البارت الستون

1.3K 49 0
                                    

سطام:أتوه انا يا جدي ، أضيع من نفسي اتجرد من كل ما اعرفه بالدنيا اذا الموضوع هي! حتى نفسي ما عاد اعرفها ، ابيها و لكنّي أخاف من بكرا كيف اسامح و انا كنت بفقد روح؟
مُنيف:لكنّك ما فقدت روح ، هي رجعت لك اختك و كانت هي بتروح بدالها ، لا تمشي ورا ظنونك و تفقد روح ثانيه و تذوق الندم اللي بياكل ضلوع صدرك و ينهيك ، الدنيا فانيه و الايام ما بتبقى و الاخطاء بتغفر و تنسى لكن انتو؟ ما بتلقون بعض بالدنيا ثانيه لو فقدتوا بعض و طابت انفسكم!
ما كان كلام جده الا نقطه جديده يضيع و يتخبط فيها و كان اسباب الدنيا كلها عزمت انه ما يرسي على بر ، لكنه يحاول ، يحاول يتوسط بزعله و يفهم الاسباب و لكن جزء منه يطغى بالزعل و يعزم على عدم الرجوع و الانتهاء
رفع جواله يشوف اتصالها و مع كثير التردد هو رد لكنّه ما تكلم يسمع امواج البحر و هبوب الرياح و صوت انفاسها اللي توضح انطرابها ، أخذت نفس تنطق بـ: تسكت و افهمك ، لكنّي راجعه ارجع ما انكسر و اثبت خطوتك و ننهي هالخصام ، قفلت بعدها ما تعطيه مجال يجاول و ما كان له نيه للاجابه اصلًا ، رجعت تتوجه لشريان و الابتسامه على محياها و نطق شريان : هذي الريم اللي اعرفها
توسعت ابتسامتها تشد على يده فقط ، و لفت انظارها لهتان و هُذام اللي تسطحوا على الارض بتعب : بتبردون!
كانت ثواني فقط و وقفوا على اقدامهم يتوجهون للجلسه : خل نرجع الحين البرد هنا ما يمزح
الريم:نرجع ولا يهمك
هُذام:و ليلتنا!
الريم:نكملها في بيتنا ادفى و نشغل حطب كمان
شريان:تم مشينا ، فعلًا كانت دقائق جمعوا فيها جميع اشياءهم تركب الريم مع شريان و أخذوا هتان و هُذام سيارتها
نطق شريان من شاف شديد ركودها و شردوها : تخافين من الجاي؟
هزت راسها بإيه : أسبوع كنت بعيده عن الجميع مو بس عنه هو ، ما عندي اسباب توضح غيابي و تخفف الروعه اللي بصدر امي
شريان:أمي ما تدري ، تحسبك عند سطام و كلنا نحسبك كذا اصلًا ، سألته عنك و قال انك عنده لكنّك مشغوله و تعبانه شوي

ما أستغربت فعلته لانها تعرف مدى حبه لانها و يعرف كيف الخوف يدب قلبها لو مسها ادنى شي ، لكنّها تفرح لجل هالأمل البسيط لجل أحتمال باقي البارق اللي فيه
-
دخلت لبيت جده من عرفت تواجدهم جميعًا ، وقفت اصواتهم و احتل الصمت جوهم ، لكنّها ابتسمت تنطق السلام تتوجه لامها اللي وقفت تفتح ذراعينها لها : فقدتك يا أمي إنتِ ، ما كان منها الابتسامه لجميع ما نطقوه هم ، من حكي اجدادها و البنات و حتى اعمامها هي تحاول تتماسك امامهم توضح الطبيعيه و انها مستقره و كل ما في دنياها بخير ، رغم اصفرار ملامحها و اكتسى التعب لجسدها الا انه تمازح دونا و تحارش وعد اللي كانت خطبتها بعد يومين بالضبط ، كان اجوائهم عائليه متناسين كل همومهم و اعمالهم لجل يستمتعون و لجل يستفهل خاطر غزيل اللي كانت طول لياليها الماضيه تشكي لمُنيف ابتعادهم و خوفها عليهم من ثقل ما على ظهورهم و ما كان منهم الا يجتمعون بهالساعه المتأخره من الليل لجلها
كانت عيونها تبحث عنه لكنها ما لمحته و تستغرب هالشي ، هي تعرف انه اول من بيركض لجل عيون جدتها و لكنّه مو موجود و تعرف من تركي انه هاليومين ما مر المقر ابد و همس مُنيف بـ اذنها من حسّ فيها : ماهو موجود ما جا
عبست ملامحها و لكنّها تحاول ما توضح شي ، أخذت شنطتها تتوجه للداخل توقف امام المرايا تشوف ملامحها ، ألم بطنها اللي هلك روحها ولا تفهم اسبابه صداعها المتسمر و جسدها الخالي من حيويته المعتاده، لفت على غزيل الواقفه امامها بعصاتها : وجهك أصفر
هزت راسها بـإيه ، و أكملت غزيل : غريبه سطام تاركك كذا ما يشوف وجهك؟
ابتسمت تواري انظارها و اسعفها دخول وعد اللي توجهت لها بخطوات متسارعة : طيب وحشتيني أنتِ
توسعت شفاة الريم بذات الابتسامة تلمع عينها و يتوهج داخلها ، صاحبتها و رفيقة دربها المواليه لها بكل مراحل حياتها اللي بعدت عنها لفتره ما كانت هينه : تنامين عندي؟ بيت أبوي نجهزك يا عروسه و نسمع سواليفك و نزيل الشوق؟
هزت وعد رأسها بإيه ، كانت مدركة الفراغ و المسافة ما بين صاحبتها و أخوها ، تشوف ضياعه و انسحابه لزاويته الخاصة و كأنه يرجع لشخصيته القديمة ، جلمود ، متعب ، ترهقه الذكريات ، و الأهم تشوف الجفا و لهيب الشوق ، تفهم أنه يضيع و تذكر هالنظره منه
مرت الساعات بلمح البصر و انتهت ساعة لقاهم
-
بيت عبدالرحمن
تركت عبايتها تتوجه للمطبخ تاخذ البُن و معدات القهوه و لفت من حست بيد شريان تأخذ الطاحونة من يدها : مو بهاليل ، أشربوا عصير ، تنهدت فقط ما ترد عليه تلمح اختلافه ، هدوءه ، الوقود المشتعل داخله ، تدرك ناره الموقده اللي زادتها هي : آسفه ، زدت همك و انت قاطعها يقبل رأسها يبتسم رغم ذبول ملامحه : اذا به شي يزيد همي هو بعدك عنا ، لا تتركيني أضيع و انتِ تقدرين تثبتين خطوتي توجهيني للطريق الصح مثل كل مره أضيع فيها ، أنتِ عمرك ما زدتي همنا على كثر ما كنتِ مصدر قوتنا حنا نخاف فقدك لا تخليني اذوقه يا أختي!
تفهم مقصده و تعرف الان انها ما تضيع لوحدها تتخذ قرار القوه من جديد تتلبسه رغم كبير جرحها تترك الاوهام و الاحتمالات و تختار ما خاطرها يبغاه ، قبلت خده تبتسم تتراجع بخطاها لغرفتها لعند وعد : وعديّ ولا صرتي وعد تركي خلاص؟
كشرت وعد ملامحها : عرفت ليه كنتِ تعصبين وقت الخطبة!
و اخيرًا ، الحمدلله اللي خلاك تذوقين من نفس الكوب!
ابتسمت وعد من لمحت صادق ابتسامتها بدون التصنع اللي كانت تشوفه منها قبل ساعة من الآن ، على كثير ترددها في هاللحظة الا انها وجهت انظارها تنطق بـ:ما يخصني ما بينكم ولا إبي أعرف إيش هو بس مافيه شي ينحل بالبعد ، هو يهرب و انتِ تهربين أخاف تضيع الفرص ترى الحسرة موت!
الريم: أحاولنا ، لكنّه يصدني أخاف صدّه يطول ولا أقدره
وعد:يحن لك! عينّه ما تشوف غير طيفك ، حتى وهو بمجلسنا باله ماهو معنا!
الريم:خلي طيوفي تسامره لعله يلين و يحن
كانت عدّة دقائق يملئها الصمت بعد حوارهم يسمعون صوت انفاسهم و اضطرابها ، قلق وعد و توتره لاقتراب يوم الملكة المستعجلة بطلب من تركي ولا رده أبوها أبد و ما كان على لسانه الا " خلي الفرح يزور دارنا ، نبي نبتهج"
الريم:متوتره؟
هزت وعد رأسها : متوتره و بس؟ أحس إني أختنق بـ أنفاسي !
الريم:تخاويني؟ نخفف توترك بطريقتي
وعد: دامها تخاوين ماهو قريب ، أروح معك كل الدروب
أبتسمت الريم لها تاخذ مفتاح سيارتها ، كانت الوجهة مجهوله لوعد و ما كانت الوجهة الا مزرعتهم و كانت الخيول بالذات هي المقصد ، وقفت بـ أوسط المزرعة تعرف هبوب الرياح لصدرها ، يوصلها صهيل السحاب تسرع بخطواتها نحوه : وحشتني!
ضحكت وعد بخفوت من تقدم خيل سطام لعندها : يميزك! ، أشتاق لصاحبة أكيد! من زمان ما جينا و شفناهم
هزت الريم رأسها: صحيح أخر شي بالشاليه ، ما بتركبين بخيلك؟ جبتك نبعثر كل مافي داخلنا مو عشان تشوفيني بس!
مضت نص ساعة على ظهور خيولهم بدون كلل او ملل و بعكس ذالك كانت تضحكاتهم مفعمه بالحياه متناسين همومهم
كان هارب من طاريها و ما لقى خطاويه الا بالمزرعة و في هاللحظة بالذات انظاره عليها شموخها و وقوفها المعتاد رغم اختلاف ما يشوفه بملامحها و عيونها ، لاول مره يتمنى ما يفهم نظراتها و يتجاهلها لكنّه يرضخ لجانب اللين فيه يعترف انه ما يقوى و ينهزم امامها حتى بـ اغلاطها و يحلف يمين انها لو تجيه الان هو بيغفر كل ما مضى و ما صار لو بس يفهم داخلها هو بيفهم داخله و تشتته ، أصبحت أقرب له من الوتين هي ملاذه و محطة معرفته بعد كل الاغتراب اللي عاشه ، ما يخف وهج حبها مهما كانت محاولاته للقسا و الجفا أكثر ، تنهد يرجع لسريره بوجه انظاره لامانة أمه اللي بين يدينه
-
بالأسفل عند الريم اللي تركت السحاب بمكانه تجلس على التراب بجانب وعد : تبين شوري؟
هزت رأسها وعد فقط تتركها تكمل كلامها : لا تواجهين أقدار دنيتك بعدم الرضا و الرفض ولا تخافين من الجاي و الأقدار بيد الرحمن ، ما تختاره لك اقدارك يكون أجمل من اختيارك ، تركي وقت جا أنتِ ما استوعبتي وجوده كفاية بالرغم من المشاعر اللي تكنينّها له و لجل هالشي كان تفكيرك أطول و خوفك أكبر ، قرار الملكة كان من طرفه و السرعة ما تعجبك أدري بك ، ما بخوفك و لكنّي أعرف مجال تركي هو يوم موجود و عشره لا يحاول يستغل الأيام و يفضي من كثافة اشغاله عشان يحضى باللحظة هنا يمّك و معك و ما أختار العجلة الا لانه مقبل على شي بيبعده و كـ رجا أخير مني لك ، أستغلي كل لحظاتكم و عيشيها لا تندمين على لحظة ما عشتوها ولا تتركين الغرور و الزعل ياخذك عيشوا حلو أيامكم و تهنوا فيها ، الله يملي خُطا حياتك سعادة ولا يوريني فيكم مكروه ، أحتضنتها لدقائق طويلة تهدي روعها و خوفها اللي تكاثر لوهلة ولكنّها ما سمحت أنها ياخذها أكثر من مدت يدها لها تقومها يتوجهون لبيت أبوها
مرت يومين بلمح البصر ، يومين يطغى فيها شعور وعد تتخبط بين السرور و الخوف ، ابتسمت الدفء المحيط فيها بيتهم اللي يعج بكثير الاصوات المليئه بالسرور و الفرح زغاريط جدتها و الاغاني اللي يتراقصون عليها البنات محور هالليله هي ، سعادتهم اللي تعم عليهم لسعادتها هي ، تبتسم لدخول سطام اللي توجه يقبل رأسها يحضنها ، دخلت الريم بخطوات مستعجله : وعديّ أنا بروح و قُطعت انفاسها يختلف لونها و هيئتها من لمحته ، من صدت عيونه عنها من اكتافه اللي رجعت تتوجه لناحية وعد تتركها خلفها تستوعب تغير لحالهم للمره المليون من فراقهم ضلوع صدره ما عادت تلمها و تهون عنها كثافه ما تحسه هو سحب يدينه عنها يتركها تحت قيض اللهيب ، تراجعت بخطواتها تنزل للاسفل تقصد سيارتها
أخذ نفس يجبر ابتسامته يتصنع الطبيعية يمد يده لجيبه يطلع منه علبة صغيره تحتوي على سلسلة ما يزينها الا الماسة وحيده في المنتصف و نطق من حس بغرقها : من أمي ، قبل كم سنة و ضحك يشتت شعوره من صار المشهد يتكرر امام عيونه ، منادتها له و الابتسامة اللي تعتلي شفايفها رجفة صدرها و صوتها الناطق بجملة يقشعر منها بدنه للان " الدنيا فانيه و الواحد ما يدري عن عمره ، لو أخذ ربي امانته هذي امانتي لوعد أختك لزفيتها لعريسها عطها " يذكر اصراره انها تحتفظ فيه عندها و تتعوذ من الشيطان و تريح قلبه و تترك كل هالحكي لكنّها أصرت عليها و ظلت تذكره فيه ، لف عليها يمسح دموع عينها بطرف كمه يقبل رأسها ، افرحِ و خلي الدنيا تطرب ، عيشي الفرح كامل الأيام ما بتعيد بعضها ولا ينقصك شي و أنا أخوك ، رفعت انظارها له تقبل ظهر يده الممسك بكفها : أعيش الفرح كامل انا ، بس لا تشوفني لوحدي عيشه حتى انت !
ما كان منه حرف واحد غير انه قبل راسها يتوجه للخارج

ياسند هالحياة يا ضلع من ضلوعي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن