الفصل الثاني

2.3K 70 0
                                    


الفصل الثاني 

قبل عدة دقائق..أمسكت "قمر" بهاتفها و بعثت برسالة إلي "بسام" تطلب منه أن يأتي لها بأقصي سرعة مهما تكلف الأمر..لذلك تسلل "بسام" من بين الحضور و اتجه إلي الحديقة الخلفية لمنزل الحاج "منير" ليجد "قمر" تنظره في حجرة التخزين الملحقة بالمنزل.. 
بينما "بسام" متجه إلي الحجرة كان تحت مراقبة عيون "فادي" التي تزداد تحديقا فيه كلما رآها يلتفت حوله بقلق..اختبئ "فادي" خلف أحد الأشجار و اتبع "بسام" بحذر ليشبع فضوله..
أغلق "بسام" باب حجرة التخزين قائلا بعصبية خفيفة:أتعلمين أنه لو لاحظ عمي غيابي ستحدث كارثة 
تنهدت "قمر" بقوة نازعة الوشاح عن وجهها لتظهر دموعها اللؤلؤية التي تشق الطريق علي خديها بإستحياء..
اتسعت عين "فادي" دهشة بينما هو يراقبهم من خلف الشرفة محادثا نفسه قائلا "ماذا آتي بها هنا" ..بينما زفر "بسام" بقوة قائلا:عندما أخبرتك..أخبرتك لأنني أريد أن تساعديني في إيجاد حل لتلك المشكلة لا لأري دموعك 
قمر بنبرة يكسو عليها البكاء:لا أستطيع التفكير يا بسام لم أتوقع أنه بهذا الكم من الوقاحة والجشع 
جلس "بسام" علي كومة قش أمام "قمر" قائلا:توقعي كل شئ في زمننا هذا يا قمر 
وضعت "قمر" كفها الصغير علي وجهها وانفجرت باكية..انتفض كل كيان "قمر" مرتعشا مصاحبا صوتها المتقطع الذي يقول:لا أستطيع يا بسام لا أمتلك تلك القوة.. إحساس الضعف بداخلي أصبح كالسرطان يخترق كياني تدريجيا ليقضي علي ما بي من قوة 
زفر "بسام" بقوة و اقترب من يد "قمر" وباعدها عن وجهها قائلا:كفي عن إتهام نفسك بالضعف كفي عن الإستسلام لأي نسمة غادرة تقترب منك..أنتي أقوي مما تظنين لا تجعلي شيطانك يوهمك بالضعف..تغلبي عليه لتستطيعي إكمال حياتك في هذا الزمن الغادر 
شهقة بكاء طفولية مصحوبة برعشة في أطراف "قمر" أجبارتها علي إلقاء نفسها بين ذراعي "بسام" ملقية كل همومها بين أحضانه...مسح "بسام" علي رأسها بهدوء قائلا:كوني قوية من أجل حلمنا في...
لم يتحمل "فادي" أن يكمل الاستماع لكلامه..شعر بالإشمئزاز من رؤية بين أحضان بعضهم.. ليبتعد عن النافذة التي كان يراقبهم منهم متجها إلي الحديقة الأمامية للمنزل حيث مكان التجمع ليجد شعور بالراحة يكسو وجوه الوفد السياحي من كرم ضيافة الحاج "منير"
جلس "فادي" علي كرسي خشبي يكون في مقابلة الحاج "منير" الذي قال:تناول طعامك يا ولدي 
أنكب "فادي" علي طعامه يتناوله في صمت واضح بينما الحاج "منير" لم يعير أي انتباه له..
بعد عدة دقائق..آتاه صوته الذي سجل ضمن قائمة الخائنين في قائمة :فادي" قائلا:عذرا لتأخري يا عمي 
رفع "فادي" بصره تدريجيا إلي مصدر الصوت ليجده "بسام" الذي رآه منذ دقائق يتسلل كالسارق الذي يخشي أن يقبض عليه وهو متلبس بجريمته..
لم ينتبه "الحاج منير" لنظرات "فادي" بينما قال:ما كل هذا التأخير يا بسام ؟؟ 
بسام بنبرة شبه قلقه:عذرا يا عمي كنت أتلقي اتصال مهم من أحد أصدقائي 
التفت "الحاج منير" بنظره إلي "فادي" قائلا:هذا بسام ابن أخي رحمه الله وهذا فادي يا بسام المرشد السياحي المسئول عن الوفد 
نظرات غضب أو ربما اشمئزاز أو ربما هي نظرات نفور..هكذا كان حال نظرات "فادي" ل "بسام" الذي لم يستطيع أن يفسرها و لكنه اكتفي بمًد يده قائلا:أهلا بك 
أنزل "فادي" نظره تدريجيا إلي يد "بسام" الممدوده له لترتسم ابتسامة لم يستطع "بسام أو الحاج منير" تفسيرها ليقول فادي:أهلا بك 
مرت حوالي نصف ساعة في هدوء يكسو الطاولة التي يجلس عليها "فادي" بينما جو من الإستمتاع الممزوج بالسعادة يغلب علي الوفد السياحي..
قام "فادي" من علي كرسيه وهو يضع هاتفه في جيب بنطاله قائلا:شكرا لإستقبالك لنا في منزلك يا حاج و لكن يجب علينا العودة إلي منازلنا الآن 
الحاج منير:كما تشاء يا فادي ولعلمك أيضا في نهاية الأسبوع سيكون هناك احتفال صغير في قريبتنا أجلب الوفد إليه سيحظون بوقت ممتع 
فادي بابتسامة مودعة:بإذن الله يا حاج وشكرا لك مرة أخري 
......
لوحة فنية رائعة لا يقدر أن يصنعها أي بشري بل ينحني لإبداعها..ينحني لروعة تصويرها..ينحني شاكرا الله علي لخلقه في "أرض النوبة" التي لم تتميز فقط ببشرتها السمراء الساحرة .بل و نيلها الأزرق الذي يعتبر شريان الحياة لأهل مصر وأهل بلاد حوض النيل الذي أضاف جو من الراحة والطمأنينة للروح بمجرد أن يلمحه..ذلك الموضع في أقصي صعيد مصر الذي تميزت منازله بالأوان الزاهية التي تنم عن السعادة والسلام الذي يعيش فيه أهلها بفضل ترابطهم و وحدتهم..
علي مدار يومان..رضخت كل عواطف وحواس الوفد السياحي وعلي رأسهم "فادي" لتتمتع بجمال النوبة..فلم تهدر أي لحظة إلا و سخرت للتجول في قرية "غرب سهيل" وما يجاورها من قري..
بينما مر اليومان علي "قمر" لم تخرج فيهم من منزلها بل سخرت كل تفكيرها وكل ذرة من رجاحة عقلها في الوصول لحل لتلك المشكلة الغامضة بمساعدة "بسام"..
بينما :الحاج منير" كان في أقصي درجات انشغاله في عمله مع "محب" فلم يمنحه الوقت أي لحظة لمراقبة "فادي" و جولاته في القرية لذلك سخر أحد رجاله لمتابعة "فادي" عند خروجه بمفرده كان أو مع الوفد المسئول عنه..
ولكن بالرغم من مهارة الرجل الذي اختاره الحاج منير لم يكن ذكيا كفاية لمراقبة بطلنا المتعجرف..لم يمتلك المهارة الكفاية ليقارب هذا المغرور الغامض..لذلك ومع أول جولة ل "فادي" بمفرده في القرية كشف من يراقبه..شعور من الضيق الممزوج بالتعجب من تصرفات الحاج منير احتل تفكير "فادي" طوال مدة إقامته في القرية في محاولة لإيجاد تفسير لهذا الرجل الذي أرسله الحاج منير..
....
رفع هاتفه المحمول علي أذنه وهو يقول:حسنا يا حبيبتي سأمر عليك في تمام الساعة الثامنة 
آتاها صوتها الأنوثي الممزوج بضحكة خافتة قائلة:حسنا يا حبيبي سأنتظرك في تمام الساعة العاشرة
أغلق "ياسر" الملف الذي أمامه وهو يضع أنامله علي عينيه وهو يخفي ضحكاته قائلا:ألم تنسي هذا مطلقا ؟؟
داعبت خصلات شعرها الحريري التي تداعب جبينها لتقول "مريم" بمرح:وكيف لي أن أنسي ليلة خطبتنا يا حبيبي وتأخرك علي لمدة ساعتين كاملتين 
أكملت "مريم" بنبرة ماركه ممزوجة بضحك:وهل تتذكر السبب يا ياسر أم لا 
تنحنح "ياسر" بضحك قائلا بصوت هامس سمعته "مريم" قائلا:كنت نائما 
ارتفعت أصوات ضحك ياسر ومريم بمرح وهما يتذكران ليلة خطبتهم ليعكر صفو هدوئهم صوت طرقات كعب أنوثي يتقدم بناحية مكتب "ياسر"..أغلقت "مريم" الخط متأسفة لياسر لسماعها صوت نداء والدتها لها..ليضع "ياسر" هاتفه بجواره ليجدها تقف أمام باب مكتبه قائلا:ممكن دقيقة من وقتك 
أعاد "ياسر" النظر إلي ملفه ليتحاشي النظر إلي ملابسها المثيرة قائلا:نعم !!
تقدمت "إسراء" في اتجاه مكتب "ياسر" وجلست علي أحد الكراسي الموجودة أمام المكتب قائلة:متي سيعود فادي؟؟ 
ياسر بنبرة لا مبالاة:لا أدري ربما بعد أسبوع أو أكثر 
تنحنحت إسراء بشعور من الإحراج قائلة:و لكنه لماذا لا يجيب علي مكالمتي 
رفع "ياسر" عينيه بإستهزاء ممزوج بضيق قائلا:عذرا يا آنسة ولكن صديقي لا يرد علي أرقام غريبة علي عينيه 
طأطأت "إسراء" رأسها بإحساس من الخجل احتاج أواصلها واستأذنت من "ياسر" عائدة إلي مكتبها تجر خيبتها ورائها..
.........
و في اليوم المقرر للإحتفال القرية بالحصاد..ارتدت "قمر" عباءة فيروزية اللون تتناسب مع لون عينيها مطرزة بخطوط متناسقة من اللون الأبيض..رفعت "قمر" وشحها الأبيض علي وجهها و التقطت هاتفها وخرجت إلي والدتها التي قالت:لماذا تضعين الوشاح يا قمر؟؟ هذا احتفال 
قمر:أشعر أن الوشاح جزء من كياني يخفي ما بي من حزن كان أو سعادة ولا يستطيع لبشري أن يستغني عن كيانه 
ناهد بتنهيدة:و لكن يا صغيرتي..
قمر مقاطعه بأدب:أرجوكي يا أمي اتركيني علي راحتي..حضوري للإحتفال كان من أجلك ولذلك لا تجبريني علي شئ آخر 
رفعت "ناهد" البرقع علي وجهها قائلة:كما تشائين يا قمر..هيا بنا الآن لأن الجميع في انتظارنا بالخارج 
سارت "قمر" خلف والدتها و انضموا إلي باقي نساء العائلة متجهين إلي مكان الإحتفال..بينما ظلت "قمر" ساكنة هادئة طوال الطريق..تتابع بعينها العائلات وهي في طريقها إلي مكان الاحتفال..و لكن عقلها مشغول بإيجاد حل للخروج من المأزق الذي سيقع والدها فيه..
....
بينما في منزل "محب" في حجرة شبه مهجورة تعتبر حجرة التخزين أو كما يطلق عليها "محب" حجرة الترتيب لأعماله..جلس"محب" علي كرسيه الخشبي وشعاع ضوئي هادئ ينبعث من لمبة الغاز ينعكس علي وجهه الذي يكتسي بملامح الغضب الممزوج بالتهديد..
رفع "محب" رأسه كحركة تهديد قائلا:لن أعيد كلامي مرة أخري..أريد أن تتم تلك العملية بدون أن يشك هذا العجوز بنا ولو 1% 
بينما حجب شعاع الضوء وجهه وكأنه يريد أن يزيد الغموض حوله ويزداد معها حيرتنا نحن لينطلق صوته الرجولي قائلا:ستتم العملية في هدوء ولكنني أقترح أن نأجل موعد التسليم نظرا لأن عيون الشرطي تحوم حولنا الآن 
محب بنبرة غضب:ألم أحدد موعد التسليم!؟ إذن أضرب بكل شئ عرض الحائط و أكمل أنت مهمتك فقط دون أن ترهق عقلك الصغير في التفكير 
قبض علي معصمه بغضب لتظهر عروق يده التي تنم عن بركان غضب قد بدأ في الغليان ليحرك شفتيه بضيق قائلا:كما تريد يا سيد محب 
فتح "محب" علبة تبغه والتقط منها واحدة مشيرا بيده لهذا المجهول لكي يعود إلي أدراجه...
.........
بينما في منتصف القرية تحديدا في المكان المحدد للإحتفال..ارتفعت أصوات الدفوف المصحوبة بصوت غناء ينبع من مجموعة تجلس في أقصي يمين المجلس بينما يجلس الحاج "منير" وعائلته من حوله في مقدمة المجلس ومن حوله باقي أفراد القرية وما يجاورها من قري..
بينما هي منشغلة بالحديث مع ابنة عمتها إذ شعرت بنسمة هواء هادئة تتراقص مع وشاحها بجراءة و كأنما تريد الفتك بهذا الوشاح..رفعت أناملها بضيق لتمسك بوشاحها بضيق بينما التفت عينيها تبحث عن مصدر تلك النسمة الغادرة لتراه يمد يده بالسلام من والدها..نظرة تعجب مصحوبة بغضب متراكم انطلقت من عين "قمر" وهي تتذكر أول لقاء لها مع "فادي"..زفرت "قمر" بضيق بينما أعادت نظرها إلي قريبتها ليكملوا حوارهم..
بينما جلس "فادي" والوفد المسئول عنه في المكان المخصص لهم وبدأ الحاج منير في إلقاء خطاب لتهنئة أهل القرية بموسم الحصاد مصحوب ببعض الكلمات التشجيعية والمهنئة لهم بينما "فادي" منشغل بترجمة ما يقال للوفد السياحي..
وقف أهل القرية في صفوف خلف بعضهم لترتفع أصوات الدفوف لتبدأ رقصة " الأراجيد" التي تشتهر بها النوبة في مواسم "الزراعة والحصاد"... انضم بعض السياح إلي أهل القرية يتعلمون منهم رقصة الأراجيد ..بينما رفع "فادي" الكاميرا الخاصة به يلتقط بعض الصور التذكارية..انتبه هذا المتعجرف أخيرا إلي "قمر" التي تقع تحت نظرات "محب" المليئة بالرغبة بينما ارتسمت معالم اللامبالاة علي وجه "فادي" ولم يهتم مطلقا بنظرات الخوف المنبعثة من عيني "قمر" ولا نظرات الرغبة من "محب"..
مر وقت الإحتفال بسلام ممزوج بسعادة لإتمام موسم الحصاد بينما اصطحب فادي الوفد السياحي لإكمال برنامجهم لهذا اليوم...
مرت أيام "فادي والوفد السياحي" في هدوء في أرض النوبة تحت أنظار الحاج منير المراقبة لهم..مرت الأيام بسلام و"فادي" لم يلحظ "بسام أو قمر" إلا مرة أو مرتين من يوم الإحتفال..
.....
بينما هو منشغل بإرسال بعض الفاكسات الإلكترونية المكلف بها..وصله رد من أحد العملاء يحمل في طياته بعض علامات الغموض ليطبعه سريعا ويذهب به إلي مكتب "محب"..
"هل أنت متأكد أنها زرعت في الأتوبيس؟؟ إذا حدث أي خطأ سأزرعها بين أحشائك أنت" 
جملة بسيطة تتكون من كلمات نارية غزت أذن بطلنا المجهول وهو يقترب من مكتب "محب" ليتنهد بقوة وينتظر إنهاء "محب" للمكالمة ليطرق طرقات خفيفة علي مكتب "محب" ليأذن له بالدخول بعد ثواني معدودة..
فتح المجهول باب الحجرة قائلا:لقد وصل هذا الفاكس للتو ولا أعلم بماذا أرد عليهم 
أشار له "محب" لكي يحضر الفاكس وهو يفتح علبة تبغه قائلا:أحضره 
زفر بهدوء علي الورقة ليختلط هواء تبغه بكلمات الفاكس كأنه يحللها ليصمت لثواني قائلا:حسنا أخبرهم أن الجائزة ستكون تحت قدمهم بعد 24 ساعة تماما 
حرك رأسه بمعني "عُلم وينفذ" واتجه إلي مكتبه وبعث بالفاكس سريعا..ليريح ظهره علي كرسي الجلدي ليبدأ الصراع يشتعل تدريجيا في كيانه مما سمعه من دقائق وما بعثه من ثواني..
.....
أغلق "فادي" حقيبة السفر الخاصة به ورفع نظارته الشمسية علي عينيه بخفة وانطلق إلي مكان تجمعه مع الوفد في انتظار الحافلة المقررة لاصطحابهم إلي المطار..جلس "فادي" علي حقيبته في انتظار حضور باقي الوفد وهو ممسك بالكاميرا الخاصة به يتفحص الصور التي التقاطها علي مدار مدة إقامته..
ما بين صور تجمعه بالوفد المسئول عنه..أو منظر إبداعي من إبداعات الخالق أسر عينيه وأراد الإحتفاظ به..أو صوره الخاصة به الذي التقاطها في أرجاء الأرض الذهبية..
وقف إصبع "فادي" أمام الصورة الني غزت فيها "قمر" بعينيها و وشاحها كاميرا "فادي"..ليدقق "فادي" النظر للصورة ويجد أنها منقسمة لنصفين "النصف الأول لأحد الطيور وهو ينحني علي صغيره" و "النصف الآخر لوشاح "قمر" وعينيها الفيروزية" 
ليصنع هذا الانقسام تناغم هادئ جعل بطلنا المتعجرف يرسم ابتسامة باردة علي ثغره محادثا الصورة بعينيه قائلا "صفاء لونها عينيها إذا لمحها أحد صدفة يصبح أسير بها و ببرائتها المزيفة ولكن إذا دققنا النظر وجدنا خبث ومكر الثعلب الصحراوي" 
زفر "فادي" بسخرية وهو يتذكر ليلة أن رأي "قمر" تلقي بنفسها بين أحضان "بسام" ليقفز بخفة من موضعه ويتجه إلي وفده السياحي لينهي لمساته الأخيرة في تلك الرحلة الغامضة..
.....
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة:ماذا قلت؟؟ هل أنت متأكد من تلك المعلومات 
أتاها صوته الغاضب قائلا:لا وقت للتعجب أرجوكي حاولي الوصول لأي فرد منهم بسرعة 
لملمت شتات نفسها سريعا قائلة:و لكن أين أنت ؟؟؟ أنا كالمشلولة الآن 
زفر بقوة لتشعر "قمر" بأنفاسه كأنها حمم بركانية تخترق كيانها قائلا هو:لا وقت لكل تلك الأسئلة سأشرح لكي كل شئ عندما أعود 
قمر بنبرة مرتعشة ممزوجة بخوف:حاضر حاضر 
ألقت "قمر" بهاتفها علي فراشها و هرولت إلي عباءتها وحجابها و وشاحها و هي ترديهم بأعجوبة من بين أنفاسها التي تلهثها بخوف..
هرولت "قمر" إلي بهو المنزل وهي تتجه إلي الباب قائلة بصوت عالي نسبيا:يا أمي سأخرج سريعا لأمر مهم لا تقلقي 
هرولت "ناهد" من المطبخ بخوف قائلة:لا تغادري المنزل لو علم أباكي لقطع رأسي ورأسك 
قمر بصوت متهدج:إنه أمر مهم سأشرحه لأبي عندما أعود 
أغلقت "قمر" باب منزلها بسرعة وهي ترفع وشاحها علي وجهها بينما رفعت "ناهد" يدها إلي السماء قائلة:أسترها يا الله علي تلك المتمردة 
تأكد "فادي" من أن جميع أفراد الوفد السياحي قد استقل بمكانه ليلتفت بظهره للسائق قائلا:توكل ع..
قبل أن يكمل "فادي" جملته قطعه صوت عالي نسبيا يقول:Wait 
التفت "فادي" له بنبرة تعجبية قائلا: Is there a problem ,sir ?
السائح: Yes, I forgot my passport in my room
قبض "فادي" علي معصمه بغضب مكتوم قائلا:Well,I will get it
أكمل "فادي" حديثه للسائق قائلا:انتظر لدقائق سأعود سريعا 
رفع "فادي" نظارته الشمسية علي عينيه وهبط من الحافلة ليجد الحاج "منير" يقف علي مسافة أمتار قليلة منه ليتجه له قائلا:عذرا يا عمي ولكنني أحتاج للذهاب إلي مسكن الوفد قبل أن يذهب أحد لتنظيفه لأمر هام
الحاج منير بنبرة تعجبية:حسنا يا فادي ولكن هل حدث شئ؟؟؟
فادي بنبرة ضيق ممزوجة بملل:نعم لقد نسي أحدهم جواز سفره 
التفت الحاج "منير" بظهره إلي "بسام" الممسك بهاتفه بانتباه شديد ليقول بصوت عالي نسبيا:بسام أحضر مفاتيح الوفد الخاص ب فادي 
لحظة صمت خيمت علي محيط الحافلة ليقطعها صوت مفاتيح غرف الوفد السياحي وهي ترتطم ببعضها بين يدي "بسام" ليلتقطها "فادي" بسرعة..راكضا إلي مكان إقامتهم ..
بعد مرور دقائق معدودة..فتح "فادي" باب أحد الحجرات وانطلق إلي الطاولة التي بجانب الفراش ليفتح أحد الأدراج ويجد جواز السفر الذي كان يبحث عنه..زفر "فادي" بقوة قائلا لنفسه "يقولون أننا شعب همجي وهم في غفلة عن إحضار وسيلة تنقلهم للنعيم"
وضع "فادي" جواز السفر في جيب بنطاله و اتجه إلي باب الحجرة وأغلقه ليلتفت بجسده ويجد "قمر" تغلق باب المنزل و وشاحها يرتفع وينخفض بسرعة رهيبة تنم عن أنفاسها التي تلتقطها بأعجوبة..
ارتفع حاجب"فادي" الأيسر تدريجيا و عينيه تتفحص "قمر" بشعور من التعجب الممزوج بالاشمئزاز ليقول:ماذا هناك يا أنتي؟؟
زفرت "قمر" بضيق من أسلوبه الفظ لتقول:أولا لي اسم يناديني الناس به لست طفلة لكي تتفوه بعباراتك السخيفة 
أكملت "قمر" بتحذير قائلة:ثانيا أنا هنا من أجل مصلحتك إذا تحركت حافلتك من موضعها ستنفجر 
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي وجه "فادي" ورفع معصمه بحركة تمثيلية ساخرة قائلة:بووووم 
اشتعلت "قمر" غضبا من طريقته وأسلوبه المتعجرف لتقول بغضب:لقد بلغتك بما سيحدث وأرحت ضميري افعل ما شئت 
التفت "قمر" بجسدها لتفتح باب المنزل ليوقفها صوت "فادي" يقول:انتظري...كيف وصلتك هذه المعلومة ومن له مصلحة في ذلك إن كان صحيحا؟؟!!َ
التفت "قمر" بوجهها قائلة:لا أعلم سوي ما أخبرتك به و ما تبقي فهو من اختصاصك لذلك من المستحسن أن تجد حل
انطلقت "قمر" عائدة إلي منزلها دون أن تترك مجال للإجابة علي ثورة الأسئلة التي اشتعلت في رأس فادي..
بسرعة البرق أخرج "فادي" هاتفه من جيبه واتصل بصديقه "ياسر" ليأتيه صوته النائم يقول:السلام عليكم يا معكر صفو نومي 
بنبرة غاضبة ممزوجة بأمر قال فادي:أتتذكر المقدم وائل الذي قابلناه في المديرية ؟؟؟؟؟
ياسر بنبرة دهشة ممزوجة بكسل:هل تقصد ذلك المقدم يوما ما حدثت المشكلة مع إحدي السائحات في الأهرامات !!! نعم أتذكره بالتأكيد 
حمل "فادي" سلسلة المفاتيح و أكمل كلامه وهو يغلق باب المنزل قائلا:بأي طريقة توصل لرقم هاتفه و أجعله يتصل بي في ظرف دقائق مفهوم؟؟؟؟
قفز "ياسر" من فراشه وهو يقول:تمهل تمهل يا فادي !! ماذا حدث لكل هذا ؟؟؟؟؟
فادي بنبرة غاضبة:سأخبرك لاحقا لا تجعله يتأخر مفهوم 
أغلق "فادي" هاتفه سريعا واتجه إلي احدي ورش الميكانيكا بالقرية واشتري منها بعض المفاتيح وعقله في حالة تأهب قصوي للوصول إلي حل..

يتبع.....
#نورهان_حسني

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن