الفصل الحادى عشر

1.6K 53 0
                                    

الفصل الحادي عشر

نسمة هواء بارد اجتاحت كيان "فادي" قبل "قمر" ليخيم الهدوء علي ذاك الشارع الذي حمل من لحظات براكين غضب متفجرة ولكن الآن بات تحولت العند إلي صدمة..تحول الغضب إلي عدم تصديق...
أصاب العجز كيان "فادي" و"قمر" وكأن الزمن توقف بهم للحظات لا يعلم أي منهما مدها ولكنها لحظات تحمل في طياتها الصدمة الممزوجة بالفرحة الممزوجة بقليل من الندم الممزوجة بكثير من عدم التصديق..
دقات قلب نبعت من الإثنين شعروا وكأنها ستفضحهم من سرعتها ولحنها الذي يعزف لحن الفرحة بفوز الحب علي التعجرف وانتصاره علي العند..
أذني "قمر" ما زالت تسمع صدي حديث "فادي" وبوحه بحبه..عينيها تتلألأن كالقمر ليلة تمامه إلي بدر وشفاها تأبي الحديث لتظل نبرة "فادي" هي المحتلة لأوصالها..
بينما "فادي" في صدمة سيطرت علي كيانه بأجمعه..صدمت مشاعره الذي حاول إخفائها وصدمة البوح بها والأهم من كل هذا في نظره صدمته من "قمر" التي عادت بعد منتصف الليل مع رجل غريب مهما كان سنه..
عقله بات يصوب اللوم والغضب إلي شفاه التي نطقت بما حاول تكذيبه وقلبه يتراقص فرحاً لأن شفاهه أباحت عما ظن أنه سيبلي مع الزمن..
و مع هذا الصراع الداخلي الذي قارب علي الفتك ب"فادي" بدأت لامبالاته تعود له تدريجيا ليزفر "فادي" بقوة وقبل أن يخطو خطوة إلي دراجته البخارية آتاه صوت "قمر" المرتعش من الفرحة تقول:ذاك الدكتور أحد أعضاء اللجنة التي ستناقش معي رسالة الماجستير و لم أكن في الجامعة بعد الساعة السادسة ومن بعد ذلك كنت أبحث عن بعض الكتب إلي أن آتاني اتصال منه..مالا تعرفه ولا أحد يعرفه يا "فادي" أن ذاك الدكتور له ابنة من أم أجنبية ولسوء حظه أنه تم الاعتداء عليها منذ أكثر من سنة ومنذ تلك اللحظة وهي لا تري نور الشمس لأن تلك الحادثة جعلتها تفقد النطق وأنا علمت بذلك الأمر عندما ذهبت له مرة في المكتب لسؤاله في أمر ما ودلفت أم تلك الفتاة إلي المكتب بدون إذن لتتشاجر معه وتتهمه بأنه السبب فيما حدث لابنتهم لأنه من آتي بها إلي القاهرة وذلك علمت ما حدث وهو من أخبرني بالأمر ومنذ تلك اللحظة لم نتحدث في الأمر إلا اليوم حدثني وطلب مني أن أجلس قليلا مع ابنته لأنه لا يأمن أحد غيري عليها نظرا لأني أعلم ما حدث ولأن الممرضة العاكفة علي الجلوس معها اضطرت لأخذ عطلة وهو مرتبط بإجتماع مهم فلم يكن أمامي إلا الموافقة وعندما عاد أصر علي إيصالي خشية أن يحدث لي مكروه ما..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة لتقول بنبرة حانية:هذا كل ما حدث صدقني.."فادي" أنا أ...
قبل أن تكمل "قمر" حديثها فوجئت ب"فادي" يسير من أمامها متجها إلي دراجته البخارية ليستقلها بأقصى سرعة ويضع خوذته..هرولت "قمر" إلي "فادي" قائلة بنبرة شبه باكية:"فادي" لا تذهب 
نظرة عيني "فادي" لم تستطع "قمر" تفسيرها نهائيا ولكنها بعثت فيها القليل من القلق ولكنها قالت بنبرة يقين:ستعود يا "فادي" سأنتظرك 
وبمجرد أن أنهت "قمر" حديثها انطلق "فادي" بدراجته البخارية بأقصى سرعة تاركا "قمر" بين فرحتها ببوحه بحبه لها وحزنها لتأكدها من أن نظرته الأخيرة توحي بأنه سيغيب لفترة...
....
دلفت "إسراء" إلي حجرتها التي يسودها الظلام بينما إضاءة الهاتف التي تعلن قدوم اتصال جعل"إسراء" تسير تجاه هاتفها بتردد ممزوج بقلق لتلقط هاتفها لتجد اسم "محب" ينير الهاتف وكأنه يبعث فيها صدمة كهربية تزيد قلقها وتوترها..أغلقت "إسراء" عينيها ليقفز في خيالي سريعا صورة "فادي" وهو يؤكد عليها ما يجب فعله لتحادث "إسراء" نفسها قائلة:يا الله ساعدني كل ما أفعله من أجل أن أرد دين "فادي" الذي في رقبتي يا الله أمنحني القوة لأستكمل ما بدأته 
غزت الثقة كيان "إسراء" رويدا رويدا لتفتح عينيها بطمأنينة واضعه هاتفها علي أذنها قائلة بنبرة مدللة:اشتقت لك كثيرا 
نبرة تعجب ممزوجة بحدة نبعت من شفاه "محب" الذي قال:أين ستكون رحلة الوفد؟!
عبثت "إسراء" بخصلات شعرها ليغزو صوتها نبرة ماكرة ممزوجة بدلال لتبدأ في إبلاغ "محب" جميع المعلومات حول الوفد السياحي الذي سيكون تحت إشراف "فادي" لتنهي "إسراء" حديثها قائلة:هذا كل ما وصلت له 
زفر "محب" دخان تبغه ليقول بنبرة خبث ممزوجة بأمر:حسنا سأنتظرك تأتي لي مساء الغد 
علامات من الضجر الممزوج بالخبث غزت ملامح "إسراء" التي حاولت اصطناع نبرة الفرحة قائلة:حسنا 
....
مر صباح اليوم التالي كعادة الروتين اليومي الخاص بأبطالنا عدا "قمر" التي لم تستيقظ من نومها إلا في الخامسة عصرا وكأن عينيها تخشي أن تري أية مشاهد أخرى عدا مظهر "فادي" وهو يبوح بحبه وأذنها غير قابلة لسماع أية كلمات أخرى عدا كلمة "أحبك" من "فادي"..
غصة ضيق اجتاحت أوصال "قمر" وهي تستمع لكل مرة للسيدة التي تنعي لها خبر غلق "فادي" لهاتفه ولكن بالرغم من أنها غصة ضيق اجتاحت الفرحة التي تسيطر علي أوصال "قمر" قررت "قمر" البدء في استكمال عملها ومن حين إلي آخر تحاول الاتصال ب "فادي" المشغول حاليا مع وفده السياحي المسافر به إلي "الغردقة" 
.. 
أعلنت هيئة ضبط الوقت تمام الساعة الثالثة صباحا لترتفع نغمة هاتف "محب" الصاخبة لتعكر صفو نومه..
تمللت "إسراء" في الفراش بملل لتزيل يدها من حول "محب" معلنة استكمالها لنومها بينما أضاء "محب" الأباجورة التي بجانبه ليمسك بهاتفه قائلا:أتمني أن يكون الأمر مهم الذي تجعلني استيقظ لأجله 
نبرة هي الأشبه بالعويل الممزوج بالخوف نبعت من شفاه أحد رجال "محب" الذي استطاع الهرب ليقول:إنها مصيبة بكل المقاييس 
انتفض "محب" من موضعه ليقول بنبرة غضب مكتومة:ماذا حدث؟! إياك أن تكون حافلة الوفد وصلت إلي الفندق؟! 
لهث ذاك الرجل أنفاسه وهو يقول بنبرة خوف ممزوجة بإرهاق:كما أمرتنا يا باشا انتظرنا أمام المطار وفي الموعد المحدد فعلا تحركت الحافلة التي أبلغتنا بأرقامها وفي المكان المحدد للتنفيذ فوجئنا بسيارات من الداخلية تحيط بنا وقبضت علي بعضنا والبعض الآخر لقي مصرعه وأنا هربت بأعجوبة ولكن يا سيدي تلك الحافلة كانت تحمل ضباط للداخلية لأن مع بدء الالتحام معهم قفز منها الجميع حتى النساء ليطلقوا علينا الرصاص
صيحة غضب نبعت من "محب" الذي قفز هاتفه ليرتطم بحائط الحجرة وقبل أن يتفوه "محب" بأي حرف التقط بيده التي برزت عروقها من الغضب خصلات شعر "إسراء" المتناثرة علي الوسادة ليبدأ في تسديد اللكمات لها دفعة متتالية وهو يصيح بها بغضب:تتعاوني مع الداخلية ضدي يا... يا...
رفع "محب" قبضة يده ليسدد الضربة التالية ل"إسراء" ولكنه فوجئ بها تنتفض من تحته وتصيح به بنبرة ثقة قائلة:لقد بلغتك أن مقصد الوفد تغير وبعثت لك بالرسالة وعندما أتيت إليك لم تمنحني أية فرصة للحديث 
اتسعت ملامح "محب" تعجب ممزوج بغضب ليسدد لها ضربة موجعة في معدتها قائلا:كاذبة لم تصلني أية رسائل 
تحسست "إسراء" موضع الألم بأناملها المرتعشة لتلتقط هاتفها بيدها الأخرى قائلة:حسنا أنا كاذبة..الرسالة أمام عينيك بتاريخ الإرسال والوقت 
ضغط "محب" علي هاتف "إسراء" بقوة قاربت علي تحطيم الهاتف ليسرع بالتقاط هاتفه ليجري اتصالاته مع بعض رجاله لمعرفة من الذي دبر له هذا الفخ لأنه بالنسبة ل"محب" باتت "إسراء" بريئة لأنها بعثت بالرسالة وبالنسبة له الخائن من رجاله..
....
نظرة من عيني عاشق لمعشوقته تبوح بكل ما لم تقدر الشفاه علي قوله...
نظرة من عيني عاشق لا يمكن أن تكذب وما تبوح به سيتحقق عاجلا أو أجلا...
نظرة من عيني عاشق بمثابة الصدمة الكهربية التي تعيد إحياء قلب معشوقته لتضخ الدم إلي باقي أجزاء كيانها..
نظرة عيني "فادي" بالرغم من أنها باحت بما حاول عقله دفنه إلا أنها باحت بنظرة أسف علي بٌعد سيطول إلي أمد غير مسمي..
فهمت "قمر" نظرت عينيه جيدا ولكنها حاولت جاهدة أن تمثل دور الجاهلة لتطرد فكرة أن "فادي" سيغيب لفترة لا تعرف مداها..ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه "قمر" فغياب "فادي" لم يدم يوم أو اثنين بل دام اثنا عشرة يوما..لم تعرف فيهم "قمر" أية أخبار عن "فادي" حتى "ياسر" لم يستطع أن يتكلم أمامها لأنه وعد "فادي" بألا يبوح عنه بشئ..
اثنا عشرة يوماً..بذلت "قمر" فيها كل جهودها علي العمل علي رسالتها الخاصة في محاولة منها لعدم التفكير في أمر "فادي" لأنها رأت فعلته أنه يبلغها بطريقة غير مباشرة أن ما قاله كان غير ما يشعر به لتسيطر تلك الفكرة علي أوصال "قمر" لتبدأ في عملها طيلة يومها علي رسالتها الخاصة لتنجز فيها تقدم ملحوظ أشاد به المشرف علي الرسالة وحتى أصدقائها في الجامعة بات إعجابهم بنشاطها يزيدها تحفيزاً أكثر وأكثر..
بينما "ياسر" في حيرة من أمره من تصرفات صديقه والجمود الذي أصاب "قمر" فجأة وعلي الصعيد الآخر في انشغاله بعمله و"مريم" التي باتت تحتاج له في كل لحظة من يومها كأنه الأكسجين الذي سيمدها هي وطفلتها بالحياة....
لتمر الاثنا عشرة يوما بما فيها من فرحة كانت أو جمود أو حزن ليأتي اليوم المصيري في حياة كثير من أبطالنا..
ذاك اليوم الذي يحمل السعادة لبعضهم والتعاسة للآخر..
..
أغلق "بسام" الملف الذي أمامه ليقول بإرهاق وهو يسند رأسه إلي الخلف:كفي يا "أسماء" لم أعد قادر علي التفكير حتى 
حركت "أسماء" رأسها يميناً ويساراً بألم قائلة:حسنا سأذهب أنا إلي منزلي 
نبرة ضيق ممزوجة بطلب نبعت من "بسام" الذي قال:أمكثي قليلا أريد التحدث معك 
اتكأت "أسماء" بخدها علي كفها لتقول بنبرة شبه نائمة:حسنا ماذا تريد أيها " الملازم " ؟!إذا تأخرت سأتلقي محاضرة من أبي سيادة "اللواء" و أنا في غني عنها 
قهقهة شبه عالية نبعت من "بسام" الذي حرك إصبعه نافيا ليقول بنبرة مزاح:لا لا ملازم ذاك و ملازم أول انتهي زمنه من مدة الآن صرت "الرائد بسام " أم نسيتي أيتها "الرائدة" ؟! تذكري جيدا لقد تم ترقيتنا سويا بعد مهمة المخدرات الخاصة ب"محب" 
"الرائد بسام" ذاك ما كان غامضا عنا طوال المدة المنقضية..لأن "بسام" بعد إنهائه للمرحلة الثانوية ما أظهره أمام الجميع أن الثانوية كان كفايته من التعليم ولكن لم يعلم أحد بأنه ذهب لأحد ضباط الداخلية الذي كان يعتبر أحد أصدقاء والده ليكون حلقة وصل تجلب له الموافقة بأن ينضم إلي كلية الداخلية ولا يأتي لها إلا في المعسكرات وبالفعل استطاع ذاك اللواء جلب الموافقة ل"بسام" ليمضي سنين كليته في الخفاء... ومن ثم وبعد إنهائه لفترة الكلية كان بريق "محب" بدأ يلمع عاليا في أركان المحافظة ليصل لأذان الداخلية التي شكت في أمره ومن ثم زرعت "بسام" كضابط متخفي بزي أنه أحد رجال "محب" لتبدأ الخطة رويدا رويدا ويقع "محب" في المصيدة التي أعدت له..ليصبح "بسام" هو ذراعه الأيمن وهو نفس الذراع الذي سيلقي به بين القضبان..
كل هذا والكثير الكثير سنتعرف عليه فيما بعد ولكن لنعود إلي "أسماء" التي قالت بنبرة مزاح:ولكن صدقني إذا تأخرت سيعاقبك أبي قبلي أنا شخصيا 
ارتشف "بسام" قليل من كوب العصير الموضوع بجانبه ليقول بنبرة ضحك:لا تقلقي سيادة اللواء يعرفني جيدا ولا تنسي أنني ابن صديقه 
حركت "أسماء" رأسها يميناً ويساراً وهي تقول بنبرة شبه سخرية:نعم نعم لا أنسي أيضاً كيف تعاملت مع ابنته أول مرة!!
قهقهة عالية نبعت من "بسام" الذي قال بنبرة عتاب ممزوجة بمزاح:مازال عقلك محتفظ بتلك الذكري صدقيني لم أكن أعلم وكنت أريد التخلص منك بأية طريقة 
علامات الضيق الممزوجة بالجمود نبعت من "أسماء" التي قالت:وماذا الآن؟!
نبرة هادئة ممزوجة بجدية معروف بها "بسام" الذي ارتشف قليل من العصير قائلا:الآن!!أريد أن أتزوجك..هل توافقين؟!
صدمة ممزوجة بفرحة اجتاحت كيان "أسماء" بسرعة لتتمكن من أوصالها في لمح البصر لتتسع عينيها تساؤل إن كانت ما سمعته صحيح أم أن أذنها باتت مريضة بما في قلبها وأن قلبها هو من أوهمها بذلك..
بلعت "أسماء" ريقها بصعوبة لتقول بنبرة شبه مرتعشة:"بسام" هذا ليس وقت للمزاح
مرر "بسام" أصابعه بين خصلات شعره لترتسم ابتسامة هادئة علي ملامحه قائلا:أنا أبلغت سيادة اللواء بطلبي هذا ليلة أمس وأبلغته أيضا أنني لا استطيع أن أعلن ذاك الأمر إلا بعد القبض علي "محب" وموافقته متوقفة علي موافقتك أنت ولذلك طلبت منه أن أعرف رأيك بنفسي 
الفرحة تحولت إلي شعور من العجز سيطر علي أوصالها ودقات قلبها باتت تعزف لحن هادئُ..
في تلك اللحظة فقط تحولت "الرائدة أسماء" إلي "أسماء" الانثى التي تخفي مشاعرها تحت ستار مهمات الداخلية وتبادل إطلاق الرصاص ولكن الآن انقلب الوضع رأساُ علي عقب بسبب كلمة مهما كانت أية فتاة قوية عندما تسمعها ممن دق قلبها لأجله تنهار أية قوة لها ويعلو صوت قلبها وفقط..
تناولت "أسماء" حقيبتها بسرعة وهي تقوم من موضعها قائلة بنبرة متشتتة:أنا أنا!! أنا يجب عليا أن..أن أذهب 
ابتسامة فرحة من خجل "أسماء" ارتسمت علي ملامح "بسام" الذي قال:أبلغي سيادة اللواء أنني قادم في المساء لنشرب الشربات
...
انحنت "قمر" بجسدها لتضع أسطوانة بأغنية "قارئة الفنجان" في مشغل الأسطوانات لترتسم علامات الهدوء علي ملامحها وتشمر عن ساعديها وتتأكد من ربطة شعرها لتبدأ في حملتها لتنظيف حجرتها..
ما بين الأوراق التي رتبت علي المكتب والمراجع والكتب التي أعيد ترتيبها علي الأرفف والملابس التي تم طيها و وضعها في الخزانة و صوت "مريم" التي تحادث "قمر" عبر تطبيق "الإيمو" 
مر الوقت براحة نسبية علي "قمر" التي ارتفعت ضحكاتها هي و"مريم" من حين إلي آخر علي مزاحهم الدائم إلي أن أغلقت "مريم" المكالمة لتبدأ في إعداد طعام الغذاء لزوجها بينما في ذلك الحين..دلفت "قمر" إلي المطبخ تبحث عن أية طعام تتناوله نظرا إلي إرهاقها في التنظيف وانشغالها به وعدم إعداد أية وجبات..
و بدون أية مقدمات ارتفع صوت جرس الباب معلن قدوم أحد ما..لترتدي "قمر" إسدالها سريعا وتفتح الباب لتجد شاب في منتصف عقده الثاني يبدو من ملابسه أنه عامل في أحد المطاعم ليرتفع حاجب "قمر" الأيسر قائلا:السلام عليكم.نعم؟! 
نبرة مهذبة نبعت من شفاه ذاك الشاب الذي قال:ذاك الطلب من أجلك يا آنسة 
زاد تعجب "قمر" أضعاف مضاعفة لرؤيتها حقيبتين تنبع منهما رائحة ذكية تعشقها "قمر" تقول:ولكنني لم أطلب شئ 
نبرة تعجب نبعت من ذاك الشاب الذي قال:الطلب لهذا العنوان يا آنسة والحساب مدفوع أيضاً
التقطت "قمر" الحقيبتين من ذاك الشاب وتعجبها يزداد أضعاف مضاعفة من ذاك الأمر ولكن سرعان من اختفي تعجبها نهائيا وسيطر عليها الجوع من الرائحة المنطلقة من الحقائب تزف لها أن ذاك الطلب من الطعام الذي تعشقه و هو "السمك"..
لتضع "قمر" الحقائب علي طاولة المطبخ وهي تقول بنبرة غناء مرحة:سمك يا سمك معدتي تشتاق لك يا سمك 
فتحت "قمر" الحقيبة الأولي لتجد بها معلبات الأرز والسلطات وما شابه ذلك لتأخذ معلقة أرز سريعا قائلة بنبرة فرحة وهي تأكلها:يا الله من شعر باحتياجي لتلك الوجبة 
وسرعان ما آتي الجواب سريعا ل"قمر" وهي تفتح الحقيبة الثانية لتجد أعلاها ورقة مطوية لتلتقطها "قمر" بفضول وبيدها الأخرى ملعقة الأرز..
صوت ارتطام المعلقة بطاولة المطبخ صاحب فتح "قمر" للورقة لتتسع عينيها صدمة ممزوجة بعدم تصديق وكأن عقلها الباطل هو من أوحي لها بتلك الكلمات..
دقات قلبها تتسارع للتأكد من تلك الكلمات ورعشة يدها الممسكة بالورقة جعلت "قمر" تعيد قراءة الورقة للمرة الرابعة لتحرك شفتيها بما هو مكتوب فيها والذي نص علي 
"أتمني لكي وجبة ممتعة علي قدر ذاكرتي أنكي قولتي لي في مرة أن من يحضر لكي وجبة سمك لن تحبيه فقط بل و ستتزوجي به أيضاً..و لعلمك بي أنني أناني في تلك الأمور لذلك أريد منك الأمرين وأمر آخر أن تنهي تلك الوجبة بصحة وفي تمام الساعة السادسة ألقاكي في المطعم الذي طالما ذهبنا له مع "مريم و ياسر" 
معلومة صغيرة..أنا أحبك "إمضاء\ فادي" 
لحظات صمت لم تعلم "قمر" كم عددها ولكن من المؤكد أنها كانت كافية بالنسبة لها لتتأكد عينيها من كل كلمة كتبها "فادي" بخط يده لتستهلك "قمر" الوقت الكافي لتحفظ ما في تلك الرسالة في صندوق ذكرياتها المبهجة ليتحول جمودها إلي شوق ويتحول حزنها إلي سعادة أعادت البسمة إلي ملامحها وينقلب غضبها إلي لهفة لرؤية "فادي" ولو لثواني..
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "قمر" التي ضربت الورقة بجبينها علي طفولتها تلك التي تمكنت منها وجعلتها تنسي غضبها ليحل محله حبها الذي لم تنكره يوماً لتشعر بدقات قلبها التي تتراقص فرحة وكأنها تقول لها هنيئا لكي بمن تمنيته..
أعادت "قمر" طي الورقة كما كانت وبخفتها المعتادة اتجهت إلي حجرتها لتخبئ الورقة في صندوق خاص بها تطلق عليه "صندوق الذكريات" ومن ثم اتجهت "قمر" إلي المطبخ لتبدأ في تناول تلك الوجبة الشهية التي حملت لها كلمات لم تتخيل يوماً أنها ستحظي بها..
.... 
صورة تجمع "قمر" و"فادي" عند درجات العمارة السكنية عندما كانوا جالسين يتحدثون..
تليها..صورة تجمعهم في أحد المطاعم الفاخرة هم و"مريم و ياسر"..
تليها..صورة تجمعهم في الجامعة عندما تقابلوا صدفة و وقفوا يتسامرون..
تليها..صورة تجمعهم عند زيارة "قمر" ل"فادي" في المستشفي من أجل الاطمئنان علي والده..
تليها..صورة تجمعهم في تلك الليلة التي اعترف "فادي" بحبه..
تلك الصور والكثير منها لكل لحظة جمعت "فادي" ب"قمر" عن طريق الصدفة كانت أم بتخطيط منهما..تلك الصور الذي التقطها ذاك الرجل من رجال "محب" الذي كان مختص بمراقبة "قمر" ليسلم تلك الصور ل"محب" الذي بات يتناوب في مشاهدتهم بغضب ممزوج بخبث ورائحة دخان تبغه تحيط به وكأنها تصنع له الجو الملائم لتنفيذ خطته القاتلة..
وضع "محب" الصور في مظروف خاص به ليقول بنبرة شاكرة:إلا هنا وتوقف عملك ستجد مكافأتك عندما تخرج ومعها هدية بسيطة مني و اطلب من صديقك الذي تركته في القاهرة أن يبلغني إذا خرجت من منزلها في أية لحظة 
حرك الرجل رأسه موافقا وأثني علي مكافأة "محب" الزائدة عما كانوا متفقين عليه وذهب لاستمتاع بمكافأته بينما أسند "محب" رأسه إلي الخلف وهو يعبث بشاشة هاتفه ليضغط علي اتصال بالرقم الخاص ب"منير"..
ابتسامة خبيثة ارتسمت علي ملامح "محب" الذي قال:سآتي لرؤيتك في ظرف نصف ساعة لأن لدي شئ مهم أريد أن أريك إياه 
.....
دلفت "مريم" إلي حجرتها وهي تسير علي أصابع قدمها خشية أن يستيقظ "ياسر" لترتسم ابتسامة حب علي ملامحها وهي تختبئ تحت الغطاء لتسند رأسها علي صدر "ياسر" الذي شعر بلمستها الطفولية ورائحة عطرها التي يحفظها ظهرا عن قلب ليفتح عينيه بكسل قائلا:كم الساعة؟!
نبرة شبه هامسة ممزوجة بمزاح نبعت من شفاه "مريم" التي قالت:الخامسة والنصف ولكن أخفض صوتك حتى لا يستيقظ حبيبي 
قهقهة عالية نسبية نبعت من "ياسر" الذي أحاط خصر "مريم" بيده قائلا:حسنا ماذا بكي؟!
تنهيدة قلق نبعت من "مريم" التي قالت بنبرة قلق:لا أعلم ولكنني قلقة جدا من ماذا لا أعلم 
نبرة مزاح ممزوج بضحك نبعت من شفاه "ياسر" الذي قال:لا تقلقي لن أتزوج عليكي إلا بعد ..
لم تمنحه "مريم" فرصة لاستكمال حديثه لتقول بنبرة غضب مكتومة:إلا بعد ماذا يا "ياسر"؟!هل أنت تخطط للزواج بأخرى ؟! إذن فلتهنئ بها وحدها وطل...
ضحكات صاخبة نبعت من "ياسر" وهو يكتم ثغر "مريم" قائلا:لا تكملي أيتها المجنونة أنا أمزح أمزح لا يوجد عاقل يكرر الزواج مرتين 
اتسعت عيني "مريم" ضجر ممزوج بغضب قارب علي أن يتحول إلي نار ستخرج من أذنها لتقول:وماذا في الزواج إذن؟! 
مسح "ياسر" علي رأس "مريم" بحنان ممزوج بضحكاته المتتالية وهو يقول:الزواج!!إنه لنعمة والآن فلننام حتى لا نضطر للذهاب إلي أي من منازل والدينا 
نبرة ضجر نبعت من "مريم" التي قالت:وماذا سنذهب لهم؟! 
حاول "ياسر" السيطرة علي ضحكاته ليقول بنبرة جدية وهو يغلق عينيه:حسنا حسنا فلننام الآن وفي المساء سأخبرك لماذا
...
رفعت "قمر" حقيبتها علي كتفها لتخطو قدمها الدرجة الأولي من سلم المطعم لتتسلق باقي الدرجات بخطوات شبه ثابتة وقلبها يعزف لها لحن هادئ ساعدها علي الوقوف أمام باب المطعم لتفتحه بيدها المرتعشة لتقع عينيها سريعا وكأنها مصممة لرؤية "فادي" أولا الذي يجلس علي طاولة في أقصى يسار المطعم ويده تعبث بشاشة هاتفه..
سارت "قمر" تجاه "فادي" وعينيها تزداد اتساعا كأنها تشبع ما بها من شوق لرؤيته وبالرغم من ذلك عقلها يصب داخل كيانها ثورات غضب من تصرفاتها التي تعتبر بالنسبة له طفولية ولكن في نهاية الأمر..
وقفت "قمر" أمام تلك الطاولة لتقول بنبرة ثابتة:السلام عليكم 
ابتسامة هادئة رسمت علي ملامح "فادي" من قبل أن يرفع عينيه من علي شاشة هاتفه تلك الابتسامة التي جعلت "قمر" تشعر وكأن نسمة هواء بارة تتراقص حولها بهدوء لتهدأ من حرارة وجهها الذي جعل خديها يتوردان ليرفع "فادي" عينيه قائلا:وعليكم السلام 
جلست "قمر" علي المقعد المقابل ل"فادي" ليبدأ الحديث الروتيني بينهم كالسؤال عن الأحوال والعمل وما إلي ذلك إلي أن أنزل النادل أكواب الشيكولاته الساخنة وبعض الكعك لتقول "قمر" بنبرة جدية:حسنا هل لي بسؤال؟!
ارتشف "فادي" القليل من كوبه ليقول بنبرة هادئة:تفضلي
عقدت "قمر" يدها أمام صدرها لتقول بنبرة غضب مكتومة ممزوجة بفضول:أين كنت طوال المدة الماضية؟! 
مرر "فادي" أصابعه بين خصلات شعره ببروده المعتاد الذي لم يستطع التخلي عنه حتى أمام حبيبته ليقول:كنت مع وفد سياحي في الغردقة ومن قبل أن تسألي لماذا كان هاتفي مغلق دائما؟!سأجيبك 
ارتشف "فادي" قليل من مشروب الشيكولاته الساخنة ليقول:لأدرس جيداً الخطوة المقبلة لأن ما أريده ليست لعبة أعجبتني لأيام وأريد الاحتفاظ بها ما أريده هو الزواج منك يا "قمر" وذاك القرار ليس بالمزحة لذلك كان يجب التفكير جيداً فيه حتى وإن كان فاتورة ذلك ألا نتحدث لفترة طويلة 
إحراج ممزوج بسعادة سيطر علي أوصال "قمر" التي ارتشفت قليل من مشروب الشيكولاته الساخنة قائلة:و ماذا بعد الآن؟! هل من أجل التوصل لقرارك تبتعد ومطلوب مني أن انتظر عودتك إلي أن تتوصل لذاك القرار 
نبرة جدية ممزوجة بحكمة "فادي" المعتادة نبعت منه عندما قال:حديثي لا يحمل ذاك المعني..نعم في الفترة الماضية استطاع كلا مننا التعرف علي الثاني بطريقة صحيحة والتعرف علي طباعه وما إلي ذلك وهذا ما جعلني أحبك ولكنني لا أنكر ذاك الحب أبدا ولكن في حياتنا أنا وأنتي سر من الماضي سيجعل ارتباطنا الرسمي شبه مستحيل لذلك كان يجب عليً أن أبعد لفترة وأدرس جيداً أبعاد ذاك الزواج الذي سيتم مهما تكلف الأمر..كان يجب أن أتأكد أن حبك الذي رزقني الله إياه سيجعلني أحارب من أجلك 
علامات من التعجب الممزوج بعدم الفهم نبعت من "قمر" التي قالت بتشتت:"فادي" أنا لا أفهم أي شئ
حرك "فادي" ملف كان موضوع أمامه ليضعه أمام "قمر" قائلا:حسنا اقرئي الموجود في ذاك الملف وانتبهي لحديثي جيدا 
ما يقارب الساعة مرت و"فادي" يقص علي "قمر" خبايا الماضي القاتلة وما بين صدمة "قمر" ودموعها كانت تطرح بعض الأسئلة و"فادي" يجيبها بهدوء ويحاول التقليل من صدمتها تلك لينهي حديثه قائلا:بعد كل ما قصصته عليكي..فهمتي الآن لماذا بعدت لفترة؟! 
كفكفت "قمر" دمعة تلألأت علي أبواب جفونها لتقول بنبرة خوف ممزوجة بتساؤل:ولكن لماذا عدت يا "فادي" ؟! كيف أحببتني رغم كل ما أخبرتني به ؟! 
نبرة صدق ممزوجة بجدية وبعض من الثقة نبعت من "فادي" الذي قال:أنا أعلم تلك الأمور من قبل أن تبدأ صداقتنا حتى وبالرغم من ذلك أحببتك وإن كان علي بٌعدي الفترة الماضية كان من أجل أن أثبت لعقلي وأتأكد كلياً أن حبك سيجعل إصراري يزداد علي الزواج منك 
نبرة مرتعشة ممزوجة بقلق نبعت من "قمر" التي قالت:ولكن أبي؟! و"محب"؟!
زفر "فادي" بضجر ليمسح علي شعره بضيق قائلا:إن كان علي والدك فأنا مازلت أبحث عن طريقة لإقناعه أما "محب" فذاك هو المشكلة الكبري بالرغم من أنني أحياناً أعلم ما الذي ينوي فعله ولكنني لا أستطيع أن أجمع كل أموره الغامضة وتلك هي المشكلة ولكن ما يطمئنني قليلا أنكي لستي في النوبة
تنهدت "قمر" بخوف لترتسم علي ملامحها ابتسامة هادئة وتقول بنبرة مزاح تحاول بها تخفيف حدة الحديث:نسيت أن أشكرك علي وجبة السمك ولكن بعد ذلك أجعل الوجبة أكبر لأن المعدة تتسع لكمية أكبر
ضحكة عالية انفلتت من "فادي" لتتحول ملامح ضيقه إلي هدوء ويختفي ضجره بين طيات نبرته المرحة التي قالت:كمية أكبر؟! من الواضح أنني سأسحب ما قولته لأنني لا أجد كمية أكبر من تلك لفرد واحد 
رفعت "قمر" حاجبها الأيسر بحركة طفولية ممزوجة بنبرة مزاح:حسنا حسنا أنا سأجلب لي كل شئ بمفردي 
نبرة بروده المعتادة التي كانت السبب الأقوى أمام "قمر" لتعشقه نبعت من "فادي" الذي قال:من الأحسن ذلك لنوفر المال للزواج 
نبرة عدم فهم مصطنعة نبعت من "قمر" التي تذوقت بعض من الكعك قائلة:أية زواج؟!
ضحكة خافتة ارتسمت علي ثغر "فادي" الذي قال بنبرة برود ممزوجة بمزاح:زواج ميكي و ميني 
تنهدت "قمر" بإحساس من الطمأنينة يتسرب ببطء لكيانها الذي يرتعد قلقاً لتقول بنبرة شبه مرتعشة:هل لي بسؤال يا "فادي"؟! 
أومأ "فادي" رأسه موافقاً ليقول بنبرة انتباه:تفضلي 
ارتشفت "قمر" قليل من مشروب الشيكولاته الساخنة لتقول بنبرة مترددة ممزوجة بإحراج:بالرغم من كل ما حدث لم تسألني قط عن حقيقة مشاعري؟! 
ابتسامة خافتة ارتسمت علي ملامح "فادي" الذي أشار بأصابعه إلي "قمر" لتقترب منه مقدار سنتيمترات ويقول "فادي" بنبرة شبه هامسة ممزوجة بثقة:يقولون أن العشاق لا تفضحهم إلا النظرات ونظراتك قالت لي أكثر ما تمنيت أن أسمعه من شفتيك وبالإضافة لأنني لا أريد أن أسمع أية كلمات منك إلا عندما أزين أصابعك تلك بخاتم زواج محفور عليه اسمي 
يقولون أنك متعجرف!!مغرور!!بارد!! ولكنك عندما عشقت لا يبارزك في العشق أي بني آدم علي وجه الأرض...
هكذا كان حال كيان "قمر" الذي انفجرت بداخله ثورة فرحة تمكنت من كل خلية بها بسبب تأثير كلمات "فادي" التي صوبت إلي قلبها كأنها دفعات مركزة من السعادة لتعيد إحياء كيانها الذي كان غاضب من ساعات منه..
ابتسم "فادي" بهدوء لحال "قمر" التي تجمدت في موضعها لمدة ثواني و هو يقرأ بسهولة ما يدور في بالها وتريد عينيها البوح به..
ففي النهاية هو عاشق وفي حرم العشاق لا توجد للشفاه دور وإنما في حرم العشاق لغة العيون هي لغتهم..
نبرة تساؤل ممزوجة برغبة في تغير مجري الحوار لأنه مهما كان لا يحق لهم الحديث أكثر من ذلك نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:و لكن من الواضح أن موعد الرسالة سيتحدد قريبا 
انتبهت "قمر" إلي حالتها التي تشبه مراهقة تسمع كلمة حب لأول مرة في حياتها لترتشف قليل من المشروب قائلة:لا أظن ذلك يا "فادي" المشرف الرئيسي علي الرسالة كل لحظة بحال أما الباقيين عكسه تماماً ويقدمون لي كل سبل المساعدة 
نظرة ثاقبة نبعت من عيني "فادي" وهو يرفع كوب الشيكولاته فوق ثغره قائلا: والدكتور "كرم" ؟!
تناولت "قمر" قطعة من الكعك لتقول بنبرة ثابتة:تعامله معي فوق الممتاز و كأني ابنته ويقول أنه في نهاية العام سيسافر بابنته إلي فرنسا كفرصة لتغير الجو المحيط بها وتتواصل مع طبيب تخاطب 
دام الحديث في أمور عامة بين "قمر و فادي" إلي أن باتت الساعة الثامنة والنصف مساءاً ليتواصل "فادي" مع أحد سائقي التاكسي الذي يتعامل معه ليستقل "قمر" ليعود كلا منهما إلي منزلها..
و سؤال واحد يتردد في ذهن كلاهما منذ أن استقلوا وسائل الانتقال "هل لهم بلقاء آخر؟! هل سيغدر الزمن بهم مبكراً أم ماذا" 
....
وكعادة البيوت المصرية مهما كان وضعها الاجتماعي عندما تطرق الفرحة أبوابهم فأهلا بأية عادات شعبية كانت فإحساس الفرحة الذي يتملك من الأوصال أهم..
بالرغم من أنها تمر بنصف عقدها الخامس لم تهتم والدة "أسماء" لأي اعتبار غير فرحتها للمعة عيني ابنتها التي تمنت سنين عمرها أن تري تلك الفرحة في عينيها لترفع يدها بزغروطة من أم مصرية أصيلة مع نهاية قراءة الفاتحة لتحتضن "أسماء" والدتها بفرحة اجتاحت أوصالها منذ أن آتي "بسام" إلي منزلهم طالبا الزواج بها..
احتضن "بسام" والد "أسماء" قائلا بنبرة أسف:أعذرني يا عمي لأن الخطوبة ستتأخر إلي أن تنتهي المهمة ولكنني كنت أتمني أن أعلن الخبر سريعا 
ابتسم "والد أسماء" بتفهم قائلا:ما يشغل بالي حقاً أن تحافظ عليها غير ذلك من أية تقاليد لا تشغل بالي قدر سعادتها 
نبرة ثقة ممزوجة بوعد تتناسب كلياً مع علامات الفرحة التي تسيطر علي ملامح "بسام" الذي التفت بنظره تجاه "أسماء" قائلا:وأنا لا أريد سوي سعادتها وسأبذل كل جهدي لرسم ابتسامتها تلك 
شعور من الخجل الممزوج بالسعادة تحكم من أوصال "أسماء" التي باتت تشعر بأن خديها أصبحا كثمرة الطماطم في موسم الحصاد ليقول والدها بنبرة أب غيور:كان جيد أن موعد الخطوبة سيتأخر لتتعرف علي حماك وغيرته جيدا ً
ضحكات خافتة نبعت من جميع الحضور قطعها صوت رنين هاتف "بسام" الذي عقد حاجبيه بتعجب لرؤيته لاسم "منير" ليفتح المكالمة قائلا:السلام عليكم 
وكأن "بسام" فتح المجال لبركان يثور غضباً ونيرانه قاربت الفتك بالجميع لتأتيه نبرة "منير" الغاضبة وهو يقول:أريدك في بلدتنا الليلة وألغي أية مواعيد مهما كانت لأن في نهاية الأسبوع المقبل سيكون زفاف "قمر" علي "محب" 
صيحة غضب ممزوجة بصدمة نبعت من "بسام" الذي قال:نعم!! زفاف من ومن ما هذا الجنون؟؟
نبرة غضب ممزوجة بأمر نبعت من شفاه "منير" الذي قال:الجنون الحق ما ستعلمه عندما تأتي 
أغلق "بسام" هاتفه بغضب واستأذن من الجميع لينطلق بسيارته لعودته إلي النوبة وهو يحاول مرارا وتكرارا الاتصال ب"قمر" ولكن هاتفها مغلق...

يتبع...........
#نورهان_حسنى

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن