لا تحكموا عليَّ يا قراء... فالذي مررت به ليس بالأمر الهيّن، وما عرفته عن الحياة لا يُروى بسهولة. الكاتبة التي تخطُّ بقلمي تعرفني أكثر مما أعرف نفسي، وكأنها تسرق من داخلي كل سرٍّ أخفيته حتى عن نفسي. ينادونني... سانتينو بوربون.
كنتُ يومًا ما سيدًا في...
عندما يرحل عنك شخص عزيز، لاسيما إن كنت تعشقه....ستصبح حياتك مجرد صفحة بيضاء. وهكذا أصبح القصر غارقًا في الحزن، يملؤه ظلام ثقيل منذ أن فارقته زوجته، تلك المرأة التي كانت ابتسامتها الشغوفة تضيء كل زاوية فيه.
في غرفة قاتمة، لا نور فيها سوى شعاع يتسلل بخفوت، كانت صورتها الكبيرة تتوسط الجدار، مؤطرة بإطار فاخر كأنها ملكة ما زالت تحكم هذا المكان حتى بعد رحيلها. ملامحها التي تشبه السحر، شعرها الأسود المتموج، والشامة التي زينت إحدى خديها وكأنها بصمة عشق أبدية.
كان يقف أمامها، ينظر إلى عينيها الجامدتين في الصورة، كأنهما تحملان كل الكلمات التي لم تُقل.
بصوت متحشرج، قال وهو يمرر أصابعه على الإطار: "مهال... خمس سنوات وأنا أتعذب هنا..."
أشار إلى يسار صدره، حيث سكن الألم، حيث بقيت هي رغم الغياب. "اشتقتُ إليكِ... لكل تفصيلة صغيرة كانت تميزكِ، لضحكاتكِ، لوردتكِ التي كنتِ تتركينها في غرفتي..."
صمت للحظة، وكأنه يستحضر رائحتها، قبل أن يُكمل، وصوته يغرق في مرارة الذكرى: "أبكي حينما أتذكر عِطركِ الذي لم أعد أستطيع استنشاقه... صوتكِ الذي ذهب لكنه لا يزال يرنّ في رأسي... أشعر أنه يناديني، يُربت على قلبي المحترق."