تهرول إلى حيث لا تدري..تضيق بها الأرض..تدخل من باب لتخرج من آخر و تصبح على طرف مختلف عن ذاك الذي يحوي حمام السباحة..
تتنهد بعمق..تتمسك بذاتها إذ ترتعش أطرافها كلها..
ترفض الجلوس و كأنها تخشى أن تصبح ركاما و تتلاشى فور استسلامها لبعض الراحة..فتح يوسف الكاميرات..يراقب ذهابها..راغبا في تتبعها إلا أنه لمح بين و قد ظهر خلفها فوضع سماعات الأذن الخاصة به و استلم مكان بيان في الاستماع.،
-" بيان؟! "
تساءلت دون أن تنظر حتى..فتوقف هو عن السير و بدأ الحديث..
-" تستطيعين تميزي دون التفات؟!"
سأل مستغربا و قد تضاعف تأثره..كلماتها في البداية و الآن معرفتها لحضوره دون مجهود يذكر..
يشعر بأنها تزرع نفسها في روحه بجذور من حديد..بحيث تأسر قلبه و روحه للأبد..-" هل نتحدث في وقت لاحق..أنا مضطربة بعض الشيء الآن.."
أخذت بضعة خطوات دون أن تلتفت لتبتعد عن المكان الذي يصدر منه صوته..
فاقترب هو أكثر..و غشاء رقيق من الدموع في عينيه..-" تستطيعين معرفتي رغم اضطرابك..كيف؟! "
أعاد السؤال مجددا و هو يطوي ما بينهم من مسافة..
تنهدت سديم و فركت جبينها قبل أن تقرر الرد..
-" أستطيع تمييزك وسط ملايين البشر..أراك في الظلمة تماما كما أراك في النور..و يعرفك قلبي حتى و إن فنى ضي العيون..لأن في وجودك يؤدي قلبي
- الذي أحكمت عليه القبضة منذ زمن بعيد-
فروض الحب..ترتخي أكتافي غصبا..و أجد نفسي في حضرتك رغم رغبتي بالهروب..
لأنني عشت حياة كاملة أرفض فيها المواساة إذ أحزن و الاحتواء إذ أغضب و أحبس نفسي بعيدا عن الجميع كلما انفجر في داخلي شعور..
و تأتي أنت ضاربا بكل هذا عرض الحائط..تخترق حصوني و أنا أقف غير ممانعة..أنتظرك لأرعاك..لأحبك مهما كلفني الأمر من جنون و ألم..
لا تعلم كم لمت نفسي..كم من الساعات جلست كي أقنع نفسي بعدم أحقيتي بما أشعر به..
كم جهزت نفسي لانفصالنا..و كم تخيلت صوتك يرن في أذني و أنا أسمع يمين الطلاق..الأمر في عقلي كفيلم بالأبيض و الأسود و قد تلف الشريط..
فتعاد المشاهد مرارا و تكرارا..
لا أنفك أراك في عقلي و قد ألقيت اليمين و تذهب بعيدا إلى حيث انتميت من قبلي..لا أنفك أقول في نفسي أن حبي لك ليس عدلا..لأنني إن سمحت لنفسي أن أحبك سأنزعك من جذورك..من كونك رئيس عشيرتك و أمل قومك في استمرار نسلهم لأزرعك أنا أرضي و أكون أنا تربتك و جذورك و كل شيء..
أنا أحاول إعطاءنا بعض الوقت و المساحة كي تخمد هذه المشاعر..لذلك ساعدني و افعل كما فعلت في المشفى..اتركني و اذهب..أنا أعتني بنفسي..لا داعي للقلق.."
أنت تقرأ
ظلال
Romansعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...