الجزء الاول

2.6K 83 21
                                    

هؤلاء
الذين يحدقون فى الحافات
دائمو الريبة
أيديهم ضُمت فى جيوبهم
لديهم الكثير مما يقولونه
لكنهم يلوذون بالصمت
السماء تمتد نحو دواخلهم
لذلك، أحياناً، تحت القمر
تجدهم وحيدين، يبتسمون أمام بابٍ موصد.

Yiannis Ritsos

في بعض الأحيان اتساءل إن كنت سأجد الشخص المناسب لي .. أيمكن ان أفتح قلبي لشخص لأحبه بكل جوارحي .. أن أسقط كل تلك الجدران التي بنيتها حول قلبي .. أنا لم أتجرأ على فعل ذلك من قبل و لا أظن انني سأقوم بالأمر على أية حال .. يخيفني المستقبل .. تخيفني الحياة التي سأحياها .. أخاف عجزي على الحب .. أجل أنا عاجزة .. خلقت بعجز في مشاعري .. باردة كالثلج .. لا أحس لا بالحزن و لا بالفرح .. لا بالحب و لا بالكره .. أعامل كل الناس بسطحية .. لا أشارك أفكاري و أحاسيسي مع أحد .. بالنسبة لي الأمر لم يزعجني من قبل .. فأنا حقا لا أهتم .. أصاحب مجموعة من الناس لفترة أقضي معهم الوقت، أمرح معهم و إذا ضجرت من صحبتهم .. أسحب نفسي بكل بساطة لأجد مجموعة أخرى .. كان عقد صداقات بالنسبة لي أسهل شيء يمكن القيام به .. فأنا لا أشاركهم شيء سوى لحظات المرح تلك .. يرى الجميع في الفتاة الشقية المتمردة التي تفعل ما يحلو لها .. بينما أنا لا أرى في نفسي سوى فتاة تائهة خائفة .. تتصنع الحرية في ثوب التمرد على قواعد المجتمع .. لا أستطيع التواصل مع داخلي .. في بعض الأحيان أتأمل نفسي في المرآة .. أشعر بفراغ كبير .. أشعر بالفجوة التي خلقها إنعدام مشاعري في نفسي .. أكثر شيء أحببته و تعلقت به في حياتي هو قطتي الصغيرة .. كانت صديقتي المقربة و الوحيدة لما كنت في التاسعة من العمر .. و لكن تخلصت منها أمي لأنها تعاني من الحساسية .. بكيت يومها كثيرا في غرفتي .. لأنها أول مرة أجرب طعم الفقد .. و لكن سرعان ما تناسيت الأمر .. نمى في نفسي لحظتها رغم صغري سني شعور أن لا شيء يدوم للأبد .. و أنه يجب أن لا نتعود على اي شيء لأنه سرعان ما سيزول .. لذلك و منذ تلك اللحظة بنيت ذلك السجن في قلبي .. سجن حبست فيه كل مشاعري .. أنا لم أبكي منذ ذلك اليوم .. مرت عشر سنوات لم أبك فيها قط ! و لم تنزل و لا دمعة على خدي .. توفي أبي قبل 5 سنوات في حادث سيارة و لم أبك أبدا .. ظللت طوال الوقت أحاول التخفيف عن أمي .. و لكن لم أشعر أنا بشيء .. ربما لأنني لم أكن مقربة اليه .. و ربما لأن وجوده مثل عدمه في بيتنا كونه مسافر طوال الوقت .. أو ربما ببساطة لأنني ميتة من الداخل .. كانت أمي تخافني .. تخاف تحجر قلبي ..حاولت بكل الطرق ان تلين مشاعري و لكنها فشلت .. حتى انها قامت بإحضار قط آخر بعد وفات أبي عله يحرك في قلبي شيء .. و لكنني رميته و لم أعره أية إهتمام .. هي الوحيدة التي تشعر بالصراع الذي أخوضه كل يوم مع داخلي .. و لكن أنا أقنعت نفسي أنني سعيدة .. أنني لا أحتاج الى كل هذه الدراما في الحياة حتى أحيى .

................

اليوم مضى خمس سنوات تماما على موت والدي .. و أمي على وشك الزواج برجل آخر .. لقد وقعت في الحب مرة أخرى و هي سعيدة جدا .. أرى البريق في عينيها عندما تتحدث عنه و أتساءل أنا كيف لشعور سخيف كحب شخص آخر يجعلها هكذا .. أنا حتى حتى لا أفهم كيف يمكن أن نتعلق بأحدهم الى هذه الدرجة .. و أتساءل إن كنت سأجرب هذا الشعور يوما .. ثم يوقف تساؤلي إدراكي بأن قلبي خلق من حجر لا يلين و لا ينكسر .. و أنسى فكرة أني سأقع في الحب يوما .. فأنا حتى لا أصاحب شخصا لأكثر من شهر .

كنت أدرس بإجتهاد حتى أدخل كلية الصيدلة و قد تحقق حلمي .. فقد نجحت بتقدير ممتاز .. و دخلت لأحد أكبر الجامعات في البلاد .. و لكن كانت بعيدة عن مدينتي الحالية بمئات الكيلومترات .. لذلك قررت أن أستقر هناك نهائيا .. حتى أدع أمي تعيش و ترتاح لوحدها مع زوجها .. و أنا أبدأ حياة جديدة بعيدة عن كل شيء .

______________________________________

أعطوني أراؤكم .. هل أكمل القصة ؟؟ أم لم تعجبكم البداية ؟؟
💓💓

دعني اساعدك ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن