" أسفة حقاً لم أكن واعية تماماً بتحركاتي فاصتدمت بك، أرجوك أقبل اعتذاري "
اعتذرت و حديثها سريع كأن احدهم يركض خلفها و لم تلحظ من هو، ضحك عليها فباتت أسنانه الحليبية المصطفة تشارك الجميع وسامته، ركزت عيناها علي ذلك الشخص لتتعرف عليه...و عرفته كان ذاك الشاب الذي يسكن في شقة في نفس النُزل، لم تذكر اسمه لكن عرفته..
" مرحباً أولاً يا جارتي ولا داعي للإعتذار، ثانياً ماذا تفعلين هنا؟! هذه المره الأولي التي آراك بها هنا!! "تحدث ببسمته المعتادة، ثم أكمل
" أتردد علي الجامعة كثيراً فأنا أقوم بعمل رسالة الدكتوراة هنا، و أيضاً رفيق سكني و صديقي بالجامعة يدرس الانثربيولوجيا و أتي هنا أحياناً لملاقاته فهو لا يعود للمنزل أحياناً لبعض الأسباب... "
كان يتحدث شارحاً لها ما أتى به إلي الجامعة لكن لأول مره تقع علي مسامعها كلمة الأنثربيولوجيا، كانت لديها رغبة في الاستفسار عن معني لتلك الكلمة لكن كبحت رغبتها و ردت حديثه بإبتسامة اتبعتها بتعريف عن دراستها
" أنا أدرس هنا الفلسفة، أغواني هذا العلم بخباياه و أسراره فقررت كشفها بنفسي "
كان الحديث بينهما هادئ تحشوه الإبتسامات، لم يتبقي شئ ليقال، فأنهت براءة الحديث بلطف و استأذنته لتلحق بمحاضرتها التي توشك علي البدء..------
غصن الزيتون كان يظللها كما كان والدها يفعل، فلسطينية الأصل و الهوي، كانت صغيرة حينما تركت بلادها مع والديها لكن بقي محفور بعقلها أن العودة أتيه لا محالة، ذكرى طفولتها مازالت تجول بعقلها كجواد عربي لا يهدأ، أغمضت عيناها التي تتنازع فيها الدموع للإفراج عن ما في صدرها، إرتجاف شفتيها لم يهدأ و كأنه يكمل طاقة الغضب بداخلها، همست بين نحيبها بأغنية كانت قد سمعت والدتها تدندنها لها كي تنام، " هلالالاليلا " التي مازالت تسمعها بصوت ريم البنا حتي اليوم و تستشعر صوت والدتها بالأغنية..
لينا استشعرت شعور الفقد عدة مرات، أولها عندما خرجت مع والديها من بلادهم، فقدت فيها الأصدقاء و العائلة و غصن الزيتون و أرض السلام، شعرت بالفقدان في المره الثانية حينما فقدت روح والدتها، تلك المرأة الجميلة صغيرة السن و الجسد، ماتت تحت وطأة المرض، كانت أسيرته لفترة تجاوزت العامين، الفقدان شعرت به حينما تركها والدها وحدها في عمر السادسة عشر و عاد لبلاده لينهي بعض الأعمال، مرت الأعوام و لم يعد و الآن وصل خبر قتله علي يد جماعة مسلمين إرهابين..
---
لينا بقت أيام لا تتحدث مع براءة، و كلما رأتا بعضهما شعرت براءة بموجات الغضب يعبق بها المسكن، لكن عاد حلم براءة من جديد، عاد بعد أن تقهقر ليعود بأحداث تتضح عن ذي قبل كان الهمس الأخير ينادي، كانت لا تسمعه أما الآن فسماعه يؤذيها، همس بوضوح
" عودي فبقاء سيوقعك في الهاوية "
كانت تلك الجملة تخيفها أكثر من أي وقت مضي، قامت تصرخ فانتفض لها قلب لينا، لانت لصديقتها و عادت تخاف عليها، القلوب قد تلين في الشدائد و قلب لينا قد لان، أشعلت الأضواء و جلست بفراشها تحتضن رأسها، تربت علي رأسها لتهدأ من روعها، في ظل بكاء براءة استمرت في تكرار، يجب أن أعود، يجب أن أعود...
"لتكملِ لي حكايتك.. " كانت صوت لينا الهادئ، تحدثت بعد أن شعرت بنبض براءة يهدأ، شعرت بأنها في طور السكون، فسألتها أن تكمل لها حكاية والديها التي توقفت في معرفتها عنهما عندما علمت أن أول لقاء كان حوار دار بينما علي موقع التواصل، أنتظرت لينا فترة من الزمن لم تكن وجيزة لكن رفعت براءة رأسها بكل هدوء و قالت...----
علي الجانب الآخر..
في مصر، كان جالسة في حديقة منزلها، حوراء أصبحت كاتبة شهيرة، لم تتزوج بعد، لم تجد زوج من بين خاطبيها بمواصفات رفيق دربها، علاقة حوراء صارت ضعيفة مع غزال لكنها مازالت علي تواصل مع براءة، تلك الصغيرة التي لاقت من ظلم زوجة الأب و غيرتها ما لم تراه حوراء في خيالها عن أفعال صديقتها، صارت في المحافل تزهو بنقابها و حشمتها، الجميع أحترمها منذ أول كلمة قرأت لها، كان لها طابعها المميز و كلماتها الصادمة التي تصيب الهدف فتفيق الكثير من غفلتهم، عادت فلبست النقاب و هي علي يقين أنه عفة و ستر لها قبل كل شئ، تشعر بالعزة بينما تسمع الجميع يتحدث عنها و هي تتخذ بجانبهم مقعد ولا يعلمون، الآن تشرع في كتابة ثالث مشاريعها المختلفة، الكتابة كانت منفسها الوحيد من قهر الحياة...----
" عاد أبي بعد ان تزوج أمي لمصر، مكثا في شقة مقابلة لجدتي أقصد للسيدة علا أم حسن، كانت هذه السيدة كما كتبت عنها أمي أنها خير جليس و خير قرابة، لم تكن قرابة بالدم لكن كان الرابط المقدس بينها و بين امي هو رابط روحي، تجسدت في أم لها و كانت تخبر أمي بأنها خير ابنة، كانتا تقضين النهار بطولة معاً و عند عودة أبي كان يتخذان مجلس الغداء عندها ثم تعود أمي إلي شقتها مع أبي حتي تعاد الكره في الصباح، و في خضم الأحداث اليومية كانت أمي تضحك و تبتسم بينما هي تبكي متأثرة برواية مواقف من حياتها في الشام للسيدة علا، ثم لم تلبث أمي طويلاً بعد زواجها حتي تفاجأت بأمر حملها، كانت سعيدة في بادئ الأمر لكن ما إن أخبرت والدتي حتي تلاشت سعادتها برؤية إمتقاع وجه زوجها عند سماعه النبأ، تركها تجلس في حيرتها علي العشاء و دخل لغرفتهما، كاد الفضول يقتل القطة فتبعته أمي للغرفة، جلست بهدوء بجانبه علي الفراش، كتبت أن عيناه في تلك اللحظة كانتا زائغتين لكنه غمغم بكلمات لم تفقه عنها أمي شئ، لكن سمعت ما قال، قال * سأسميها براءة، كي تكون بريئة من ذنوب الحياة * و مذ ذلك اليوم بدأت تتكشف لأمي الكثير من خفايا الماضي و أعظمها علاقة أبي و غزال... ".......
آسفة آسفة آسفة من هنا لبعد سنتين، بجد والله غصب عني، خرجت من الامتحانات مرحلة توتر و عياط مستمر جات النتيجة دخلت في موال التنسيق و الدنيا كانت متلغبطة و الحمدلله و كمان مكنتش عارفة أكتب و مش جاي في بالي مواضيع و في حالة تعب و إرهاق..دعواتكم يا أحلي قراء في المجرة 💜💜😅
سامحوني و بعتذر علي التأخير و البارت قصير و مبلغبط شوية بس مستنية أرائكو اللي انتو متعرفوش قد ايه بتفرحني 😍😍
أنت تقرأ
براءة
Spiritualسأسميها براءة.. ________ لم يرها يوماً جميلة فقط كما يصفها الجميع، وحده كان يري ملامحها تستحق المراقبة حتي تُحفر في المخيلة بأدق تفاصيلها الرقيقة، ملامحها كانت لوحته المفضلة التي يرغب في البقاء طويلاً في محاولة لفك طلاسمها بسيطة التعقيد. _________ ...