جلس زين في سيارته لبضعة دقائق قبل أن استجمع شجاعته للنزول..يحاول الثبات و لكن كل ما في داخله مضطرب..عواصف شرسة في عينيه..كأنه الجندي الأخير في حرب كتب عليها أن تكون خاسرة..
قبر والده على مرمى بصره..وزع الأموال في طريقه إليه بصمت و على عجلة لعله يستطيع الاختلاء بوالده قليلا بعيدا عن السائلين لفضل الله هنا و هناك..
جلس بهدوء على حافة المقبرة..يسند رأسه على شاهد القبر الرخامي..
يده على التربة و كأنه يحاول تحسس ما بقى من والده..-" أبي..خطب جلل حل بي اليوم..خطب عظيم..أنقذني يا أبي..لو سمحت..الاستمرار يعني دهسي و التراجع يعني ضعفي..يعني هزيمتي..
ما أنا بفاعل الآن يا أبي..
اليوم.."توقف زين عند هذه النقطة..لا يتذكر آخر مرة قد انهار بها انهيارا كذاك..
الدموع لا تهرب من عينيه بل تنتحر..تنتحر من على حواف جفونه..
و تساهم في تغذية الحرائق داخله لا في إطفائها..-" أنت يا أبي عرفت مرضي أولا..قبل أن أنطق به..قبل أن أشعر به..أخذنا التحاليل من الطبيب و سمعنا تشخيصه..يومها أخبرتني شيئا..قلت لي لا تخف..
حقيقة مرضك سلاح لك في يد أعدائك..قنبلة تفجرها فيهم وقتما تشاء..قلت لي أنت تصنع الحقائق..إن كذّبت أنت هذا المرض..إن واجهته ببسالة تصيب الأشرار أمامك بالجنون..ينتهي بهم المطاف يلعبون لعبة أنت تريدها و تحركهم بيدك كما تحرك قطع الشطرنج..
أما الأحباء فالوضع مختلف.."انتحب زين انتحابا شديدا..ثم مسح عينيه و حاول استجماع شجاعته من جديد..
-" يومها توقفت عن السير..نظرت لك..أخبرتك بعدك أنت و أمي و جميلة لا أحباء لي ..لماذا سيكون الأمر مختلف؟! "
يومها سحبتني إلى أقرب كرسي..شددت على يدي و قلت لي..جميلة لن تعرف..لن نسمح لها بأن تعرف..هي صغيرة ستسحق تحت الأعباء و القلق..
أنا أحدثك عن المستقبل..
وقتها نظرت لك بدهشة..أي مستقبل سألتك أنا..لست أجد شيئا غير ما علمتني و ما تركت لي مستقبلا..
حينها أنت تبسمت لي ابتسامة لا أنساها أبدًا حتى اليوم..
أخبرتني يوما ما يا زين ستقع في العشق..فالقلوب جنود مأمورة ببدء القتال في ساحات الغرام رغما عن أنوف الجميع..
قلت لي أنني يافع..أنني سأكبر كرجل حرب لذلك علي أن أتزوج من شخصية لا تخشى المعارك و لكنها تضمن لي السلام..
سألتك كيف؟! شخصا كأمي مثلا؟!
حينها ضحكت..ضحكتك كانت حزينة و لكنها كانت تعني لي العالم..
قلت أمك طائر حر..لا عش لها و لا سكن..امرأة كأمك سترى أن الجراح ضرورة و أن الشفاء في كسر الروابط لا في إقامتها..
قلت لي أمك تحبك طبعا و لكن على طريقتها..إلا أن طريقتها تناسب فيك القوة، السلطة و النفوذ أما عن الجراح فتلك متروكة لزهرة عاصية..زهرة ستنبت في أرض قلبك و لو أحالها العالم أرضا بور..
أنت أخبرتني يوما ما ستأتي هي كالمعجزة..ستقرأ قلبك و عينيك و جراحك دون أن تنبس أنت ببنت شفه..أخبرتني أنها ستداويني فإن لم تستطع ستشاركني الجراح.."
أنت تقرأ
ظلال
Romantizmعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...