الفصل العاشر

1.5K 53 0
                                    

الفصل العاشر

موسيقي صاخبة تتراقص عليها فتاة بين ذراعي "محب" الذي يحيط خصر بذراعه الأيمن وبذراعه الأيسر كأس من الفودكا يرتشف منه قطرات وهو متلذذ بالنظر إلي جسد تلك الفتاة الشبه عاري..
ارتشف "محب" القطرات الأخيرة من الفودكا ليطبق عي شفاه الفتاة بقٌبلة شهوانية سريعا وهو يتراجع إلي الخلف ليجلس علي الطاولة الوحيدة التي تضم شركائه في ذاك المكان الخالي من أي بشر عدا "محب" وشركائه..
انطلق النادل بخطوات ثابتة يسكب بعض من الشراب في كاس "محب" الذي قال بنبرة خبث: You want me to become drunk "تريدني أن أصبح ثمل"
انطلقت قهقهة صاخبة من ذاك الرجل المقابل ل"محب" لتنطلق دفعة من دخان تبغه ليقول: Impossible, I just want you be enjoy to agree to accidental "مستحيل أنا أريدك فقط أن تستمتع لكي توافق علي عرضي"
نبرة فضول ممزوجة بخبث انطلقت من "محب" الذي قال: I will give you a unique show who take the goods at the price agreed upon, and for that I will send you with 20 kilos of cocaine as a gift 
"سأقدم لك عرض فريد من نوعه سأخذ البضاعة بالسعر الذي اتفقنا عليه ومقابل ذلك سأبعث لك ب20 كيلو من الكوكاين كهدية" 
صمت الرجل لثواني معدودة توحي بأن ذاك العرض نال إعجاب وتوفق علي كل الحسابات التي كانت أمامه ليقول: This is very interesting, but do you know what raises my mind !! Your trading in all kinds of legal resources, including the non-law
"هذا شيق جدا ولكن أتدري ما الذي يثير ذهني!! تجارتك في كل أنواع الموارد الشرعية منها والغير شريعة"
تحسس "محب" كتف الفتاة العاري التي جلست لتوها بجانبه ليقول بنبرة ماكرة: In my own world there is nothing illegal as long as it brings money
"في عالمي الخاص لا يوجد شئ غير شرعي طالما أنه يجلب المال"
أعلن "محب" انتهاء الحديث بنظرته الماكرة الممزوجة بسعادة لإتمام صفقته الثالثة في جولاته تلك لتضاف إلي قائمة الربح لديه بعد صفقة المخدرات الفاشلة..
...
في عصر اليوم التالي..أعلن صوت صافرة المصعد الكهربي وصوله للطابق السفلي لتستقله "قمر" بلامبالاة ممزوجة بإرهاق وقبل أن تضغط علي زر الطابق الخامس..فتح "ياسر" باب المصعد ليستقله هو و زوجته..
ألقت "قمر" التحية علي "ياسر" بمناسبة عودته بأمان الله ليلة أمس ولتنطلق بحديثها مع "مريم" حول أحوال حملها وما شابه ذلك..
ومع نهاية حديث "مريم" أعلن صوت المصعد وصول "قمر" إلي طابقها المحدد لتفتح باب المصعد الكهربي بتردد ممزوج بإحراج..
وما هي إلا لحظات معدودة انتصر فيها قلب "قمر" علي أية عوامل أخرى لتلتفت بنظرها إلي "ياسر" قائلة:أعذرني..ولكن لماذا اختفي "فادي" وهاتفه غير متاح دائما 
نظرت "مريم" إلي "ياسر" بتعجب ليقول "ياسر" بنبرة أسف:ألم تعلمي!! والد "فادي" في المستشفي 
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة بخوف قائلة:والده!!
نبرة تعجب ممزوجة بعدم فهم انطلقت من "ياسر" الذي قال:والده مرض مساء البارحة و "فادي" بصحبته من لحظتها إنهم بالمستشفي التي اصطحبنا فيها "مريم" سابقا
علامات من الصدمة التي أوشكت علي التحول لبكاء ظهرت علي ملامح "قمر" وهي تغلق باب المصعد الكهربي مودعه "مريم و ياسر"..
بعد ثواني معدودة..أغلق "ياسر" باب منزله قائلا بنبرة عدم فهم ممزوجة بضيق:لماذا لم تقولي لها يا "مريم"!!أنا تعجبت من عدم ذهابها معنا ولكنني قولت أنها مشغولة برسالتها 
خلعت "مريم" حجابها وابتسامة خافتة تزين ملامحها وهي تقول:كل هذا ولم تضح لك الصورة!!
نبرة تعجب ممزوجة بعدم استيعاب انطلقت من "ياسر" الذي قال:أية صورة؟!
أسندت "مريم" رأسها إلي الخلف وهي تقول بنبرة فرحة:العنيدة وقعت في حب المتعجرف والمتعجرف واقع في حب العنيدة
اتسعت عيني "ياسر" صدمة ممزوجة بعد استيعاب ليقول:نعم!؟ كيف هذا!؟
غمزة ماكرة انطلقت من "مريم" التي تقول بنبرة واثقة:نعم يا حبيبي هذا ما حدث والإثنان يتلاشيان التفكير في ذاك الأمر..ألم تري أحوال صديقك !؟ ألم تري لامبالته التي تخفي فضولهم عندما استأذنت منكم ونحن في المستشفي بحجة محادثتي ل"قمر"؟! ألم تري لهفة "قمر" لسماعها أي خبر عن ولا دموعها المتحجرة في عينيها؟!
مسح "ياسر" علي رأسه بتشتت وهو يقول بنبرة غير مستوعبة:يا الله لو صدق كلامك ستكون إحدى عجائب الدنيا السبع 
......
طأطأ "فادي" رأسه بإرهاق ليجعلها بين كفيه ليطبق الإغلاق علي عينيه بجفونه التي لم تذق طعم للراحة منذ رؤيته لوالده ملقي علي الأرض فاقد للوعي..
في تلك اللحظة فقط شعر "فادي" بأنه سيكون يتيم كليا..
في تلك اللحظة فقط ولأول مرة يشعر "فادي" بالضعف..
في تلك اللحظة فقط عندما أمسك بذراع والده يحركه بخوف مناديا إياه سقطت دموع ذاك المتعجرف الذي يخفي طفل يخشي أن يفقد أباه..
فاق "فادي" من شروده علي صوت يجلس علي مسافة مقعدين منه يقول له بنبرة شبه باكية: "فادي" 
استجمع "فادي" قوته التي تشتت منذ مرض والده ليرفع عينيه بثباته المعتاد لتتسعان دهشة لرؤيته قطرات لؤلؤية متحرجة في عيون "قمر" ليقول "فادي" بنبرة تعجب:"قمر" !! كيف آتيتي إلي هنا؟؟
نبرة شبه مرتشعة ممزوجة بقلق نبعت من "قمر" التي قالت:لم أعلم بمرض والدك إلا من نصف ساعة..ولكن المهم كيف هي أحواله؟! 
تنهيدة حيرة تحمل في طياتها خوف وقلق نبعت من "فادي" الذي قال:الحمدلله أفضل من البارحة 
أكمل "فادي" حديثه بنبرة تعجب ممزوجة بقليل من تعجرفه المعتاد قائلا:ولكن لماذا آتيتي!! كان ممكن أن تأتي غدا مع "ياسر"؟!
أطبقت "قمر" علي عينيها برموشها المرتعشة وكأنها تخشي النظر إلي "فادي" في تلك اللحظة تحديدا لتقول بنبرة شبه هامسة:لأني أحبك 
صدمة كهربية اجتاحت أوصال "قمر" وكأنها كانت مغيبة عن الوعي وبمجرد أن أنتهت حديثها عادت إلي الحياة..لحظات معدودة شعرت فيها "قمر" وكأنها أطرفها أصابها الشلل الكلي ولكن ما بال قلبها؟! 
قلبها باتت دقاته تتسارع خوفاً من رد فعل "فادي" وفرحةً من شجاعته علي البوح بحقيقة مشاعرها..
رعشة خوف نبعت من رموش "قمر" وهي تفتحها لتتسع عينيها دهشة لرؤية مقعد "فادي" فارغ..
هل غضب من حديثي!؟ هل تركني بمفردي ليخبرني بطريقة غير مباشرة رفضه لما قولته؟!
أسئلة كثيرة اجتاحت عقل "قمر" لتجعل عينيها شبه عاجزة عن التحرك من النظر لمقعد "فادي" ولكن سرعان ما فاقت "قمر" من لحظتها المرعبة تلك علي صوت "فادي" يقول:عذرا يا "قمر" ولكن رأيت الطبيب يخرج من حجرة والدي فذهبت إليه..ماذا كنتي تقولين ؟!
تنهيدة طمأنينة ممزوجة بتحسر نبعت من "قمر" التي قامت من موضعها قائلة:شئ غير مهم ..المهم الآن كيف حال والدك؟!
نبرة طمأنينة ممزوجة براحة نبعت من "فادي" الذي قال:سيخرج ليلا بإذن الله لقد استقرت حالته 
مرت قرابة الخمسة دقائق...تحدثت فيها "قمر" و "فادي" حديث عابر عن حالة والد "فادي" وأحوال "قمر" لتستأذن "قمر" من "فادي" وتعود إلي منزلها..تجر خلفها تحسرها علي شجاعتها التي لم تكن لها أية فائدة وفرحةً علي الاطمئنان علي "فادي" و والده..
...
في صباح اليوم التالي...صوت نغمة رنين هاتفه الصاخبة عكرت صفو الهدوء الذي يسود الحجرة..
أزاح "محب" الوسادة من فوق رأسه ليلتقط هاتفه بملل قائلا بنبرة ضجر:خير!!
آتاه نبرة صدمة ممزوجة بخوف يقول:لقد احترق مخزن الملابس في الأقصر 
انتفض "محب" من علي موضعه ليصيح بنبرة غضب ممزوجة بعدم استيعاب:نعم!! مخزن الأقصر!! كيف حدث هذا والحراس أين كانوا!!
نبرة متشتتة من أثر الصدمة الغير متوقعة ليقول ذاك الرجل المجهول:الداخلية في كل مكان وكل الحراس وجودوا وهم فاقدي الوعي
مسح "محب" علي شعره بغضب ليقول بنبرة تنبيه:أحذر أن يتفوه أحد من الحراس بشئ إلي لي أنا مفهوم وأنا سأستقل أول طائرة 
آتاه صوت الرجل المجهول الذي تحدث بنبرة تخفي في طياتها خبث وهو يقول:بالطبع نحن في انتظارك 
..
جلس "حمدي" علي أريكة أمام شاشة التلفاز يتابع بعض الأخبار بينما "فادي" منشغل بتحضير بعض الطعام الصحي له..
ارتفع صوت المذيعة قائلة بتلك النبرة المعتادة:في مسلسل الحوادث الغامضة الذي مر علينا مسبقا منذ ما يقارب العشرة أيام عندما لقي رجل مازال مجهول لدينا مصرعه بطريقه وحشية علي الطريق الصحراوي..
انطلق صباح اليوم وهو يحمل في جعبته حريق هائل نشب في إحدى أكبر مخازن الملابس التي يملكها أحد رجال الأعمال "محب...." 
وقبل أن تكمل المذيعة حديثها التقط "فادي" جهاز التحكم بالتلفاز ليبدل القناة الإخبارية بفيلم أجنبي..
عقد "حمدي" حاجبيه بتعجب قائلا:لماذا أبدلت المحطة يا بني؟؟!
تأكد "فادي" من وضع طاولة الطعام أمام والده ليقول بنبرة لامبالاة:ليس بمهم يا أبي منذ متى وأنت متابع للأخبار 
أكمل "فادي" حديثه بطريقة مرحة قائلا:الآن تذوق طعامي وأخبرني عن رأيك 
ابتسم "حمدي" لابنه بهدوء ليقول بنبرة عتاب:أنا الآن أصبحت بخير لماذا لم تذهب إلي عملك إذن؟!
نبرة جدية مصطنعه ممزوجة بحزن هو الآخر مصطنع نبعت من "فادي" الذي قال:هل أنا ممل لتلك الدرجة؟! علي العموم شكرا يا أبي وسأذهب إلي عملي غدا 
اتحدت ضحكات الأب وابنه سويا مضيفة جو هادئ علي تلك الأسرة الصغيرة جدا التي يحمل أفرادها لنا الكثير من المفاجآت فيما بعد..
...
مرت ثلاثة أيام..يحاول فيها "محب" جاهدا الوصول إلي من أحرق مخزنه ولكن النتيجة دائما الفشل ولكن ذاك الفشل لم يحرك عزيمة "محب" نهائيا بل ذات تصميمه علي معرفة الجاني بعد أن تم إغلاق الحادثة ضد مجهول.
بينما حياة باقي أبطالنا كما هي و روتينهم اليومي لم يتغير عدا الكثير من العصبية اجتاحتهم جميعا فجأة والكثير من البرود الذي انتقل عبر الجو من "فادي" إليهم جميعا..
...
دلفت "مريم" إلي حجرتها لتتسع عينيها تعجب ممزوجة بضجر لتقول بنبرة عصبية مكتومة:مازلت مصمم علي رأيك يا "ياسر" ؟؟!!
أغلق "ياسر" الزر الأول من قميصه ليقول بنبرة إرهاق ممزوجة بلامبالاة:نعم يا "مريم" لا أستطيع ألا أذهب إلي العمل 
اقتربت منه "مريم" بسرعة لتتحسس حرارة رأسه لتقول بنبرة ضجر:حرارتك مازالت مرتفعة وبالإضافة إلي رشح أنفك لن أتركك تذهب نهائيا يا "ياسر" 
زفر "ياسر" بضيق وهو يكمل إغلاق قميصه قائلا:حبيبتي هذا ليس وقت للحديث لدي عمل 
وضعت "مريم" يدها علي صدر "ياسر" لتفتح القميص دفعة واحدة وهي تصيح بغضب:لن تذهب 
لحظات صمت مرت علي الزوجين..ارتعشت فيها رموش "مريم" من خوفها من رد فعل "ياسر" علي رفع نبرة صوتها أمامه ولكنها فوجئت بضحكاته ترتفع في جميع أركان الحجرة..
فتحت "مريم" عينيها بتعجب ممزوج بخوف وقبل أن تتفوه بكلمة أطبق "ياسر" علي معصمها بيده قائلا بنبرة جدية مصطنعة ممزوجة بخبث:أتدري أن حسابك زاد برفع صوتك هذا وفتحك لقميصي بتلك الطريقة التي لم أفعلها أنا 
قرأت "مريم" ما في عيني "ياسر" جيدا لتتسع عينيها هي بصدمة ممزوجة بإحراج وقبل أن تتفوه بحرف واحد سلبها "ياسر" روحها ليسافر بها إلي عالمهم الخاص حيث جازها "ياسر" علي فتح قميصه بتلك الطريقة ليكون الجزاء علي طريقة العشاق..
..
بعد انتهاء دوام العمل المقرر لليوم..استقل "فادي" دراجته البخارية رافعاً الخوذة علي رأسه وقبل أن ينطلق بالدراجة آتاه صوت "إسراء" تقول:ماذا أفعل الآن فيما طلبه مني؟! 
التفت "فادي" بنظره يبحث فيمن يكلمه ليجدها "إسراء" تقف علي مسافة أمتار منه..ليخلع خوذته قائلا بتساؤل :و ماذا طلب؟!
أخرجت "إسراء" هاتفها من حقيبة يدها لتفتحه علي محادثة ما وتضعها أمام "فادي" قائلة بنبرة مرتعشة:هذا 
لحظات صمت مرت علي "فادي" وهو يقرأ الرسالة بتمعن ليقول بنبرة جدية:حسنا أبعثي له بالمعلومات الذي يريدها 
اتسعت عيني "إسراء" دهشة ممزوج بعد فهم لتقول بنبرة تساؤل:كيف؟! أنا وأنت نعلم ما الذي سيفعله بتلك المعلومات 
ابتسامة خبث غزت ملامح "فادي" الذي أرتدي خوذته قائلا بنبرة ماكرة:هو يريد بعض المعلومات فلنعطيه ما يقوده إلي المكان الذي نريده 
شعور من الراحة النسبية استولي علي أوصال "إسراء" التي قالت:و لكن ماذا لو فعل بي شئ لأني أبلغته بمعلومات خطأ 
تهيأ "فادي" لقيادة دراجته البخارية ليقول بنبرة ثقة ممزوجة بطمأنينة:لا تقلقي نهائيا أنا أعلم ما أفعله 
...
ارتشف "بسام" قليلا من فنجان القهوة ليزفر بضجر قائلا:و أنا أحب أن أعلم كل أطرف العمل..أما ذاك الغموض لا يتسع صدري له 
تنهدت "أسماء" بحيرة ممزوجة بتردد لتقول:يا "بسام" تلك هي الأوامر ويجب تنفيذها علي أكمل وجه من فضلك 
نبرة عصبية مكتومة ممزوجة بعند نبعت من "بسام" الذي قال:حسنا إذا استمر هذا الوضع علي ذلك سأقلب الطاولة علينا جميعا وأنفذ ما جئت لأجله 
نبرة تهدئة نبعت من "أسماء" التي قالت:"بسام" أهدأ أولا ومن ثم فكر أن كل ما يحدث سيكون نتيجته ما تريده 
مرر "بسام" أصابعه بين خصلات شعره بضجر ممزوجة بحيرة وملامحه تبدو عليها علامات التفكير للوصول إلي قرار فيما يفعله..
أسئلة كثيرة دارت في ذهن "بسام" بات يسألها لنفسه لأول مرة...
لأول مرة يشعر بأن ما فعله في البداية كان خطأ..
لأول مرة يشعر بأن رغباته مقيدة بأوامر عليا..
زفر "بسام" بضيق ممزوج بتردد ليقول:حسنا يا "أسماء" فلنتابع العمل ولكنني سأعلم كل شئ قريباً
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ملامح "أسماء" التي قالت:جميعنا سنعلم كل ما كان غامض قريباً
....
دقت xxxxب الساعة معلنة أنها باتت العاشرة مساءً..ليقوم "فادي" من موضعه قائلا:حسنا سأذهب المهم أنك بخير 
نبرة مزاح نبعت من "ياسر" الذي قام من موضعه قائلا:هل آتيت فقط لتعلم متى سيكون العزاء؟!
ابتسامة ماكرة غزت ملامح "فادي" الذي قال بنصف عين:بحالتك تلك؟! مستحيل أن يكون عزاء ستكون ليلة زفاف لأنك تبدو وكأنك عريس جديد 
قهقهة شبه عالية نبعت من "ياسر" الذي وكز صديقه في كتفه قائلا:حسنا يا "فادي" زيارة جميلة لا تكررها مرة أخرى
وقبل أن تتحرك شفاه "فادي" دلفت "مريم" إلي الحجرة قائلة:العشاء جاهز 
نبرة اعتذار نبعت من "فادي" الذي حمل سلسلة مفاتيحه قائلا:لا أعذريني اليوم يا "مريم" فأنا أتضور جوعا للنوم لا أكثر 
اكتست علامات الضيق علي ملامح "مريم" التي قالت:تصرف أنت معه يا "ياسر" بطرقك المعتادة ريثما اطمئن علي "قمر" 
اتجهت "مريم" إلي حجرتها لتحادث "قمر" بينما قال "ياسر" بنبرة مزاح:هيا يا "فادي" فأنا الذي أتضور جوعا للطعام 
علامات من التعجب الممزوج بالقلق سيطرت علي ملامح "فادي" منذ أن أنهت "مريم" حديثها ليقول "فادي" بنبرة تساؤل:ما الذي في "قمر"؟؟
ابتسامة ماكرة ارتسمت علي ملامح "ياسر" الذي قال بتلقائية:إنها في جامعتها فقط تنهي بعض الأمور وستتأخر 
زفر "فادي" بضجر ممزوج بقلق يختفي تحت طيات ملامحه التي تظهر اللامبالاة ليقول بنبرة معتذرة:سأذهب أنا حتى لا أترك أبي أكثر من ذلك 
و بدون أن يترك "فادي" أية فرصة ل"ياسر" ودعه ليستقل المصعد الكهربي وهو يبعث برسالة إلي أبيه يخبره بأنه سيتأخر الليلة..
خليط عبارة عن ضجر ممزوج بغضب ممزوج بقليل من الفضول والكثير جدا القلق وبعض الأحاسيس التي عجز "فادي" عن تفسيرها..كل تلك الأحاسيس بل وأكثر اتحدت سويا مكونة خليط من المشاعر جعل عقل "فادي" يطرح الكثير والكثير من الأسئلة..
ساعة فالثانية فالثالثة و"فادي" جالس علي درجته البخارية أمام العمارة السكنية من يلمحه لثواني يظن بأنه بركان من الغضب علي وشك الإنفجار والفتك بكل من حوله...
في تلك الساعات التي مرت..دار تسجيل سينمائي سريع لحياة "فادي" بكل ما يمتلكه من غموض..من تعجرف..من لامبالاة..من تردد..من أمور حسمها مسبق ولكن من الواضح أن لقبله رأي آخر بها..
من الواضح أن حياة ذاك المتعجرف ستنقلب رأس علي عقب بسبب أمر بدأ يجتاح أوصاله من فترة وهو يحاول تجاهله ولكن وبدون أية ترتيبات انفجر ذاك الشعور داخله كليا ليمتزج بغضبه الذي قارب علي الفتك بكيان "فادي" الذي حاول في لحظات كثيرة العودة بدراجته إلي منزله ولكن ذاك الشعور الممزوج بالغضب أمسك بزمام الأمور ليحبط أية محاولات منه في العودة إلي منزله..
أضأ "فادي" شاشة هاتفه ليجد أنها صارت الواحدة صباحا ليضغط علي هاتفه بغضب قارب علي تحطيم الهاتف وقبل أن يتهيأ جسده للعودة إلي منزله..وقفت إحدى سيارات الملاكي أمام العمارة السكنية...لتهبط من جانبها الأيمن "قمر" التي قالت بنبرة شاكرة:شكرا جزيلا يا دكتور "كرم" علي إيصالي 
أغلقت "قمر" باب السيارة ومعها تفتح علي نفسها نار غضب "فادي" الذي يجلس علي دراجته البخارية أمام أحد الأشجار التي حجبت رؤية "قمر" له ولكنها لن تستطيع حجب غضبه الذي قارب علي التحول إلي نار تفتك بأوراق الشجرة التي تتراقص بخوف صانعة نسمة هواء عاجزة عن تخفيف غضب "فادي"..
سار الدكتور "كرم" في طريق عودته بسيارته بينما أغلقت "قمر" حقيبتها وقبل أن تخطو قدمها الدرج الأول من السل فوجئت بنبرة"فادي" الحادة تنادي باسمها لتلتفت بتعجب لتفاجأ ب"فادي" يقف أمامها بسرعة خيلت لها لثواني أنه مصاص دماء كالذي نسمع عن سرعته الفائقة في الروايات الخيالية..
اتسعت عيني "قمر" صدمة ممزوجة برعب من نظرات عين "فادي" التي تشع غضباً بل في الأحق تشع نار قاربت علي التهام "قمر" لتصاب أطرافها بالعجز عن التحرك من بركان الغضب الذي يقف أمامها..
متر أو أكثر بقليل كانت تلك المسافة التي تفصل بين "قمر" و"فادي"..كانت تلك المسافة كافية تماما لإيصال نبرة "فادي" النارية ليقول:فتاة العض كان يظن أنها محافظة علي نفسها وعلي عرض والدها التي تركها هنا بمفردها تأتي إلي منزلها بعد منتصف الليل وفي سيارة رجل غريب عنها 
شعرت "قمر" وكأن كلامات "فادي" ما هي إلي أعيرة نارية تخترق كيانها بقوة قاربت علي الإيقاع بها وقبل أن تتفوه بحرف واحد..أكمل "فادي" موجة غضبه العارمة وهو يقول بصوت غاضب:كان من الممكن أن تكملي الليلة معه علي الأقل لن تكوني بهذا الرخص عندما تهبطي من سيارته 
أصابت الموجة الثانية من الغضب الناري "قمر" التي لملمت شتات نفسها بسرعة قائلة بنبرة غضب ممزوجة بعند:وأنت من كي تحاسبني علي أفعالي؟! فلتذهب أية معتقدات عقيمة لهذا المجتمع إلا الجحيم طالما أنني مازلت محافظة علي نفسي 
وكأن كلمات "قمر" ما كانت إلا وقود للنار المشتعلة داخل "فادي" لتزيد من حدتها ليقول "فادي":مجتمعنا نعم عقيم ولكن تصرفاتك تلك فسري لي معني أني تأتي فتاة بصحبة رجل بعد منتصف الليل بسيارته غير أنها كانت بين أحضانه 
اتسعت عيني "قمر" غضب قارب علي الفتك ب"فادي" لتقول "قمر" بنبرة غضب عارمة:تفكيرك هو العقيم يا أنت ولن أبرر تصرفاتي لشخص مثلك أفكاره ملوثة ومريضة
وقبل أن تفكر "قمر" في الاستدارة آتاها صوت "فادي" الذي اخترق كل خلية منها وهو يقول:"قمر" أمامك دقائق معدودة لتعطيني سبب مقنع لما فعلتيه 
نبرة عند ممزوجة بغضب نبعت من شفاه "قمر" التي قالت:ولماذا أفعل ذلك ؟! من أنت؟! 
نبرة غضب نبعت من شفاه "فادي" الذي ضرب الأرض بقدمه قائلا:تكلمي 
نبرة عند أقوي تملكت من "قمر" وكأنها اكتسبتها من ضربة "فادي" للأرض لتقول:ليس لدي أية أسباب تجعلني أبرر لك أي شئ ..ليس لديك أية حقوق تجعلني أبرر شئ ما لأفكار عقيمة 
نبرة أمر ممزوجة بغضب أوشك علي التحول ضد "فادي" ليجعله يلقن تلك العنيدة درساً ولكن حاول "فادي" التماسك قائلا:بل لي وتحدثي يا "قمر" 
نبرة برود اكتسبتها"قمر" من "فادي" امتزجت بعندها الفطري جعلها تعقد يدها أمام صدرها قائلة:حسنا وما هو؟!
تحولت لامبالاته إلي لا وعي ليصيب كيانه وكأنه صدمة كهربية امتزجت مع غضبه العارم لتمحيه في لمح البصر وتبدل مكانه بلا وعي أو بالأحق بدلت الصدمة الكهربية "فادي" الغاضب المتعجرف إلي "فادي" الذي يملك قلب باتت دقاته تعزف لحن غريب علي ذاك المتعجرف..
دقات قلبه باتت تعزف لحن يمد الجسد بالراحة..
دقات قلبه باتت تعزف لحن الأب الذي يخشي أن تصيب نسمة هواء غادرة فتاته..
دقات قلبه باتت تعزف لحن الأخ الذي يحاول بكل السبل استفزاز أخته ولكن في الحقيقة هو يخشي عليها لأنها قطعة من قلبه..
دقات قلبه باتت تعزف لحن العاشق المشتاق للجلوس في حضرة معشوقته..
دقات قلبه حاول كثيراً أن يقضي عليها ويستبدلها بالبرود والتعجرف ولكن ها هي الآن تمسك بزمام الأمور وتجعل شفاه "فادي" تتحرك بصيحة غضب عاشق يقول:أني أحبك......

يتبع......
#نورهان_حسنى

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن