حين تحادثني بصمتها، تتفجر في أرجائي ينابيع عشق وفكر لم يخال لقلبي يوماً أن يحتويها.
أحمد جمال الهادي
حضرت لإحتفالنا الصغير مع الخالة جيهان .. و إجتمعنا كلنا في المقهي .. أمضينا لحظات جميلة من السمر و اللهو .. تحدثنا طويلا و رقصنا و غنينا كثيرا .. كانت لحظات جميلة ستظل مرسومة في ذاكرتي .. و لما دقت الساعة الحادية عشر ليل .. قرر أمير و رنا المغادرة لأنها ستمضي الليلة عند أهلها لأول مرة منذ سنوات .. قرر أن يوصلها و يذهب بعد ذلك الى بيته .. و ذهبت الخالة جيهان للنوم .. بقيت انا و لين و وسيم .. كان يريدان المساعدة في تنظيف الفوضى .. و لكنني رفضت ذلك
" سأبقى لأنظف .. إذهبا انتما و إستمتعا ببعض الوقت معا ! "
أجاب وسيم
" لا .. هذا مستحيل سوف نبقى لنساعدك "
جلست لين على الكرسي و هي تنظر الي ثم قالت في تساءل
" لا أعلم لما تصرين على البقاء للتنظيف وحدك في كل مرة نحتفل بها في المقهى .. ليس و كأنك تستمعين بالتنظيف .. انت تكرهين ذلك ! "
إبتسمت لأنها تفطنت للأمر
" الأمر يعيد لي ذكريات سعيدة أرغب بشدة تذكرها"
أكملت مازحة
" ربما أقوم بذلك علي أدخل في حلقة زمنية و أعود الى الماضي لتلك الأيام .. لا أعلم "إبتسمت لين ثم أمسكت يد وسيم و قالت
" حسنا الآن فهمت .. لنذهب الآن و ندعها تستمتع بذكرياتها لوحدها "
ودعتهما و دخلت الى المقهى .. أتعمد في كل مرة أبقى فيها هنا في آخر الليل لوحدي أن أبقي الباب مفتوحا يمكن ان تحصل معجزة و لكن ..جلست هناك لفترة فقط أفكر .. ثم دخلت الى المطبخ لأغسل الأواني .. كنت أشعر بشيء غريب في صدري .. لم أستطع تفسيره .. عدت الى الخارج و ادرت بعض الموسيقى .. ثم أكملت شغلي .. بعد لحظات شعرت بباب المقهى يفتح .. تسارعت نبضات قلبي .. شعرت بالدوار و كأنني حقا دخلت في دوامة زمنية .. حاولت تمالك نفسي .. ظننت انني أتخيل فقط .. أخذت نفسا عميقا ثم خرجت مجددا الى المقهى .. قابلني شاب طويل .. لم يكن يرتدي الأسود أو قبعة تغطي وجهه و لم يكن شاحب .. كان يبدو في صحة جيدة و يرتدي ملابس جيدة .. و لكن نفس الملامح .. انني حتما أتخيل .. لا يمكن ان يكون ما أراه حقيقة .. تراجعت الى الخلف .. أردت ان أقرص نفسي حتى أستفيق من حلمي .. تقدم نحوي ثم قال بصوته نفسه الذي اتذكره ..
" اعلم ان الوقت تأخر و لكن لم أتناول اية شيئا من الصباح .. اريد بعض القهوة و الحلوى رجاءا "
أدرت ظهري و عدت الى المطبخ دون أن أقول شيء .. وقفت هناك .. عقلي خال من الأفكار .. فقط حيرة .. قرصت نفسي عدة مرات حتى أستفيق .. شعرت بحرارة خانقة .. نزعت السترة التي كنت أرتديها و بقيت في قميصي التحتي .. شربت دفعات من الماء و لكن لم يتغير شيئا .. حملت صينية القهوة و الحلوى و خرجت و أنا مؤمنة أنني لن أجد أحدا خارجا و انه لم يكن سوى شبحا خلقه عقلي لتفكيري الزائد به .. و لكن .. و لكنه كان هناك يجلس على طاولته المعتادة .. إقتربت ببطء ووضعت الصينية .. رفع رأسه نحوي و إبتسم .. أشعر و كأنني ارى إبتسامته لأول مرة .. كرم لم يعتد الإبتسام كثيرا .. رجتني إبتسامته تلك .. نفس الملامح ، شخص جديد .. أشعر و كأنني سأجن ..
" إجلسي معي رجاءا "
أخذت نفسا عميقا ثم سحبت الكرسي المقابل له و جلست
أنت تقرأ
دعني اساعدك ...
Romanceإننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية.