الجزء 18

751 33 10
                                    

   
شعرت بسعادة لا توصف لما رأيته و لم أشعر به الا و هو يمسكني بقوة و يضمني اليه ..
" لقد خفت عليك كثيرا .. كيف لك ان تختفي دون ان تخبريني بشيء .. "
تسمرت من شدة الدهشة .. و لم أعلم ما الذي يجب علي قوله .. لذا بقيت في مكاني بين ذراعيه .. و لم أشعر الا بدموعي تنساب .. كنت أشعر بالضعف بالتعب .. لما كان يجب ان اخوض كل هذا .. إبتعدت قليلا عنه و انا أمسح دموعي ..
" هيا لنذهب قبل أن تستيقظ امي "
مشيت خطوات نحو السيارة و لكني شعرت بألم قاتل في رجلي .. يبدو اني لويتها بشدة .. لم أستطع في تلك اللحظة حبس صوت بكائي .. اسرع وسيم و ساعدني على ركوب السيارة .. اراد ان نذهب الى المستشفى و لكني رفضت ذلك .. كل ما أردت ان ابتعد عن هذا المكان .. تحملت الالم و لكنني لم استطع التوقف عن البكاء .. ظن وسيم انني ابكي من شدة الألم .. و لكني كنت ابكي لانني لا أعلم ما الذي يجب علي فعله .. لا أعلم إن كنت أقوم بالأمر الصحيح .. لم ارد يوما ان اجرح امي او ان اخيب ظنها بي و لكنها دفعتني الى ذلك .. لا اعلم لما  احاول جاهدة مساعدة كرم و لما أتحمل تصرفاته معي .. لا أعلم لما أشعر بالأمان كلما جلست بجانب وسيم و أشعر كأنه سيحميني من كل شيء .. لا أعلم ما الذي علقت نفسي به .. شعرت بالإحباط و كأنني ضائعة و آلاف الأسئلة تدور في ذهني ..
  قاد وسيم لساعتين ثم توقف عند مستوصف في قرية صغيرة على حافة الطريق .. 
" لما توقفت ؟"
" يجب أن نفحص رجلك .. "
" لا .. يمكننا فحصها لما نصل الى المدينة  "
إبتسم و قال مازحا
" و لكنك لا تكفين عن البكاء .. "
إبتسمت و طأطأت راسي في خجل .. كنت حقا أبدو كفتاة في الخامسة من عمرها تبكي بصوت بدون توقف .
   نزلنا من السيارة و دخلنا المستوصف .. فحص الممرض هناك رجلي .. قال انه إلتواء فقط أعطاني مسكنات الألم و لف رجلي بالضمادة و خرجنا .. كنت أتأمل وسيم و هو يجلس هناك .. كان يبدو متعبا جدا .. يا لي من أنانية ..  إنه  يقود السيارة من الصباح دون توقف و انا طلبت منه ان لا نتوقف لأنني كنت أفكر فقط في الإبتعاد عن ذلك المكان ..
   " وسيم .. "   
   "ماذا .. ؟؟"
  " تبدو متعبا جدا .. يمكننا أخذ قسط من الراحة و إكمال الطريق صباح الغد "
  " حقا ؟ لا مانع لديك ؟؟"
  " طبعا !  "
" و لكن أين سنمضي الليلة في هذه القرية "
" لا أعلم يمكنك ان تسأل الممرض عن نزل قريب او يمكننا البقاء في السيارة .. "
" حسنا سوف أسأله "
  دلنا الممرض على نزل قريب .. كان صغيرا و لكن مرتب بطريقة جميلة .. حجزنا غرفتان و ذهب كل منا للنوم .. كنت متعبة جدا لذا حالما إستلقيت على السرير غطيت في نوم عميق ..
  سمعت طرقا على باب الغرفة .. نهظت مفزوعة كانت الساعة الثانية صباحا ..
  " من هناك ؟؟"
" انه انا وسيم .. "
فتحت الباب بسرعة لأعرف ما الذي جاء به في مثل هذا الوقت
" ماذا هل انت بخير ؟؟ "
" أجل و لكنني لم أستطع النوم .. آسف يبدو انني أزعجتك "
إبتسمت في إرتياح
" لقد أخفتني .. "
" آسف .. و لكنني لم أعتد النوم في غير غرفتي .. أيمكنك البقاء معي بعض الشيء "
" حسنا .. "
أغلقت باب الغرفة و جلست معه على الشرفة نتأمل النجوم التي ملأت السماء .. كان المنظر ساحرا .. مع نسمات الليل اللطيفة .. إستليقت على ظهري حتى أتأمل النجوم جيدا  بينما بقي وسيم جالسا بجانبي .. في تلك اللحظة شعرت انني نسيت كل شيء .. كل الألم و كل ما مررت به .. شعرت بسعادة خفية لوهلة .. أنا حقا أشعر بالأمان و بالراحة بجانبه .. إنه عكس كرم كليا .. فوجود كرم يشعرني بإضطراب لا أستطيع تفسيره .. و مع ذلك أحب التواجد معه .. أحب التواجد مع كليهما في الحقيقة ..
  " انا حقا آسف .. "
فاجأتني كلماته بعض الشيء .. لا أعلم لما يتأسف
" لماذا ؟؟"
" أعلم اننا تسببنا لك بالكثير من المشاكل .. اعتذر بالنيابة عن كرم ايضا "
 
" أتعلم انني لم أحس أبدا بطعم الحياة أبدا .. لطالما شعرت ان حياتي فارغة و كأنني أعيش فقط لأعيش .. و لكن تعرفي على كرم غير حياتي .. أشعرني وجوده بأن هناك من هو أسوء مني حالا .. فهمت أنني كما أعاني من إنعدام مشاعري .. هناك شخص آخر يعاني لأنه لا يستطيع التحكم في مشاعره المتداخلة .. فهمت ان كل منا يعاني بطريقته .. فهمت انه يمكن ان يتصادق شخصان مختلفان تماما .. تعلمت انه ليس أمرا سيئا ان أطلق العنان لمشاعري .. ان ابكي و أشعر بالألم .. ثم إلتقيت انت .. كنت العكس النقيض الذي علمني كيف أستمتع بالحياة .. كيف ابتسم و اقضي وقتا ممتعا .. علمتني كيف أتصرف بطبيعتي .. تعلمت منك كيف يمكننا ان نحب بلا حدود و كيف نساعد من نحب بكل الطرق .. علمتني ان الحب لا يقتصر على حبيبين و لكن يشمل كل شخص مهم في حياتنا .. لذا أظن انني سأظل شاكرة لكما طوال حياتي .. و أظن انكما أفضل شيء حدث لي في حياتي "
   ظل وسيم يحدق في طوال فترة كلامي  .. ثم إبتسم ثم إستلقى على ظهره لجانبي و قال
  " أنا حقا سعيد .. سعيد لأنني إلتقيتك "
  .............

   بقينا هكذا طويلا نحدق في السماء في صمت حتى ساعات الفجر الأولى .. ثم دخل كل منا لغرفته حتى ننال قسطا من الراحة .. و في الصباح الباكر أكملنا رحلتنا .

______________________________________
❤❤

دعني اساعدك ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن