41-الدفتر

715 30 8
                                    

التاريخ يروى لنا قصص متشابهة.. غير مكررة
------------------

" أبي لقد وجدت هذا الدفتر في صندوق ألعابي حينما كنت طفلة وبالتأكيد هو ليس لي"

أمسكه، قلبه بين يديه، ابتسم بخفوت وهمس بصوت وصل لأسماع مرافقيه
" ليس لأحد سواها"
اندهش يامن قائلاً
"أتقصد أمي؟!"
فأجابه مُريد
"ومن غيرها يخفي الأشياء في أماكن غريبة كهذه"
سكت قليلاً وكأنه يستحضر الذكريات قائلاً
"أذكر حينما أخفت هاتفي يوم إجازتي لكي لا أنشغل عنها، بحثت عنه طويلاً لكن لم يخطر ببالي أن أجده داخل أحد قدور المطبخ"
ضحك ثلاثتهم حتى قطع ضحكهم قائلاً والإشتياق يقفز من عينيه
"اشتقت لها كثيراً، البيت بدونها هادئ للحد المريب وكأنها فتاتي المشاغبة الأصغر سناً"

نظر للدفتر طويلاً يلتمس روح براءة فيه، رفع نظره لولديه قائلاً بغضب مصطنع
"لماذا أنتما الإثنين لم تمتلكا شخصيتها المركبة!! هي غريبة الأطوار بعض الشيء لكن جميلة"

قال يامن سارحاً
"أمي تشبه الطعام الحلو الحار في ذات الوقت لكن مذاقه لذيذ "
ضحك مُريد وحور ابنته علي يامن، يعلم الجميع مدى عشق يامن للطعام وكأن لا توجد لذة في الحياة سواه.
لكن قطعت حور ضحكتها بقولها
" أما عن يامن يا أبي، فلا ترجو منه شيء غير الحديث عن الطعام والمذاق، حتي تشبيهاته لم تخرج عن إطار المطبخ"

كلماتها وضحكات والده وأخته أغضبته ليقف قائلاً مقلداً صوت أخته، ساخراً..
" أما عن حور يا أبي فلا تنتظر منها غير العقل الفارغ، رغم أنها تقرأ بنهم وكأنها تتغذي على الكتب إلا أن عقلها لا يحتوي إلا علي الهواء"

غضبت حور واحتد النقاش بينهما لتقول موجهه حديثها ليامن
"لم أرى في حياتي خرتيت يتكلم، سبحان الله الذى رزقني أن أكون الأولى في إكتشافه وتبادل الأحاديث معه"
أقترب منها ليقف قبالتها ويصيح في وجهها، مشهراً إصبعه في وجهها مهدداً
" وإن كنت أنا خرتيتاً فأنت فأراً ضئيل أدهسه سريعاً"
خافت حور ولم تجد لنفسها مخرجاً سوى الإستنجاد بأبيها
"أبي أبعد هذا الخرتيت عنى"

قال مُريد بوجهه غاضب وصوت حاد، عالي..بينما وقف وابتعد عن كرسيه
"ما شاء الله، تصرخون في وجوه بعضكما وكأنني شفاف، لا احترم لوجودي."

انتبها لما فعلاه وأدركا خطأهما، فأعتذرت حور وعيناها في الأرض ندماً على ما فعلت 
" أسفة أبي حقاً لم أقصد ذلك"
وتبعها يامن قائلاً
" أنا أيضاً أسف يا أبي"

عاد مُريد لكرسيه، وقال بما بقى من غضب في جعبته
" أظن أنني مخطئ لقد ورثتما عنها الجنون"
"أتقصد أنني مجنونة؟!!!"
ازدرد ريقه قبل أن يلتفت لها ليؤكد لنفسه أنها هنا وسمعته، قال متهرباً مما قال وسمعته رغم علمه أن يومه لن يمر بسلاسة وسيقابل غضبها المخيف.

براءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن