الفصل التسعون.
🌻ظنها دمية بين أصابعه🌻تركها تهذي بكل ما أرادت الهذيان به ، تركها تُخبره بأن لم يعد لها وجود بحياته بعد رحيل عمها وأن منزلهم الذي أصبحت سيدته وجزء منه لم يعد منزلها، هذيت بالكثير وهو وقف ثابتًا لبعض الوقت يسمعها في صمت وأختلطت داخله مشاعره عدة.
_ أنا عايزة عمي يا "عزيز"، قوله يرجع أرجوك، أنا مبقاش عندي حد خلاص ، كل اللي بحبهم راحوا.
وعنده هنا أنتهى ثباته وصدمته من هذيانها، آسرها بين ذراعيه وضمها إلى صدره بقوة يُهدأها مثلما يُهدأ الآباء صغارهم.
_ عيطي في حضني يا "ليلى"، عيطي وأصرخي لكن أعملي ده في حضني أنا.
_ أنا عايزه عمي يرجع عشان أقوله إني بحبه وسامحته، قوله يرجع طيب عشان "شهد"، عشان طنط "عايدة" حبيبته.
رددتها في حضنه لمرات بصوت مختنق مُتقطع من شدة البكاء وظلت تترجاه وقد ذكره هذا المشهد بفجيعة موت شقيقه عندما كان يقف صلبًا ولا يستطيع ذرف دموعه حزنًا أمام والده وأولاد شقيقه.أطبق جفنيه وأرخى رأسه، فأصبح ذقنه مستندًا على رأسها ولم يجد أي حديث يخبرها به وأستمر في تحريك يده على ظهرها.
تراجع "سيف" بخطواته إلى الوراء ثم تهاوى بجسده على أحد مقاعد طاولة الطعام ، عادت الذكريات الصعبة المحفورة بذاكرته تقتحم رأسه متذكرًا حضن عمه له في كل ليلة ينام فيها على فراشه الصغير مناديًا والده أن يأتي له.
وفي لحظة سكونها في حضن عمه سيطر على قلبه شعور لا يفهمه ، شعور يحمل عطفًا، ربما لأنه رأها شاحبة الوجه ومنكسرة حتى لمعت عيناها أنطفأت أو ربما حدث له هذا بسبب ذلك الحديث الذي صرخت به إلى عمه وأنهارت أمامهم.
ومرارة اليتم تجرعه في طفولته وعاش عمه معه نفس المشهد يتوسله أن يحضر له والده وسيكون طفلًا مُطيعًا.وقفت "كارولين" مُحدقة بهما لا تستوعب ما تراه من مشاعر يغدقها هذا الرجل الذي لم ترى منه إلا القسوة والنفور.
تحرك "عزيز" بها ببطء مغادرًا غرفة الطعام وتقابل مع العم "سعيد " الذي أسرع إليه متسائلًا بقلق._ حصل إيه يا "عزيز" بيه؟
نظرة "عزيز" له جعلته يتفهم الوضع ويتنحى جانبًا بأسى ،فالجواب واضحًا ولا يحتاج إلى ردًا.
رفرفت "كارولين" بأهدابها حتى تنفض عن رأسها ما يزيدها حيرة. أتجهت بأنظارها نحو "سيف" الذي نهض دون أن ينطق بكلمة هاربًا من ذكريات أقتحمت ذاكرته.
تنهد العم "سعيد" بتعب تَجَلَّى على ملامح وجهه الحزينة وهو يتابع "سيف" بعينيه.
...وضعت "سمية" شريحة التفاح التي قشرتها بعناية في فم "هارون" الذي زمَّ شفتيه رافضًا تناول المزيد من قطع الفاكهة.
_ كفاية يا "سمية".
ألتصقت به بدلال ودسَّت قطعة صغيرة من التفاح في فمه قائلة برجاء يتخلله نبرة ناعمة.

أنت تقرأ
ظنها دمية بين أصابعه (النسخة المعدلة)
Romanceالنساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين. "ليلى" الفتاة اليتيمة، صاحبة الأربعة وعشرون ربيعاً التي تڪفلت بتربيتها عائلة وبعد وفاة تلك العائ...