رائد الهدنة..

80 4 11
                                    

عاد أبناء المنفى..هؤلاء الذين فقدوا ذواتهم، كيانهم و رغباتهم لأجل الآخرين دوما..الآن عادوا يلتفون جميعا حول شخص واحد..
يلتفون حول سديم..

-" أما آن الأوان يا سديم؟! "

مجددا أعاد جملته و لكن لم تأته الإجابة::

-" يكفي هذا الهراء..عاقلا أو غير عاقل لتسحب يدك من على مقبض الباب و دع سديم تمر.."

بيان يهدده..قد نفذ صبره و خوفه عليها يزداد خاصة في ظل المواقف المتتالية التي يشعر بأنه منبوذ فيها..منفي بعيدا جدا عنها..عن جراحها و الذي تعرفه..

-" تأخر الوقت كثيرا على تركها تذهب يا بيان..إن أردت ذهابها كان عليك تركها من البداية..هل تذكر البداية أم تريد أن أذكرك؟! "

إيران لم يكن قادما فقط لأجل سديم..بل كان قادما لتصفية الحسابات الجديد منها و القديم..

-" ثانية واحدة..ثانية واحدة..قبل أن يحتدم هذا الشجار و يصبح بلا معنى..نحن الآن سنجلس كالبشر المتحضرين و سديم معنا إن أرادت و نتحدث مثل البشر..يبدو أن عشرة سنوات من الأحداث قد فاتتنا و آخر الأخبار لديك و لدى سديم.."

زين يحاول التحدث بالعقل و المنطق رغم أنه يشتعل غضبا و ذلك يظهر من عينيه..من طريقته..من حركات جسده..من أنفاسه المتسارعة..

-" نجلس..لم لا؟! "

جلس إيران أولا..مرتاحا جدا يضع ساقا على ساق..

-" يا الله يا ولي الصابرين.."

علق بيان على تصرف إيران بهذه الجملة بينما يحاول جاهدا هو الآخر السيطرة على أعصابه كرامة ل سديم و زين..

جلست سديم بجوار بيان..و زين جلس على كرسي وحده يمد ساقه المصابة بحيث تحصل على بعض الراحة..
قد كان متعبا هو الآخر..يحاول ألا يظهر ذلك و لكن الألم و الإرهاق ينهشانه..

-" الآن هل تنوي أن تشرح؟! ماذا حدث و ماذا أتى بك إلى هنا؟! "

قاد زين الحديث مجددا و احترم بيان ذلك و تركه يفعل ما يجده مناسبا..

-" ملخص الأحداث..أنا كنت مستقرا في عزلتي..و إن كنت تسأل عن قصة الجنون و ما حدث أمامك الآن فإنها تمثيلية و لا أكثر..
مثلت الجنون عشر سنوات عقابا لنفسي و لأبي و لأمير على كل ما حدث..
حتى أنني كنت على مشارف الاقتناع بالدور الذي ارتضيته لنفسي منذ عقد من الزمن..
تابعت كل شيء من بعيد..خطط بيان و قراراتك يا زين و تقدم أمير في حياته..الأخبار دائما ما وصلتني أولا بأول..و كل ما يصلني يزيدني تعاسة و عزلة..انخرط في الدراسة و في العمل..و في الصمت من قبلهم جميعا..
و لكن مثلكم جميعا فإن تطور الأحداث الحالي قد أخرجني من منفاي..
سحبني سحبا من قاع النسيان..
نسيت أن أحاسب أمير على ما فقدنا من أرواح..نسيت أن أحاسبكم لأنكم لم تحركوا ساكانا..و نسيت نفسي أيضا..
و جاء ذلك ال*** مسمى يوسف..في ظنه أنه سيخرج الوحش من القفص..سيخرج المجنون من منزله و بخروجه ينجح في المعركة و تتم المعادلة..
و شهادة الحق فإن أسلحته قوية..يتسلل إلى روح المرء مستغلا سديم..
و أنا قبلت دعوته إلى الساحة و لكن بطريقتي..
بشروطي..
مشتتات الإشارة تعمل هنا في كل مكان..و لكن لزوما للخطة كان علي أن أدخل هنا بالشكل الدرامي الذي فعلت..و بالنسبة للمسرحية أمامكم..فقط أردت أن أرى ردة فعلكم..كما ترون لم أنجح في الاستمرار طويلا..
فكما قال يوسف..سديم تعرف الناس من جراحهم..و بما أنها تعرف جراحي ذلك يجعلها عالمة بي حتى من قبل لقائنا..هي فهمت القصة..أنتم لم تفهموا..
خسارة..خسارة على العمر الذي ضاع.."

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن