لم أستطع كبح دموعي أبدا .. لم أعرف كيف أكبح تلك المشاعر التي كانت تملؤني .. فهذه أول مرة أخوض دوامة كهذه من المشاعر المختلطة .. و لكنني كنت في داخلي أحاول جاهدة ان أقنع نفسي أنني أقوى .. أنه بإمكاني تخطي الأمر كما تخطيت كل ما مشاعري من قبل .. أخذت نفسا عميقا .. مسحت دموعي و خرجت من الحمام .. لم أطل البقاء هناك كثيرا .. كنت بحاجة الى أجوبة .. كنت مستعدة أن أبتعد كليا بعد حصولي عليها .. فلا طاقة لي على البقاء بجانب أحد يكذب علي بشأن هويته و آخر يشبعني ضربا لأنه يعاني مرضا نفسيا .. في تلك اللحظات شعرت أن هذه الحادثة أيقظت الجانب المظلم مني مجددا .. و كأني تداركت الأمر بسرعة و أعدت حبس مشاعري .. يبدو أن هذه بالنسبة لي ردة فعل لا إرادية لما أتعرض لألم فوق طاقتي .. وقفت أمام المرآة أحدق بنفسي .. لم أرى الفتاة التي رأيتها قبل لحظات المكسورة الخائفة .. رأيت في عيناي نظرة فارغة .. رأيت أمامي الطفلة ذات التسع أعوام تقف محدقة بتلك النظرة المخيفة .. دب في قلبي الرعب .. لا أريد العودة الى هذا الشخص الذي كنته قبل أن أتعرف على كرم .. لا أريد أن أدفن مشاعري .. أريد أن أتعلم كيف أتعامل معها و أتقبلها .. لا أن أتجاهلها في سبيل القوة .. لا أريد أن أكون قوية .. إبتعدت عن المرآة ببطء و كأنتي أخاف ذلك الإنعكاس الذي رأيته .. لا أعلم ما الذي دهاني في تلك اللحظة .. حملت المزهرية من على الطاولة و رميتها بكل قوة على المرآة .. حطمتها الى قطع صغيرة .. و لم أعد لوعي الا على صوت حطامها يتناثر على الأرض .. وقعت على الأرض و فاضت دموعي مجددا .. بكيت و لكن كان في بكائي راحة .. أعلم انني أبدو كالمجنونة و أنا أقول هذا .. و لكنني إرتحت لأنني شعرت و كأنني تخلصت من بقايا نفسي القديمة مع تلك الدموع .. في تلك اللحظة واتتني رغبة في الحديث مع أمي .. أردت سماع صوتها .. لا أعلم لماذا و لكنني إشتقت اليها فجأة .. فلطالما كانت هي مصدر قوتي و أول صديقة لي .. و ربما هي الشخص الوحيد الذي رأى ذلك الجانب المظلم مني و تقبله تقبلا كليا .. نهظت من مكاني حتى أحضر هاتفي .. بحثت عنه في كل مكان و لكنني لم أجده .. و فجأة تذكرت شيئا .. في طريق العودة مع وسيم نفذ شاحن هاتفي .. أتذكر أنني وصلته بشاحن السيارة و تركته .. تداركت ما حدث في تلك اللحظة .. إذا لهذا السبب لحقني وسيم الى البناية .. كان سيعيد الهاتف لي الى أن حدث ما حدث .. جلست على الأريكة أفكر .. ما الذي بإمكاني فعله .. ثم قررت أن أنزل لأسأل موظف الإستقبال فربما تركه عنده ..
كان من الصعب علي عن أتحرك .. فكل جزء من جسمي يألمني بشدة .. تحملت الألم و نزلت بصعوبة الى الأسفل ... صدمت لما رأيت وسيم يجلس هناك .. كان يستند على الكرسي .. لا أعلم إن كان نائما أم متعب فقط ! و لا حتى لما لا يزال هنا .. إقتربت منه ببطء و ناديته بصوت خافت .. وقف من مكانه مفزوع و صدم أكثر لما رآني .. و أنا رغم أنني إرتحت قليلا و رتبت أفكاري و لكن لم أكن بتلك القوة لمواجهته مجددا .. لذا قلت على مضض
" أريد هاتفي .. "
بقي يحدق في دون أن ينطق بحرف على غير عادته .. ثم سحبه من جيبه و أعطاني إياه .. أخذته و أدرت وجهي حتى أعود الى شقتي الى أن أوقفني صوته
" صوفيا .. "
حاولت أن أكتم دموعي في تلك اللحظة .. واصلت السير و لكنه أوقفني مجددا
" صوفيا رجاءا لنتكلم .. "
كنت حقا بحاجة الى أجوبة .. لذلك عدت أدراجي اليه ..
" نتكلم في ماذا ؟؟"
" دعيني أشرح لك فقط .. "
أخذت نفسا عميقا
" حسنا .. "
" لنذهب الى السيارة .."
تبعته الى السيارة في صمت .. جلسنا هناك لمدة .. لم ينطق هو بحرف و أنا شعرت بصبري ينفذ ..
" حسنا إشرح لي ما الذي حدث .. و من أنت بالضبط و ما هي علاقتك بكرم .. "
".. إنها قصة طويلة .. "
" لا يهم أخبرني كل شيء .. "
أسند رأسه على مقعد السيارة و بدأ بالكلام ..
أنت تقرأ
دعني اساعدك ...
Romantikإننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية.