وصب دامي..

47 3 6
                                    

[ الوصب درجة من درجات الحب حيث يشقى المحبوب و يمرض في غياب حبيبه و الوصي في اللغة يعني التعب..]
###
زين يقف ببسالة..كالملك إذ غير قواعد رقعة الشطرنج فأصبح أمام الجنود لا خلفهم..
يشهر ذلك العكاز الطبي في وجههم..يسحب دجلة خلفه برغم كل ما حدث..و عيناه تتجولان تارة بين سديم و تارة بين الحرس..

لم يكن أي سلاح موجه تجاههم..إلا أن ذلك ما أقنع زين بتخفيف دفاعه..

-" الإسعاف حالا.."

تلك الجملة الوحيدة التي قطع بها المواجهة الصامتة بينه و بين الحرس..

-" لا وقت لدينا.."

أجابه بثبات..و انتظر الإجابة..

-" سديم.."

التفت إليها..حاله ليس بأفضل منها..كلاهما متعرقان..مرتعشان..يصارعان الأجل..
ينتظر منها التصديق على ما قال الحارس أو تكذيبه..فهو لا يعرف إلى أي درجة عليه أن يثق بصحة دجلة النفسية و العقلية..

-" أقل من بضعة ساعات..هذا الشيء..يحفز العضلات رويدا رويدا حتى تفقد قدرتها على الانقباض ثم الخطوة التالية هي الشلل..يبدأ من الأطراف ثم ينتشر إلى الداخل..إلى عضلات القلب و التنفس.."

شرحت له باقتضاب و بقدر ما سمحت حالتها في وضع كذاك..

-" لن تصل الإسعاف في الميعاد المناسب..نحن لا نحمل أي أسلحة..الأوامر أن نوصلكم إلى حيث تريدون فقط.."

يتحدث الحارس بتلقائية في محاولة إقناعه.. ليترك زين العكاز و يسمك يتلابيب الحارس..

-" هل سأثق بكم؟! أنتم أوصلتمونا إلى هذه الحالة يا عديمي الضمير.."

زين يستهلك قوته عبثا..هو الآخر مدرك لذلك..مدرك أن عليه التصرف بمزيد من التروي و الحكمة..و لكنه لا يستطيع..لقد فاق الأمر حده..
عقل دجلة مغيب من تأثير ما يعانونه من ضغط و ضلالات و سديم تدفع ثمن قصة دخلتها صدفة فقرر الكاتب أن يجعلها من الأبطال..و الحل الوحيد كي يفنى هوس الكاتب هو أن تتصدى له تلك البطلة التي حاول صنعها و تشكيلها في قالب ليس لها..
و تمرد الشخصية على الكاتب لهو شيء مدمر..لهو شيء عسير..

الحارس يقف دون حراك..دون أن ينبس ببنت شفه..حتى لا يحاول الفرار من قبضة زين..ينظر له نظرات خاوية فقط..كأنه يقول جنازتك و أنت حر..

دفع زين الحارس بكل قوته..أخلت الدفعة باتزانه فأصبح ثقله كله مركزا على يد الكرسي الذي تجاس عليه سديم..

-" هل تستطيعين السير ؟! "

سأل بأنفاس متهدجة و قوة شارفت على النفاذ..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن