السادس والخمسون

40 5 9
                                    

صدمت كلمات ريان الأخيرة جميع الحاضرين وكان أكثرهم صدمة هو جاسر فأمسكه ولفه ناحيته وواجه وجها لوجه يقول بلهفة
-:تعرف أين هو ؟
لتقول له كاثرين بلهفة أيضا
-:خذنا إليه يا ريان
وحين ظل ريان صامت قال له باسل بترجي
-:تكلم يا عم ريان قل شيئا أين أبي؟
تنهد بحزن وقال لهم ينظر في وجوههم المتفاجئة
-:حسنا، تعالوا معي

حلق بهم في مركبته يتبعه الآخرين كل بمركبته
فحطت رحالهم في سهل واسع كبير يخلو من اي عمران، بضع اشجار تراصت على حوافه
وفي منتصفه ثلاث كومات من الحجارة تراصت فوق بعضها البعض بدت كقبور بسيطة

وقرب أحدها وقف ريان ودمعه تجمع في عينيه وقال
-: قالوا لي أن جاسر خانني وخان زين،
لفه بسرعة اليه جاسر
-:اقسم بأني لم أخنكم لا أنت ولا زين، ذلك الوغد نائل لفق كل شيء وضعني تحت وطئة الأمر.

طبطب على كتفيه ريان وقال وبسمة على شفتيه
-:أعرف ذلك يا جاسر، اعرف أنه من المستحيل أن تخون زين، ان تخونني أمر قد يَرد مع انه مستحيل، لكن ان تخون زين؟ هذا ما لن أصدقه، لذا يا صديقي رحلت عن القصر وتماشيت مع كذبة نائل، وتظاهرت بأني اصدق الخيانة خوفا عليك من تبعيات عدم تصديقي واصراري على برائتك
فهمس غيث لمراد وباسل
-: اذا جاسر لم يخن ابيك ولا ابيه الوغد نائل لعب لعبته بشكل متقن.
سمعوا ريان يتابع كلامه
-: في أحد الأيام وحين كنت عائدا إلى منزلي من زيارة لأحد أقاربنا هاجمتني عصابة ملثمة وقتلوا من معي من الرجال وأصبت أنا،تم تقيدي والقائي من على الجرف رحت اتدحرج للأسفل،أعلم يقينا أن نائل كان وراء ذلك، ورجاله الاغبياء لم يصوبوا جيدا، فكانت اصاباتي طفيفة لكن السقوط سبب لي الكثير من الكسور والجروح، وجدني أحد رجال السيد اسحاق وتم اسعافي إلى احدى المستشفيات القديمة، ترجيت اسحاق ان لا يخبر أحد عن نجاتي وأن يعلنوا أنهم عثروا علي ميت وتم دفني هنا في هذا المكان، نفذ ذلك السيد اسحاق، وأحد هذه  القبور هو قبري، لأني كنت متيقنا بأن نائل لن يتركني حيا،بعد ان شفيت هربت إلى الأرض وبقيت هناك شهراً كاملاً، اتصلت مع لمياء سرا وأخبرتها أن تأتي لتمكث معي لكنها رفضت خوفا على الصبيان من الأمر بأن نائل قد يشك بشيء وهي محقة.
ابقينا كل شيء طي الكتمان، حتى انقلب الحال وسمعت بمقتل زين عدت وكلي عزم على قتل نائل كنت اراقب القصر يوميا أنتظر فرصة مناسبة لقتل نائل، فرأيتك تتسلل كاللصوص يا جاسر، لحقت بك وكان ذلك بعد اختفاء زين بأيام فقط
عاد ريان بذاكرته لذلك الوقت 《جاسر يتسلل بحذر يخرج من القلعة سيرا على الأقدام ركب مركبة عامة وطلب من السائق المسير، اتبعه ريان بمركبته فرأى جاسر يدخل الكوخ الذي يخفي فيه زين
"ماذا يفعل جاسر في هذا المكان وهذا الكوخ المهترئ البعيد عن اي عمران"

بعد أن رحل جاسر دخل ريان الكوخ وصدمه من كان ينام فوق السرير بدون حراك، عيناه فقط ما يتحرك منه، اقترب منه فنظر إليه زين وكأن عيناه كانتا تقول متفاجئاً ريان؟! دمعت تلك العينان الرمادية وانسلت منها الدموع تجري على خديه فانكب عليه ريان يحتضنه بقوة يرفع رأسه الى صدره
-:زين ؟!، هذا أنت، أنت حي يا صديقي،أنا سعيد بذلك، سعيد جدا تكلم يازين، لم لا تتكلم ؟
لكن زين بقي عاجزاً عن الاتيان بأي حركة إلا تلك الدمعات التي عادت لتطفق من جديد وتجري فوق خديه، ظل بجانبه حتى الصباح على أمل أن يعود جاسر ويفهم منه مايجري، لكن، في الصباح الباكر
بدأ زين يتعرق بشدة،وبدا عليه التعب والإرهاق، لمس جبينه ريان وقال
-:يا إلهي، أنت تغلي، أنت بحاجة لطبيب، أنت محموم يا زين ،وكأن الحمى أصابتك فجأة
أسرع بالاتصال بجهازه واستقبل اتصاله اسحاق
-:سيد اسحاق احتاج لبضع رجال ارجوك زين متعب جداً
ليأتيه صوت اسحاق المصدوم
-:زين؟! الأمير زين؟!
وصل اسحاق  بسرعة مع رجلين من رجاله لينصدم برؤية زين على تلك الحال،ساعدهم مع ريان بحمل زين ووضعه في المركبة ورحلوا به الى المستشفى القديمة، طلبوا من طاقمها ان يظل كل شيء سرياً وبدأت رحلة علاج زين
الطبيب يقول
-:حاله ليس جيدا لنأخذه الى الأرض، هناك طبيب بارع وهو صديق عائلتي، سيتم علاجه بسرية تامة. 
عاد صوت ريان وهو يقول
-:كنت ألازمه وهو في مستشفى الأرض، لم أخبر أي أحد  حتى لمياء  بأن زين حي يرزق، أنا والسيد اسحاق والطبيب والرجلان اللذان ساعداني، نحن فقط من عرف ان زين حي، لازمته ليلا نهارا وبدأ يستجيب للعلاج بدأت عضلات وجهه تعود لها الحياة بدأ يبتسم، ويرمش، ثم تكلم وأول كلمة قالها كانت
-:باسل
ثم
-:جوريلين
كانت فرحتي لا توصف وقتها فقلت له بكل عزم
-:سأعيدهم اليك، لا تقلق، المهم أنت يا صديقي؛وهما بخير أيضاً أخرجهما أحد ما من الكوكب لم أعرفه بعد، وسأشكره بشدة حين أعرفه.
لكنه قال لي بحزن وكلماته تتقطع فهو لم يكن بمقدوره الكلام بشكل جيد بعد وتكابد مشقة ليقول لي
-:اعتني، بهما، ريان، جاسر لم يخنا ابدا
فرحتي بتحسن صحته لم تدوم الا لأيام قليلة فقد عادت حالته لتسوء أكثر من ذي قبل وتردت حاله للأسوء، وفي يوم من الأيام نام، بكل هدوء ولم يستيقظ بعدها.

قلاع بين النجوم  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن