مازال في قلبي بقايا .. أمنية
أن نلتقي يوماً ويجمعنا .. الربيع
أن تنتهي أحزاننا
أن تجمع الأقدار يوماً شملنا
فاروق جويدة, حبيبتي لا ترحلي
إستلقيت على سريري كروح دون جسد .. اظن انني تركت عقلي في ذلك المكان عند تلك اللحظة.. لا استطيع ان افكر في شيء آخر سوى منظره أمامي، لا اعلم ان كان حلما، وهما، ام مجرد صورة خلقها عقلي لسبب أجهله. و لكنه كان حقيقيا جدا.. كان يقف هناك يحدق في تماما، لا يمكن ان يكون خيالا، لا يمكن!
تململت في فراشي للحظات احاول ان استعيد عقلي و ارتب افكاري، حتى دخلت لين الى الغرفة" ما بالك تتصرفين بغرابة !! ما الذي حدث لك !! "
" لا شيء لا تقلقي! "
" لقد بدوت غريبة جدا لما كنا في الشركة! و لما وقفت في طريق الرئيس! هل جننت!! "
" ... الرئيس!؟ "
تلعثمت و انا اسألها كنت متوترة للغاية!
" أجل! إنه المدير التنفيذي للشركة .. ادرك انه يبدو شابا و لكنه شغل المنصب قبل سنتين بعد تقاعد والده! "
شعرت بدقات قلبي تتسارع.. إذا لم يكن وهم بل كان هو حقا ،
اكملت لين كلامها مازحة
" و لكن هل لاحظت كم هو وسيم!!! إنه مثالي جدا لدرجة لا توصف! "...............
ظللت شاردة طوال اليوم في غرفتي ، كانت مشاعري متداخلة ، لا اعلم ان كنت سعيدة ام حزينة لرؤيته! بدى بصحة جيدة، يبدو ان الكثير حدث خلال السنوات الماضية. لم أتوقع ان اراه اليوم! حتى هو اندهش لرؤيتي، اعلم انه لم يخطر بباله انه سيراني ، تلك الفتاة التي بعثرت حياته لأشهر . أظن ان الامور عادت الى نصابها أخيرا . لا أعلم ما هي مشاعري حقا ! في بعض الاحيان اشعر بالكره إتجاههما .. أشعر كأنه تم إستغلالي ثم التخلي عني هكذا دون سابق إنذار .. و لكن في مرات أخرى أشعر انني أنا من خربت نظام حياتهما . انا من قامت بقلب كل الأمور و فتح كل تلك المواجع.
.............
مر يومان على رؤيته حاولت أن أتناسى الموقف و ان لا افكر به .
اليوم عطلة .. لين ذهبت لزيارة عائلتها و رنا قررت أن تذهب في رحلة مع أمير .. لذا بقيت وحيدة .. شعرت بالملل فذهبت الى المقهى حتى امضي الوقت هناك .. كان الجو جميل جدا يبعث الحياة في الروح.. تذكرت أيام الجامعة و أنا أعمل هناك .. رائحة القهوة تملء المكان .. كنت حقا سعيدة للحظات .. في آخر اليوم بينما كنت مشغولة بتوزيع طلبات الزبائن .. سمعت صوتا مؤلوفا يطلب الخدمة .. إلتفت لأجده يجلس هناك .. شعرت و كأنني سحبت الى الماضي . و كأن الوقت يعيد نفسه .. جلس في مكانه المعتاد و هو يحدق في بإبتسامته الساذجة تلك .. توقف تفكيري تماما كما المرة السابقة .. و لكن هذه المرة شعرت بحزن شديد يطبق على صدري .. أحسست بكل آلام ذلك الزمن تراودني مرة أخرى .. و لكنني تمالكت نفسي و أنا أحدق به .. مشيت إتجاهه و رسمت إبتسامة مصطنعة على وجهي ثم سألته
" كيف يمكنني خدمتك سيدي ! "
تغيرت ملامح وجهه .. بدا مصدوما من ردة فعلي .. تلعثم و لم يعلم ما الذي يجب أن يقوله .. صراحة إستعددت كل يوم لهذه اللحظه .. طوال هته السنين التي مرت فكرت كيف يجب أن أتصرف إن صادفت أحدهما .. بعد تفكير طويل و بعد مئات السيناريوهات التي رسمتها في رأسي .. توصلت الى أنه يجب أن أصتأصلهما من حياتي .. أنا ممتنة لهما .. أنا أشعر بالغضب إتجاههما .. أنا أشتاق لهما .. أنا أكرهما و لا أريد رؤيتهما مجددا . هكذا كانت مشاعري و أفكاري .. فوضى عارمة لم أجد لها تفسير .. لذلك كان من الأفضل ان اتجنبهما .. أن أنساهما و أتخطى وجودهما في حياتي .
" اريد فنجان قهوة "أجابني هكذا و هو ينظر الي نظرة لم أستطع تفسيرها و كأنها يحاول حتى هو تفسير الموقف .. أو ما الذي يجب عليه فعله ... سرت مبتعدة عنه دخلت المطبخ ، أخذت نفسا عميقا و لكن وهنت ضعفت و غلبتني دموعي .. جلست على الكرسي و بكيت .. كان الموقف أكبر مني .. رؤية وسيم جعلتني هكذا .. لا أعلم ما الذي سيحدث لي لو إلتقيت كرم ! أردت في تلك اللحظة أن أخرج أن أحدثه .. أسأله عن أخيه و ما الذي لم به .. قاومت رغبتي الملحة في أن أعرف أخباره .. قاومتها بضراوة .. دخلت الخالة جيهان و رأتني على تلك الحالة .. تنهدت و هي تقول
" يبدو أن الماضي لن يتركك و شأنك "
فهمت من كلامها أنها رأته في الخارج .. أكملت كلامها
" كوني قوية و تخطي الوضع ! إمسحي دموعك و إذهبي خارجا و قدمي له القهوة و إبتسمي له كأي زبون آخر .. دعيه يؤمن أنك تخطيت وجوده في حياتك . "
إستقويت بكلمات الخالة جيهان ، حملت القهوة و خرجت .. وضعتها على الطاولة و سرت الى الزبون التالي .. ثم سمعت صوت لين كعادتها الصاخبة عند الباب ..
" صوفياااااا "
أسرعت نحوي و عانقتني من الخلف .. كم هي طفولية ..
" لقد عدت بسرعة "
" أجل لدي عمل أقوم به "
قلت و انا أضحك
" حسنا إبتعدي عني "
حين إبتعدت لاحظت وجود وسيم في الطاولة المجاورة .. إتسعت عيناها دهشة لرؤيته .. إنحنت مرحبة به
" مرحبا سيدي ! آسفة لم الحظ وجودك .. أنا إحدى المتدربين بشركتك "
كان موقفا غريبا لأكون صريحة
إبتسم هو .. وواصلت هي كلامها
" و لكن ما الذي جاء بك الى هنا "
حدق بي لبرهة ثم أدار وجهه لها و أجابها
" حسنا لقد كنت زبونا وفيا لهذا المقهى قبل سنوات .. و أردت أن أزوره مجددا "
" آه حقااا "
نظرت لي لين متسائلة ..
إرتحت لأنه لم يخبرها بشيء ..
" حسنا .. انا لا أتذكر .. آسفة "
أجبت هكذا ببرودة و واصلت عملي . كنت أمثل القوة و لكنني نجحت بذلك .
شعرت و كأن الأكسجين يتناقص من الغرفة طوال فترة وجوده .. و أطال هو الجلوس هناك .. حيث جلست معه لين و بدأت بالإستفسار عن بعض الأمور تخص الشركة .. كنت أختلس النظر لهما أحيانا .. كان لطيفا جدا معها كعادته . لا أعلم إن كنت قمت بالتصرف الصحيح بتجهاله و لكن هكذا أحسن حتى أوفر عناء تلك الأحاديث التي كنت سأخوذها معه .
أنت تقرأ
دعني اساعدك ...
Romanceإننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية.