الفصـل الاربعون [ النهـاية ]

1.1K 79 242
                                    

لا يمكن لشخـص نائماً , ان يصبح كسـلام معاذ الذي يرقد في غيبوبته منذ عِدة اسابيع..

تحت سقف المشفى واختيار جده الدقيق لذلك السرير بجانب النافذه التـي ينفذ منها ضوء الشمس الياقوتي من الحين الى الاخر, اراد منصور ترفيهاً له. رغم كونه لا يعي..

كان شعره الذهـبي قد طال قليلاً يتناثر على سرير بعشواىيهطط رغم تقليمهم له عِدة مرات, وحرص منصور على ان يعتنى به بحرص مطلق.. الا ان شعره الذهبي يواصل التـمرد , يشتاق سيف الى عيناه الخضراء ايضاً , يتوق الى رؤيتهما تحت الجفون المغلقة بهدوء.. ورموشه الكثيفة..

كان معاذ يتحـرك , حين ف حين غير مدرك , لكنه قلما يستجيب الا لربما لصوت أمُه في الزياره الاخيره.. لقد ضغط على يديها واستبشروا جميعاً بعودته اليهم.. كان ذلك منذ اسبوعين.. مضت

يزوه زياد بشكل يومي, يتحدث إليه عن كل شيء.. يشعر بقلبه يعتصر.. يتلاقان هو وسيف عِدة مرات يتجنبان ان ينظران لبعضهما البعض.. او حتى يتحدثان..كان الامر غريباً ومؤلماً زال السخط عن قلب الاصغر.. واما الكبير.. فلا يعرف كيف يشعر..

يتمتم معاذ بكلمات غير مفهومة من الحين للأخر , كـ " انا , بحر , نوم , قلب , الله " وأمور اخرى يرتعش لها قلب ابيه ووالدته ثم يعود الى سكونه الابدي

"هـذا السكُون .. لا يليق بك " همس له جده منصور , رغم قلة الوقت الذي مضاه مع حفيده رسخ محبته كوتد في قلب الجد , اصاب نقطة حساسة دمى الوتد والجرح شوق جده ندمُـه وحَزنه .

احد المـرات التي توقف فيها قلبه مجدداً [ إنذار ازرق ] يعم المشـفى , وانطلاق جميع الاطـباء الى حالة معاذ دفع احدهم ابيه الخـائف عنه بعيداً .. ليرتطم ظهر سيف العريض بصـدر منصور المنحني . .

إلتفت ليـجد منُصور , هذه المرة لا ثالث لهما .. لا يعرف سيف ماذا يفعل ؟ كلما انطلق إلى معاذ اخبروه بانه يعيققهم , هو يعلم بإنه لا فائدة لقد عـاش هذه اللحظة مرة من قبل عندما اكتشفوا مرض معاذ للمرة الاولى .. طيشه سيأخر الامر , لكنه خائف يريد ان يرى وجهه بعينيه ..

أستدار سيف لـشخص الوحيد الذي حُوله , منصور .. وأنهار بكاءً " اعتقد انني سـأخسره هذه المرة "

ابتلع ريقه منصور , ارتجفت يديه ايضاً , الشيب الذي يتخلل وجه ابنه الاوسط .. وعيناه الواسعة الجميلتين .. وحاجبه ذو الخدش من صراعات المراهقة بقي كدليل ادانة على ماضيه .. لم يتقدم سيف خطوة لا يزال يهاب التجاعيد القاسية حول عيني ابيه ..

كانت المبادرة من منصور , عندما تأمل وجهه سيف لدرجة تجريده من كـل هذه الاثار التي كسبها من بعدهما .. هل تستحق الحياة كل هذه الغضب؟ لقد عاش سيف الذنب لوقت طُويل .. استأمن ابنه لديهم , محاولاته الفاشلة لتقريبهم من بعضهما البعض .. انتهت بنتيجة كارثية ..

رواية || تصادمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن