الفصل الثالث والعشرون [ فأر بيننا ]

604 46 189
                                    




قبل  23 عاماً  :

بعد 7 اشهر من اختطاف ريان , جُن جنون الطبيب الذي نسي كُل الجهود التي قضاها ليصل إلى ما وصل إليه من شهرة وسمعة

واضعاً كل شيء خلفه..

والبحث ليلاً ونهاراً  عن ابنه, عن طرفه فقط

كان ينتفض ويبكي أمام والده .. " ذلك السائق اللعين لا يعلم ما الذي حدث يالهي يا ابي .. ما الذي سأفعله ؟ "

اقترب منصور بحذر من ابنه سعود الذي كان في الثلاثينات من عمره. لطالما كان سعود الابن الثاني لمنصور, مكتفياً بنفسه, يجتهد ويعمل في صمت. لذلك صُدم منصور بطموح ابنه الشخصي في أن يصبح طبيباً, فلم يكن أحد من العائلة, من قريب أو بعيد, طبيباً حتى الآن.

على العكس من شقيقه الأكبر جابر الذي يحب التباهي بكل شيء, وأخيه المتمرد سيف, وابنه الأصغر الذي كان حنوناً لكنه كان كالكتاب المفتوح الذي يمكن قراءته بسهولة. كان سعود هادئاً ومتزناً طوال حياته. لم ير منصور ابنه يتذمر من أي شيء.

لذلك, وبعد ثلاثين سنة, رأى منصور ابنه الثاني في هذه الحالة من الانهيار. كان يشهق بلا توقف. كانت هناك أكياس سوداء تحت عينيه, وفقد الكثير من وزنه في فترة قصيرة منذ اختفاء ابنه ريان. دخل المستشفى عدة مرات, لكنه كان يحاول التماسك ويدعي أنه بخير, وأنه سيعيد ابنه إلى المنزل في أقرب وقت ممكن.

لم ينهار, ولو للحظة, حتى لو بدت آثار المصيبة العظيمة عليه. أهمل عمله, ومنزله, وابنه الآخر, وظل يبحث عن ريان ليلاً ونهاراً دون جدوى.

لكن اليوم كان مختلفاً. جاء إلى منزل والده وفتح الباب على مصراعيه. كانت عيناه مفتوحتان على مصراعيهما, وشفتاه ترجفان. لم تحمله قدماه حتى للوصول إلى والده, فسقط على ركبتيه وهو يصيح "يا أبي!".

صوت لم يسمعه منصور من قبل, حتى عندما توفيت والدة أبنائه. كان سعود هو الأكثر تماسكاً بين إخوته, يهدئ هذا ويحتضن هذا ويطمئن على حالة ذاك.

اقترب منصور من ابنه "سعود, يا إلهي ماذا بك؟ هل .." صمت, كانت الإجابة واضحة. هل حدث أمر سيء لريان؟

بكى سعود بينما كان يحتضن حقيبة أطفال, ومن شكلها المهترئ عرف منصور أنها تنتمي إلى ريان. "انظر يا أبي, إنها ملابسه!", وبين شهقاته, قال "يا إلهي!".

كان سعود يحتضن ملابس ريان المدرسية الملطخة بالدماء التي وجدتها الشرطة في مكان ناءٍ مع رسالة مختصرة:

[الدم بالدم, والعين بالعين والسن بالسن, كما قتلت ابني, قتلت ابنك. أنت لا تستحق أن تعرف حتى أين دفنته].

أثبتت الشرطة أنها دماء ابنه ريان بالفعل, لكن لا أثر لجثته بعد الآن إلا في تلك الرسالة.

رواية || تصادمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن