الجزء 26

589 30 2
                                    

     * بعد مرور 4 سنوات * 
   
     " لقد حجزت في مطعم فاخر .. يجب أن نحتفل بحصولنا على عمل في نفس المكان "
   " حسنا سأعود الى المنزل على الساعة 5 مساءا .. سنجهز أنفسنا و نذهب "
   " حسنا .. لا تتأخري "
    اغلقت الهاتف و أكملت حديثي مع أمي ..
    " كنت حقا أتمنى أن تنظم لنا رنا .. "
   " أنا أيضا .. و لكنها ذهبت لتلتقي بأمها .. عليها أن تحل خلافتها معها "
   " أجل أعلم .. "
   " و لكن أمي الا يمكنك البقاء هنا حتى المساء ! سيكون من الجميل أن تحتفلي معنا "
   " أتمنى ذلك حقا و لكنني حجزت في رحلة الثانية ظهرا  بالفعل كما أنه لدي عمل غدا "
      " حسنا .. اذن كيف سنقضي الوقت قبل سفرك !!! "
   إبتسمت أمي و أمسكتني من يدي
  " لنذهب للتسوق اريد أن أشتري لك هدية بمناسبة تحصلك على عمل "  
    أمسكت يد أمي في سعادة و مشينا معا ..
    أمضيت معها وقتا رائعا .. إشترت لي فستانا حتى أرتديه في المساء .. أوصلتها الى المطار .. ودعتها ثم ذهبت لمقهى الحالة جيهان .. لم أعد أعمل هناك بعد الآن كما أنني إنتقلت للسكن في شقة إستأجرتها مع رنا .. رنا التي أصبحت صديقتي الأقرب الى قلبي و التي أمضي معها معظم وقتي .. رغم ذلك الا أنني أذهب الى المقهى كل يوم .. أساعد الخالة و أقوم بمختلف الأعمال .. لم أستطع الإبتعاد عن المكان الذي احتواني في أحلك أيامي ..
     إشتريت مجموعة أكواب جديدة حتى أقدمها للخالة لأنني سأبدأ العمل في وظيفة بدوام كامل في إحدى المخابر .. هذه أول وظيفة حقيقة لي بعد تخرجي لذا كنت متحمسة للأمر جدا .. خاصة أنني سأعمل مع رنا في نفس المكان .
       دفعت باب المقهى و أنا ألقي التحية
   " مرحبااا "
   " آه لقد عدت مجددا .. أخبرتك أن لا تأتي مرة أخرى !!!"
   ضحكت لتعابير وجه لين ..
   " حقا .. ستجعلين الخالة جيهان تطردني من العمل اذا واصلت المجيء و القيام بكل العمل "
   إبتسمت الخالة و هي تقول
   " لقد تحصلت على وظيفة جديدة .. لن تري وجهها كثيرا بعد الآن "

    قفزت لين
  " حقاااا !! "
  " أجل .. ستشتاقين لوجودي منذ اليوم "
    " يجب أن نحتفل بذلك !!! "
   " لهذا جأت اليوم .. حتى أدعوكما للعشاء و الإحتفال معنا انا و رنا "
   " أوه .. يبدو ذلك رائعا "
     جلست على الطاولة مع الخالة .. بينما ذهبت لين للإهتمام بالزبائن
      " لقد غير وجودها جو المقهى .. "
  قلت محدثة الخالة جيهان مشيرة الى لين
   " نعم .. حيويتها تطغى على المكان .. لقد أعادت الحياة الى هذا المكان الرث  "
      إبتسمت و حركت  رأسي موافقة لكلامها
   " إنها عكسك تماما .. لطالما كنت هادئة في وجودك .. كنت تظفين الى المقهى لمسة من الأصالة برزانتك "
    ضحكت و أنا أقول
   " هل تقولين هذا فقط لكي لا أشعر بالسوء !! .. أعلم أنني مملة و لست من طراز شباب هته الأيام "
    " هذا ما قصدته بالضبط .. كنت مناسبة لعجوز مثلي .. "
   " اوه هذا حقا يجعلني أشعر بالسوء !!!"
    ضحكت و أكملت كلامها ..
  " أنا حقا أشتاق لوجودك معي دائما .. ستكونين دائما أول إبنة حضيت بها .. لم أكن أعلم أنه يمكنني أن أصبح أما في هذه العمر و لكنك حقا أشعرتني و كأنك إبنتي من لحمي و دمي .. شكرا لك كثيرا !! "
    إغرورقت عيناي بالدموع لكلامها .. حقا كانت الخالة جيهان مثل أم لي خلال هته السنوات التي قضيتها هنا .. لم أشعر بالغربة و لا يوم بوجودها معي .. إحتضنتها .. كنت حقا سعيدة .
   أكملت كلامها و هي تبتسم
   " الآن أصبح لي ثلاث بنات .. ثلاث بنات يجب أن أحميهم و أحبهم .. أنتن حقا هدية من عند الله .. حفظكم ربي " .
    كانت لين تخطط الإنتقال للعيش معنا انا و رنا و لكن فضلت البقاء مع الخالة جيهان حتى تؤنس وحدتها .. لين مازالت في الجامعة .. هي أقل منا بسنتين .. تدرس إدارة أعمال و ستتخرج هذه السنة .. تعرفنا عليها لما جاءت تبحث عن عمل في المقهى .. لم تحصل على عمل وقتها لأنني كنت أشتغل فيه و لكنها تحصلت على أصدقاء .. صداقتنا معها دامت لسنتين حتى الآن .. أحيانا أتساءل كيف أصبحنا فجأة بهذا القرب رغم أنها تختلف عني كثيرا .. نختلف في كل شيء .. هي فتاةحيوية محبة للحياة .. و انا تلك الهادئة الباردة إتجاه كل شيء .. و لكن هكذا فقط أصبحنا اصدقاء .. عرفتها على رنا و بذلك أصبحنا ثلاث صديقات لا نفترق أبدا ! إنها أول صداقة حقيقية لي و هذا يشعرني بالسعادة حقا !
 

   .............

       عدت الى المنزل على الساعة 5 كما أخبرت رنا .. كانت بإنتظاري هناك مع عدتها المتعددة من مختلف أنواع و ألوان المكياج .. كانت مهووسة بهذه الأمور ..
      " أسرعي .. خذي حماما ثم تعالي حتى أهتم بتحويلك من متسولة الى أميرة "

        رميت الوسادة عليها و إتجهت الى غرفتي .. نزعت ملابسي  و أخذت حماما سريعا .. وقفت أمام المرآة أمشط شعري .. ثم فجأة وضعت المشط جانبا ووقفت هناك فقط أتأمل تلك الندبة التي إعتلت كتفي .. رفعت يدي ببطء و تحسستها .. في كل مرة أرى هذه الندبة تزاحم عقلي آلاف الذكريات .. ذكريات لم تكن لي القدرة أبدا على مسحها .. خاصة و أنها تركت هكذا ندبا يذكرني كل مرة أحاول نسيانها ..  و انا أقف هناك أتأمل نفسي .. تذكرت تلك الليلة .. كنت أقف أمام مرآتي هكذا أيضا ! هكذا بشعري المبلل و جسدي العاري غير أنه في تلك الليلة كان مليئا بالكدمات و اليوم لم يبقى سوى هذا الندب يشهد على تلك الليلة ..  شعرت بقلبي يعتصر و نزلت دمعتي لا إراديا .. مسحتها بسرعة و إبتعدت محاولة تناسي الأمر .
    
      إرتديت فستاني صففت شعري ووضعت بعض المكياج .. ثم ذهبت مع رنا للإحتفال .. مررنا بالخالة جيهان و لين و إتجهنا الى المطعم .. حضينا بعشاء رائع و إستمتعنا كثيرا ..  لما قاربت الساعة منتصف الليل أوصلنا الخالة الى منزلها و إتجهنا الى البيت .. ذهبت لين معنا حتى نقضي الليل معا و نكمل إحتفالنا .
    
  ____________________________________

دعني اساعدك ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن