41 _ انكسار

4.4K 284 64
                                    


لم تعد لها القدرة علي المزيد من ذلك الجنون لذا وجدت نفسها تجلس علي اقرب كرسي لها ...

ظل الصمت مسيطرا لبعض من الوقت الي ان كسرته هي قائلة :

" انا لم اكن اعلم شيئ عن ما حدث له ... انا ... "

و لكنه قاطعها حينما استدار اليها ليواجهها ثانية ... بينما تبدو في عيناه نظرة حزينة لم يستطع اخفائها ... و هو ما لم تره عليه يوما ... فقد اعتادت علي نظراته الباردة الساخرة من كل ما تقوله و ما تفعله ....

ثم تقدم منها و جثي علي ركبتيه و هو يتأمل عيناها المشبعة بالدموع و ذاك الانكسار بداخلهما ... مد يده ممسكا بكفيها بين راحتي يده و عيناه تملأهما نظرة توسل لم تعهدها عنه من قبل ...

و هو يقول بعذاب واضح :

" آسفة !!! ... لا تعلمين ... او لا تقصدين ...او كنتِ مجبرة ... اعرف ان هذه ستكون احدي اعذارك التي كنتِ ستتفوهين بها .... و لكن في كل الحالات لن نستطيع اعادة عقارب الساعة للوراء ... فالضرر حدث و انتهي الامر "

ثم افلت يديها و ترك رأسه المثقل بالهموم يرتاح في حجرها ... و هو يتابع بصوت خفيض كأنه يأتي من وادِ سحيق قائلا :

" ليتكِ لست هي ... حينها لم تكن كل هذه الحواجز لتصبح بيننا ... لم يكن ليصبح ذاك الالم رفيقا لي ... لقد تعبت من كثرة العناد و المقاومة و ها قد اتت لحظة الضعف ... فهل انتِ بارعة لتلك الدرجة فيما تفعلينه حتي استطعتي الوصول بي حتي هذه النقطة ؟....

لم اظن يوما انني قد اقول هذا الكلام ... و لمن ؟!!!! للفتاة التي كانت سببا في تحطم اكثر رجل احبه و احترمه ... فقط اعترفي بما تدبرين له فها انا اعترف بكل ضعفي بين يديكِ"

تعجبت اميريتا كثيرا من فعلته تلك ... و الاكثر من ذلك تعجبت من كلامه و ضعفه الذي لم يحاول اخفاءه عنها .

بلي ... فقد تعب كلاهما من حرب الاعصاب الباردة التي خاضها كلاهما طوال الاشهر الماضية ... فكما لمست هي ضعفه ...لابد انه احس بانكسار قلبها في تلك اللحظة ...

و لكنها ما لبثت ان ابتسمت بانتصار و هي تنظر لرأسه المستريح فوق ركبتيها بألم ... فقد بدا في تلك اللحظة كطفل صغير يبحث عن حضن امه ليرتمي به و يخبرها عن كل ألامه ...

بل يبدو كطفل كبير غادرته عصبيته و غضبه ... ليصبح كورقة بيضاء بلا اي خدوش ... فقط طفل يعاني من حالة من الضعف الانساني و الانكسار الذي سيطر علي تلك الكتلة من العناد و البرود و العجرفة ....

لم تستطع منع يدها التي حطت فوق رأسه تربت عليه بحنان تفتقده هي نفسها ... و لكن قلبها العليل ابي الا ان يخفف عنه بعضا من حزنه ... لذا وجدت اصابعها تتخلل خصلات شعره برفق لتدلك فروة رأسه و هي تقول بحنان فطري يشبه حنان ام علي وليدها :

تانجو  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن