دخلت في حالة لا أعلم كيف أفسرها .. مضى أسبوع منذ أن عدت مع أمي الى مدينتي .. لم أخرج من غرفتي أبدا ولم أتحدث مع أمي أبدا .. كنت في حالة صدمة .. لم أستوعب الحالة التي كنت فيها .. صدمني كلام أمي .. لم أستطع تقبل إتهاماتها .. كنت أظن دائما انها تثق في ثقة عمياء .. كان كلامها قاسيا جدا .. خلال تلك الأيام لم أتحدث مع أحد .. لم أبك و لم أقم بأية رد فعل .. شعرت كأن عقلي تجمد عند كلمات أمي و لم يعمل بعدها .
............
إستيقظت من النوم مفزوعة .. رأيت كابوسا مفزعا .. إستيقظت و دموعي تملؤ وجنتاي .. رأيت كرم يقف على حافة جسر و ينظر الى الأسفل .. كنت أحاول جاهدة أن أصل اليه و لكن لم أستطع .. كنت أصرخ و لكن بدون أن يسمع صوتي .. و كأن شيئا ما يسحبني الى الخلف و يمنعني من الذهاب اليه .. و فجأة شاهدته و هو ينحني نحو الأمام و يهوي الى الأسفل .. إستيقظت عند تلك اللحظة .. كانت أنفاسي منقطعة و دموعي تنهمر بغزارة .. شعرت و كأن هذا الحلم كانت الصفعة الني أيقظتني من الحالة التي كنت أعيشها .. تدثرت بلحافي و بكيت طول الليل حتى طلوع الفجر .. لم أفكر في شيء سوى كيفية الهروب من هنا .. لم ارد شيء سوى العودة لكرم ............
كانت الساعة الثامنة صباحا .. سمعت أمي تخرج من غرفتها .. أخذت نفسا عميقا ثم خرجت من غرفتي و تبعتها الى المطبخ .. كانت متفاجأة جدا لرؤيتي ..
" صباح الخير .. "
جلست على الطاولة دون أن أجيب ..
" أتريدين الإفطار ؟؟"
لم أجب ايضا .. كنت أحاول ان أكبح نفسي من الإنفجار في وجهها ..
" سأذهب اليوم للتسوق ..تعالي معي ... "
" لا أريد "
وضعت الفطور على الطاولة دون ان تقول شيء و خرجت من المطبخ .. جلست هناك لا أعلم كم الوقت ثم رأيتها تخرج هي و زوجها .. راقبتهما من نافذة المطبخ حتى إبتعدا بالسيارة عن المنزل .. شعرت بأنها فرصتي .. كنت أعلم أنها ستغلق الباب لذا كان لا بد من طريقة أخرى .. كما أنني لا أملك المال حتى اسافر .. ذهبت الى غرفتها و فتشتها جيدا حتى وجدت هاتفي و بطاقة تعريفي .. كان في هاتفي أربعة أرقام فقط .. رقم أمي ، رقم الخالة جيهان ، رقم كرم و رقم وسيم .. لا يمكنني الإتصال بالخالة جيهان فهي التي أوصلتني الى هذه الحالة .. و لا يمكنني الإتصال بكرم .. لذا لم يبقى سوى وسيم هو الوحيد القادر على مساعدتي .. ضغطت على زر الإتصال و إنتظرت رده .. بعد ثواني جائني صوته من الطرف الثاني
" صوفياا ؟ أهذا أنت ؟"
" مرحبا وسيم "
" ياا إلهي ! هل أنت بخير .. اين انت ؟؟ اين إختفيت فجأة ؟؟"
" انا أحتاج مساعدتك .. لقد أعادتني أمي الى مدينتي .. سوف أشرح لك لاحقا .. و لكن أريد أن أهرب من هنا بأسرع وقت "
" ماذا ؟؟ ما الذي تعنينه "
" لقد أخذت هاتفي و أخذت كل اوراقي الثبوتية و لا أملك المال .. أرجوك أحتاج حقا أن تساعدني "
" حسنا .. حسنا .. دعيني أفكر في طريقة ما .. ساتصل بك لاحقا "
" لا .. لا يمكنك الإتصال بي .. يجب أن أعيد هاتفي الى مكانه حتى لا تشك بي .. سأحاول أن أتصل بك في المساء "
" حسنا .. "
أغلقت الخط و انا أرجف من الخوف .. سجلت رقم وسيم في ورقة و أعدت الهاتف الى مكانه و لكنني إحتفظت ببطاقة التعريف و دعوت أن لا تكتشف أنني أخذتها .. عدت الى غرفتي و انا أحاول إيجاد طريقة أستطيع بها الخروج من المنزل دون أن تتفطن للامر .................
مر اليوم بسلام و يبدو أن امي لم تكتشف أمر بطاقة التعريف .. في المساء راقبت أمي حتى دخلت الى غرفتها لتنام و خرجت انا من غرفتي .. تظاهرت بالذهاب الى الحمام و أخذت هاتف البيت معي .. إتصلت بوسيم
" مساء الخير "
" أهلا صوفيا .. كنت أنتظر إتصالك منذ ساعات "
" آسفة .. أخبرني هل تستطيع إخراجي من هنا ؟؟"
" حسنا .. انا هنا في مدينتك الآن .. وصلت قبل نصف ساعة "
لم أصدق ما قاله لوهلة .. هل حقا هو هنا ؟ هل جاء كل هذه المسافة لأجلي ..
" حقا ؟؟"
" أجل .. لقد أتيت بعدما أغلقت الهاتف مباشرة .. أخبريني الآن .. أين يقع بيتك و سآتي لأخذك .. جدي طريقة للخروج من هناك .. كم يبعد بيتك على المطار ؟؟"
" ليس كثيرا .. ربما نصف ساعة "
" حسنا جدي طريقة للخروج من البيت بعد نصف ساعة .. سأنتظرك هناك .. آه و قبل ان ننسى بما انك لا تملكين أوراقك الثبوتية لا يمكننا السفر بالطائرة لذا جئت بسيارتي لهنا .. آمل أنك لاتمانعين السفر بالسيارة "
تلعثمت قبل ان أجيب لأنني صدمت أكثر .. لقد قاد سيارته كل الطريق الى هنا .. المدينتين بعيدتين عن بعضهما و الرحلة بالسيارة تستغرق تقريبا 11 ساعة ..
" ... أجل لا مانع لدي .. "
و صفت له طريق البيت و أغلقت الهاتف و انا لا أكاد أصدق انه حقا هنا ..
خرجت من الحمام و عدت الى غرفتي .. كنت في حالة رعب لا أعلم كيف سأخرج من البيت فالباب مغلق .. وضعت وسادات في سريري و غطيتها حتى تبدو و كأنني نائمة .. إرتديت ملابسي و نزلت بهدوء حتى لا أوقظهما .. لم أجد سوى نافذة المطبخ حتى أخرج منها .. كانت مرتفعة بعض الشيء و لكن لا يهم .. حاولت القفز و لكنني لويت كاحلي عند الهبوط .. شعرت بألم قاتل و لكنني تحملته فكل هذا لا يهم في هذه اللحظة .. بعد دقائق رأيت سيارة تقترب من المنزل .. لم أميزها لشدة الظلام الى ان توقفت و نزل منها وسيم .. شعرت بسعادة لا توصف لما رأيته و لم أشعر به الا و هو يمسكني بقوة و يضمني اليه ..
" لقد خفت عليك كثيرا .. كيف لك ان تختفي دون ان تخبريني بشيء .. "
تسمرت من شدة الدهشة .. و لم أعلم ما الذي يجب علي قوله .. لذا بقيت في مكاني بين ذراعيه .______________________________________
❤❤❤
أنت تقرأ
دعني اساعدك ...
Romanceإننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية.