعادة هي الرضا، يمكننا أختزال السعادة في كلمة الرضا، إن رضيت سعدت، إن شعرت بأنك قادر علي الرضا فأنت شخص سعيد، الخيبات تتوالي خلف الخيبات و مازلت تثق بأن لك الله سيجبر خاطرك فأنت سعيد، السعادة كلمة مطلقة ليس لها قيود، فالسعادة تكمن في كل كبيرة و صغيرة، تكمن في الأشخاص، في الأشياء،في الكلمات، و في التفاصيل الصغيرة التي يغفل عنها الجميع، بإمكانك دس السعادة في القلوب بتلك التفاصيل، كلمتين بهما تكون قادر علي إسعاد آخر لم يكن لديه القدرة علي السعادة، أوتار السعادة متقاطعة، لو أردت دخول متاهاتها فأنت سعيد لا محالة، السعادة لا تكمن في المال وحده، و لا الأولاد فقط، السعادة بأن تنام و في قلبك يقين بأن غداً و إن لم يكن أفضل فسيكون فيما بعد يوم يذهب آلام كل ما مضي، الشقاء إن لم تذقه و تعتاد علي مُره فلن تستطع تفرقته من عسل السعادة و جمالها، السعادة ليست حكراً سوي علي الحالمين... "
توقفت براءة عن الحديث منهيه حديثها تحت أنظار الجميع، نظرات الذهول و الإعجاب، خرجت رونق عن ذهولها و صفقت فتبعتها تلك العقول التي ثملت من جمال حديثها حتي و إن كان به الأخطاء فهو قادر علي الإقناع بدرجة ما..
سألت رونق بعد أن هدأ الموقف و عاد متزناً
" من منكم يعرف شئ عن يوم القيامة؟! "سؤالها واسع يشمل الكثير، تحدث من بين الجمع شاب تعرف صوته براءة جيداً، جود..
" السؤال عائم ليس له مدخل واحد بل الآلاف يمكنك تحديد مدخل لنستفيض بالحديث عنه، أسف للتدخل أن أدعي جود و أنضممت لكم اليوم لو كان ذلك لن يزعج أحد أرغب بخوض الأحاديث و النقاشات معك!.."بعد ترحيب الجميع به، تحدثت رونق قائلة
"يوم القيامة محور أحاديثنا القادمة... "
صمتت قليلاً ثم وجهت نظرها و كف يدها مشيراً لجود
" و بناءً علي رغبة صديقنا الجديد، لنبدأ بمدخل أسماء يوم القيامة، هل هناك احد يعرفها كلها؟ "لم يجيبها أحد و أخدت العيون تزور حولها لترى إن كان هناك ذو علم بالأمر معهم، لا يوجد فقطعت رونق الموقف لتقول
"حسناً، لم أكن أعلمها كلها لذلك بحثت عن الأمر و قلت لنشاركه معاً، سأخبركم بالاسماء و نتناقش بها فيما بعد.. "
هز الجميع رأسه بالموافقة و علت الهمهمات قليلاً لتختفي خلف أهمية حديث رونق
" الحشر، الساعة،يوم البعث، القارعة، الطامة الكبري، الصاخة، الحاقة، الآزفة، الواقعة، يوم الفصل، يوم الدين، الخروج، يوم الحسرة، يوم الوعيد، يوم الجمع، الغاشية، يوم التناد، يوم الحساب، يوم التلاقي، يوم مشهود، يوم عسير، يوم عبوس قمطرير، يوم العرض، يوم المآب، يوم التغابن... "
سكتت هنيهه بعد سر الكثير من الأسماء، تحدثت
" تلك ليست كل الأسماء هناك الكثير بعد لكن لنكتفي بتلك و غداً نجتمع نتناقش بها و لنترك فسحة من الوقت لجمع شتات معلوماتهم من جديد... "
انفض اللقاء بعد السلام و رحل الجميع و لم يتبقي بعقل براءة سوي
" هل شعرت براءة بالسعادة يوماً!! "--------------
أنت تقرأ
براءة
Spiritualسأسميها براءة.. ________ لم يرها يوماً جميلة فقط كما يصفها الجميع، وحده كان يري ملامحها تستحق المراقبة حتي تُحفر في المخيلة بأدق تفاصيلها الرقيقة، ملامحها كانت لوحته المفضلة التي يرغب في البقاء طويلاً في محاولة لفك طلاسمها بسيطة التعقيد. _________ ...