الجزء الثاني عشر

30 6 6
                                    

كانت تحاول فك نفسها من بين يدي الشاب المريب وهي تقول بخوف واضح تحاول ان لاتبكي
-: دعني، لست بحاجة للمساعدة.

والشاب المزعج يقرب نفسه منها أكثر، حتى شعرت بأنفاسه التي تحمل رائحة التبغ تلاصق جبهتها وهو يقول بخبث واضح
-:لا تكوني خجولة يا عزيزتي
سأساعدك لتخطي آلامك هيا لنمشي معا تحت المطر
هيا تع...

لم يكمل جملته لأن كل ما رآه هي يد قوية تجذب ريناد من بين يديه،  وقدم تركل وجهه بقوة تطيح به للبعيد وصوت يقول
-:عليك ان تتحلى بالأدب حين تعامل الفتيات، وإلا فسأكون بمنتهى السعادة وأنا أعلمك إياها

عينان غاضبتان لم يتوضح لونها بسبب أضواء الحديقة الخافتة تراقصت بغضب أكبر،  واشتعلت بحنق وهو يرى ذلك الشاب يحاول الوقوف من جديد

أما هي لم تنظر الى وجه الشاب الذي جذبهاوخلصها  لأنها كانت بقمة خوفها، فدفعته بعيداً عنها  وراحت تركض مبتعدة خائفة ركضت حتى تقطعت أنفاسها، ولم تعد تعرف أين هي الآن.
تاهت في زحام المدينة من جديد  فظلت تسير على غير هدى
كارلوس الذي ساعدها يقف مصدوماً لحالها وتصرفها، وحين تبعها من جديد أضاعها، فعاد للبحث عنها،  فقد اتصل به رويد يسأله ان كان قد رأها اليوم فهرع يبحث عنها معهم
-:تبا،كان عليَّ أن أُعَرِّفها أنه أنا وليس أن أجذبها هكذا،وهاقد أضعتها من جديد

سقطت من تعبها أمام أحد المنازل وجرحت جرحاً طفيفا
رفعت رأسها لتجده منزلاً كبيراً مطفئ الأنوار إلا من نور ضعيف يأتي من ناحية البوابة الثانية للبيت، لغرفة من جهة الحديقة الداخلية للمنزل 
ابتسمت بسمة حزينة مليئة بدموع عيناها، وهي تسير باتجاه الغرفة المضاءة، فقد عرفت المنزل وساكنه

....
كان يعصر بيده الشريط الحريري. جالسا على الأريكة في غرفة المعيشة يجفف شعره المبتل بيده الأخرى، يخاطب مدبر منزله الكهل
-:لولا أني نسيت جهاز الاتصال ماعدت قبل أن أجدها
ليجيبه الكهل سامح يضع بيده مشروب ساخن
-:سنجدها ياسيدي اشرب هذا أرجوك، لا أريدك أن تمرض فأنت حين تمرض يطول شفاؤك،  سأذهب أنا  للبحث عنها، وأنت ارتح قليلا ثم تابع بحثك.

عندها سمعا معاً صوت البوابة الداخلية يفتح وظِلُّ شخص يقترب وهو يترنح، الضوء الضعيف جعلهما عاجزين عن رؤية وجه  هذا المتقدم  نحوهما ذو الجسد الضئيل،  فلما اقترب الشخص المجهول وأصبح بالإمكان رؤية ملامحه
هبَّ غيثٌ واقفاً مسقطاً من يده الشريط الحريري، تحركت قدماه تلقائياً يركض باتجاه الباب الزجاجي الكبير للغرفة،وهو مصدوم يراها تتهاوى
-:ريناد ؟!
كانت تسقط وهي تراه مندفعاً نحوها، رؤيتها لوجهه كانت مشوشة.
ابتسمت بحزن وألم مدت يدها تريد أن تتمسك به فحسب.

كانت ترى فتى في التاسعة من عمره عيونه الزرقاء قلقةً عليها، شعره الأسود اللامع الحريري يتحرك جراء ركضه تمد يدها تحاول ان تمسك يده الممدودة نحوها لكنه اختفى، اختفت صورة باسل كما يختفي كل يوم من ذاكرتها، قبل أن يدرك عقلها من هذا الطفل الجميل الخائف.

قلاع بين النجوم  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن