الجزء الثامن عشر

42 6 4
                                    


-:أنت قاسية حقا
قالتها هانا وهي تسير بجانب ريناد يرتديان ملابس التمريض قميص سماوي بدرجة فاتحة وتحته بنطال بذات اللون وقبعة التمريض على رأسيهما
تتابع هانا عتابها وهما تسيران في ممرات المستشفى
-:مرت ثلاث سنين ولم تجيبي على أي من اتصالاته، تكلمينه فقط بمحادثة جماعية معنا، لم تفعلين ذلك
ابتسمت ريناد لصديقتها وهي تقول
-:هذاأفضل،فمحادثةمنفردة ستوصلنا لمكان لا أريده
توقفت هانا قليلا لتجبر ريناد على مماشاتها فتوقفت هي الأخرى
-:حقا يا ريناد انت غريبة الأطوار
الدكتور مهند يخطب ودك منذ عامان وأنت ترفضينه، مكالمة جماعية فقط وتتجاهلين اتصالاته الانفرادية لم كل ذلك؟
عادت ريناد للمسير وتركت السؤال دون جواب
لتقول هانا من جديد تلحق بها
-:صحيح، سمعت ان كارلوس عائد من رحلته التجارية، هل ستذهبين لاستقباله
-:ربما، لا اعرف
لتقول هانا من جديد وكلامها كان ذا مغزى
-:الجيد بالأمر، أنه لم ينتسب الى القاعدة لا يريدأن يصبح ضابط بل سيتابع أعمال العائلة
توقفت هانا وطالعت وجه زميلتها تقول باهتمام
-:ريناد، انت تعرفين ان كارل يستطيع الحصول على اي فتاة صحيح ربماهو ..
قاطعتها سريعا قبل أن تتم كلامها
-:كلا
ثم نظرت للارض شاردة ودمعة كادت تخرج من مخبئيها
-:هانا أرجوك؛ إنه صديق فقط وهو يعرف هذا جيدا ؛ وهو صديق جيد، لا أنسى انه انقذني يوما من بين يدي شاب قذر
استنكرت هانا بشدة وقالت معاتبة
-:فتاة أخرى كانت ستعتبره بطلهاوتلتصق به، لكن انت فتاة غريبة حقا

كان يقاتل بكل ضراوة جبينه البرونزي يتقاطر منه العرق كحبات جمان تنزلق حتى ذقنه لتهبط منها مستسلمة للجفاف فوق ملابسه البسيطة ذراعاه المفتولان يحمل بها عصاً غليظة يهوي بكل قوة بها باتجاه الشاب الخصم له
والذي كان ضخم البنية طويل القامة يكبره بالكثير من الأعوام ذو جسد قوي يفوق باسل بضعف حجمه
ألصق عادل الكهل ظهره بظهر باسل يحمي كلا منهما ظهر الآخر ومراد يجاورهما وهو يقول لباسل بهمس ينظر باتجاه شخص آخر يحاربهما أيضا
-:يبدو ان السيد لا يريد ان يفي بوعده أصبحوا أكثر ست رجال نحن نقاتل منذ ساعة يا باسل
لم يجبه باسل بل مد يده الى جيبه اخرج القطعة الذهبية وهو يخاطب الحاكم
-:لقد وعدتنا بالحرية إن فزنا، يبدو انك لن تفي بوعدك لذا سأهزم جندك مهما كان عددهم وسآتي إليك.
ارتعد الحاكم قليلا ثم ضحك ساخرا
-:ارني مالديك يا ولد
ابتسم باسل بسمة ساخرة وعقد حاجبيه بعزم ضغط على منتصف القطعة الذهبية، أومضت الزمردة فيها بوميض خفيف فانبثق من طرفها نصل سيف فضي رفيع يلمع بلمعان جميل تحت وقع الدهشة على الحاكم ورجاله وهو يقول
-: لم أعد ولد كما ترى أنا في الثانية والعشرين من عمري.

كانت الدهشة تلون ملامح الحاكم ورجاله وهم يرون سيف رفيع النصل بمقبض ذهبي بيد باسل الشاب، يركض باتجاه أحد رجاله
اما عادل لم يندهش لمعرفته السابقة بهذا الأمر فقد رأى باسل عدة مرات يتسلل الى الحقول ويتدرب بسيفه الفضي ذو المقبض الذهبي
تحرك شعره الأسود الحريري الذي أصبح لتحت كتفيه وهو يركض باتجاه أحد خصومه يستل سيفه ويهوي بها على العصا التي يحملها لتنقطع الى نصفين ويجرح جبهة الشاب الضخم
راح إلى الثاني ثم الثالث فالرابع وهزمهم جميعا بمساعدة عادل ومراد ثم قفز قفزة طويلة أصبح بها خلف الحاكم يضع نصل سيفه قرب عنقه وهو يلهث يهمس باذنه
-:أمامك حلان أيها الحاكم؛ اما سفينة تخرج ثلاثتنا من هنا وإما أقتلك الآن أمام رجالك، ثم اتركه ليتقاتلوا عليه وأرحل عنه، فيصبح بؤرة فاسدة يُتَقاتَل عليها ويدمر كل ما بنيتَهُ من سنين.
صفق الحاكم بقوة له وقال يداري مشاعره المضطربة ويبعد عن جنده الشك وليوهمهم ان باسل يتحدث معه حديث ودي ليس إلا
-:أحسنت، أحسنت، لقد فزت وسأفي بوعدي
ثم همس له دون أن يظهر للجند حوله ذلك
-:أبعد سيفك يا باسل، لقدفزت وأعدك بسفينة مع سائقها .

قلاع بين النجوم  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن