الفصل الثالثابتسامة خبث مرسومة علي ثغره ورأسه تتراقص بنشوة من إثر نغمات الموسيقي الصاخبة التي تهز سيارته بينما هو يتراقص بها علي الطريق متلذذ بصيحات باقي السائقين الغاضبة..وقف علي يسار الطريق و التفت بجسده إلي المقعد الخلفي والتقط احدي زجاجات الخمور الملقاة عليها..ليفتحها بنشوة ويسند رأسه إلي مقعده ويرفع زجاجة الخمر إلي فمه ليرتشف ما بها دفعة واحدة بتلذذ ..
قبض بيده الأخري علي مقود السيارة وهو يتذكر ما اكتشفه من أيام قليلة..اكتشاف جديد في قضيته الشائكة الغامضة جعلت بركان الانتقام المشتعل بداخله يزداد ثورة وغليان..
جعلت عقله الشيطاني يعيد حساباته من جديد ليسقي الضحية الجديدة كأس العذاب والألم ببطء شديد..
بينما هو في محكمته الخاصة يدبر العقوبات لضحاياه إذا رآها تخرج من سيارتها الbmw التي تتميز بلون دم الغزال الأحمر الذي يتناسب كليا مع فستانها الأحمر الحريري الذي يتراقص علي بشرتها البيضاء الساحرة ..
أطلق "محب" صفيرا شهوانيا وهو يتفحص ظهرها العاري والوشم المرسوم أعلي ركبتيها وخصلات شعرها الكراملية اللون وجسدها الذي يتحرك حول سيارتها بحثا عن سبب لعطلها ..
ارتشف "محب" ما بقي من زجاجة الخمر و أعدل لياقة قميصه وخرج من السيارة ببطء متلذذ بالنظر لها..كالأسد المتجه نحو فريسته ببطء يبحث بأي جزء يتلذذ يه أولا..
و بدون أي مقدمات أو حسابات لرد فعلها التصق "محب" بخصرها قائلا بنبرة شهوانية:أي خدمة يا جميل
التفت بجسدها نحوه بغضب ممزوج بتشتت من أثر الخمور التي تبدو في رائحة فمها قائلا:أيها المجنون ماذا تفعل ابتعد عني وإلا...
لمسة شهوانية تحسست كتفها العاري لتبعد خصلات شعرها عنه ليزداد تلذذ الأسد بالنظر إلي فريسته السهلة قائلا:ما كل تلك العصبية يا قطعة الكراميل الساحرة كل ما أقصده أن أساعدك لا أكثر ولا أقل
أنهي "محب" كلامه وهو يسحب يده ببطء من علي كتفها يشعر برعشة جسدها وكأنها ترجوه أن يبقي بيده عليه لترتسم ابتسامة خبث ممزوجة بانتصار علي ثغر "محب" لتأكده من وقوع فريسته بين فكيه ليقول:حسنا حان الوقت لكأس فودكا مثلج يهدئ من ثورتك الغاضبة تلك
.....
"روح المخاطرة والمغامرة" جملة بسيطة تتكون من عدة كلمات قاتلة ولكن بالنسبة لبطلنا المتعجرف أحد مكونات روحه الخيالية..هي جزء من كيانه..هي لعبة يتلذذ بممارستها في كل موقف عصيب يقابله..مواقفه اليومية أو العملية بالنسبة له هي عدة معارك في حرب الحياة وبروح المخاطرة والمغامرة التي يتميز بها ينتصر في كل معاركه في لمح البصر ليعلن للجميع أنه المتعجرف الذي لا يقبل الهزيمة مهما كان..
ولكن!! الآن المعركة غير أي معركة..هي معركة أرواح بشرية بين يديه..معركة لا يعلم من خصمه فيها ولكنه سيخاطر من أجل كسب تلك المعركة..
و لذلك..سلم "فادي" جواز السفر إلي صاحبه و انحني علي أذن السائق قائلا:الآن ستقول أن هناك عطل بالحافلة ويجب علي الجميع أن يغادرها لدقائق وستهبط معي أسفل الحافلة ولا أريد أن تزيد كلمة واحدة أخري
هز السائق رأسه موافقا قلقا من نبرة "فادي" الغاضبة و أمسك بالميكروفون الخاص بالحافلة وقال ما أخبره به "فادي"..
هبط الوفد من الحافلة بتذمر بينما تعجب الحاج "منير" مما حدث واتجه إلي "فادي" الذي أخبره أن هناك عطل ما..
وضع "فادي" سماعة البلوتوث الخاصة به في أذنه وانحني هو والسائق أسفل الحافلة ليشهق السائق بخوف لرؤيته قنبلة مثبتة بالحافلة ومثبت بيها جهاز هاتف خلوي..
رمقه "فادي" بنظرة غاضبة وقال:أخفض صوتك أيها المجنون فإذا شعر أحد من الوفد ستكون نهاية عملي وعملك
أكمل "فادي" كلامه وهو يخرج هاتفه قائلا:أمسك بهذا الهاتف و وجه كاميراته الخاصة بتلك الملعونة
هز السائق رأسه بخوف بينما قال فادي:لاقيتها يا وائل زي ما توقعنا في الحافلة من تحت...الصورة واضحة عندك
وائل بنبرة قلق ممزوجة بغضب:فادي توقف عن جنونك هذا وأنا سأبعث بفرقة من المتفجرات لديك
فادي بضيق:وماذا بعد؟؟ سينتشر الخبر بين الوفد ومنه إلي العالم بأجمع ونخسر ركن آخر من السياحة
أكمل فادي كلامه بتصميم قائلا:هيا أخبرني ماذا أفعل؟؟
زفر "وائل" بقوة و مكث لدقائق يتفحص صورة القنبلة وبدأ في إملاء التعليمات علي "فادي" لإيقاف تلك الملعونة..
بعد عدة دقائق..أمسك "فادي" بأحد المفاتيح الذي أحضرها وقطع السلك الرئيسي في القنبلة ليلقي برأسه علي الأرض وقطرات العرق المرتعشة تخترق الرمال ليزفر "وائل وفادي والسائق" بقوة قائلين:الحمدلله
بعد ثواني معدودة..قام "فادي" من موضعه وهو يزيل حبات الرمال من علي ملابسه وبيده الأخري حقيبة سوداء بها القنبلة التي فككها وسط تعجب من الحاج منير من تلك الحقيبة وهدوء بين الوفد السياحي لصعوده الحافلة و التوجه إلي المطار..
.....
في أحد المنازل المخصصة لإشباع متعة "محب" تحديدا في حجرة في أقصي يسار المنزل..ينبعث منها رائحة التبغ والمخدرات..و ضوء خافت يبين معالم الحجرة التي تتكون من فراش و طاولة مخصصة للخمور والمخدرات و مرآة كبيرة توضح كل صغيرة وكبيرة فيمن يقف أمامها.. خرج "محب" من الحمام الملحق بالحجرة لتتعثر قدمه في بنطاله و قميصه و فستان أنوثي و...و....و ما شابه ذلك..
التقط "محب" علبة تبغه وهو يلتهم بعينيه ظهره الفتاة العارية الذي إلتقي بها منذ بضع ساعات وها هي الآن علي فراشه..جارية عنده وظفت لتلبية رغباته الشهوانية..
اعتدلت الفتاة في جلستها ونظرت إلي "محب" نظرة ذات معني قائلة:فين اللي اتفقنا عليه يا حبيبي ؟؟
ابتسم "محب" بخبث وجلس بجوارها وجذبها إلي صدره العاري وهو يمد يده إلي الدرج المجاور له ليخرج منه مبلغ مالي ويضعه بين يدها قائلا:هذا المبلغ زيادة عما اتفقنا عليه من أجل أن تدللي أكثر عندما ألقاكي يا حبيبتي
هند بابتسامة أنثوية ونظرة رغبة:ولكنني لن أستطيع الإتيان في كل مرة تطلبني فيها إلي الصعيد كما أخبرتك كنت هنا من أجل حفلة
استنشق "محب" تبغه وتنفسه ببطء شديد وهو يمسك بخصلات شعر "هند" ليقبضه بين معصمه بقوة جعلت "هند" تتألم من قبضته تلك ليقول "محب" بنبرة تهديد وأمر:لا أحب أن أكرر كلامي مرتين يا قطعة الكراميل عندما أبلغك أن تأتي إلي هنا بسرعة البرق أريدك أن تكوني هنا تحت قدمي
أكمل "محب" كلامه وهو يزيد من قبضته علي شعر "هند" قائلا:و نصيحة مني أيتها الكراميلية لا تعصي أوامري حتى لا تشعلي نار غضبي ولن تقدري علي مواجهة انبعاثتها وليست النار فقط
أومأت "هند" رأسها بالموافقة وجسدها يرتعش من كلامات "محب" القاتلة التي أعلنت أنها أصبحت جارية تحت قدمي هذا المجنون..أغمضت "هند" عينيها بخوف لتنصب داخل كيانها محكمة ضد عقلها الذي لا يفكر إلا في المال..عقلها الذي رضخ لدعوة "محب" إلي الفراش لإنبهاره بالسيارة التي يقودها وسخائه عليها بالمال و ها هي الآن لم تأخذ بين يديه إلا عدة ساعات وأصبحت علي فراشه..جارية لتلبية شهواته ولكنها لا تعلم أنها قادت نفسها بنفسها إلي بركان سينفجر فيها إذا عصت أوامره..
فاقت "هند" من شرودها علي لمسة :محب" معلنة أمر مولاها ودعوته الصريحة لها لتتنهد بخوف وتستلم لمولاها ولشيطانه الذي هرب بها إلي عالمهم الشهواني..
بعد ما يقارب النصف ساعة..فاق من عالمه الشهواني علي صوت رنين هاتفه..ليزفر بضيق ويبتعد عن "هند" ليضع بهاتفه علي أذنه مستمع لما يقوله المتصل..
لاحظت "هند" قبضة "محب" علي يده وظهور عروق عنقه التي تتدل علي أن بركان الغضب قد بدأ في الغليان..انسحبت "هند" تدريجيا من جانب "محب" واتجهت إلي دورة المياه..لتتفاجأ بصوت "محب" الغاضب يرتفع وهو يصيح:نعم!! أعد ما قالته مرة أخري أيها المعاق في ذهنك؟؟ كيف سارت الحافلة بأمان؟؟ في ظرف نصف ساعة أريد هذا الكلب الذي أمرته بزرع القنبلة تحت قدمي في مكتبي في القرية مفهوم أيها المعتوه
ألقي "محب" بهاتفه علي الفراش وقام مسرعا يرتدي ملابسه وعينيه كالبركان الذي بدأ في مرحلته الأخيرة للإنفجار..
بينما "محب" مشغول بارتداء ملابسه إذ لمح كارت يشق الطريق أمام عينيه باستحياء كأنه يقول له "هدأ من روعك أيها الغاضب فأنا أول خيط امتلكته في قضيتك الغامضة"
اقترب "محب" من حقيبة "هند" وأخرج منه الكارت لتتسع ابتسامة خبث تدريجيا علي ثغره لتخفف من حدة ثورته ..في تلك اللحظة خرجت "هند" من دورة المياه قائلة بتعجب ممزوج بقلق:هل هناك خطب ما بحقيبتي !!
رمقها "محب" بنظرة نارية قائلا:في مملكتي أنا الآمر و السلطان و السائل الوحيد وأنتي مجرد فتاة في حرملك السلطان مهمتك هي تلبية رغباتي والإجابة عن أسئلتي
ألقي "محب" الكارت أمام "هند" قائلا:و الآن..أخبريني ماذا تعملين ؟؟
ابتلعت "هند" ريقها بصعوبة قائلة:أنا أعمل في الحسابات الخاصة بشركة dream للسياحة
ابتسم "محب" بخبث وهو ينهي ارتداء حذائه قائلا:حسنا الآن مهمتك انتهت انتظري مني هاتف في وقت قريب وكل مقابلاتنا ستكون هنا إذا لم يطرأ جديد
.......
أغلقت "قمر" هاتفها معلنة نهاية محادثة الواتس أب مع أحد المجهولين لتتنفس الصعداء وترفع رأسها لأعلي لتمتم بخفوت قائلة:الحمدلله
أزاحت "قمر" الوشاح عن وجهها وبدأت في تبديل ملابسها لتسمع طرقات غضب علي باب حجرتها..
فتحت "قمر" الباب لتجد والدتها تقف أمامها وعينيها تشع غضبا قائلة:ما ستكفي عن تهورك هذا؟؟ أتدري ماذا كان سيحدث إذا آتي منير وأنتي في الخارج؟؟ أمجنونة أنتي أم تسعي وراء موتك
تنهدت "قمر" بهدوء قائلة:عذرا يا أمي ولكن الأمر كان طارئ
استشعرت "ناهد" القلق من كلمات والدتها لتتحول ثورتها الغاضبة إلي خوف علي طفلتها الوحيدة لتقول:أمر طارئ؟؟ ماذا حدث يا ابنتي؟؟ هل هناك شئ تخفيه عني!!!
قمر بنبرة شبه ثابتة:مستحيل أن أخفي عليك شئ يا أمي ولكنني كنت أحتاج لبعض المستلزمات من الصيدلية
فهمت "ناهد" مغزي كلام ابنتها لتقول:حسنا يا فتاتي بعد ذلك إذا أردتي شئ أخبريني فقط
انتهزت "قمر" الفرصة وكلام والدتها الذي يعتبر بداية الطريق لما تخطط له لتقول:حسنا يا أمي أريد أن أحاورك في أمر ما
ناهد بترقب:حسنا أخبريني
.....
في حجرة أشبه بحجرة تنفيذ حكم الإعدام..يقف "محب" في منتصف الغرفة ونظرات الغضب تشع من عينيه تصيب كل من بالحجرة بالرعب من أن ينفذ حكم الإعدام به..لحظات صمت خيمت علي كل من بالحجرة وهم يقفون أمام "محب" بصف أفقي قطرات العرق تنصب من جبين كل فرد في الخمسة رجال..
ألقي "محب" بسيجارته تحت قدمه وهو يدهسها بقوة ليأخذ نفسا عميق قائلا:أتعلمون ماذا يحدث لمن يعصي أمرا لي؟؟ أم أن ذاكرتكم أصابها العجز؟؟؟؟
نبرة مرتعشة ممزوجة بخوف أتت ممن ينتصف الرجال الخمسة ليقول:بشرفي يا سيدي لقد تأكدت من تثبيت القنبلة بنفسي
ليكمل من يجاوره من الجهة اليسري قائلا بنبرة مرتعشة:صدقا يا سيدي أنا من قمت بتركيبها بيدي
جلس محب علي حافة مكتبه الخشبي وهو يرمقهم بنظراته الغاضبة ليقول بصوت هادئ:بالطبع بالطبع الخطأ من القنبلة تلك المدللة لم تنفجر أحبت جو الوًد الذي يسود الحافلة
أكمل "محب" كلامه وهو يمد يده إلي داخل درج مكتبه قائلا:لماذا القلق الآن أنا متأكد من أن رجالي قد أدوا المهمة بإتقان وممكن أن يكون عطل فني أصاب القنبلة المدللة
تنهيدة راحة أصابت من ينتصفوا صف الرجال الخمسة لينظروا إلي "محب" بإمتنان قائلين:شكرا يا سيدي
لم يكمل الرجلان جملتهم إذ طغي علي حجرة الإعدام صوت طلقات نارية يؤكد تنفيذ حكم الإعدام..و في أقل من الثانية كانت رصاص محب تتخرق قلب الرجلين لتهبط أجسادهم بسرعة الرياح علي الأرض ودمائهم تختلط بحبات التراب التي طالما اختلطت بدماء ضحايا "محب"..
حرك "محب" ظهره للخلف بحركة تتدل علي الراحة ليقول:لولا أنكم رجالي لأذاقتكم معني العذاب ولكن ليرحمكم الله
أشار :محب" إلي الرجال الثلاثة الباقيين قائلا:والآن لنصلي بهم صلاة الجنازة ونلقي بهم في أي مقبرة من مقابر أحبابي
....
تحسس ملامح وجه ابنه بإحساس من الراحة ممزوج بشغف قائلا:حمدلله علي سلامتك يا بني
فادي بابتسامة عذبة ونبرة مزاح:ماذا حدث لكل هذا يا أبي؟؟ تشعرني وكأنني عُدت من امتحان الإستاتيكا للثانوية العامة
ابتسامة خافتة غزت وجه "حمدي" الذي يشع كثير من الأسئلة قائلا:حسنا أيها المشاكس..اذهب لتبدل ملابسك بينما أحضر الطعام
جذب "فادي" حقيبته إلي حجرته متجها إلي دورة المياه الملحقة بها بينما تنفس "حمدي" الصعداء محادثا نفسه:حمدلله أنه عاد بخير ولكن أيعقل أن يكونوا قد تركوا النوبة!!!
هز "حمدي" رأسه بعنف وهو يتجه إلي المطبخ قائلا:كفي تفكير في هذا الماضي كفي ما عانيته فيه كفي
بعد ما يقارب النصف ساعة..تحديدا في دورة المياه الخاصة ب"فادي" ارتفع صوت هاتفه المحمول ليطغي علي صوت قطرات المياه التي تصدم بجسده ليفتح "فادي" عينيه بملل ويلتقط هاتفه الساكن علي حوض المياه..
أخرج "فادي" رأسه من أسفل الدش ليضع الهاتف علي أذنه قائلا:السلام عليكم!!
وائل:وعليكم السلام..عذرا لاتصالي في هذا الوقت ولكن ما تم اكتشافه يلزم أخبارك به..
أغلق "فادي" صنبور المياه باهتمام قائلا:ماذا حدث؟؟
وائل بنبرة شبه جدية:القنبلة التي سلمتها لزميلي في المطار.عندما فحصها وجد أنه تم صنعها علي يد خبير عالمي لا يستطيع أحد إلا خبير متخصص تصنيعها و وضع الكميات الموزنة بالتمام بها..تلك القنبلة احتوت علي مواد لا تصل إلا للمافيا ولذلك من الضروري أن تخبرنا من أطلعك عليها..
لحظة صمت خيمت علي "فادي و وائل" يتخللها صوت قطرات المياه التي تسقط من جبين "فادي" علي صدره العاري ليقول:أعذرني يا وائل فمن أخبرني لم يكن له هدف سوي نجاة من كان بالحافلة وعار عليً أن أوقعه في مشاكل لا ذنب له فيها
وائل بنبرة شبه غاضبة:ولكن من الممكن أن يكون هو الفاعل..
صعقة شك كهربية اخترقت عقل "فادي" بقوة كأنها تريد منه تأكيد كلام "وائل"..ذاكرته تسترجع ما قالته "قمر" حركات يدها..نبرتها..رد فعلها..الخوف الذي يكسو عينيها..
وأخيرا اتخذ "فادي" قراره وهي يحيط خصره بمنشفته قائلا:تعدي عمري الثلاثين عام وأنا في مقدرة علي التفرقة بين الكاذب والصادق..
تنهيدة ضيق مصحوبة بنبرة شبه غاضبة ليقول وائل:حسنا يا فادي كما تشاء..
.....
بينما هو في أحد أوكاره السرية حيث يرضي رغباته الحيوانية آتته رسالة نصية غيرت مجري يومه ..
ليعتدل في جلسته ويقرأ الرسالة مرة و اثنان وثلاثة ولن أبالغ لو قولت أنه قرأها للمرة العاشرة ليتأكد مما يقرأ..
قبض "محب" علي هاتفه في معصمه لدرجة أوشكت علي تحطم الهاتف بين يده..ليقفز من موضعه بسرعة ويرتدي ثيابه وعينيه تشع توعد ممزوج بغضب عارم..
بينما هو يرتدي قميصه إذ خرجت الفتاة من دورة المياه قائلة:أين مالي؟؟
التفت لها "محب" بنظرة تهديد بأنها لو تفوهت بحرف آخر ستدفن مكانها..نظرة جعلت كيانها يرتعش خوف من النار الذي تشع من عيني "محب" كالبركان الذي بدأ في الثوران لتوه..
نغمة هاتفه معلنة عن قدوم اتصال هاتفي..جعلت "محب" يزداد غضبا أضعاف مضاعفة ليفتح الخط قائلا:نعم؟؟
وكأن "محب" فتح الخط أمام عاصفة كعاصفة تسونامي التي تلتهم أي شئ أمامها ليأتيه صوت منير وهو يصيح به:كيف حدث هذا؟؟ كيف تغرق السفينة في البحر؟؟
محب بنبرة غضب مكتومة:لقد علمت للتو بما حدث وأنا في طريقي إلي الميناء
منير بنبرة توعد ممزوج بغضب:وماذا بعد؟؟هل سأستعيد مالي الذي ضحيت به بسبب استهتارك وتعجرفك
أكمل منير بنبرة حازمة:هذا آخر عمل بيني وبينك وشراكتنا في المصنع الجديد سوف أنهيها
لم يعطي "منير" أي فرصة للرد ليغلق الخط بسرعة البرق..ليركل "محب" الكرسي الخشبي الذي كان أمامه ويصيح قائلا:أنت من فتحت النار علي نفسك..
....
بينما في منزل منير..تحديدا في حجرة "قمر" التي أغلقت محادثة الواتس أب لدخول والدتها قائلة:قمر لن أستطيع إخبار والدك بأي شئ في تلك الفترة
قمر بنبرة حزن ممزوجة بلامبالاة:حسنا يا أمي
ناهد بنبرة مطمئنة:لا تقلقي سأدعه يهدأ من كارثة غرق السفينة التي تحمل البضاعة وسأخبره في الوقت المناسب
قمر بنبرة مستفهمة:أتظنين يا أمي أنه سيوافق علي سفري للقاهرة من أجل رسالة الماجستير
ناهد:كما أقنعته بأن تذهبي لكلية الألسن بإذن الله سأقنعه
ابتسامة أمل ممزوجة بضمة حانية من "ناهد" بدلت حال "قمر" 180درجة لتتمسك بحضن والدتها قائلة:و أنا يا أمي سأبدأ في التحضير للرسالة.
..........
مر أسبوعين علي غرق بضاعة "منير ومحب" في البحر والفاعل مجهول..لم يلتقي كلا منهما ولو للحظة بعد تلك الحادثة وكلا منهما يدبر مكيدة للآخر..و "ناهد" في انتظار اللحظة المناسبة لإخبار "منير" بنية ابنتهم..
بينما "ياسر" ينهي الترتيبات الأخيرة لزفافه الذي لم يبقي عليه سوي يومين و"فادي" معه لحظة بلحظة يتابع معه إجراءات قاعة الزفاف وترتيبات المنزل الأخيرة وكل شئ يخص عٌرس صديق طفولته ومراهقته وشبابه..
..
بينما في محكمته الخاصة حيث يحكم علي هذا بالإعدام وبتلك بأن تصبح خادمة لشهواته..يخطط هو لكيفية الاستفادة منها كطعم مثير ينفذ خطته..وهي تراه صيد ثمين يزيدها مالا وثروة..هو يجيد تمثيل دور العاشق..وهي حائزة علي جائزة الأوسكار بجدارة في تمثيل دور العاشقة البريئة..وفي النهاية غايتهم واحدة لمسة دافئة في الخفاء..
و ألف مبروك...
استلمت غنيمتها المعتادة منه و وضعتها في حقيبتها قائلة:هل تسمح لي بالذهاب فعندي عمل مبكرا؟؟
استنشق نفس هادئ من عود تبغه وهو يزفره في وجهها الذي يعج بمساحيق التجميل قائلا:قبل أن تذهبي..أريدك أن تخبريني قليلا عن عملك
تعجبت قليلا من سؤاله ولكنها لا تريد مجادلته حتى لا تحظي بألفاظه القاتلة لتجيب "هند" قائلة:مهامي كلها في الحسابات..بمعني أنني أتلقي يوميا الأفواج السياحية سواء كانت داخل إطار القاهرة أو خارجها و أقوم بحصر المبالغ التي ستصرف علي الفوج من حافلات وفنادق وما شابه ذلك..
نبرة انتصار لما تفهمها "هند" عندما قال "محب":ولكنك أخبرتني أن بعد غد العمل سيدوم نصف يوم
هند بتذكر:إنه حفل زفاف أحد أهم المرشدين السياحين بالشركة ومدير شركتنا يقدره كثيرا لذلك قرر أن يكون العمل نصف يوم حتى نكون معه في زفافه ولكني كما أخبرتك سآتي لك..
أغمض عينيه بهدوء معلنا سماحه لها بالخروج ونصب محكمته الخاصة لإيجاد طريقة في تنفيذ خطته..
...
برغم ما به من تعجرف و لامبالاة إلا أنه مع صديق طفولته كشاب في بداية مرحلة مراهقته..يضحك ويمزح..يرتب للمشاغبات الشريرة ويستمع لصديقه بإنصات إذا أراد التحدث..يآبي أن تأتي نسمة هواء غادرة لتعكر صفو حياة صديقه..يآبي أن يري لمعة حزن في عيني صديقه..كهذا كان "فادي" منذ أن بدأت صداقته هو و "ياسر" مع بداية يومهم الدراسي الأول..عندما بدأ طفل ثالث محاولته لاستفزاز "فادي" الذي آتي إلي مدرسته بصحبة والده فقط..
ليتمكن الطفل بسذاجته أن يشعل غضب "فادي" بكلماته القاتلة كأين والدتك؟؟كيف تتركك في أول يوم لك في المدرسة بمفردك!! بالتأكيد لم تعد لك طعام الإفطار؟؟
بالنسبة إلي طفل هي مجرد أسئلة عادية ولكن..بالنسبة ل"فادي" كسهام مسمومة تطعن في جرح قلبه الذي ينزف منذ رحيل والدته..
ليبدأ العراك بين الطفلين ويصبح أول يوم دراسي بالنسبة ل"فادي" كابوس..حيث أمر مدير المدرسة الإبتدائية بمعاقبة "فادي" لأنه من بدأ بالعراك حسب رواية زملائه في الفصل..بالوقوف طوال اليوم الدراسي تحت ظل الشمس..
وكأن الجميع قد اتحد ليصبح خنجر يطعن في قلب هذا الطفل اليتيم لتزيد حرارة الشمس من إحساسه بفقدانه لضمة حنان من والدته وتزيد لمعتها علي جبينه المتعرق من قسوته التي نمت فيه منذ طفولته..
أبي العالم أن يكون بأجمعه ضد "فادي" ليأتي له أحد زملائه في الفصل وهو يخفي تحت قميصه زجاجة المياه الخاصة به قائلا:اشرب بعض المياه
و في أقل من الثانية ارتشف "فادي" زجاجة المياه كلها ليقول وهو ينشف قطرات المياه من علي ثغره قائلا:ألا تخشي أن يراك المدير؟؟
ابتسامة طفولة ممزوجة بنبرة شبه ماكرة:لا تقلق فهو مشغول بمتابعة الفصول
أكمل الطفل وهو يمد يده قائلا:أنا ياسر
صافح "فادي" يد زميله قائلا:و أنا فادي..
فاق "فادي" من ذكرياته علي لكمة في ذراعه الأيمن ليجد "ياسر" يصيح به:يا عاشق الصمت أنت اليوم يوم الإحتفال بآخر ليلة لي كعازب هل من الممكن أن تتخلي عن صمتك هذا
ابتسامة مكر ممزوجة بنبرة مرحة صدرت من "فادي" وهو يقوم من موضعه تدريجيا قائلا:أنت من طلبت هذا
قرأ "ياسر" في عيني صديقه عما ينوي فعله قائلا:ما تلك النظرة!! ضع في حسبانك أننا في غرفتي وأنه إذا دخل علينا أحد سيظن مالا يخطر علي بال
ضحك "فادي" بقوة وهو يمسك بوسادة لتبدأ حرب المطاردة بالوسادات بين "فادي" و "ياسر" وتبدأ ضحكاتهم في الارتفاع تدريجيا..
بينما هم مشغولين بمزاحهم إذ طرق أحد باب الحجرة ليقول ياسر من بين ضحكاته:أدخلي يا شيمو
فتح باب الحجرة تدريجيا لتظهر "شيماء" أخت "ياسر" التي تكبره بخمس سنوات وتمتلك من الأطفال إثنين لتقول:أصدقائك بالخارج أستظل في حجرتك قليلا
فادي بنبرة مزاح ممزوجة بضحك:أعذريه يا شيماء فقد تملك الخجل منه
انطلقت الضحكات من "فادي وشيماء" ليمسك "ياسر" بيد "فادي" اليسري ويثنيها خلف ظهره قائلا:أذهبي لأطفالك يا شيماء و أخبريهم أن خالهم سيسجن في قضية قتل لصديقه قبل زفافه..
............
لا نستطيع القول بأن ما بينهم صداقة..أو يمت للصداقة ولو بدرجة 1% لأن الاثنتان يبذلان أقصي جهد لديهن لضرر الأخري..كل واحدة منهن تريد أن تدمر حياة الأخري كما دمرت حياتها..تريدها أن تكون مثلها في كل شئ..حتى لا تشعر بأنها الوحيدة الساقطة..
علاقتهن ليست صداقة ولكنها أعلي درجات الحقارة...
كهذا كانت "هند" منذ تعارفها علي "محب" أرادت أن تجعل من "إسراء" خادمة لشهوات الغير مثلها..
حاولت كثيرا بكل طاقة لديها أن تدمر عفة من تظنها صديقتها ولكن نهاية محاولات الفشل..
لأول مرة تشعر "إسراء" بأن حبها ل"فادي" أصبح بفائدة.فرغم نظراته الباردة وطريقته المتكبرة و أسلوبه المتعجرف..
لم تقدر أن تسلم نفسها إلي أي رجل من نسل آدم..تعلم جيدا أنها من المستحيل أن تحظي بنظرة رضي من "فادي" ولكنها أيضا مازالت محافظة علي ما باقي منها من أصل طيب..
و في احد دورات مياه الخاصة بالفتيات في النادي الليلي..
صاحت "هند" بنبرة غضب ممزوجة باستهزاء:هل تظنين أنكي هكذا شريفة؟؟تمنعين نفسك من الرجال ولكن مع ذلك هل آتي لكي برجل يصف معالم جسدك فالجميع حفظها عن ظهر قلب من ملابسك تلك
إسراء بنبرة توعد ممزوجة باشمئزاز:نعم..لست الفتاة الطاهرة ولكنني لم أبيع جسدي لمن يدفع مال أكثر.لم أكن عشيقة هذا وحبيبة ذاك
بدأ العراك ينشب بين "إسراء" و "هند" ليصل إلي صفعه علي خد "هند" من "إسراء" لتشتعل "هند" غضب..
ويبدأ عراك نسائي بحت بين الفتاتين..يتخلله معايرة من تلك لتلك..وألفاظ بذيئة من تلك لتلك..
أنتهي العراك بأعجوبة..حيث استطاعت باقي الفتيات أن تحجز بينهم وتعود كل فتاة إلي موضعها متعودة للأخري..
......
ظلمات الليل..أقوي ستار يستتر به العشاق...يشاطر أحزان الموجعين من الفراق...تتابع بصمت من يعيشون حياتهم في صمت أمام شاشة هاتف لا يعلمون شئ عن أحد ولا يوجد أحد يشعر بغيابهم أو وجودهم..
تتجسس علي من يدبرون المكائد لغيرهم..شاهدة علي دموع تلك وغيرة هذا وفرحة تلك و توعد هذا..
في النهاية..هي الستار الذي يختبئ خلفه الجميع ولو لساعات ليستطيعوا المضي في حياتهم..يتبع.........
#نورهان_حسني......
أنت تقرأ
في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني
Mystery / Thrillerبسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المقدمة "كرم.. شجاعة.. انتماء" صفات تلخص مشوار هذه المدينة السمراء النوبة ؛ أو كما أطلق عليها عبر التاريخ أطيب المدن وأقدمها.. "مدينة التضحيات" قيل عنها فى حكايات أخرى، وعلى الرغم من تعدد صفات...