6- براءة

4.8K 249 21
                                    

هنا بدأت حياته تبتسم
-

-----------

تركض أمامه على الشاطئ بإبتسامة بريئة كأى طفلة فى مثل عمرها الصغير، كانت سمراء جميلة، ورثت عن والدتها عيناها الرمادية الواسعة كحجر كريم براق، شعرها كان أسود مائل للبنى تظهر خصلاته البنية تحت ضوء الشمس، إبتسم بحزن فقد فقدت ركيزة أساسية فى حياتها منذ الصغر...كما أفتقدها هو...

مر على أخر مره إلتقى فيها بمجموعة الفتيات فى الجامعة خمس سنوات، و أربع سنوات لم يرى فيها صاحبة العيون الغزالية و الوجه الجميل، لم يتجادلا كما فعلا سابقاً، لا يجزم بإفتقاده لتلك الأيام كانت أيام قصيرة جداً لكن كانت سبباً فى هدايته بجانب كونها أيام مؤلمة فقد حدث الكثير فيها

" براءة، براءة تعالى إلى هنا صغيرتى "
كما العادة جميع من إلتقطت أذنه اسمها أندهش و إلتفت له، عادت إليه بسرعة لترتمى بين أحضانه بعدما لوح لها بذراعيه يحملها بينهما.

" صغيرتى هيا بنا لنعود فبالتأكيد جدتك ستقلق علينا " ثم همس بأذنها " و سوف تبرحنا ضرباً كما تفعل عندما نغضبها "
ضحكت براءة ببراءتها الطفولية التى طغت على الأجواء فلفتت الأنظار لها فضحكتها لها رنين عالى كموسيقى الأوبرا الصاخبة لكن ضحكتها أجمل.

نطقت بمرح و هى تلف يداها حول عنق والدها -عمار- كأنها حبيبته
" هيا بنا أبي فأنا لا أريد أن تغضب جدتى مرتين فى يومٍ واحد "

--------------------------

" جدتي، جدتي.... "
دخلت إلى المنزل تركض باحثه عن جدتها، و قد وجدتها أخيراً جالسة على كرسيها المفضل فى الشرفة، تستمع إلى همس قيثارة السماء، كان صوته من أجمل الأصوات فى قراءة القراءن، الشيخ محمد رفعت سمى بقيثارة السماء لروعة ترتيله لأيات الله، ما إن وصلت للشرفة حتى عانقت جدتها و قبلت جبينها

ضحكت الجدة بسرور و رحابة صدر، قبلت براءة و هى تشعر بإختلاط المشاعر، إمتزجت سعادتها بحزنها و زاد عليهم الأسي، عمار كان مراقباً للمشهد منذ البداية، كانت إبتسامته واسعة، تأمل تعابير وجه تلك المرأة المسنة ببطئ و زالت بسمته من على وجهه.

فمهما قال لها يا 'أمي' لن تكن كما يقولها ولدها لها، مهما جاهد فى محاولة منه ليشعرها بالسعادة و يطرد عنها الحزن لم يستطع، الوحيدة القادرة على جعلها سعيدة و لها قدرة على رسم الضحكة على ثغرها دون تكاليف هى براءة.

" السلام عليكم أم حسن "
أراد أن يلقبها بما تحب، أم حسن.... أم صديقه الذى وافته المنيه قبل أن يحتضن أمه و يقبل يديها و قدميها
" و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته بُنى " ردت علي التحية بأحسن منها

-------------------
قال تعالى فى كتابه
" إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله على كل شئ حسبيا "
----------------
أكملت بإبتسامة حنونة ألقتها أمام وجهه ليبادلها الإبتسام
" هل استمتعتم إذاً على الشاطئ ؟!! "
أجاب و مازالت البسمة تتراقص على شفتيه
" نعم الحمدلله، لكن معك بالتأكيد كانت لتصبح أجمل.... أمى "

براءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن