52

70 10 9
                                        

"ولكن أنا لا أريد غيره... لا أريد نسيانه. كيف لي أن أنسى شخصًا كانت تفاصيله ملاذي الوحيد؟ أريده هو فقط... لا أريد سواه، رغم الألم، رغم البعد، رغم كل شيء.

كلما حاولت أن أخدع نفسي، أن أقنع قلبي بالهدوء، أجد صدى صوته يطاردني في كل زاوية من ذاكرتي. أراه في ضوء القمر الذي يسرق النوم من عيني، أراه في كل كلمة حب تهمس بها الريح، وفي كل لحظة أعيشها وكأنها فارغة من الحياة بدونه.

كيف يمكنني أن أنسى من كان لي حياة؟ كيف يمكنني أن أعيش و أنا أعلم أنه ليس معي؟ كل محاولة للنسيان تنتهي بي في دائرة أشد ظلمة، وكلما ابتعدت، أجد نفسي أقترب أكثر من ذكرى لحظة جمعتنا...أتذكر سانتينو...أتذكره هو فقط لا أحد غيره.

هل يمكن للحب أن يكون بهذا القسوة؟ أن يترك في القلب ندوبًا لا تلتئم، وأن يجعلني أشتاق له حد الجنون؟ أنا لا أريد العزاء، لا أريد النسيان، أريده هو فقط... حتى لو كلفني ذلك أن أظل أعيش في ظلاله، أبكي وأدعو ألا تكون هذه النهاية."
لا أحد يفهمني ...لا أحد
أنا لا أريد أن أنسى...أنا لا أريد أن أنسى سانتينو
...
جالسة على حافة النافذة، عيناها تتأملان الفراغ البعيد وكأنها تبحث عن إجابة غائبة. كان والدها جالسًا بالقرب منها، ينظر إليها بحنان يمزقه العجز عن إزالة ألمها.

ميريا بصوت متقطع:
"أبي... هل أنا أرتكب ذنبًا؟ هل أنا أعصي الله ؟ لأنني أعذب نفسي هكذا... هل سيحاسبني الله على هذا الألم الذي لا أستطيع الفكاك منه؟"

ارتجفت الكلمات بين شفتيها، وانحدرت دمعة ساخنة على وجنتها. لم يتمالك مارسيلو نفسه، فانفجر بالبكاء كطفل صغير، دموعه تكاد تحرق خديه. اقترب منها بخطوات ثقيلة وكأن الأرض تقيده، ثم احتضنها بقوة، وكأنه يريد أن يسحب كل حزنها إليه.

مارسيلو بصوت مختنق بالبكاء:
"يا صغيرتي... يا قطعة من روحي، لا، لست مذنبة. الله رحيم، أرحم بنا من قلوبنا التي تتكسر بين أيدينا. هذا الألم يا ميريا، هو اختبار، ليس عذابًا. لا تظني أن الله سيحاسبك على وجع لم تختاريه. بل سيساعدك، سيمنحك القوة لتنهضي من هذا السقوط."

أمسك بيديها المرتجفتين بين يديه الدافئتين، ورفع وجهها ليقابل عينيه المغرورقتين بالدموع.

مارسيلو بصدق وحنان:
"ابنتي... الحياة لا تسير دائمًا كما نريد، لكننا نتعلم أن نحيا رغم كل شيء. لا تعذبي نفسك بذكرياتك، ولا تخنقي قلبك بألم الماضي. اسألي الله أن يمنحك السكينة، أن يربط على قلبك، وسيكون معك، دائمًا."

مسح دموعها بأصابعه المرتجفة، ثم أردف:
"وأنا هنا، دائمًا هنا. مهما حدث، ستجدين في قلبي وطنًا لا يخذلك."

كانت جالسة على الأرض، ظهرها مستند إلى الجدار البارد، وعيناها تائهتان في الفراغ. الكلمات كانت تثقل صدرها كأنها جبل، لكنها أخيرًا خرجت منها بصوت مبحوح ومكسور، وكأنها تخرج الروح معها.

وتين آل بوربون 🖤(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن