الجزء 19

694 33 3
                                    

كان يلزمنا قلوب اكبر كى تتسع لكل هذا الألم
قالتها ذات مرة جدتى ولم افهم كلمتها الا بعد زمن طويل

إبراهيم نصر اللهأعراس آمنة

     إستيقضت لما توقف محرك السيارة .. كنت متعبة جدا .. جلت بنظري في المكان .. لقد وصلنا فعلا .. توقف وسيم على جانب البناية .. نزلت من السيارة و رفعت بعيناي الى شرفة شقة كرم .. كانت مظلمة كعادتها . أخذت نفسا عميقا و خطوت الى مدخل البناية .. تسارعت نبضات قلبي .. يا ترى ما الذي حدث له .. أهو بخير ؟
صعدت و مشيت بخطوات مثقلة نحو شقته .. كنت خائفة لسبب أجهله .. وقفت عند بابه مدة ثم تشجعت و قرعته .. و لكن ما إن وضعت يدي على الباب حتى فتح .. تسارعت نبضات قلبي أكثر .. لما بابه مفتوح ..عادة بابه دائما مغلق ..   أغمضت عيناي ووقفت هناك لوهلة ألتقط أنفاسي .. شعرت بألم غريب في صدري .. آلاف الأفكار جالت في بالي تلك اللحظة و لكنني تمالكت نفسي و دخلت .. كان الهدوء يعم المكان كالعادة .. مشيت ببطء نحو غرفة نومه .. فتحت الباب و رأيته ممددا على السرير .. كان يبدو و كأنه يغط في نوم عميق .. في البداية أردت ان أعود أدراجي و أتركه يستريح فهو يعاني من الأرق و لا ينام الا نادرا .. ولكن شيء ما بداخلي كان يحدثني ان لا أتركه .. شعور غريب في صدري دفعني للعودة اليه .. إقتربت منه و ناديت إسمه و لكنه لم يفق .. جلست على حافة السرير و أمسكت يده .. كانت باردة جدا ..  حركته قليلا و لكن بدون جدوى .. لم أستطع رؤية وجهه لأنه كان يديره للجهة الأخرى .. لذا نهظت من مكاني و و حاولت رؤية وجهه جيدا .. تجمدت في مكاني للحظات تسمرت عيناي على وجهه الشاحب و عيناه النصف مفتوحتين و ذلك السائل الأبيض الذي يخرج من فمه .. إنقطعت أنفاسي ... كنت في حالة هلع هستيرية .. صرخت بأعلى صوتي طالبة النجدة .. كنت أتحرك كالمجنونة في الغرفة أحركه و أرجه بكل قوتي و لكن دون جدوى .. صرخت و بكيت بأعلى صوت .. و لكن لم يلبي ندائي أحد .. شعرت بالغرفة تظلم من حولي ثم لا أعلم ما الذي حدث ..  فقدت الوعي لأستيقظ في غرفة مستشفى .. فتحت عيناي  بصعوبة .. تفقدت المكان حاولت القيام و لكن شعرت و كأن جسمي مخدر ..
" آنسة لا تتحركي رجاءا "
إلتفت الى مصدر الصوت لأجد ممرضة تقف على جانب السرير
  " أين أنا !؟ ما الذي حدث ! "
سألتها بشق الأنفس
" انت في المشفى .. لقد فقدت الوعي و لكن انت بخير الآن "
في تلك اللحظة فقط تذكرت كرم .. تذكرت الحالة التي وجدته عليها .. بكيت و انا أسالها بصوتي المتقطع
"كرم !!! . أين ... هو .. اين كرم ... كيف حاله !"
إبتعدت الممرضة عني دون إجابتي ...  صرخت بأعلى صوتي و حاولت القيام من على السرير  و لكنها أتت مسرعة و حاولت تثبيتي .. و فجأة دخل وسيم مسرعا و حاول تهدأتي .. رأيتها تحقن شيئا في السيروم و فجأة فقدت الإحساس بكل ما يدور من حولي و عدت الى النوم مجددا ...

.....................

   فتحت عيناي هذه المرة لأجد وسيم يجلس على  الحافة  .. كان يسند رأسه على الطاولة بجانب السرير .. 
   "  وسيم ... "
رفع رأسه ببطء و إبتسم إبتسامة خفيفة بدى من خلالها مدى تعبه
  " و أخيرا إستيقظت .. انا انتظرك منذ ساعات "
إغرورقت عيناي بالدموع لا شعوريا و قلت
" كرم .. أين كرم .. ما الذي حدث ؟؟"
تنهد و أسند رأسه مجددا على الطاولة
" إنه هنا في المستشفى .. "
" أهو بخير .. "
" أنا حقا لا أعلم !"
اخافتني إجابته و لم أفهم مغزاه !
" أريد رؤيته "
" و لكنك متعبة و لم تستعيدي عافيتك بعد ! "
قلت و انا أسحب اللحاف من على جسمي و احاول النهوض
  " لا .. أريد أن أراه أرجوك خذني اليه "
ساعدني كرم بالقيام دون ان يقول شيء .. كنت أشعر بدوار لذلك تحركت ببطء بجانب وسيم .. يا ترى ما الذي حدث لكرم .. هل هو بخير ؟ لما وجدته على تلك الحالة ؟؟ .. مشيت بخطى مثقلة على أمل أن أجده بخير .. توقف كرم أمام غرفة ما .. نظرت من خلال زجاجها لأراه ممدا هناك .. عشرات الأجهزة موصولة بجسمه .. كان يستلقي هناك و كأنه نائما دون أن يتحرك أبدا .. حاولت حبس دموعي .. إقتربت نحو الباب ببطء و حاولت فتحه و لكنه كان مغلق .. أمسكني وسيم و أبعدني عنه
  " لا يمكنك الدخول " 
لم أستطع الكلام .. لا أستطيع وصف شعوري في  تلك اللحظة .. و كأن مئات السكاكين مغروسة في قلبي .. و كأن أحدا يضغط على حلقي ليمنعني من الكلام .. أبعدت وسيم عني و إستندت على الجدار .. مر شريط ذكرياتي مع كرم كله أمام عيناي .. كان الألم في قلبي لا يحتمل .. وضعت يدي على عيناي حتى أمنع نفسي من رؤية هذا الواقع الأليم و لكن دموعي غلبتني .. بكيت بكيت و بكيت حتى خارت قواي ووقعت على الأرض .. أسرع وسيم الي محاولا مساعدتي على القيام و لكنني لم أقوى على ذلك .. صرخت أبعدته عني  .. لم تكن لي طاقة على إحتمال أحد .. جلست هناك كالمجنونة أبكي و هو يراقبني .. لم يتحرك بقي هناك فقط يتأملني في صمت .. ثم جلس بجانبي .. تنهد ثم قال بصوت يرتجف .. صوت مليء بالألم .. بالتعب و الحيرة
  " إنه في غيبوبة منذ أن وجدته البارحة .. لقد أخذ جرعة زائدة من المخدرات .. "
ضميت ركبتاي نحو صدري و أسندت رأسي عليهما دون أن أقول شيء .. كان حجم الألم لا يعقل و لا يحتمل ..  شعرت و كأنني سأفقد قدرتي على التنفس من شدة الألم .. كنت أصارع نفسي .. أصارع أفكاري .. حملت نفسي و إبتعدت تاركة وسيم جالسا وحده .. قادتني رجلاي نحو درج المشفى صعدت الى السطح وجلست هناك في سكون .

______________________________________

دعني اساعدك ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن