22 _ اتفاق

5.1K 298 161
                                    

وقف امامها ... فبدا كالمارد ... الغضب احال عيناه لجمرتان مشتعلتان من شدة التماعهما ... بينما سيماء وجهه كانت منقبضة لتظهر تصلب ذقنه و ذاك التجويف المحفور فيها بمهارة .

اما هي فجلست علي كرسيها باريحية تامة واضعة ساق فوق اخري و علي وجهها ابتسامة رضا ... فاخيرا سمعت منه الكلمات التي لطالما ارادت ان تسمعها .

زمجر بغضب لاول مرة تراه عليه و هو ينقض علي ذراعها جاذبا اياها حتي اوقفها في مواجته ... قائلا :

" حسنا ايتها اللعينة ... لقد استسلمت ...في الحقيقة لقد سأمت هذا الوضع ... و من الذي يستطيع تحمل طفلة مثلك لا تجيد في حياتها سوي المقالب و الافعال الصبيانية ."

قال ذلك متذمرا ... مبررا لاستسلامه في مواجهتها .... ثم القي بنفسه علي اقرب كرسي و هو يدلك رأسه الذي كاد ينفجر من الصداع ... فقد ارهقته بمشاكستها و عنادها ...

ضحكت اثر هذا الكلام ضحكة خافتة ثم جلست علي مقعد مجاور له ... قائلة بنبرة مغيظة :

"و هل اعتدت الاستسلام بهذه السرعة ؟! ... عزيزي ماريوس.. "

قالت جملتها الاخيرة بتمهل و ببطئ ليتدارك هو حماقة ما تفوه به منذ قليل ... فها هو اخيرا اعترف بانها تغلبت عليه .... لذا لم يرد علي سؤالها المتهكم .

و بعد صمت امتد من جانبه عادت تقول بنفس النبرة :

" عزيزي ماريوس ... نصيحة لك ... لا يجب ان تتحدي شخصا فقد كل شيئ ... فهو لا يملك ما يخسره ... "

" و خاصة لو كانت امرأة مثلي تساوي لديها الموت و الحياة "

قالت جملتها الاخيرة بينها و بين نفسها شاردة بحزن ... و لكنه ما لبث ان اخرجها من شرودها بنبرته المتهكمة قائلا :

" حقا !! .... لم اكن اعلم انكِ حكيمة لتلك الدرجة "

قالها ساخرا ... فها هو اخيرا يتحدث بشيئ بعد صمته الطويل ... و قد بدا انه يصيغ كلامه ليخرج باتفاق يمكنه من رد اعتباره في مواجهتها .... لذا فتابع قائلا :

" لنعقد اتفاقا يمكننا من التعايش معا طوال فترة مكوثك هنا "

اقتربت منه مستندة علي ذراع مقعدة و هي تنظر اليه قائلة :

" لم لا توفر علي نفسك العناء و تطلق سراحي ؟ "

" انك تحلمين ... ذلك لن يحدث ابدا "

" حسنا ... كما تريد ... و لكن تحمل ما سيحدث لك حتي النهاية... فمن جهتي .. اصبح هذا الوضع يعجبني كثيرا ... لذا لا اريد عقد ايه اتفاقات "

قالتها و هي تهم بالوقوف لتنصرف ... و لكنه امسك ذراعها سريعا ليجلسها مرة اخري .... قائلا :

" فقط انتظري قليلا ..اسمعي كلامي حتي النهاية .. فصدقا لست وحدك القادرة علي مضايقتي ... انا استطيع ان افعل ذلك ايضا ..و لكنني سأمت من لعبة القط و الفأر التي نلعبها معا ... فقط اهدأي و اسمعيني ... حسنا ؟ "

تانجو  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن