التاسعة والعشرون

1.4K 45 1
                                    

الفصل التاسع والعشرون 

طالما حضر إلي ذاك المنزل في الماضي وهو مالك لجزء فيه وصاحب لمسات مرحة تعيد إحياء ذاك المنزل ولكن؟! كما تقول القاعدة "لا يثبت شئ علي حاله" 
بات هو الآن..ضيف غير مرحب به في ذاك المنزل أو بالأحق في القرية بأجمعها..حوله التفكير العقيم من صاحب فضل عليهم لاقتلاعه لسرطان كان ينتشر في أركان قريتهم إلي مخادع صاحب ألاعيب شيطانيه..
خلع "بسام" نظارته الشمسية ليحرك شفاهه بنبرة ثبات ممتزج بنظرة جمود:هل لي برؤية والدتك؟!
نظرات غضب بدأت تشتعل حدتها في عيني "منير" الذي قال بنبرة ضجر:ليست والدتك
أطلق "بسام" تنهيدة لامبالاة امتزجت بنبرته العنيدة والممتزجة ببعض من القوة قائلاً:إن كان تفكيرك ذاك يصور لك أن الأم من تحمل طفل في أحشائها تسعة أشهر فقط فأحب أن أهنئك بأن ذاك التفكير عقيم كباقي معتقداتك لأنها تحملت مسئوليتي وربتني وأنا لم أكمل السنة والواحدة وهي من تستحق فقط أن ألقبها بأمي لذلك أريد رؤيتها 
وكما هو مؤكد لنا الكثير منا أن الأم هي الوحيدة القادرة علي الشعور بنبضة قلب أطفالها وإن كانوا يبعدون عنها مسافة المشرق للمغرب..لذلك كان ميسر جداً علي "ناهد" الشعور برجفة قلب "بسام" المبتعد عنها لأمتار قليلة فقط..لتتسلل خارج المطبخ بخطوات مرتجفة لتستقبلها نبرة صوته الواثقة علي مشارف بهو الصالة لتتسع عينيها بنظرات ذهول امتزجت بحركة شفاهها الفرحة لتقول:"بسام" ؟! بني ؟!
ارتسمت ابتسامة حنين علي ملامح "بسام" الذي استأذن بنظرات عينيه الثاقبة للدخول ليتوجه إلي "ناهد" طابعاً قٌبلة شوق علي كفيها ومن ثم يرفع عينيه بنظرة طفل قائلاً:اشتقت لكي 
أطلقت "ناهد" تنهيدة راحة نسبية لتلتقط "بسام" بين ذراعيها في ضمة فرحة قللت من حدة نار الاشتياق المشتعلة بين ضلوعها..
لتعود ابتسامة تلك الأم فور شعورها بنبضات قلب طفلها..نعم!! فرغماً عن الجميع "بسام" هو طفلها هو فقط من استطاع احتلال قلبها بعد ابنتها "قمر"..هو فقط من تري فيه ملامح وجه ابنتها..
تحسست "ناهد" ملامح وجه "بسام" بأطرافها المرتعشة وهي تحرك شفاهها بنبرة فرحة:اشتقت لك يا بني ..اشتقت لك كثيراً..ما هي أحوالك؟! هل أنت بخير؟! هل الأمور جيدة في عملك؟! هل تتهاون في أمور صحتك و طعامك؟! 
ارتسمت ابتسامة هدوء علي ملامح "بسام" التي ترسم معالم الفرحة الممتزجة بالحنين ليقول:أنا بخير لا تقلقي وما يثبت حديثي هذا هو..
انقطع "بسام" عن الحديث لثوانٍ معدودة ليعبث بيده في جيب بنطاله ملتقطً إحدى كروت الدعوة الخاصة بزفافه قائلاً بنبرة فرحة امتزجت بنظرة ثبات وجهها ل"منير" قائلاً:كارت زفافي..لن تكتمل الفرحة بدونك لذلك لا تتأخري 
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "ناهد" التي سرعان ما التقطت الكارت قائلة بنبرة تأكيد:بالطبع يا بني 
أعاد "بسام" رفع نظارته الشمسية في مستوي عينيه ليحرك شفاهه بنبرة حزن مودعة:إلي لقاء قريب بإذن الله
اتسعت عيني "ناهد" بصدمة امتزجت بعلامات الحزن التي سرعان ما تمكنت من ملامحها لتحرك شفاهه بنبرة حزن:ولكن بتلك السرعة؟!
اكتست ملامح "بسام" بالحزن لتمتزج مع نبرته الحانية التي حرك بها شفاهه قائلاً:أعذريني يا أمي ولكن لكي أكون في موعد الإفطار 
تابع "بسام" حديثه وهو يطبع قٌبلة حانية علي كف "ناهد" قائلاً بنبرة مباركة:كل عام وأنتي بخير 
نبرة هامسة أطلقتها شفاه "ناهد" وهي تحتضن "بسام" قائلة:"قمر" بخير؟! 
أومأ "بسام" رأسه موافقاً ليرتشف جرعة الحنان الأخيرة من ضمة "ناهد" ومن ثم يدلف خارج المنزل بدون إلقاء السلام حتى علي "منير" الذي بات يتبعه بنظرات غضبه التي لم تتبدل منذ دخول "بسام" للمنزل..
كفكفت "ناهد" دمعة تدحرجت علي خديها لتحرك شفاهها بنبرة عتاب:أعانك الله يا "منير" علي ليالي ندم ستعكر صفو حياتك
...
تناول النادل قائمة الطعام ليحرك شفاهه بنبرة هدوء قائلاً:ريثما يعلو آذان المغرب سيكون الطعام علي الطاولة 
وما إن أنهي "النادل" حديثه حتى ارتفعت نبرة "قمر" الغير مستوعبة والممزوجة بنظرة عينيها الفرحة لتقول:إلي الآن..أنا غير مستوعبة بأننا خرجنا سوياً أخيراً في ليلة من ليالي رمضان!!
وضع "فادي" هاتفه بجواره بهدوء ليحرك شفاهه بنبرة مرح:إلي الآن..أنا غير مستوعب بأن "الشيخ\راضي" سمح لنا بالخروج بمفردنا 
ابتسامة خافتة ارتسمت علي ملامح "قمر" التي حركت شفاهها بنبرة امتنان قائلة:"الشيخ\راضي"و "الحاجة\ثرية" بمعني الكلمة هم نعمة في حياتنا..أشعر وكأنني ابنتهم بحق 
أكملت "قمر" حديثها بنبرة طفولية تمتزج مع علامات البراءة التي رسمتها علي ملامحها لتقول:ما رأيك إن مكثنا عندهم إلي الأبد ؟!
مسح "فادي" علي ذقنه بهيئة توحي بالتفكير ليحرك شفاهه بنبرة خافتة قائلاً:أتتذكرين درجات السلم الذي صعدنا عليها؟!ما رأيك بأن تهبطي عليها بظهرك؟!سيكون أفضل أليس كذلك؟!
أخفت "قمر" ثغرها بأصابعها مانعً لارتفاع صخب ضحكاتها التي باتت تزداد اتساعاً علي ملامحها لتحرك شفاهها بنبرة طلب:حسناً لنفكر في ذاك الأمر بعد الإفطار ولكن هلي لي بسؤال؟!
استند "فادي" بذراعيه علي حافة الطاولة ليحرك شفاهه بنبرة موافقة قائلاً:أسألي؟!
نظرات قلق نبعت من عيني "قمر" لتمتزج مع نبرتها المتسائلة التي حركت بها شفاهها قائلة:هل تصاب بالضجر من تكرار مكالمتي إذ لم تجيب من أول مرة؟! هل تمل من رسائلي القلقة عليك؟!
أطلق "فادي" تنهيدة هدوء امتزجت بنبرته الحكيمة التي حرك بها شفاهه قائلاً:في سابق حياتي يا "قمر" ما كان يحدث أن ترتفع نغمة هاتفي إلا لأصدقائي أو لوالدي وجميعها مكالمات تدوم لدقائق معدودة..طبيعي أن أصاب بقليل من الضجر في بداية الأمر لأنني لست معتاد أن أجد شخص يصاب بالقلق إذ لم أجب علي الهاتف
ابتلع "فادي" ريقه للحظات ليتابع حديثه بنبرة هادئة ليقول:ولكن سرعان ما يختفي ضجري هذا بمجرد تذكري أن ذاك طبيعي بالنسبة لكي نظراً لأنني مشغول طيلة اليوم وبالإضافة أننا مكثنا شهر لم نتقابل نهائياً 
عقدت "قمر" ذراعيها أمام صدرها بهدوء لتحرك شفاهها بنبرة توضيح امتزجت بنظراتها الحانية لتقول:بالرغم من حزني أحياناً بعدم استطاعتي لرؤيتك أو الحديث معك إلا أنني في كل مرة أحادث نفسي بأن كل ما تفعله هو من أجل التحضير لحياتنا القادمة ولكنني يا "فادي" لدي عذري أنا ما عاد لي أحد سواك 
أومأت "قمر" رأسها بإيجاب لتتابع حديثها قائلة:نعم لدي "مريم" كانت أم "بسام" أم "الشيخ\راضي" و"الحاجة\ثرية" ولكن جميعهم لديهم حياتهم الخاصة ولهم أولوياتهم ولكنني لا أجد في أولوياتي أحد سواك ولا أجد أمان إلي بوجودك 
نظرات عيني "فادي" المطمئنة امتزجت بنبرته المؤكدة الذي حرك بها شفاهه قائلاً:مررنا بالكثير يا "قمر" ولم يبقي إلا القليل لنتخطاه..إجراءات السفر إلي حد ما باتت ميسرة وها نحن سنعقد القران غداً وما هو شهر أو أقل وبعدها سينتهي كل هذا ويبدأ ما نتمناه 
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامح "قمر" التي حركت شفاهها قائلة بنبرة فضول:ولكن لماذا "كندا" خصيصاً؟!
حرك "فادي" رقبته يميناً ويساراً ليعيد تنشيط ذهنه ليحرك شفاهه بنبرة توضيح:منذ بداية عملي في مجال السياحة عموماً وكل عام مرتين يأتي وفد كندي لزيارة مكان مختلف في مصر..و في كل مرة أكون أن المرشد الخاص بهم..تخيلي ما يقارب العشرة سنوات وأنا أعمل معهم وتكونت بيننا صداقات متينة 
أومأت "قمر" رأسها بفهم لتحرك شفاهها بنبرة غيرة مترددة:صداقات؟!هل من بين ذاك الوفد فتيات وكهذا؟!
حرك "فادي" رأسه جهة اليمين قليلاً لتعلو نظرة التعجرف عينيه من جديد لتمتزج بنبرته الغير مبالية ليقول:بالتأكيد 
أطلقت "قمر" تنهيدة ضجر امتزجت بحمرة وجنتها المشتعلة غيرة لتحرك شفاهها بنبرة شبه هامسة: "يارب يموتوا كلهم"
ارتفع صخب ضحكات "فادي" المتتالية لتمتزج مع نظرة عينيه التي سرعان مع تحولت إلي الفرحة بينما باتت "قمر" تشعر بأن ألسنة لهب غيرتها قاربت علي الفتك بمن في المطعم..
لهث "فادي" أنفاسه إثر ضحكاته المتتالية تلك ليحرك شفاهه بنبرة ضحك موضحة:أضيفي إلي معلوماتك أن جميعهن متزوجات وأزواجهن يكونوا معهن بالإضافة إلي أطفالهم 
سرعان ما عادت ابتسامة "قمر" المشرقة بالارتسام علي ملامحها لتحرك شفاهها بنبرة عفوية:حقاً؟! أنا من البداية لم اهتم بأمرهن إطلاقاً 
عقدت "فادي" حاجبيه بتعجب امتزج مع ابتسامته الساخرة ليحرك شفاهه بنبرة مستهزئة قائلاً:حقاً؟!
سرعان ما أعادت "قمر" فعلتها وأخفت صخب ضحكاتها بأناملها ومن ثم لتحرك شفاهها بنبرة هدوء:نعم نعم أنا كذلك 
بمجرد أن أنهت "قمر" حديثها حتى ارتفع صوت آذان المغرب لينشغل جميع من بالمطعم بوجبة إفطاره أما "فادي" فاستأذن من "قمر" لثوانٍ ليتجه إلي المسجد الموجود في بداية الطريق ليؤدي صلاة المغرب ومن ثم يتجه إلي "قمر" ليجدها مسندة يدها علي الطاولة ومتكئة بذقنها علي كفها الأيسر وبأنامل كفها الأيمن تلتقط قطع البطاطس..
رفع "فادي" حاجبه الأيسر بتعجب امتزج مع نبرته الشعبية البحتة ليقول:جايب بنت أختي معايا أنا؟!
عاد "فادي" إلي موضعه ليبدأ في مشاركة الإفطار الأول له هو و"قمر" في جو يسوده الهدوء الممتزج بمرحهم المعتاد..
...
نهار اليوم الأول في عيد الفطر المبارك..كان له طابع خاص عند كل فرد من أبطالنا علي حدي..
فمثلاً "ياسر" الذي بدأ يومه بقٌبلة مرحة طبعها علي جبين طفلته التي أضافت نكهة فرحة علي ذاك العيد بضحكتها التي باتت كمخدر لأوصال "ياسر" الذي سرعان ما اتجه إلي زوجته "مريم" المنشغلة بإعداد جلباب الصلاة الخاص به ليكفيها بجرعة مبدئية من قٌبلاته الحانية ليتجه إلي الساحة المقررة للصلاة..
بينما بالنسبة ل"فادي" فمن فجر اليوم وهو منشغل بترتيب الأوراق اللازمة لعقد القران وإنهاء ترتيب جلبابه الخاص بالصلاة والحديث مع "قمر" عبر تطبيق "الواتس أب" ليختفي توتره تدريجياً من أن يكون "منير" متربص بهم بمزاح "قمر" الذي بات يشعر وكأنه تحول لجنون..
ولكن ليس أمامه فرصة للتفكير فتلك المجنونة كلها دقائق وتحمل كنيته وتصير في عصمته..
أنهت "قمر" القطعة الأخيرة من صحن الكعك المحلي بالسكر لتتجه سريعاً لإنهاء ارتداء حجاب عباءتها المخصصة لعقد القران بينما امتزجت رعشة أناملها بضربات قلبها التي باتت تعزف لحن الفرحة بذاك العيد الفريد من نوعه..
فكلها دقائق وتتوج "قمر" بإتمام عقد قرانها من "فادي" وتفوز تلك العنيدة بذاك المتعجرف..
بينما بالنسبة "بسام" فبمجرد أن أنهي تجهيز حاله وارتداء جلباب الصلاة وإحضار بطاقته ليكون وكيل ل"قمر" في عقد القران حتى اتجه "بسام" بسيارته إلي منزل "أسماء" لاصطحابها إلي ساحة الصلاة...
بينما الفرحة تسود الأجواء المحيطة بأبطالنا الشباب كانت علامات الحزن تكسو وجه "ناهد" كانت أم "منير و حمدي" لتسلب فرحة العيد بدون أبنائهم منهم جميعاً بلا استثناء..
...
انخفضت أصوات التكبير لعيد الفطر بعد إنهاء الصلاة بدقائق لترتفع نبرة المأذون قائلاً:تصافحوا يا أبنائي
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "بسام" ليمد يده بينما سرت رعشة كهربية داخل أوصال "فادي" ليمد هو الآخر بيده ويبدأ المأذون في تحريك شفاهه بكلمات عقد القران..
مسافة ليست بقليلة ولا بكبيرة كانت تفصل بين "فادي" و"قمر" ولكنها لم تكن حاجزاً نهائياً لشعور كلاً منهما بضربات قلب الآخر التي باتت تتراقص فرحة مع كل كلمة يحرك بها المأذون شفاهه..
لمعة في عيني "فادي" حاول إخفائها بعلامات الفرحة المرسومة علي ملامحه بينما انخفاض وارتفاع صدره مع كل كلمة تقربه خطوة إلي حلمه باتت توضح للحضور بأكمله من يعرف ولا يعرفه بأن ذاك المتعجرف هو عاشق...
هو عاشق طالما نسج في خياله روعة تلك اللحظة..هو عاشق تكبد الكثير من أجل الوصول إلي تلك اللحظة..
بينما لم يختلف الحال عند "قمر" كثيراً فعلامات السعادة التي أضافت طابعً ساحراً علي ملامحها ودمعة الفرحة التي تتأرجح علي خديها المتوردين خجلاً ورعشة أناملها التي تبعث بصدمات كهربية متتالية لكيانها بأكمله..
كل ما سبق بالإضافة أثبت وبنسبة 100% أن تلك الفتاة عاشقة بل إنها تخطت مراحل العشق بكثير وباتت متيمة بذاك الشاب أسفل المسجد والذي يحرك شفاهه بكلماته المرتعشة فرحً..
أطلق "فادي" تنهيدة سعادة امتزجت بارتعاد كيانه بأكمله ورجفة قلبه الذي ضخ بروده إلي أوصال "فادي" الذي أغلق عينيه بهدوء امتزج بنبرته العاشقة ليقول:قبلتها زوجة لي علي سنة الله ورسوله وعلي مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان 
يا الله ما أروع تلك الجملة التي ارتعد من أجلها كيان العاشقين فرحً..تلك الجملة التي دمعت من أجلها عيني عاشق بات أيامه وهو متأكد من أنك يا الله وحدك من سترزقه تلك الفرحة التي ارتعش لأجلها كيانه ودمعت عينيه فرحة بها..
تلك الجملة التي جعلت تلك العاشقة التي طالما تألمت وتأذت ولكنها لم تتخلي لحظة عن إيمانها بك يا الله ها هي الآن تنخرط بكاءً ولكنه ليس بكاء عجز أو ألم هو بكاء فرحة برحمتك التي أودعتها بها با الله ومنحك إياها لرجل لطالما ناجيت باسمه سمواتك السبع يا الله..
يا الله ما أروع الاجتماع بحلالك وما أروع جزائك إيانا برحمتك بعد الشقاء..يا الله ما أروع أن تنظر إلينا بوجهك الكريم نظرة عطف لتبدل حالنا إلي الفرحة التي تدمع من أجلها عينيها..
انتهي عقد القران لتتوالي التهاني علي "فادي" من الجميع حتى من لا يعلموه ولكن ما تيقنوا منه أن يستحق الفرحة بعدما تكبد من حزن..
ومن بين الجميع كانت ضمة "ياسر" ل"فادي" هي الأروع..ضمة ممتزج بلمعة عينيهما التي طالما اكتست بالحزن ها هي تكتسي بدموع الفرحة..
مسح "ياسر" علي ظهر "فادي" بهدوء امتزج بنبرته الفرحة ليقول:أخيراً يا "فادي" 
تحولت رعشة كيان "قمر" إلي إرتجاجة بعثت الخوف في أوصال "مريم" التي تحتضن صديقتها قائلة بنبرة فرحة:"قمر" أهدئي يا حبيبتي أهدئى "فادي" صار زوجك أمام الله وأمام الجميع كفاكي دموع وهيا بنا هم بانتظارنا أسفل
ما كانت "قمر" نهائياً في ذاك العالم المحيط بها وإنما كانت في عالم موازي لا تسمع في صدي إلي لنبرة "فادي" المرتعشة وهوة يقبلها زوجة له وما كانت تري أحدً إلي ظل جسدها الذي طالما أنحني طالبً من الله منحه تلك اللحظة..
ولكن!!عندما حانت تلك اللحظة ما كانت تتصور "قمر" بأنها ستتحول إلي مغناطيس يجذب ما بداخلها من آلام ويبدلها بفرحة ما ظنت يوماً أنها ستدق باب قلبها الذي بات الآن يرتعد فرحة..
فرحة انتظرتها "قمر" طويلاً..فرحة عقد قرانها ب"فادي"..
لحظات معدودة انخفض فيها أنين بكاء "قمر" تدريجياً لترفع رأسها المدفونة بين ذراعي صديقتها لتحرك شفاهها بنبرة فرحة مرتعشة:صرت زوجته يا "مريم" 
كفكفت "مريم" دموع "قمر" بأناملها لتهوي بثغرها طابعة قٌبلة فرحة علي جبينها قائلة بنبرة فرحة:أخيراً يا "قمر" انتهت أوقات الحزن وما أتي بإذن الله سيكون للفرح وفقط 
اتكأت "قمر" برعشة جسدها علي يد "مريم" التي أودعت طفلتها بين يدي "فادية" و"ثرية" لتهوي السيدات إلي أسفل المنزل بينما باتت رجفة كيان "قمر" تزداد مع كل خطوة تخطوها تجاه "فادي"..
"فادي"!! ذاك العاشق الذي تمكن بأعجوبة من التحكم في لمعة عينيه وهو واقف بين أصدقائه منتظرً هبوط زوجته..
"فادي"!!الذي رسم سحر علي ملامحه بابتسامته الفرحة تلك وبصخب ضحكاته ..
خطوات ثابتة تقدم بها "فادي" تجاه "قمر" بينما نظرات عينيه العاشقة تصوب بلا رحمة بعيني "قمر" المغرقة بدموع الفرحة تمتزج مع ابتسامة الحياء المرسومة علي محياها..
سنتيمترات معدودة فصلت بين العاشقين ليرتفع صخب ضربات قلبهم التي قاربت علي الفتك بكيانهم وبلا سابق إنذار أحاط "فادي" بذراعيه خصر "قمر" ليغمرها بين ضلوعه في ضمة لطالما انتظرها طويلاً..
ضمة الحلال التي طالما تمني "فادي" أن يحظي بها أمام الجميع ليخبرهم أنها باتت ملكه هو وفقط ..
لتحيط "قمر" بذراعيها رقبة "فادي" بينما وجهها مختفي في كتفه ونسمات أنفاسها المرتعشة تبعث صدمة كهربية إلي قلب عاشقها ليزيد من إخفائه لها بين ضلوعه ويزيدها تمسكاً به ..
تلك الضمة التي فتكت بحواجز الألم التي تحيط بقلب العاشقين وتبدلها بصدمة فرحة كهربية تعيد إحياء قلوبهم..
تلك الضمة التي تقف أمامها حروف الأبجدية بأكملها عاجزة عن تصوير روعة تلك الضمة ونقاء الإحساس الذي أحاط بالعاشقين ...
لحظات معدودة وهبطت "قمر" من بين ذراعي "فادي" لتبدأ دفعة المباركات الثانية تصوب إليهم و خصيصاً من "بسام" الذي باتت دموعه قريبة جداً من الهبوط فور احتضانه ل"قمر"..
و بمجرد أن أنهت المباركات من الأصدقاء الذين كانوا معدودين ولكن فرحتهم باجتماع قلبيً العاشقين كانت كبيرة حتى انطلق "فادي" ب"قمر" في نزهة خاصة بذاك اليوم الفريد من نوعه بسيارة استأجرها "فادي"..
يوم بالكامل..قضاه العاشقان بمفردهم يتسامرون ويمزحون وابتسامة عشق تزين ملامحهم...
يوم بالكامل..كان خالياً من التوتر كان أو الحزن وتحول إلي يوم علت فيه لغة الفرحة..
توقفت السيارة أمام منزل "الشيخ\راضي" لتسند "قمر" رأسها للخلف وتطلق تنهيدة فرحة امتزجت بنبرة إرهاق قائلة:الساعة باتت الواحدة بعد منتصف الليل
خلع "فادي" حزام الأمان الخاص بالسيارة ليسند رأسه إلي الخلف ومن ثم ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامحه ليقول بنبرة إرهاق:يا الله !! لم أشعر بروعة كما شعرت في الساعات التي أمضيناها سوياً
مسحت "قمر" علي جبينها بهدوء لتحرك شفاهها بنبرة مزاح:أشعر وكأن معدتي تمددت وصارت مترين إلي الأمام 
ارتفع صخب ضحكات "فادي" الذي التفت برقبته إلي "قمر" قائلاً بنبرة مرح:ذاك جزاء من يعشق الطعام تتحول معدته إلي مستوطنة للأطعمة 
التفت "قمر" برقبتها لتقابل عيني "فادي" لتحرك شفاهها بنبرة مزاح:ليس بخطئي ولكن الطعام كان فوق الرائع
أطلق "فادي" تنهيدة راحة امتزجت بنبرة الفرحة النابعة من شفاهه ليقول:أتدرين ما العجيب في ذاك اليوم؟!
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب امتزج بنبرتها المتسائلة لتقول:ماذا؟!
أغمض "فادي" جفونه لثوانٍ معدودة ومن ثم فتحها ليطلق تنهيدة فرحة امتزجت بنبرته المتحسرة قائلاً:أن الفرحة زارت أبواب قلبي من جديد وأن صخب ضحكاتي عاد من جديد 
وبحركة لا إرادية..احتضنت "قمر" يد "فادي" بكفها الصغير لتحرك شفاهها بنبرة طمأنينة:من اليوم سأبذل قصار جهدي للحفاظ علي فرحتك تلك و إبقاء صخب ضحكاتك ترتفع عالياً لتمد قلبي بالطمأنينة 
بقدر ما كانت كلمات "قمر" عاشقة بقدر ما كانت لمسة يدها ساحرة واستطاعت دب رجفة كهربية في كيان "فادي" بأكمله ليزيد "فادي" من تمسكه بيد "قمر" قائلاً بنبرة حانية:هناك سؤال يتردد ببالي منذ الصباح؟!
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب امتزج بنبرتها المتسائلة التي حركت بها شفاهها قائلة:ما هو؟!!
ابتلع "فادي" ريقه بهدوء امتزج بنظرات عينيه العاشقة ونبرته الساحرة ليقول:كيف يكون مذاق شفتيك؟!
اتسعت عيني "قمر" ذهول امتزج بتجمد أوصالها ورجفة قلبها وحمرة خديها الذي سرعان ما اشتعل خجلاً لتكتمل صدمة "قمر" بشفاهها التي صارت كالجليد..
رعشة رموش "قمر" وحمرة وجنتيها سرعان ما جعلت "فادي" يعزم علي إيجاد إجابة لسؤاله بنفسه ليقترب من "قمر" بحذر ممتزج بأنفاسه التي تهبط وترتفع شوق..
مليمترات معدودة فصلت بين العاشقين ليلمح "فادي" بعينيه رجفة رموش "قمر" المغلقة علي عينيها ليطلق "فادي" تنهيدة عشق ممتزجة بشوق لتحول تلك التنهيدة إلي صدمات كهربية زادت رجفة كيان "قمر"..
عزف "فادي" علي أوتار قلب "قمر" بهدوء نابع من هدوء لمساته علي شفاه "قمر" بشفاهه كأنه يريد انصهار ذاك التجمد المسيطر علي شفاه "قمر" وما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى استطاعت لمسات شفاه "فادي" الحارة تحويل شفاه "قمر" إلي قطعة كراميل تنساب بين شفاهه في قٌبلة العشاق الأولي..
قٌبلة عاشقة حبست أنفاسهم لتحلق بهم إلي عالم الخيال حيث كانت أصوات نبضات قلبهم الصاخبة هي العازفة لنغمة العشق التي أحاطت بالعشاق في قٌبلة تحول فيها هدوء لمساتها إلي شوق امتزج بقوة نسبية نبعت من شفاه "فادي" الذي قارب علي التهام شفاه "قمر" حرفياً من شدة قٌبلته تلك التي لم تعبر إلا عن 1% من الشوق المشتعل بكيانه بأكمله..
عاد "فادي" للعزف علي أوتار قلب "قمر" بلمسات شفاهه الهادئة لتتحول قٌبلته من القوة إلي الهدوء من جديد..
سُلبت أنفاسهم واتحدت نبضات قلوبهم واستوت رجفة كيانهم كل هذا كان من قٌبلة العشاق الأولي..
ابتعد "فادي" عن شفاه "قمر" بأعجوبة ما كان يظن بأنه سيترك تلك شفاه الكراميل تلك ليلهث أنفاسه بصعوبة قائلاً بنبرة مرتعشة:قمري أصعدي إلي المنزل من الأفضل لأنني أكثر من ذلك لن أستطيع التحكم في مشاعري
ما كانت "قمر" منتبهة إلي حديث "فادي" بل كانت مغيبة عن الوعي تمامً بإحساسها بحرارة قٌبلات "فادي" التي أشعلت ألسنة الشوق في كيانها بأكمله..
وبقدر ما كان يشتعل من شوق داخل كيان "فادي" بقدر ما كان اللاوعي يسيطر علي "قمر" التي حاولت لهث أنفاسها بعد أن سلبها "فادي" في قٌبلتهم الأولي..
لتتحرك أناملها المرتعشة تجاه مقبض السيارة لتحرك شفاهه المرتعشة قائلة:تصبح علي خير 
وبمجرد أن انفتح باب السيارة حتى ضرب جرس الإنذار في كيان "فادي" بأكمله ليحكم القبضة علي يد "قمر" التي ارتفعت صيحاتها بصدمة..
وقبل أن تتحرك شفاهها بحرف واحد أجابها "فادي" بشفاهه بقٌبلة التهم فيها "فادي" شفاه "قمر" وسلب منها ما كان من أنفاس ليعيد عزف سمفونية العشق علي شفاهها التي تجاوبت مع شفاهه في قُبلة أقوى حرارة من الأولى..
لتحيط "قمر" برقبة "فادي" بذراعها المرتعش وتتجاوب مع قٌبلته المشتاق الممتزجة بقوة شفاهه التي قاربت علي التهامها..
ابتعد "فادي" عن "قمر" ببطء بينما مازالت نظراته العاشقة تصوب تجاه عيني "قمر" المرتعشة ليطبع "فادي" بشفاهه قٌبلة حانية بين عيني "قمر" قائلاً بنبرته العاشقة:أعشقك 
ارتعد كيان "قمر" لقٌبلة "فادي" الساحرة بين عينيها لتحرك شفاهها بنبرة مرتعشة:أنا أيضاً أعشقك بل تخطيت مراحل العشق
أعاد "فادي" فعلته بطبع قٌبلة بين عيني "قمر" قائلاً بنبرة هدوء:سأحادثك في الصباح 
بدأت "قمر" تستعيد تحكمها في أنفاسها لتحرك شفاهها بنبرة هادئة:سأنتظرك 
ارتجلت "قمر" من السيارة بعد أن حملت حقيبتها وما جلبه "فادي" لها من هدايا لتدلف داخل المنزل بعد أن ودعت "فادي" بحركة يدها المودعة..
لتستدير "قمر" بظهرها متجهة إلي داخل المنزل بينما تحسست أناملها شفاهها ببطء ممتزج بفرحة بقٌبلتها الأولي من "فادي"..
"فادي"!! الذي أعاد إحكام حزام الأمان علي جسده وانطلق بالسيارة بسرعة لا تقارن بسرعة ضربات قلبه المشتعل شوقً للمسة شفاه "قمر" الساحرة من جديد..
...
مع بداية ثالث أيام عيد الفطر المبارك..
داعب شعاع ذهبي جسد "قمر" التي تجوب الحجرة يميناً ويساراً بينما عينيها باتت تصوب نظرات غضب لتحرك شفاهه بنبرة مرتفعة:ماذا تعني بحديثك يا "فادي" كيف يٌعقل أن أنفذ ما تقوله؟!!
نبرة تنبيه امتزجت بصيحة ضجر نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:"قمر"؟! مرة أخرى ترتفع فيها نبرتك أمامي سيحدث ما لا يحمد عقباه 
أطلقت "قمر" تنهيدة ضيق امتزجت بنبرة غضب مكتوم حركت بها شفاهها قائلة:كيف يا "فادي" تطلب مني ألا أرتدي نقاب وأنت تعلم أن من الممكن أن يأتي أبي إلي الزفاف؟!وكلانا يعلم ماذا سيحدث إذا رأنا؟!
علامات التحدي سرعان ما استولت علي ملامح "فادي" الذي حرك شفاهه قائلاً بنبرة غضب امتزجت بقوته المعتادة:إذا لم يكن لكي رجل يحميكى عندها يحق لكي السؤال ب"كيف" وإن عجزت عن حمايتك حينها حادثيني بما تشأئين 
ارتعدت أطراف "قمر" من نبرة "فادي" التي تحمل في طياتها غضب إذ اشتعل سيفتك بها لا محال لذلك حركت "قمر" شفاهها بنبرة اعتذار مرتعشة قائلة:"فادي"؟! أنا لا أقصد ذاك من حديثي أنا فقط..
وكما يقولون في الأمثال الشعبية البحتة "اللي حضر العفريت يصرفه" 
كهذا كان حال "قمر" التي أشعلت و بلاوعي غضب "فادي" الممتزج ببرودته المعتادة التي باتت تتحكم من أوصاله..لذلك حرك "فادي" شفاهه بنبرة ضجر امتزجت بلامبالاة قائلاً:لا يهم..أنا سأغلق أمامي أمور كثيرة يجب إنهائها 
أطلقت "قمر" تنهيدة حزن امتزجت بنبرة شفاهها المستعطفة لتقول:"فادي"؟!أنا آسفة لم أقصد شئ صدقني 
كالعادة عندما تتحكم اللامبالاة من أوصال "فادي" فإنها تبقي ممسكة بزمام الأمور إلي أجل غير مسمي لذلك حرك "فادي" شفاهه بنبرة برود قائلاً:إلي اللقاء
ألقت "قمر" بهاتفها علي فراشها بقوة اكتسبتها من ضجرها من لامبالاة "فادي" ونبرة بروده التي لم تقدر نهائياً علي إزالتها لتحرك "قمر" شفاهها بنبرة ضجر امتزجت بألسنة الغضب التي تتصاعد من أطرافها قائلة:متعجرف؟!
أما علي الجانب الآخر..
فبمجرد أن أنهي "فادي" تلك المكالمة التي عكرت صفو يومه إلي حد ما حتى أطلق تنهيدة ضجر امتزجت بعلامات اللامبالاة المرتسمة علي ملامحه ليحمل سلسلة مفاتيحه منطلقاً إلي المكتب المسئول عن تدبير أمور سفره..
..
أما بالنسبة لباقي أبطالنا فكانت الأجواء المحيطة بهم أقل حدة بكثير مما نشب بين العنيدة والمتعجرف..
فالجميع بات ينهي لمساته الأخيرة من أجل زفاف تلك الأمسية التي ستشهد علي اجتماع "بسام" و "أسماء" أخيراً تحت سقف منزل واحد بالحلال..
فما بين انشغال "بسام" بمتابعة أمور القاعة المخصصة للزفاف وتدبير أموره الأخيرة من تجهيزاته لنفسه وما بين نظرات الفرحة في عيني "أسماء" وعلامات التوتر التي تحكمت من ملامحها منذ فجر اليوم وانشغال "مريم" بإنهاء اللمسات الأخيرة علي ثوبها هي وصغيرتها وتجهيز حلة "ياسر" السوداء..
حاولت "قمر" بالرغم مما يجول بخاطرها من ضجر امتزج بحزن تمكن من أوصالها لما حدث من مشادة مع "فادي" في الصباح إلا أن ثغور الفرحة المنتشرة علي كيانها لتمام زفاف شقيقها جعلتها تقلل من حدة رأسها التي بات يشتعل ضجراً..
وبينما كانت "قمر" منشغلة بإعادة تهيئة ثوب الخطوبة من أجل الزفاف وهي تحاول رسم علامات الهدوء علي ملامحها كان العكس تماماً يحدث مع "فادي" الذي أشتعل لتوه من حديث المسئول عن إتمام إجراءات الزفاف..
ليضرب "فادي" الطاولة بيده التي باتت تظهر حدة شرايينها التي تشتعل غضباً ليحرك "فادي" شفاهه قائلاً بنبرة غضب امتزج بنظرة عينيه الثاقبة:ماذا تعني بأنك لم تستطيع تأمين المنزل والتأشيرات إلا بعد أسبوع؟! بحديثك السابق أكدت لي أن مكوثي في السعودية لن يدوم إلا لثلاثة أيام وعلي هذا قمت بحجز التذاكر والفندق ورتبت أموري علي هذا..الآن تقول لي أنه يجب أن أمكث أسبوع آخر قبل السفر إلي "كندا"؟!
لطالما سمع ذاك المسئول عن ألسنة اللهب التي تتطاير إثر غضب "فادي" حيث عجز جميع من حضروا بركان غضبه هذا عن إخماده ولطالما ظن أيضاً أن ما قاله هؤلاء البشر ما كان إلا مبالغة منهم لا أكثر..
ولكن؟!مع معاصرتهم لموجة الغضب الأولي من "فادي" تأكد أن ما حادثه به البشر ما كان إلا 1% من حقيقة غضب "فادي" الذي يفتك بجميع من حوله..
لذلك حاول ذاك المسئول التقليل من حدة ذاك الغضب بنبرته الهادئة والممتزجة بنظرات عينيه القلقة ليقول:اهدأ قليلاً يا "فادي"..ما حدث ما كان بإرادتي وأنا تواصلت مع المسئولين عن المنزل بإنهاء ترتيباته في الوقت الذي اتفاقنا عليه ولكنني تفاجئت بمكالمته لي البارحة ليخبروني بأن التعديلات الذي طلبناها لن تتم إلا بعد أسبوع من الموعد الذي اتفاقنا عليه في السابق 
حرك "فادي" أصابعه المشتعلة غضباً علي الطاولة ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلاً:حسناً ولكنني ماذا سأفعل في ذاك الأسبوع وإياك أن تخبرني بأن الحل في تأجيل موعد الزفاف
حرك ذاك المسئول رأسه نافياً ومن ثم تحركت شفاهه بنبرة هدوء نسبي:بالطبع لا ولكن الحل يكمن في أن سيادتك بعد إنهائك لفترة مكوثك في السعودية بدلاً من الذهاب إلي كندا كما كان مخطط سنضطر إلي الذهاب إلي 
هولندا وأنا قمت بتدبير الأمور وتقديم طلب للحجز في أحد الفنادق وبذلك ستمكث أسبوع في هولندا ومنها إلي كندا أطلق "فادي" تنهيدة ضجر امتزجت بنبرته التي تكتم ألسنة غضبه ليقول:حسناً ولكن إذا وجدت نفسي فجأة متجه إلي بلاد غرب آسيا صدقني سأبعثك للقطب الشمالي لتتمتع مع أحد الدببة القطبية 
....
حلت الأمسية سريعاً علي الجميع..تلك الأمسية التي حملت من فور بدايتها أصوات الدفوف ونغمات أغاني الزفاف لتعلن بداية حفل زفاف "بسام" و "أسماء"..
ابتسامة فرحة اكتسبها الحضور من ملامح العروسين التي تشع سعادة نشبت من قبضة يدهم المتحدة سوياً لتبدأ مراسم الزفاف كما هو معتاد لدي معظم المصريين..
وما بين موسيقي هادئة امتزجت بكلمات أغنية "اسمي"..رسم "بسام" و "أسماء" أروع لوحة رومانسية بنظرات عينيها التي أباحت بعشق امتزجت بفرحة تسري في أوصالهم..
ومن ثم بدأت أغاني الزفاف المتعارف عليها لدي معظم الشباب لتعج القاعة بصيحات أصدقاء "بسام" المرحة لتمتزج مع ضحكات أصدقاء "أسماء" من حولها..
لترتسم لوحة جنونية بصيحات الأصدقاء الذي لم يهتموا بشئ سوي التعبير عن فرحتهم..
وما بين كل هذا كانت "قمر" تجلس بجوار "مريم" وبين ذراعيها "تميمة" تهدهدها بسعادة ارتسمت علي شفاهها ولكن!! لا تتناسب نهائياً مع نظرة عينيها الحزينة..
وبالرغم من محاولات "مريم" في إزالة تلك النظرة التي تعكر صفو تلك الفتاة الساحرة إلا أن "قمر" فضلت ألا تعكر صفو يوم صديقتها وأن تخصص تلك اللحظات للفرحة وفقط..
وبذكاء "قمر" استطاعت تهدئة بال "مريم" تجاهها قليلاً بالانشغال بالتقاط صور "السيلفي" التي جمعت الصديقتين وتلك الطفلة الصغيرة وبخفة دم "قمر" المعتادة استطاعت تحويل مجري الحوار من قلق إلي مزاح امتزجت بضحكاتهن التي اختفت خلف أستار النغمات الصاخبة..
ومن بين ذاك المزاح الذي لم ينقطع ولو للحظات بين الصديقتين كانت عيني "قمر" تختلس النظر إلي "فادي" الجالس بصحبة "ياسر" في أقصى يسار الطاولة الجالسين عليها يتسامرون بنبرة عجزت "قمر" عن تفسيرها ولكن!!نظرة عيني "فادي" الباردة الممتزجة بنبرة اللامبالاة التي استقبل بها "قمر" منذ بداية الزفاف جعلت أوصال "قمر" تشتعل غضباً من تصرفات ذاك المتعجرف الذي لم تتغير نهائياً..
هدأ صخب الأغاني إلي حد ما ليعود الجميع إلي موضعهم تاركين فرصة للعروسين بالراحة والتقاط بعض الصور التذكارية مع أصدقائهم لذلك اتجه كلاً من "فادي" و"ياسر" بصحبة "قمر" و"مريم" لتقديم التهنئة إلي العروسين..
ارتسمت ابتسامة فرحة علي ملامح "بسام" فور رؤيته ل"قمر" تتقدم تجاهه ليخطو إليها وابتسامته تزداد اتساعً تدريجياً..تعلقت"قمر" برقبة "بسام" في ضمة سريعة امتزجت بنبرة "قمر" المهنئة ل"بسام" ليتابع الباقي في تقديم التهنئة ومن ثم الوقوف لالتقاط صورة تذكارية..
وقبل أن تعود "قمر" أدراجها إلي الطاولة اقتربت من أذن "بسام" لتهمس قائلة:ماذا بك؟! لا تدع أية غصة حزن تعكر صفو فرحتك!! إن لم تأتي أمي فلا بأس جميعنا بجوارك..أأخبرك بأمر؟! اعتبرني أنا والدتك..نعم أنا قصيرة القامة قليلاً ومجنونة إلي حد ما ولكن الفرحة الناشبة في قلبي ليست فرحة أخت لزفاف شقيقها ولكنها فرحة أم لرؤية ابنها عريس وابتسامته الفرحة تزين ملامحه 
ما إن أنهت "قمر" حديثها حتى شعرت بقٌبلة حانية تطبع علي جبينها من "بسام" الذي حرك شفاهه بنبرة هامسة قائلاً:مازال قلبك يشعر بما يجول بخاطري وبالتأكيد الآن تشعرين بأن كلماتك تلك ضربت أحزاني عرض الحائط 
ارتسمت ابتسامة راحة علي ملامح "قمر" لتمتزج مع نبرة الفرحة التي حركت بها شفاهها قائلة:انتبهي عليه يا "أسماء"
تسامرت "قمر" لثوانِ معدودة مع العروسين لتعود إلي الطاولة ومعها تتسع عينيها تعجبً امتزج بنبرتها المتسائلة لتقول:أين "فادي"؟! 
انتبه كلاً من "ياسر" و"مريم" المنشغلين بالحديث المرح وهدهدة ابنتهم ليحرك "ياسر" شفاهه قائلاً:في الحديثة المقابلة للقاعة 
ابتلعت "قمر" ريقها بضيق امتزج بنبرتها المترددة التي حركت بها شفاهها قائلة:هل لي بكلمة معك يا "ياسر"؟!
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "مريم" لتأكدها من أن نبرة التردد المرتعشة النابعة من شفاه "قمر" ما هي إلا لقلقها من ضجر "مريم" لذلك حركت "مريم" شفاهها بنبرة هادئة قائلة:سأذهب إلي دورة المياه للتأكد من حجابي 
قامت "مريم" من موضعها بهدوء بينما حملت طفلتها علي ذراعها بحذر لتقترب من أذن "قمر" هامسة لتقول:لا تبالغي في توترك هذا أنا لا أعلمك من البارحة وبالإضافة لأنه كما اعتبر "فادي" شقيقي..يعتبر "ياسر" شقيقك 
بمجرد أن أنهت "مريم" حديثها لتتجه إلي دورة المياه حتى أطلقت "قمر" تنهيدة راحة لتتجه للجلوس علي مسافة مقعد عن مقعد "ياسر" لتحرك شفاهها بنبرة قلق قائلة:حسناً يا "ياسر" أنا سأتحدث لك كأخ ليس كصديق ل"فادي" 
أومأ "ياسر" رأسه بإيجاب امتزج مع ابتسامته الهادئة لتحرك "قمر" شفاهها بنبرة ضيق:أنا إلي وقتنا هذا لم أستطع بعد فهم شخصية "فادي" بالكامل بالرغم من ظني أوقات أنني استطعت فهم ردود فعله وطريقة تفكيره إلا أن ذاك الظن تغير نهائياً وأصبحت عاجزة عن فهم ما يدور داخل "فادي" 
مسح "ياسر" علي ذقنه بهدوء امتزج بنبرة شفاهه المطمئنة ليقول:أنا صديق ل"فادي" منذ أكثر من 25عام وفي مواقف معينة يتبين لي أنني لم أستطع فهم "فادي" جيداً وبالرغم من ذلك لم اشعر بعجز عن فهمه أو ضجر من لامبالاته التي تعتبر جزء يستحيل أن يتخلي "فادي" عنه
تابع "ياسر" حديثه بنبرة توضيح حرك بها شفاهه ليقول:ولكنني وضعت لنفسي مبادئ يترتب عليها رد فعلي من مواقف "فادي" التي أشعر بعدم قدرة علي فهمها وبتلك المبادئ أستطيع تفسير تصرفه إلي حد ما 
أطلقت "قمر" تنهيدة راحة نسبية امتزجت بنبرتها المتسائلة التي حركت بها شفاهها لتقول:هل لي بمعرفة تلك المبادئ؟! لأن عقلي أصابه الغباء حرفياً
ارتسمت ابتسامة ضاحكة علي ملامح "ياسر" الذي حرك شفاهه بنبرة توضيح قائلاً:"فادي"؟! متسم بطبع المخاطرة فمثلاً إذا أراد الإقدام علي شئ وإذا بأحد يخبره بأن في ذلك خطر عليه أو ما شابه لذلك يزداد إصراره عليه ليس حبً في تنفيذ ذاك الأمر وإنما لكتم ثغر من يظن أن "فادي" لن يقدر علي فعل أمر ما بالإضافة إلي التحدي الذي يعتبر جزء من تصرفات "فادي" والتي تبرز بشدة في مجال عمله أو حتى مع الأشخاص العاديين والأهم من كل هذا أن "فادي" يكره أن يحرك أحد شفاهه بكلمات تحمل في طياتها اتهام ل"فادي" بالعجز ولأنه كما مستحيل أن يدلف إبليس إلي الجنة..يستحيل أن يقبل "فادي" علي كيانه الشعور بالعجز أو يقبل أن يشعر بعدم القدرة علي حماية شئ يخصه أو شخص..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة امتزجت بعلامات القلق التي سرعان ما اكتست بها ملامحها ليتابع "ياسر" حديثه بنبرة هدوء قائلاً:وبالإضافة لذلك أنتي بالطبع تعلمين براعة "فادي" رسم علامات اللامبالاة والتعجرف ونبرة البرود التي تعتبر أهم جزء في كيانه ومن المستحيل أن يتخلي......

يتبع......

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن