ظلال جمعها القدر..

1K 17 11
                                    

حفل مهيب..التف الحاضرون حول طاولتهم كما التفت الجبال حول المنزل الذي يحويهم..
بعض من نسيم منعش يهب تارة تلو الأخرى فيكسر حدة الصيف و يجعل المدعويين مستمتعون بعيدا عن الحرارة..
بعيدا عن العالم في الأسفل..عن البشر المتكدسين و رائحة العرق..

الجميع يتمايلون..سكارى حتى دون أن ينهلوا ما في كؤوسهم من خمور..
ظلالهم تترنح رقصا..خدراً..و لا مبالاة بما يحدث من وقائع في هذه الحفلة..
بل لا مبالاة بما يحدث على هذه الأرض كافة..

وقف هو بعيدا عن الجميع..كأسه لا يزال ممتلئا..احتراق جوفه بالشراب هذه الليلة لن يكون كافيا ليجعله ينسى..لا شيء في هذه الدنيا قد يعيد له الشعور و يواسيه عما عانى..أو على الأقل هكذا كان يظن..
ببساطة لأن الساعة لم تحن لتغير الأقدار..

هي..الملكة كما تظن نفسها..استحوذت عليه..حبا..عشقا و هوسا و هياما..
على الأقل هكذا كانت تظن..
كانت تعزي ابتساماته الخافتة و بروده المبالغ فيه بأنه طبع قاتم اكتسبه صغيرا و تحول في كبره إلى كاريزما طاغية..
و كم يأسرها بروده ذاك..كم تأسرها عيناه التي تنظران تارة بانعدام اهتمام و تارة بقسوة طير جارح يستعد للانقضاض على فريسته ليبدأ في الالتهام..

تتساءل عن سر نظراته الشرسة..كأنه يحمل في روحه جزءا متمردا جائعا لشيء ما..و بغرور كبير قررت هي أن كل ما يحتاجه ( وسام) في هذه الحياة هو ما ستعطيه إياه..

هي..لارا جبران..
هو..وسام الراسي
و الطرف الثالث هو ظل فتاة مجهولة حتى تلك اللحظة..
ظلها..سديم..
###
سديم كانت ظلا غريبا على هذه الأجواء..كل الحاضرين قد اختلطت أجسادهم و فارقتهم الظلال..إلا سديم..
وقفت بزاوية ما..تحاول أن تجد صديقتها التي أحضرتها لهذه المهزلة..
مر جزء من الثانية..انصهر فيه ظل وسام و سديم على حد سواء..
و ما أدراهما أن لحظة منسية في حياتهما..و ظلال ظهرت و كأنها تهم بضم بعضها البعض ستكون شرارة البداية في علاقتها..
حيث ستتقاطع الأجساد و الأرواح و ليست فقط الظلال..

-" ستخرجينني حالا من هذه المهزلة.." اعترضت سديم بانفعال و قد احمرت وجناتها..
 
-" لأجل الله يا سديم لقد بدأت الحفلة للتو.." تذمرت دارين و حاولت اقناع سديم بالبقاء..

-" هنا لا يشبهني..خمر و رقص..الناس أحرار في معتقداتهم و أنا أيضا كذلك..لقد صدقت كذبتك أن هذا تجمع عادي للأصدقاء..أبدًا لن أصدقك مجددا..حتى لو بلغت توسلاتك عنان السماء.."
هددت سديم و تأففت دارين..

-" حسنا..سأحضر أشيائي فقط انتظريني.."
جملة واحدة توقف بعدها الزمن و تغيرت أقدار الجميع..
###
صوت رصاصات متتالية..هرج و مرج حل على الجميع..تعثرت تلك الأجساد في ظلالها يهرعون مما هم فيه دون أن يفهموا ما أصابهم..
ما زاد الطين بلة هو انقطاع الأضواء..نشوة الحياة و الموسيقى انقلبت لصراخ..
و القمر في السماء كان الضوء الأخير الذي لم تطله يد الأعداء الغادرين..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن