الجزء 27

588 30 11
                                    

          

           وصلنا الى المنزل كانت الساعة تقارب الواحدة ليلا .. غيرنا ملابسنا و صنعت لين بعض الفشار .. جلسنا هكذا نتحدث طوال الليل ..  جلست رنا على حافة النافذة تتأمل النجوم ..
     " الجو جميل حقا اليوم ! يمكنك رؤية النجوم بوضوح  "
      إقتربت لين من النافذة و هي تقول
    " حقا ! إن السماء جميلة جدا .. يبدو كيوم  صيفي "
          
   رنا   " أريد أن أقوم بشيء يعلق في ذاكرتي للأبد .. أريد أن أحضى بقليل من المتعة "
    أجبتها و أنا اسند رأسي على الأريكة
       " لا أظن انه من الجيد أن تعلق الأمور في ذاكرتك ! سوف تتعبك لا أكثر "
   " لنخرج و نشتري بعض الألعاب النارية و نقم بإشعالها !!! "
   "لين ! هل فقدت عقلك !! "
  " لما لا !!!  هياااا .. "
    نهضت رنا من مكانها و إرتدت معطفها ..
    " هيا بنا !  لنقم بذلك "
       قفزت لين "  حقاا !!! "
    " أجل أريد أن أطلق العنان لنفسي اليوم "
     " يبدو أنكما فقدتما عقلكما .. إنها الرابعة صباحا !! "
   " هيااا .. لنفقد عقولنا فعلا لليلة واحدة "
     " لن نجد اي محل نشتري منه الآن على أية حال ! "
      أجابت رنا
    
     "  فقط لنخرج .. أريد أن أستمتع قليلا .. لنقد السيارة بدون وجهة .. فقد هكذا .. أريد حقا إستنشاق بعض الهواء "

     ترددت للحظة و لكن إلحاههما جعلني أوافق .. لبسنا معاطفنا و خرجنا .. فتحنا كل نوافذ السيارة و قادت رنا الى اللامكان كما وصفت رحلتنا .. جلست في الخلف أستمتع بالريح تتلاعب بشعري ..  كان الهدوء مريحا .. الشوارع خالية تماما .. لم نتحدث أبدا إلتزمنا الصمت .. كل منا غارقة في أفكارها .. سرنا لا أدري لكم من الوقت .. ثم فجأة توقفت ..
     توقفت و نزلت من السيارة و جلست في كرسي مقابل للبحر ..  أردت الخروج لأتبعها و لكن لين أوقفتني ..
    " دعيها لوحدها .. لقد كانت تذرف الدموع في صمت طوال فترة قيادتها .. يبدو أن الأمر لم يسر على ما يرام  مع أمها هذه المرة  أيضا "
        أشعر بالأسى في كل مرة أراها على تلك الحالة .. لا تستحق كل الاذى الذي تتعرض له .. لم تقترف أي شيء لتستحق كل هذا الأذى .. لم أتحمل رؤيتها هكذا .. نزلت من السيارة و جلست بجانبها .. كانت تجلس هناك في صمت .. فقط تحدق في البحر  في هدوء
     " لا يجب أن تبقي هكذا "
  إبتسمت حتى تحاول أن تشعرني انها بخير
   " إذا ماذا يجب أن افعل ! "
   " أصرخي .. إبكي .. أفرغي كل ما تحتبسينه في قلبك .. ستشعرين ببعض التحسن .. "
        أخذت نفسا عميقا ثم وقفت من مكانها و أطلقت صرخة قوية شقت ذلك الهدوء .. ثم وضعت يدها على فمها محاولة كتم صوت بكائها .. و لكنها إستسلمت في النهاية و بكت .. بكت كثيرا صخرت و حاولت أن تخرج كل مكبوتاتها .. بكيت أيضا .. كانت في ألم لا يوصف .. كل ليلة أسمعها تتحدث في الهاتف و عبراتها تخنق صوتها .. أسمعها تحاول إقناع أمها .. تحاول إقناعها أنها لا تستطيع العيش بدونه .. تخبرها كم هي تحبه و لكن أمها لم تلن و لو قليلا .. لم يحرك قلبها و لو قليلا ألم إبنتها .. ترفض الأمر رفضا مطلقا فقط لأنه ليس من طبقة مناسبة لعائلتها .. أتذكر في مرة جاءت أمها لزيارتنا .. كانت إمرأة متغطرسة .. ما إن دخلت حتى بدأت في إنتقاد الشقة لأنها شقة متواضعة لا تليق بمقامها ! .. ثم لما بدأت رنا بالحديث عن أمير حبيبها .. تعالى صوت أمها و بدأت بالصراخ .. أخبرتها أنها لن توافق على علاقتهما أبدا .. و لما إشتد النقاش بينهما قامت بصفعها حتى أسقطتها أرضا .. كنت مندهشة كيف لأم أن تكون بهذه القسوة على إبنتها الوحيدة .. ولكنها فقط كانت إمرأة من هذا النوع .
        رنا و أمير يتواعدان منذ أيام الثانوية .. يحبان بعضهما بجنون .. تخرج أمير من كلية اللغات الأجنبية و يعمل الآن كمدرس في المدرسة الثانوية .. هو شاب لطيف جدا .. و حبه لرنا لا يوصف .. و لكن كان يتألم في كل مرة يرى كمية الألم التي تسبب بها لها .. بسببه غادرت رنا منزل عائلتها .. لم تتحمل عتاب أمها و ابيها كل يوم .. منذ ذلك اليوم قطع والدها علاقته بها كليا .. و لكن واصلت أمها مقابلتها .. و لكن في كل مقابلة كانت تحطمها معنويا لا أكثر .. كانت حياتها في السنوات الماضية جحيم لا يوصف .. عالقة بين حب لا تستطيع التخلي عنه .. و عائلة قاسية لا يفهمون معنى الحب .
        
       نزلت لين من السيارة و لحقتنا .. جلسنا هكذا على الكرسي ثلاثتنا في صمت .. ثم قالت لين في كلل
    " أهذا ما خرجنا لنقوم به !! .. ألم نخرج لنحضى ببعض المتعة .. "
       ضحكت رنا " ما الذي يجب أن نفعله "
    أجابت لين
   " اممم .. لنلعب لعبة .. لنقف بجانب البحر و نصرخ بالجملة التي نريدها قولها لشخص ما و لكن لا يكمننا قولها له "
      وقفت رنا  " حسنا سأبدأ أنا "
     صرخت بأعلى صوتها " أبيييي .. أنا أشتااااق اليك .. أنا حقاااا آسفة "
        آلمتني كلماتها .. مسكينة حقا ..
        إلتفت الي و قالت " حسنا صوفيا دورك الآن "
     وقفت و تأملت البحر قليلا .. كانت أمواجه تخترق سمعي .. أغمضت عيناي و صرخت بكل ما أوتيت بقوة
     " أين أنت !!!!!! "
أعدت نفس الجملة  عدة مراات .. كنت أتمنى أن أسمع الإجابة .. سنوات مضت و مازلت أبحث عن إجابة لسؤالي .. و لكن يبدو أنني لن أحضى بها أبدا !
     جلست هلى الرمل و أنا منهكة .. كنت فقط متعبة.
     قامت لين و صرخت هي أيضا
    " أين انت يااا فارس أحلامي ..  أنا أنتظرك منذ سنوات .. ألن تظهر الآن !!!! "
    إنفجرنا ضحكا لما قالته .. هي دائما هكذا .. تعمل على تلطيف الجو و إيناسنا
      جلسنا على الرمل نتحدث و نضحك حتى شروق الشمس .. كانت لحظات جميلة حقا .. و إستمتعنا كثيرا .
___________________________________

   
       

    
   

دعني اساعدك ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن