السادس والثلاثون

1K 42 0
                                    

الفصل السادس والثلاثون

ارتسمت ابتسامة لامبالاة خافتة علي ملامح "ناهد" التي حركت شفاهها بنبرة هدوء قائلة:الحمدلله 
بينما كانت حالة الهدوء تلك تسيطر من أوصال "ناهد" كان العكس تماماً يهيمن علي أوصال "منير" المرتعدة صدمة ممتزجة بنبرة شفاهه القلقة ليقول:ماذا!!وليس لهذا علاج!!أنا مستعد لإرسالها للخارج الأهم أن يكون هناك حل ما أرجوك 
رفع الطبيب نظارته في مستوي نظره لتتحرك أنامل يده الممسكة بقلم حبر قائلاً بنبرة توضيح:الكيماوي هو الحل في حالتها تلك لذلك سنبدأ بعد غد حتى لا نترك فرصة للورم في الانتشار أكثر بالإضافة لأنني سأكتب لها علي بعض الأدوية المهمة 
طوي الطبيب الورقة التي تحوي أسماء تلك الأدوية لتابع حديثه بنبرة تحذيرية قائلاً:و الأهم من كل هذا توفير الجو النفسي الهادئ لها وبإذن الله سنحاول القضاء علي ذاك الورم 
تسلم "منير" تلك الورقة بقلق بينما عينيه تتابع "ناهد" التي لا تبدي أي رد فعل نهائياً طيلة طريقهم إلي المنزل ليقطع ذاك الصمت "منير" فور دخولهم إلي المنزل بنبرة شفاهه المتسائلة بقلق ليقول:سأذهب لإحضار الدواء..أتريدين شئ آخر أحضره لكٍ؟!
خلعت "ناهد" حجابها بإرهاق امتزج بنبرة شفاهها الهادئة التي حركت بها شفاهها قائلة:أريد أبنائي..أريد "قمر" و"بسام" إن استطعت أحضرهم 
خيم الصمت للحظات معدودة علي أجواء ذاك المنزل..لتقطعه "ناهد" بابتسامتها المنكسرة التي رسمتها علي ثغرها ومن ثم دلفت سريعاً إلي حجرتها..تاركة "منير" في حيرته تلك الراغبة في تنفيذ طلبات "ناهد" جميعها وضجره من رؤية "بسام" كان أم "قمر"..
وبفضل تلك الحيرة قضي "منير" ليلته بكاملها في التفكير في ذاك الأمر محاولاً الوصول إلي حل ما مهما كانت صيغته الأهم بالنسبة له ألا يحرمه الله من وجود "ناهد" في حياته..
ولذلك!!ومع فجر اليوم التالي..بعث "منير" برسالة نصية ل"بسام" مضمونها إخباره بمرض "ناهد" وطلبها لرؤيته هو و"قمر" إن استطاع الوصول لها..
بالنسبة ل"بسام" الأمر لم يحتاج لتفكير كثيراً فهو بات مرتعداً من فقدان والدته الثانية الوحيدة علي وجه كوكب الأرض ذاك التي لم تنقطع يوماً عن الدعاء له..
لذلك!!استأذن "بسام" من عمله مستقلاً سيارته للانطلاق إلي النوبة بعد أن أعلم "أسماء" عن طريق رسالة نصية وإخبار "فادي" بذاك الأمر عن طريق "الواتس أب" وبعثه للقطة شاشة لرسالة "منير"..
وبينما كان "بسام" مدفون بين ضلوع "ناهد" التي عادت لها جزء من نضارتها فور رؤيتها..كان "فادي" في طريقه للمنزل محاولاً إيجاد طريقة ما لإخبار "قمر" بذاك الأمر..
وفور دخوله إلي المنزل..استقبله "شاهد" كعادته اليومية ليحمله "فادي" علي ذراعيه محركاً شفاهه بنبرة تساؤل قائلاً:أين"قمر" ؟!
حرك "شاهد" مسار شفاهه إلي أذن "قمر" ليحركها بنبرة توضيح هامسة ليقول:أمي!!إنها في المطبخ تحاول القيام بمعجزة وعدم إحراق الأرز
انفلتت ضحكة خافتة من ثغر "فادي" الذي حرك شفاهه بنبرة ضحك هامسة قائلاً:هل تم إحراق الأرز أيضاً اليوم !!
أومأ "شاهد" رقبته بإيجاب ليتابع حديثه بنبرة مقلدة لنبرة "قمر" الغاضبة ليقول:مرتين!!وفي كل مرة تقول "شااااهد!!كفاك ألعاب فيديو لا أستطيع التركيز كفي" 
زاد صخب ضحكات "فادي" من طفولة "شاهد" الذي استطاع اقتلاعه من همومه تلك كعادته ليحرك "شاهد" شفاهه بنبرة مرح متابعة ليقول:وكأن "شاهد" هذا هو من أحرق الأرز..أتردي يا أبي فإن كارما جارتنا التي تماثلني في العمر تستطيع تحضير الأرز دون إحراقه 
ما إن أنهي "شاهد" حديثه حتى أتته نبرة "قمر" الغاضبة والنابعة من حجرة المطبخ تصرخ به قائلة:كفي ألعاب فيديو كفي !!!
امتزج صخب ضحكات "فادي" و"شاهد" ببعضهما مكونة صخب ضحكات تسرب إلي "قمر" الواقفة في المطبخ تحاول تحضير ذاك الأرز الملعون لترفع حاجبها الأيسر بتعجب وتحرك شفاهها بنبرة تساؤل هامسة:هل أتي "فادي"؟! يا الله لقد خانني الوقت ولم يجهز الطعام بعد!!كل ذاك بسبب ذاك الأرز الملعون
ما إن أنهت "قمر" حديثها لنفسها حتى أتتها نبرة "فادي" المرحبة فور دخوله إلي حجرة المطبخ قائلاً:السلام عليكم 
رسمت "قمر" علامات اللامبالاة علي ملامحها وكأنها لم تحرق لتوها قدر الأرز الثالث لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل قائلة:وعليكم السلام..كيف حالك يا حبيبي!!وكيف كان العمل اليوم!!
اصطنع "فادي" استنشاقه لرائحة الطعام المهيمنة علي المطبخ لتتحرك شفاهه بنبرة مزاح قائلاً:بالتأكيد سيكون أفضل حال من ذاك الأرز المحروق 
أحاطت "قمر" أناملها بمقبض القدر لتتسع عينيها بنظرات إحراج ممتزجة بنبرة شفاهها الصارخة لتقول:شاااااااااهد!!!
تسلل "شاهد" من خلف قدم "فادي" بخفة اكتسبها من "قمر" ليحرك شفاهه بنبرة استسلام قائلاً:كفاك ألعاب فيديو كفي!!
ما إن أنهي "شاهد" حديثه هذا حتى انطلق لاستكمال ألعاب الفيديو بينما خيم صخب ضحكات "فادي" علي أجواء المطبخ لتمتزج بنظرات عيني "قمر" الغاضبة والتي حركت شفاهها قائلة بنبرة ضجر:ليتك تستمع إلي حديثي حتى!!
اقترب "فادي" من "قمر" لطبع قٌبلة حانية علي جبينها بينما أنامله تتحسس ذاك الانتفاخ الكروي المسيطر من معدتها والذي يحوي بحملها في منتصف الشهر السابع ليحرك "فادي" شفاهه بنبرة حنان هامسة ليقول:لقد تورث العند منكٍ ومن الواضح أن تلك الفتاة المحتمية بأحشائك ستورثه أيضاً
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ثغر "قمر" لتمتزج بنظرات عينيها التي سرعان ما تحولت إلي فرحة لتحرك شفاهها بنبرتها العاشقة المعتادة لتقول:الأهم أن ترث تلك الفتاة ملامح وجهه التي أعشقها حتى إذا تأخرت عليً تكون هي أمامي هي و"شاهد" لأزداد شوقاً لك 
ضغط "فادي" بأطراف أسنانه علي شفاهه لتمتزج تلك الحركة بنظرات عينيه المتفحصة لملامح "قمر" ليعيد تحريك شفاهه بنبرة مكر هامسة ليقول:إذن ما رأيك أن نجعلهم ثلاثة حتى تشتاقي لي أكثر 
حركت "قمر" وجهها لدفنه في كتف "فادي" لإخفائها ضحكات الخجل النابعة من ثغرها بينما أطلق "فادي" تنهيدة حيرة من كيفية إخبار "قمر" بذاك الأمر..
امتزجت طرقات اصطدام لعبة "شاهد" بالأرض بنبرته المتسائلة بطفولة التي ليقول:ماذا تفعلون؟!
ارتعد كلاً من "قمر" و"فادي" من موضعهم ليرتفع صخب ضحكاتهم ممتزجة بنظرات عيني "شاهد" الغير مبالية ليعود من حيث أتي..
وبمجرد أن دلف "شاهد" عائداً من حيث أتي حتى أعاد "فادي" ذراعيه لإحكام القبضة علي "قمر" التي حركت شفاهها بنبرة قلق هامسة لتقول:"فادي"!!انتبه "شاهد" هنا كفي 
رسم "فادي" ابتسامة السخرية علي ملامحه لتمتزج بنبرة شفاهه الضاحكة ليقول:"شاهد"!! إنه يعلم مالا أعلمه أنا
ارتفع صخب ضحكات "قمر" لتخيم علي أجواء حجرة المطبخ تلك ممتزجة بنبرة الخجل التي حركت بها شفاهها لتقول:"فادي"!!
مسح "فادي" علي ذقنه بهدوء امتزج بنبرة الجدية التي حرك بها شفاهه ليقول:الأهم الآن أريدك في أمر ما 
اعتدلت "قمر" في وقفتها لتهيمن علامات الانتظار علي ملامحها لتأتيها نبرة "فادي" الحازمة ليقول:نحن سنعود إلي مصر علي نهاية الأسبوع 
نظرات صدمة أطلقتها عيني "قمر" لتمتزج بعلامات الخوف الذي سرعان ما تحكم من ملامحها لتحرك شفاهه بنبرة قلق مرتعشة لتقول:ماذا!!ذاك جنون يا "فادي"؟؟!نحن لم نعود حتى في وفاة "الشيخ\راضي وثرية"!! نعود الآن!!لماذا؟!
أطلق "فادي" تنهيدة ضجر امتزجت بنبرة شفاهه الموضحة ليقول:يا حبيبتي تلك العودة لشهر فقط لا غير والسبب لأن حمل "مريم" تلك المرة أتعبها قليلاً فسنذهب للاطمئنان عليها ولإعطاء "شاهد" الفرصة للتعرف علي بلده الحقيقي
زمت "قمر" علي شفاهها بخوف امتزج بنبرة شفاهها القلقة لتقول:ولكن يا "فادي" أنت تعلم جيداً ما الممكن أن يفعله والدينا إذا علموا بقدومنا وبالإضافة إلي أن حياتنا أسسنها هنا وصار ذاك هو منزلنا الحقيقي ولن أتخلي عنه 
تحركت أنامل "فادي" للعبث بخدي "قمر" المرتعشين قلقاً ليحرك شفاهه بنبرة مطمئنة قائلاً:ومن قال أننا سنترك حياتنا هنا؟!ذاك هو عالمنا الذي عانينا كثيراً لأجل تشيده..كل ما في الأمر أننا سنأخذ استراحة قصيرة ونعود إلي أصدقائنا 
أطلقت "قمر" تنهيدة حسم امتزجت بنظرات عينيها القلقة من تلك العودة لتحرك شفاهها بنبرة استسلام قائلة:حسناً يا "فادي" كما تريد بالرغم من تأكدي من أنك تخفي شئ ما 
وبالاتفاق المقام سراً بين "ياسر"و"مريم" و"فادي" استطاعت "مريم" اصطناع الألم فور مكالمة "قمر" القلقة عليها ليبدأ "فادي" في ترتيب إجراءات السفر وتقديم الطلب علي أجازة من شركته وبالمثل فعلت "قمر" بالرغم من تأكدها بأن الأمر أكبر من تعب حمل "مريم" إلا أنها أرادت اكتشاف الأمر بنفسها..
وعلي الجانب الآخر..أخبر "بسام" بأمر عودة "قمر" ل"منير" الذي بالرغم من احتياج "ناهد" لها وبأنه من طلبها إلا أنه ما كان يتصور بأن "فادي" سيسمح بعودتها من جديد..وبقدر تلك الصدمة كان غضب "منير" يزداد في كل لحظة يقترب فيها موعد عودة "قمر"...
...
فور خروج "فادي" بصحبة عائلته إلي ساحة استقبال المسافرين حتى كانت ضلوع "ياسر" في تهيئة كاملة لاستقبال "شاهد" بين ذراعيه لاشتياقه لتلك النسخة المصغرة من صديق عمره والتي تساعده في استعادة ذكريات الماضي..ومن ثم وبالطبع يحين الدور علي صديق العمر "فادي" الذي استقبل صديقه بضمة شوق..
اقتلعت "قمر" الصديقين من ضمتهم تلك فور رؤيتها ل"مريم" بتمام حالتها الصحية لتحرك شفاهها بتساؤل قائلة:إن كانت مريم بخير!!فلماذا نحن هنا؟!هل من إجابة الآن يا "فادي"؟!
التقطت "ياسر" "شاهد" الذي قارب علي النعاس فوق كتفه ليحرك شفاهه بنبرة انسحاب قائلاً:سننتظركم في السيارة 
بمجرد أن اختفي "ياسر"و"مريم" عن مرمي بصر "قمر" حتى حركت شفاهها بنبرة غضب مكتومة لتقول:"فادي"!!هل لديك تفسير لكل هذا؟!
أطلق "فادي" تنهيدة ضيق امتزجت بنبرة شفاهه الموضحة بحزن ليقول:نعم لدي يا "قمر" فوالدتك متعبة قليلاً في تلك الفترة وتطلب رؤيتك وأخبرني بذلك "بسام" لذلك ابتدعت حيلة أن "مريم" متعبة للعودة إلي مصر ريثما تطمئنين عليها
منذ مغادرة "قمر" للنوبة وهي تحاول جاهدة شغل بالها بالتفكير عن أي شئ إلا والدتها لتأكدها في السابق أن مجرد التفكير فيها قد يؤدي بها للعودة إليها من جديد..وها هي الآن وبعد محاولات دامت لأكثر من ست سنوات تشتعل غصة ألم الفراق في كيانها لتفجر إحساس الاشتياق في كيانها بأكمله وتغرق عينيها في بحار دموعها التي سرعان ما أرسلت امتداد لها خارج عيني "قمر" لتتأرجح علي خديها وتمتزج بنبرة "قمر" المرتعشة لتقول:أمي!!
لم يكن "فادي" بحاجة إلي التفكير في الأمر نهائياً وإنما سرعان ما أحاط كتف "قمر" بذراعيه ليضمها إلي صدره بينما تحركت شفاهه بنبرة مطمئنة ليقول:لا تقلقي يا "قمر" فإن "بسام" أكد لي أن حالتها ستتحسن بإذن الله 
تسللت دموع "قمر" خفية بين طيات ملابس "فادي" الذي شعر بصدمة كهربية تجتاح أوصاله لشعوره بدموع "قمر" وسماعه لنبرتها الباكية التي حركت بها شفاهها قائلة:ماذا أصاب أمي يا "فادي"؟!ماذا حدث لها!!
أطلق "فادي" تنهيدة حاسمة امتزجت برجفة رموشه ونبرة شفاهه المصطنعة للجهل ليقول:"بسام" ما حادثني في تفصيل نهائياً..وإن غد لقريب كما تقولين دائماً في صباح الغد سنذهب إليها بإذن الله لا تقلقي 
بقدر ما كانت صدمة "قمر" المدوية لمرض والدتها بقدر ما كانت صدمتها الممتزجة بالخوف من العودة مرة أخرى للنوبة بل وبصحبة "فادي"..بدون تفكير بالنسبة لها سيكون الأمر جنوني !!
وبالرغم من ذلك إلا أن "قمر" فضلت تأجيل تكملة ذاك الحديث ريثما يرتاحوا قليلاً من إرهاق السفر..لذلك اتجهت "قمر" بصحبة "فادي" إلي سيارة "ياسر" المستقلة إياهم إلي أحد أكبر الفنادق في القاهرة بعدما اقنع "فادي" "ياسر" بأن الأفضل هو المكوث في الفندق وليس في منزله وبتلك الأعجوبة التي ظنت "قمر" أن من الصعب حدوثها وافق "ياسر" علي توصيلهم إلي عنوان ذاك الفندق علي وعد باللقاء بعد زيارتهم للنوبة..
ولكن!!ذاك اليوم بالطبيعي لن يمر هكذا مر الكرام لابد من تلقي مفاجأة أخرى ولكن تلك المرة ل"فادي" الذي طلب من "قمر" الصعود إلي جناحهم الخاص ريثما يتجه إلي محل لأحد شركات المحمول المجاور للفندق لشراء كارت لشحن خط المحمول المصري الخاص به..
وبينما "قمر" منشغلة بإبدال ملابس صغيرها وأخذها هي لحمام دافئ..كانت قدمي "فادي" مستعدة للدخول إلي الفندق لتأتيه النبرة الحانية التي رفضته من أكثر من ست سنوات لتتحرك تلك النبرة باسمه..
أطلق "فادي" تنهيدة ضجر لتأكده من صاحب تلك النبرة بل وأعاد تحريك أقدامه للدخول إلي ساحة الفندق دون المبالاة لتلك النبرة التي تقترب منه رويداً رويداً..إلي أن تحركت تلك النبرة بكلمة "ابني!!"
تلك الكلمة كانت كافية بالتمام لدي "فادي" للتصلب في موضعه لثوان ٍ معدودة واستنشاق نفس عميق لإعادة رسم علامات اللامبالاة علي ملامح التي حركها لتقابل ذاك الرجل قائلاً بنبرة باردة:العنوان خطأ يا سيدي 
لم يهتم ذاك الرجل أو بمعني أحق "حمدي" بتلك الكلمات وإنما كان اهتمامه بأكمله منصب علي الارتواء من ملامحه ابنه التي طالما انتظر رؤيتها لسنين كانت أيامها تحمل له الكثير والكثير من الندم والشوق..
أطلق "حمدي" تنهيدة راحة بعد ارتواء اشتياقه لتتحرك شفاهه بنبرة حانية ليقول:اشتقت لك يا بني 
بالرغم من الاشتياق لضمة بين ذراعي والده المنفجر داخل كيانه منذ التقاطه لنبرته إلا أن "فادي" وكما أعتادنا منه اللامبالاة والتعجرف..رسم ابتسامة ساخرة علي ملامحه ليمزجها بنبرة شفاهه الغير مبالية ليقول:حقاً؟! أعذرني ولكنني لست ابن لأحد فوالدي تبري مني من أكثر من ست سنوات وطردني من حياته
تلألأت عيني "حمدي" بالدموع لتمتزج بنبرة شفاهه الحانية التي حرك بها شفاهه قائلاً:أخطأت حينها يا "فادي" وأنا معترف بذلك وأريد منك أن تسامحني 
رسم "فادي" علامات الجمود علي ملامحه لتتحرك شفاهه بنبرة تحسر قائلاً:للأسف ذاك الطلب جاء متأخراً جداً للأسف أن قطعت الطريق بيننا منذ سنين رغم تأكدك بأنني كنت في أمس الحاجة إليك إلا أنك اخترت قطع الطريق بيننا بل بناء ألف سور و سور 
أكمل "فادي" حديثه بنبرته الغير مبالية المعتادة ليقول:وأنت كما تعلم "فادي" لا يمنح فرص لمن تخلي عنه في الوقت المحنة وليس علي استعداد بتحطيم أسوار القسوة التي شيدها من كان يعد أعز الناس إليه..
"فادي" كان ومازال وسيبقي ذاك المتعجرف مهما طال الزمان به 
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى التفت بجسده لتكملة طريقه إلي المصعد الكهربي ومن ثم إلي الجناح الخاص به تاركاً "حمدي" يرتشف كؤوس الألم تلك لما تسبب من ألم لابنه منذ سنوات..
دلف "فادي" إلي ذاك الجناح وعلامات الحزن بدأت تتسرب إلي ملامحه رويداً رويداً لتلتقطها عيني "قمر" التي حركت شفاهها بقلق قائلة:ماذا حدث يا "فادي"؟؟هل أمي بخير؟!
أومأ "فادي" رأسه بإيجاب واتجه لالتقاط ملابسه وطبع قٌبلة حانية علي جبين ملاكه الصغير النائم ومن ثم توجه إلي دورة المياه دون الاهتمام ل"قمر" التي اشتعلت قلقاً عليه من ملامحه تلك..
دقائق معدودة استغرقها "فادي" لأخذ حمام بارد خفف من حدة ألسنة اللهب المتصاعدة من عقله إثر حديث والده ذاك..وبمجرد أن دلف "فادي" خارج دورة المياه واتجاهه إلي الفراش حيث تجلس"قمر" التي حركت شفاهها بنبرة تساؤل قلقة:"فادي"!! ماذا حدث لك!!أنت لست علي ما يرام نهائياً ماذا حدث؟!
ألقي "فادي" بمنشفته القطنية التي استخدمها في تجفيف صدره العاري ومن ثم اتجه إلي "قمر" لدفن رأسه علي صدرها ليحرك شفاهه بنبرة ألم ممتزجة بتلألأ عينيه بدموع زجاجية تأبي الهبوط ليقول:أريد أن أرتاح لا أكثر أريد أن أرتاح 
ما إن أنهي "فادي" حديثه ذاك الذي أرسل دفعات من القلق المتتالي علي "قمر" التي شعرت بهدوء أنفاسه وإحكام إغلاق رموشه علي عينيه معلنً الهروب من ثورة أسئلة "قمر" بالنوم إثر ما تملكه من راحة بين ذراعيها..
لتسترق "قمر" هي الأخرى النوم بالرغم مما يكسو ملامحها من قلق..ذاك القلق الذي استطاع "فادي" الإجابة عنه فور استيقاظهم بسرده لما حدث بينه وبين والده وما يتملكه من ألم بعكس ما أظهره أمام والده..
....
بين قلق مسيطر علي ملامح "قمر" ومسبب لرجفة أناملها الملامسة لمعدتها المنتفخة وبين علامات اللامبالاة المتمكنة من أوصال "فادي" الراسم لنظرات برود ممتزجة بثبات نابعة من عينيه المتابعة لطريق السيارة إلي النوبة..كان "شاهد" هو الأكثر فوزاً براحة البال من ذاك الطريق المؤدي إلي النوبة لتهيمن نبرات مرحه علي الجهة الخلفية من السيارة بينما كان العكس يسيطر علي الجهة الأمامية بسبب حالة الرعب المتمثلة علي هيئة نظرات عيني "قمر" التي باتت تشعر وكأنها تري فيلمً تسجيلي لذاك الطريق الذي مهد طريق فرارها مع "فادي" بعدما عانت الكثير والكثير علي يد والدها و "محب"..
ولاقتلاع ذاك الحزن الذي بات واضحاً علي ملامح "قمر" ومحولاً عينيها إلي منبع لدموع متلألأة ولذلك!! حرك "فادي" أنامله لإحكام القبضة علي يد "قمر" واحتضانها بين شرايين يده الناقلة لشعور الطمأنينة إلي أوصال "قمر" التي أطلقت تنهيدة راحة نسبية امتزجت بابتسامة خافتة رسمتها علي ثغرها..
بعد تلك اللمسة التي لم تتحرك نهائياً عن يد "قمر" تحولت أجواء الذهاب إلي النوبة إلي بعضٍ من الراحة النسبية والانشغال بمرح "شاهد" الذي استطاع دون أن يدري بالتقاط والديه من حالة قلق بحتة..
علي الجهة الأمامية لباب منزل "منير" كان يجلس "بسام" علي أريكة بجوار ذاك الباب وبجواره "منير" المظهر لانشغاله بقراءة جريدة بينما عينيه تسترق النظر لمعرفة إن كانت وصلت "قمر" أم لا؟!
وما مع تمام الساعة الرابعة عصراً..التقطت أذني "منير" أصوات محرك سيارة يقترب من منزله بلامبالاة مختلطة بصخب ضحكات تسلل من خلف زجاج السيارة لتتراقص أمام "منير" لإشغال غيظه فور تأكده من أن تلك الضحكات نابعة من سيارة ذاك المتعجرف..
أغلق "فادي" محرك السيارة ليلتقط "شاهد" علي قدمه محركاً شفاهه بنبرة مطمئنة ممتزجة بنظرات عيني واثقة ليقول:كما حادثتك في الصباح يا "قمري"..لا أريدك أن تقلقي نهائياً وحبذا إن أضافتي قليلاً من اللامبالاة الخاصة بي
أطلقت "قمر" تنهيدة خوف امتزجت بنظرات عينيها المتفحصة بقلق لعلامات القرية من خلف زجاج السيارة لتتحرك شفاهها بنبرة مرتعشة وتقول:أريد أن أعود يا "فادي" أرجوك!! لا أستطيع المواجهة نهائياً أرجوك !! أنا مرعوبة من أن أدلف إلي ذاك المنزل بدونك وما سيحدث لي
حرك "فادي" أنامله بلمسة دائرية علي يد "قمر" لترتسم علامات التعجرف علي ملامحه وتمتزج بنبرة شفاهه الواثقة ليقول:لن يستطيع أحد مهما كان الاقتراب منكٍ يا "قمري" أنتي حرم "فادي الأسيوطى" لذلك أريد منكٍ أخذ نفس عميق والتهام قٌبلة من "شاهد" ومن ثم تستجمعي قوتك التي استطاعت تقديم رسالة دكتوراة وماجستير ظلت الهيئة المشرفة تصفق لها ما يقارب الربع ساعة هذا أولاً..أما ثانياً فلا تفكري في شئ مهما كان إلا الاطمئنان علي والدتك وفقط ولا تبالي لأي أحد حتى وإن كان "منير"
وبفطرة الطفل المستشعر بالقلق من حديث والديه..حرك "شاهد" شفاهه بنبرة خوف قائلاً:أبي ماذا حدث؟!وأين نحن!! أبي أنا أريد العودة
مسحت "قمر" علي يد "شاهد" بحنان امتزج بنبرة شفاهها المطمئنة لتقول:لا تقلق يا بني كل ما في الأمر أنني سأذهب لجلب شئ ما من ذاك المنزل فقط وسنعود لأجل الذهاب إلي "تميمة" لتلهو معاها 
بالرغم من استشعار "شاهد" بعدم صدق حديث "قمر" إلا أن لمسة يد "فادي" المتحركة ببطء علي ظهره بعثت فيه بعض الطمأنينة لتتحرك شفاهه بنبرة هدوء نسبية قائلاً:حسناً يا أمي ولكن لا تتأخري 
أطلقت "قمر" تنهيدة قوة اكتسبتها من نظرات عيني "فادي" المشجعة لها لتحيط بكفها مقبض السيارة وتفتحه في نفس اللحظة التي فتح فيها "فادي" بابه الخاص وهو يحمل "شاهد" بين ذراعيه وابتسامة تعجرفه المعتادة تتراقص أمام عيني "منير" الذي شعر وكأن هزة أرضية بقوة 200ريختر فجرت الأرض من تحته مطلقة العنان لبراكين المتصاعدة ألسنتها من عيني "منير" المطلقة لنظرات نارية لكلاً من "فادي" و"قمر" وذاك الصغير الدافن لملامحه في كتف "فادي" الذي أراد منح "منير" جرعة ثقة بأنه ما عادت لديه سلطة للتحكم ب"قمر" ليطبع قُبلة هادئة علي جبينها فور وقوفه مقابلاً لها ومن ثم حرك شفاهه بنبرة تشجيع هامساً:لا تتأخري علينا.. سأشتاق 
ارتسمت ابتسامة طمأنينة علي ثغر "قمر" بالرغم من ارتعاد ملامحها بقلق من حدة نظرات "منير" التي قاربت علي الفتك بعائلتها الصغيرة لتعبث "قمر" بخصلات شعر "شاهد" الذي رفع ملامحه إليها بطمأنينة لطالما اكتسبها من لمسة والدته ليرسم علي ملامحه علامات البراءة الممتزجة بابتسامته الطفولية..
لتستمد "قمر" بتلك الابتسامة الممزوجة بلمسة يد "فادي" قوة جعلت ملامحها تكتسي بلامبالاة ممزوجة بنظرات عينيها الواثقة لتخطو بثبات في اتجاه المنزل ليستقبلها "بسام" بترحاب ومن ثم يدلف بها إلي المنزل..
تحولت خطوات "قمر" من الثبات إلي التشتت فور اقترابها من حجرة والدتها لتتمسك بمرفق "بسام" بخوف ممتزج بنبرة شفاهها المرتعشة لتقول:أنا خائفة جداً يا "بسام"
نظرات عيني "بسام" المطمئنة الممتزجة بنبرة تشجيع حرك بها شفاهه ليقول:مما تقلقين يا "قمر"!!تلك والدتك!! تلك من ناجيت ربك من أجل لقائها من جديد وها هو بفضله منحك تلك الفرصة 
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة فور وقوفها مباشرة أمام باب الحجرة لتحرك شفاهها بنبرة هامسة لتقول:ألن تدلف معي؟!
حرك "بسام" رقبته بحركة نافية امتزجت بنبرة المرح الهامسة التي حرك بها شفاهه قائلاً:لابد من العودة إلي خارج المنزل لمنع تطور نظرات عيني عمي النارية ل"فادي" 
سرعان ما ارتسمت ابتسامة حزن منكسرة علي ملامح "قمر" المحركة لشفاهها بنبرة حزن هامسة لتقول:ألم تري كيف نظر إلي "شاهد"؟! كأنه يريد القضاء عليه !!ولا لمعدتي المنتفخة تلك شعرت وكأنه يريد قتلها قبل الخروج إلي عالمنا هذا
أطلق "بسام" تنهيدة حزن مكتوم امتزج بنبرة شفاهه المطمئنة إلي حد ما ليقول:"قمر" دعينا منه الآن الأهم أن تطمأني علي والدتنا هيا 
ارتفع صخب ضحكات "شاهد" الطفولية العابث مع "فادي" بمرح لزيادة اشتعال غضب "منير" الذي قارب علي تصويب أعيرة لهب نارية من منبع عينيه المشتعلة غضباً لتأتيه نبرة "بسام" الملتقطة له من براكين غضبه تلك وهو يقول:عمي!!

يتبع.........
#نورهان_حسنى

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن