الجزء الثامن

35 7 8
                                    

         أهلاً بكِ يا ريناد
كان كامل يخاطب زوجته الجالسة بجواره في سفينتهما الصغيرة التي انطلقت في الفضاء وهو يقول بابتسامة تزين وجهه
-:لم يتغلب العقيد ماجد بالعثورعلى المكان الذي تم أخذالصغيرة إليه وعثر على عنوان الميتم الذي وضعت فيه أيضا؛ وأنت سترين هذه الطفلة ياعزيزتي، سترين كم هي جميلة ومحببة لها لون شعر نادر خمري وناعم يلمع كالورود وعينان لم أرى أجمل منهما رمادية،بل فضية وواسعة كنجمتان في السماء،بشرة بيضاء ، ستحبينها أنا متأكد من ذلك .

وصلا لمكان لم يكن جيداً أبداً حيٌّ فقير،  بناء شبه متهالك أطفال ملابسهم قديمة، وطعام قليل في صحونهم ،فقالت آمرة الميتم التي تجلس خلف طاولة قبالة لهما
-:لا يتم ارسال الكثير من المال إلينا لذا هذا كل ما نستطيع أن نقدمه لهؤلاء الصغار المساكين.
أنتما إذا تريدان التبني؟ وأعجبتكما تلك الفتاة، هناك أطفال أفضل حالاً منها، فهي خرساء وضعيفة جداً وهزيلة
قالت ماوية
-:زوجي رأى جميع الأطفال هنا وقال أن هذه الصغيرة هي الأجمل لذا أريد أن أراها، وإن لم تعجبني سأرى بقية الأطفال
أومئت آمرة الميتم برأسها للفتاة الواقفة جوارها فرحلت الأخرى لخارج الغرفة غابت قليلا ثم عادت تمسك بيدها جوريلين
ما أن رأت كامل حتى ركضت وتعلقت بساقه سعيدة تنظر في وجهه وتبتسم فقالت الآمرة بتعجب
-: هذه أول مرة أراها بهذا النشاط والحبور،  منذ أتت وهي تبكي أو تظل واجمة الوجه، لا تشارك اللعب مع الأطفال منزوية في زاوية صغيرة فقط
نظرت زوجته لوجه جوريلين الجميل عيناها الرمادية الواسعة وشعرها الذي كان بلون الخمر كما وصفه زوجها، توسعت حدقتا عينيها انبهاراً ولانَ قلبها حباً وتحركت مشاعرها عطفاً عليها.

برغم الملابس الرثة التي كانت  ترتديها وبرغم ضعف جسدها، إلا أنها بدت رائعة الجمال.
اقتربت منها ووضعت يديها على خديها  الذابلين وابتسمت لها بحنان
-:مرحبا يا صغيرتي هل تأتين معنا؟
هزت رأسها ريناد بفرح وأمسكت بيدها 
وضع كامل  المال المتفق عليه بيد الآمرة ووقع بضع أوراق حمل الصغيرة بين يديه وهي تلوح للميتم بسعادة 
انطلقت بهم سفينتهم واقتربت من  الأرض.

كان كامل نائماً وجوريلين تنام بحضنه سعيدة تشعر بالأمان بعد كل هذا الخوف الذي ذاقته سابقا، وزوجته تنظر لهما معا وتبتسم وقالت
-:لقد أحبك كامل؛ وانا أيضا أحببتك، ارجو أن يحبك الصبيان أيضا.
مسدت شعرها بحنان أم وقبلتها على جبهتها وضعت غطاء تدثرهما واستلقت بجانبهما وغفت .

الممرض والممرضة اللذان كانا مسؤولين عنها في الأرض يوضبان غرفتها لاستقبال حالة طبية جديدة، لفت انتباههم حقيبتها التي كانت تتمسك بها بقوة حين أحضروها للمرة الأولى، رفعت الممرضةالحقيبة وابتسمت وقالت للشاب الواقف معها
-:هذه حقيبة الطفلة التي كانت تبكي دوما
حرك رأسه الشاب بإيجاب أن نعم صحيح  وقال
-:لم نكن نعلم  اسمها، ولا إلى أين أخذوها، لم  القاعدة تعامل الأطفال المجهولين بكل هذا الحذر  .
تنهدت بحزن الممرضة وقالت
-: لأن الأطفال مجهولي النسب ليسوا مثل البقية، ولا أعلم لِمَ ليس لهم الأحقية في شيء في هذه القاعدة ، دوماً نحن النخب الثاني، دوماً نحن من يجب أن يكونوا إما خدم، أو ممرضين، حتى لايحق لنا أن نكون بين القادة  لو كان الأمر بأيديهم لنبذونا عن العالم، يا لها من قسوة.

قلاع بين النجوم  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن