طائر حر أصيب فـسقط فأمسك به الناس، قال جماعة منهم "نقتله فلن يعيش، أطلقنا عليه الرصاص لنلهو فقط" وقال آخرون " نداويه فيعيش، فإذا صح و أستطاع الطيران إستطعنا إصطياده مره أخرى " .فى كلتا الحالتين الطائر هو الفريسة، قتلوه أو داوه فهم يضمرون له الشر من كل الجهات.
فى الحالتين هو ميت لا محالة، يتلاعبون بحياته كأنها بأيديهم ولم يولد حر فأستعبدوه .هكذا هى حياتى كأننى طائر إجتمع الكثيرون من البشر على الفتك به لكن لن أدعهم يفسدون حياتى، أستطاعوا مره لكن كنت غبية وقتها.. كنت ساذجة، لم أُصدق -أنس- عندما أخبرنى أنها مجرد كلمات ستفقدنى ثقتى بنفسي ولن تنفعنى أو على الأقل تنفعهم ، مجرد همسات تزيد من خوفى وإنطوائى والهروب إلى عالم خيالى ابتعد به عن البشر.
أنا حوراء، غريب هو اسمي؟!
اكتشفت أنه غريب عندما كنت أرى دهشة الجميع عند سماعهم إياه للمره الأولى، ودائماً يتردد على مسامعى - ما معناه؟ - كرهت تكرار هذا السؤال و كرهت ترديد إجابته البسيطة كالببغاء."حوراء تعنى المرأة شديدة البياض أو العين التى أبيضها شديد البياض و أسودها شديد السواد"
هذا هو معنى اسمي ببساطة، و سبحان من لقبنى به فهو منطبق على تماماً فأنا شديدة بياض البشرة، عيناى سوادهما طغى جعل ما يحاوطهما أبيض نقى لا تشوبه شائبة. قسمات وجهى طفولية كما أخبرتني أمي.
ملابسى أولها أسود عند الحجاب و أخرها أسود عند الرداء، لا يظهر مني سوى عيناى من تحت الحجاب، نعم...أنا منتقبة. خرجت للحياة فى زمن قل فيه الحياء من النساء أو الرجال، و إتباع هدى الحبيب -صلِ الله عليه و سلم- رجعية و تخلف، من يصلى أو يصوم ويقوم بواجبات المسلم وما يميز المسلم عن غيره يصبح معقد أو يسمونه ملتزم، من يدعو للمعروف و ينهى عن المنكر يستهزؤن به ويصبح لقبه " الشيخ "
ليتهم يقولونها دون سخرية أو إستهزاء ، يقولونها فقط للتقليل من القدر أو لتحطيمك إلى أن تفقد روح الحياة .
عمرى الحقيقى هو عشرون ربيعاً لكن داخل المنزل عمرى خمس سنوات أما خارجه فعمرى خمسون سنة ، و بكل فخر سأخبركم أنى عربية - أعتقد أن هذا كافى بالنسبه لكم لتعرفوا هويتى -
------------
إنتشرت الوقاحة ، فـبات الأدب ملفتاً للنظر !
كل صباح، داخل الحرم الجامعى، تسمع حديث عنها أو عن إحدى صديقاتها فلا تجد ما تقوله سوى الصمت و طأطأة رأسها و محاولة التماسك.
وصلت الجامعة و أندفعت بسرعة لمكان تجمع صديقاتها المعتاد لتتلافى ما قد تلتقطه أذناها من حديث لا ترغب فى سماعه حتى لا يعكر صفو مزاجها
على بعد خطوات من صديقاتها سقطت على وجهها، لمس وجهها الأرض و شعرت به ينغمس فى الحرج، لتسمع ضحكات مجموعة من الحثالة عليها و كأنها نعيق غربان فوق جثة هامدة، ألتفتت بعد أن أستعادت ربطة جأشها و أستقامت بمساعدة صديقاتها لترى مجموعة الحثالة مازالوا يسخرون منها و أخبرها واحد منهم أنه دهس علي ردائها عمداً لتعلم هى و من على شاكلتها أن ملابسهن تلك تؤذى أكثر من أن تنفع.
شعرت بأن كرامتها هى التى دُهست و ليس ردائها، قلبها أنفطر و عقلها مازال عاجزاً عن إستيعاب ما حدث، أنه مسلم! كيف لمسلم أن يؤذيها و هو يعلم أن ما تفعله صحيح ؟!!
كانت تلقى كلماتهم المؤذية لمشاعرها فى مؤخرة ذهنها ليس خوفاً ولا قلة حيلة منها للرد عليهم فى ما يفعلون لكن فقط نفذت منها طاقتها للرد عليهم، ليست بحاجه لرأيهم فيها أو فى ما ترتديه فكما يقولون.
" حرية شخصية "
لكن الحرية الشخصية من وجهة نظرهم هى أن تنزع المرأة ملابسها و حيائها وليس أن ترتدى ما تريد و تحمى ما تبقى من أثر السابقين من... الحياء، حريتهم الشخصية يدافعون بها عن أخطائهم لتبريرها، لكن الآن بدأ إيذائها فى أخذ منحنى جديد، منحنى لم يكن عقلها يصور لها أن المضايقات و الإيذاء النفسى سيؤول إلى إيذاء جسدى ملموس.
أتخذت قرار و لن تعود عن المضى في هذا الطريق، الحمل أصبح ثقيلاً جداً عليها و لم يعد فى مقدورها التحمل أكثر من ذلك و كأن جبلاً تحمله على عاتقها وقف فوقه غراب فلم يعد بمقدورها حمله.شعور أن تصل إلى طريق مسدود، مظلم و بارد و علاوة على ذلك مهجور لا يوجد به حتى طيف بشر يحميك أو يؤنس وحدتك .. شعور مؤلم، بائس، قاتل ، قد تصل به إلى التخلى عن الحياة و الهروب من الواقع.
--------------------
"كيف ستعملين فى مهنة المحاماة و صوت المرأة عورة؟؟ "
كان صوتا رجولياً، لم يكن هازئاً كما هو المتوقع، كان صوته متسائلًا، جاداً، يبحث عن إجابة لسؤاله ، بادر بكلامه عندما إبتعدت مع صديقتها و جلست بعيدا وهى تجهش بالبكاء، تاركةً لدموعها غسل كبريائها و عينيها من الحزن و الشعور بالمهانة، بكائها كان سبيلها الوحيد لطرد كل أحزانها من عقلها و قلبها.
" ألم تكتفوا من إهانتنا ، أخبرنى .. ألم يكفيك مضايقتها و إيذائها النفسي و الجسدى ، لا أعلم سبب إيذائكم لنا ألستم مسلمين؟!!، ألم يصل لكم دين محمد - صلى الله عليه و سلم - بعد ، ما الشئ المزعج فى ما نرتديه؟! يمكنك إجابتى على أسئلتى التى يفيض بها عقلى"
سكبت فتاة بملابس فضفاضة و حجاب طويل يغطيها إلى حد خصرها -الخمار- كلماتها على رأس السائل كأنها حجارة من سجيل------------------
فى صباح اليوم التالى، جرت قدماها لتقف أمام صديقتها الصامتة مواجهةً لها - المرآة - و هى تتفحص نفسها و تتفحص ملابسها ، نطقت بأسى تملك عيناها قبل نبرة صوتها
" و الآن عدنا خطوة للخلف " لم تكن على إقتناع بما تفعل، كان بالأمس شئ مستحيل أما اليوم فهو حاضر، موجود و مثبت." أصبحت غريبة.. حور "
ألقت كلمتها لنفسها قبل أن تترك حجرتها و تتحرك بخطوات كأنها خطوات على منشار قد يؤذى قدمها إن لم تنتبه، أغمضت عينها و رفعت رأسها ناطقة بهمس أمام غرفة المعيشة التى أجتمعت بها عائلتها لتناول وجبة الإفطار.
" بسم الله، إستعنت بك يا خالقى لتنجنى مما سيقع عليّ من بلاء "----------------------------
أنت تقرأ
براءة
Spiritualسأسميها براءة.. ________ لم يرها يوماً جميلة فقط كما يصفها الجميع، وحده كان يري ملامحها تستحق المراقبة حتي تُحفر في المخيلة بأدق تفاصيلها الرقيقة، ملامحها كانت لوحته المفضلة التي يرغب في البقاء طويلاً في محاولة لفك طلاسمها بسيطة التعقيد. _________ ...