الجزء 25

588 34 4
                                    


في الحب ينتهي كل شيء عند اول خطأ..بينما الصداقة لا قيمة لها الا باخطائها.

عبدالله العتيبي

     كانت الحرارة خانقة في الغرفة .. أبعدت اللحاف و رفعت جسدي عن السرير كنت أشعر ببعض التحسن .. كنت سعيدة لأنني رأيت كرم في حلمي .. أردت أن أغادر فراشي بعض الشيء و أنزل الى المقهى قليلا .. و أنا أهم بالقيام وقعت ورقة من على السرير .. إنحنيت بصعوبة و حاولت إلتقاطها ..
فتحتها ..
" لنتوقف الآن ! لا تبحثي عني و عيشي حياتك بعيدا عني .. أتمنى لك السعادة ... كرم "
شعرت بصداع شديد ألقيت بالورقة و أمسكت رأسي من شدة الألم .. و ظللت أكرر جملة واحدة
" لم يكن حلم .. لم يكن حلم .. لم يكن حلم "
وقعت على اﻷرض من شدة الصدمة ..

فتحت عيناي على صوت الخالة جيهان تحاول إيقاظي .. كنت أبكي بهستيرية و أصرخ .. لقد تركني يا خالة جيهان لقد تركني ..

.................

دخلت في حالة لا أستطيع وصفها و لكن لأيام لم أتحدث لأحد .. فقط جلست في غرفتي .. راجعت نفسي ألف مرة .. أظن أنني كنت سعيدة لما كنت كحجر لا يتحرك .. على الأقل لم أمر بكل هذا الألم .. في لحظة سمحت لكل تلك المشاعر التي حبستها لسنين ان تجتاحني فجأة .. أن تغمرني حتى أغرق .. حتى أفقد القدرة حتى على التنفس و أنا في حضرتها .. مشاعر أطبقت صدري و شتت تفكيري .. مشاعر أضعفتني حتى وصلت الحضيض .. بكيت لأيام و ايام .. شعرت و كأن قطعة من روحي فارقتني .. لم فعلت بي هذا يا كرم ! لم دفعتني الى الهاوية بيديك ! لما أفسدتني و رحلت .. لم أكن أطلب الكثير .. تقبلتك كما أنت و أحببت عيوبك قبل محاسنك .. و لكن يبدو أنني لم أكن ما اردته .. لم أكن كافية لتغييرك او لمساعدتك .
مرت الأيام متشابهة .. كنت في كل مرة أنتظر في المقهى حتى ساعات متأخرة من الليل فربما تقودك قدماك لي يوما ما كما اعتدت ان تفعل في كل مرة .. و لكن كنت أذهب كل ليلة الى فراشي بخيبة أحملها في قلبي .
و حتى وسيم لم يزرني أبدا ! يبدو أن مهمتي أنتهت في حياتهما ! .

.................

مرت 3 اسابيع على ذلك اليوم .. كنت أحاول جاهدة تخطي الأمر .. نزلت صباحا لأنظف المقهى و افتحه .. فاليوم سأعود الى الدراسة .. كنت متحمسة بعض الشيء للأمر .. ربما سأنسى قليلا مع إمتلاء جدولي اليومي .. إرتديت ملابسي و أسرعت الى محطة الحافلات .. كانت الجامعة كعادتها تعج بالطلبة .. تأملت الجميع في مجموعات مع أصدقائهم .. لوهلة شعرت بالوحدة .. كنت حقا وحيدة .. أخذت نفسا عميقا و وضعت سماعاتي على أذناي محاولة تجاهل الأمر و مضيت في طريقي .
مر اليوم الأول كالعادة لا شيء يذكر .
   انتهت المحاضرة الأخيرة .. كنت منهكة و أردت فقط العودة الى البيت .. وضبت أغراضي و خرجت من القاعة .. مشيت خطوات قليلة ثم شعرت بشخص يمسكني من ذراعي .. إلتفت لأجد فتاة
  " أنا حقا آسفة و لكنك أخذت كتابي مع حاجياتك "
قالت و هي تبتسم .. حقيقة هذه أول مرة اراها ..
   فتحت حقيبتي دون حتى أن أقول كلمة .. أخرجت الكتاب أعطيتها إياه و مضيت في طريقي . 

        في صباح اليوم التالي جلست في المكتبة أقرأ كتابا .. شعرت بشخص يجلس بجانبي .. إلتفت لأجدها الفتاة من البارحة .. إبتسمت و أكملت القراءة
     " انا رنا ! "
يبدو انها تريد التحدث .. انها أول فتاة اتحدث معها في الجامعة .. أغلقت كتابي و اجبتها
    " مرحبا و انا صوفيا ! "
    ضحكت  " أعلم ! "
   فاجاتني قليلا
   " ماذا !  "
   "  نحن ندرس معا منذ السنة الماضية ! اعلم أنك لم تلحظي وجودي .. انت في الحقيقة لا تنتبهين لأحد !  كنت دائما احاول التحدث معك و لكنني لم أحظى بالفرصة ! "
      " آه ! انا حقا آسفة ! "
     " لا عليك ! .. لا يبدو ان لديك أية أصدقاء هنا "
  " حسنا انا لست إجتماعية لتلك الدرجة ! "
     " آه ! اذا يمكن ان نكون صديقتين منذ الآن ! فأنا لا أملك أية أصدقاء أيضا ! "
      " يبدو ذلك جيدا ! "
   تبادلنا أرقام الهاتف و أعطيتها عنوان المقهى حتى تزورني .
    عدت الى المنزل و انا أشعر ببعض السعادة لانني حصلت على صديقة .. كنت ساذجة بعض الشيء .. و لكنني أشعر انني كطفلة في سنواتها الاولى تتعلم كيف تتعامل مع الناس و كيف تعقد صداقات .

______________________________________

دعني اساعدك ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن