بعد مرور 5 سنوات
في ذلك المساء، كان سانتينو مسترخيًا في الحديقة الخلفية للمنزل، يحتسي قهوته بينما يراقب الشمس تغرق في الأفق بلونها البرتقالي الدافئ. كانت ميريا تجلس بجانبه، تقرأ كتابًا بهدوء، حين اقتحم أياز اللحظة بكل فوضويته المعتادة.
"لأخبرك يا أبي المبجل..." قالها بنبرة رسمية وكأنه يحمل أخبارًا عظيمة، فتأهب سانتينو على الفور، رفع حاجبه ونظر إلى ابنه الصغير بترقب.
تابع أياز، مشيرًا بيده نحو شقيقته الصغيرة التي كانت تجلس على العشب تتظاهر بعدم الاهتمام: "ابنتك تلك... أوريليا، قامت اليوم بسرقة الأضواء بالكامل في المدرسة، بل وأثارت مشكلة عائلية خطيرة!"
تنهد سانتينو، وارتشف من قهوته قائلاً بلا مبالاة: "أوريا الصغيرة؟ ماذا فعلتِ هذه المرة، فراشتي؟"
قبل أن تجيب، نهضت أوريليا بسرعة، وضعت يديها على خصرها وقالت بكل فخر: "أنا أشبه أمي، أنا لدي أصول عربية، لست مثلك يا أياز... شبل والدك!"
ثم أخرجت لسانها بوقاحة قبل أن تركض بعيدًا، تاركة أياز يحدّق بها بصدمة، قبل أن يصرخ بغضب:
"اذهبي أيتها المدللة"
قالت له من بعيد وهي تنظر إليه مخرجة لسانها
"غدا سأخبر عمي ستيفانو أنك تحب إبنته أيلين سترى أيها المغرور".
ضحكت ميريا حتى كادت تسقط من على الكرسي، بينما سانتينو، الذي لم يفهم بعد كل شيء، وضع فنجانه على الطاولة ببطء وقال بجدية: "انتظر... ما الذي تقصده بأنها تشبه أمها؟"
نظر إليه أياز بعينين بريئتين، ثم قال بكل بساطة: "أستاذها أخبرها أنها طفلة لطيفة وجميلة مثل الفراشة... فأجابت بكل ثقة: أنا مثل أمي!"
تجمد سانتينو في مكانه. غمغم بكلمة إيطالية غير مفهومة، ثم التفت إلى ميريا ببطء شديد، عيناه تضيقان بخطورة.
"من هذا الأستاذ بالضبط؟"
قهقهت ميريا وهي تضع يدها على فمها، محاولة إخفاء ضحكتها، بينما أياز زاد الطين بلّة وهو يتابع بكل عفوية: "أوريليا قالت إنه لطيف جدًا!"
نهض سانتينو فجأة، قاطعًا الجو العائلي الهادئ، وقال بلهجة رجل على وشك إعلان حرب:
"غدًا سأذهب إلى المدرسة، وأرى من هذا الذي يوزع المجاملات بسخاء على ابنتي أمامها!"
ركضت أوريليا إلى والدتها، اختبأت خلفها، وهمست: "أمي، لماذا أبي يبدو كالثور الآن؟"
بينما ميريا ضحكت أكثر، وربتت على كتف زوجها الذي كان يشتعل غيرة وهو يتمتم بغضب إيطالي مبهم، في حين ركضت أوريليا وهي تلوح بيديها وتردد: "أنا فراشة، أنا فراشة!"
في صباح اليوم التالي، بينما كان سانتينو يجهّز نفسه ليذهب إلى المدرسة لمقابلة ذلك الأستاذ، كانت أوريليا تفكر في شيء أكثر شناعة... انتقامها الخاص!
أنت تقرأ
وتين آل بوربون 🖤(مكتملة)
Romanceلا تحكموا عليَّ يا قراء... فالذي مررت به ليس بالأمر الهيّن، وما عرفته عن الحياة لا يُروى بسهولة. الكاتبة التي تخطُّ بقلمي تعرفني أكثر مما أعرف نفسي، وكأنها تسرق من داخلي كل سرٍّ أخفيته حتى عن نفسي. ينادونني... سانتينو بوربون. كنتُ يومًا ما سيدًا في...
