الواحد والثلاثون

1.2K 45 0
                                    

الواحد والثلاثون

أنهي "فادي" حديثه لنفسه وابتسامة الفرحة تزين محياه ليتجه إلي دراجته البخارية وقبل أن يبدأ في تشغيلها..
أتته نبرة طلب مرتعشة تحوم من علي يمينه تقول:"فادي" أنا بحاجة للحديث معك 
التفت "فادي" برقبته علي يمينه ليعقد حاجبيه بتعجب امتزج بنبرة شفاهه المتسائلة قائلاً:"إسراء"؟! أين كنتٍ طيلة الفترة السابقة؟!
بالرغم من الغضب الذي طالما استولي علي "فادي" في بداية معرفته ب"إسراء" عندما كانت تحاول الحديث معه إلا أنه ما أنكر أبداً كم المساعدة التي قدمتها له في الفترة الماضية عندما كانوا يحاولون الإيقاع ب"محب" وكم المخاطرة التي تعرضت لها فقط من أجل مساعدته..
أطلقت "إسراء" تنهيدة حزن امتزجت بنبرة شفاهها المتحسرة لتقول:كنت أعيد حساباتي
أعاد "فادي" وضع الخوذة علي الدراجة ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل قائلاً:و ماذا وجدتي؟َ!!!
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "إسراء" لتمتزج بنبرة شفاهها الشبه باكية لتقول:وجدت أنني مهما حاولت عزل نفسي فأنا لا أستطيع عزل حٌبك..وجدت أنني في كل مرة أحاول فيها نسيانك يرتعد كياني بأكمله لتذكري كلمة واحدة منك لا تهم ما هي صيغتها؟! الأهم أنها كانت منك 
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم لتتابع حديثها بنبرتها الشبه باكية تلك لتقول:وجدت أنني في كل مرة أحاول إقناع قلبي ذاك بأنك من المستحيل أن تكون لي لا أفعل شئ سوي مناجية ربي بأن يكون ذاك كابوس وأنني سأفيق منه لا محالة وسأجدك بجواري 
تدحرجت دمعة لؤلؤية علي خدي "إسراء" لتتابع حديثها قائلة:وجدت أنني بحاجة إلي ضمة واحدة من ذراعيك يا "فادي" بحاجة للبكاء بين ضلوعك بالحاجة للصراخ بك كي أمحو أوجاع قلبي بحاجة إليك يا "فادي"..أرجوك لا تتركني..أرجوك 
لولا ما قدمته "إسراء" من مساعدة ل"فادي" في السابق لكانت نبرته الغاضبة التي أشعلت نيران الغضب في كيانه بأكمله..لكانت فتكت الفتاة ولقنتها الدرس في كيفية التفوه بمثل تلك الكلمات معه..
ولكن؟!وبأعجوبة ظن "فادي" لثوانٍ أنها مستحيلة استطاع التحكم في غضبه وتقليل حدة نظرات الضجر النابعة من عينيه تجاه "إسراء" ليحرك شفاهه بنبرة غضب مكتوم قائلاً: "إسراء"؟! مبدئياً اختفائك ذاك ما كان من المفترض أن يحدث ما كان من المفترض أن تدمري مستقبلك في عملك لأي أحد مهما كان..ثانياً أنا أخبرتك بدل المرة اثنان وثلاثة بل وعشر بأن اجتماعنا سوياً مستحيل ليس لأنكي ما عاذ الله بكٍ عيب ما ولكن لأنني أحببت فتاة ومن المستحيل أن أتخلى عنها مهما كان الأمر 
أطلق "فادي" تنهيدة ضجر امتزجت بنبرته الشبه هادئة التي تابع بها حديثه قائلاً:"إسراء" أنقذي ما ظل فيكٍ من حنكة في عملك واستغليهم وابدئي من جديد..ابدئي في إعادة هيكلة تفكيرك ومعتقداتك ولا تجعلي من مشاعرك هي من تمسك بزمام الأمور طالما أنها وصلت بكٍ إلي تلك الحالة
دموع لؤلؤية باتت تخفي ملامح "إسراء" لتمتزج برجفة كيانها بأكمله وحركة شفاهها المرتعشة لتقول بنبرة يأس:حاولت كثيراً يا "فادي" ما استطعت 
حمل "فادي" خوذة دراجته البخارية ليحرك شفاهه بنبرة إرادة قائلاً:إذا ظلت إرادتك ضعيفة كهذا وإذا ظل قلبك يوهمك بأنكٍ عاجزة عن فعل ذلك لن تتقدمي خطوة واحدة بل ستهوين بنفسك إلي في بحور الحزن واليأس ولكن!! إن أثبتي لنفسك أولاً أنكٍ لستٍ بعاجزة أو ضعيفة ستتخطين كل آلامك
كفكفت "إسراء" دموعها بأناملها المرتعشة لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل قائلة:سؤال أخير فقط..إن كانت لم تظهر هي بحياتك هل كان من الممكن أن تكون من نصيبي أنا 
أطلق "فادي" تنهيدة ضيق امتزجت بنبرته التي حاول ألا يرفع حدتها غضباً ليقول:فتاة مثلها لا يوجد وأنا لم أكن لأقبل بفتاة إلا بصفاتها
رفع "فادي" خوذته لتخفي ملامح وجهه التي قاربت علي الاشتعال غضباً ممتزج بضيق ليحرك شفاهه بنبرة مودعة قائلاً:انتبهي إلي حالك..إلي اللقاء
انطلق "فادي" بدراجته البخارية سريعاً وشعور الضيق علي الحالة التي صارت عليها "إسراء" باتت كالوقود الذي يزيد اشتعال غضبه..
بينما علي الجانب الآخر..
بمجرد أن اختفي "فادي" من أمام عيني "إسراء" حتى اتجهت هي بدورها للسير بلا هدف في شوارع القاهرة في محاولة لتجميع شتات نفسها من جديد..
...
تسلل شعاع ذهبي إلي داخل أروقة الشركة معلنً بداية اليوم الأخير ل"فادي" بها وبينما جميع العاملين مشغولون بإنهاء أعمالهم وترتيب ملفاتهم ومتابعة آخر أخبار الوفود السياحية وما إلي ذلك...
كان الأمر مختلفً إلي حد ما في مكتب "فادي" الذي عج بفوضى نسبية بسبب تجميع "فادي" لكل متعلقاته الشخصية في عدة صناديق مختلفة الحجم..
وبمجرد أن أنهي "فادي" تجميع متعلقاته حتى انطلق بطلب استقالته إلي مكتب مدير الشركة..
وبقدر ما كان "فادي" مشتاق لانتهاء ذاك اليوم لأن غداَ حفل زفافه ب"قمر" بقدر ما كانت أحزانه تتسرب إلي أوصاله بالتدريج..بقدر ما كان ضيقه من ترك تلك الشركة التي لطالما حلم طيلة سنين الجامعة بأن يكون أحد أعضائها ولكن؟! ها هو الآن يقدم بنفسه طلب استقالته منها من أجل مستقبل لا يعلم ماذا سيحمل له؟!
عقد المدير حاجبيه بتعجب امتزج بنبرة شفاهه المصدومة ليقول:ما هذا يا "فادي"؟! هل تمزح؟!
أطلق "فادي" تنهيدة هدوء حملت في طياتها علامات الحزن التي باتت تتسرب إلي ملامح وجهه بسرعة ليحرك "فادي" شفاهه بنبرة ثبات قائلاً:ذاك ليس بمزاح يا فندم..ذاك طلب استقالتي وأرجو من سيادتك الموافقة عليه 
ارتسمت معالم الغضب علي ملامح المدير لتمتزج بنبرة شفاهه المتعجبة قائلاً:حسناً أخبرني أولاً لماذا كل هذا؟! من المستحيل أن يتخلي "فادي" عن عمله وما حققه في الشركة بتلك السهولة
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي" الذي حرك شفاهه بنبرة هادئة قائلاً:حديثك صحيح 100% يا فندم ولكن جدت أمور وصلت بنا إلي تلك المرحلة 
امتزجت علامات الغضب بالحزن علي ملامح المدير الذي حرك شفاهه بنبرة ضيق متسائلة قائلاً:هل لي بمعرفة تلك الأمور؟!
أطلق "فادي" تنهيدة حسم امتزجت بنبرة شفاهه الهادئة ليقول:أعذرني ذاك ليس الأوان لمعرفتها ولكن أتمني من سيادتك ألا يكون في قلبك أي ضجر تجاهي 
ارتسمت ابتسامة حزن علي ملامح المدير لتمتزج بنبرة شفاهه الشبه هادئة ليقول:منذ بداية عملك في الشركة وأنت تعلم جيداً أن مكانتك من مكانة أولادي و أنا متأكد بأنك لا تقدم علي فعل أمر إلا إذا كنت واثق منه وأنا في النهاية لا أريد إلا الخير لك 
ارتسمت ابتسامة امتنان علي ملامح "فادي" امتزجت بنبرة شفاهه المودعة قائلاً:ألقاك علي خير 
ضمة وداع أنهي بها "فادي" لقائه مع مديره ليتجه إلي مكتبه لآخر مرة ومن ثم يبدأ في حمل الصناديق بمساعدة "ياسر" الذي بدت ملامحه وكأنها علي حافة البكاء وبمجرد أن أنهي "فادي" وضع متعلقاته بسيارة "فادي" حتى وجد معظم العاملين في الشركة يتقدمون لتوديعه ومعالم الحزن المرتسمة علي ملامحهم أضافت غصة ألم إلي قلب "فادي" الذي لم يشفي بعد من تركه للعمل بتلك الشركة التي طالما كانت أحد أحلام حياته..
ولكن!! ما كان أمام "فادي" سوي التضحية بجزء من أحلامه من أجل وضع أساس لحلمه الأكبر..
وبمجرد أن أنهي العاملين توديعهم ل"فادي" حتى حرك "ياسر" شفاهه قائلاً بنبرة هادئة نسبياُ:بما أنها الليلة الأخيرة لك في القاهرة فدعنا نتمتع بها قليلاً 
اختفت معالم الحزن بالتدريج من علي ملامح "فادي" لتتبدل بالمرح ليحرك شفاهه بنبرة ماكرة قائلاً:ليلة كليلة احتفالنا بالتخرج 
أنزل "ياسر" نظارته الشمسية لتصبح في مستوي نظره ليحرك شفاهه بنبرة خبث ضاحكة قائلاً:بالضبط ولكن مع إضافات بسيطة لليلة العزوبية الأخيرة في حياتك 
امتزج صخب ضحكات الصديقين المرتفعة ليستقلوا السيارة بسرعة بينما علامات الفرحة باتت متحكمة من كيانهم بأكمله لينطلق "ياسر" بسرعة لبداية برنامج الليلة الأخيرة لعزوبية "فادي"..
ليتخلي الصديقان عن ثوب الحكمة وأسلوبهم اللبق ويبدلوهم بثوب الجنون والأسلوب المرح لتبدأ رحلة الجنون..
.....
ولأنها الساعات الأخيرة ل"قمر" تحت غطاء العزوبية ولأن "مريم" ليست بالصديقة الفضولية نهائياً ولا بالصديقة التي تمتلك نظرات ماكرة تمتزج بضحكات مرح فور عبثها بحقيبة ملابس صديقتها..
فبمجرد أن تأكدت "مريم" أن "تميمة" استسلمت للنوم كلياً حتى تركتها مع "ثرية" لتدلف بصحبة "قمر" إلي حجرتها.. 
"و لأن الاستئذان في قوانين الأصدقاء محرم بل يعتبر جريمة" فلم تبالي "مريم" باستئذان "قمر" بل اتجهت فورً إلي حقيبتها للعبث بما فيها لتبدأ رحلة المزاح الذي لم ينقطع نهائياً وتبدأ معاناة "قمر" في إثبات أن جميع قطع الملابس تلك ما هي إلا أمور طبيعية بالنسبة لعروس..ولكن!! كيف ستقنع تلك المجنونة الملقبة ب"مريم"؟!
وبعد ما يقارب الساعة ما انقطع فيها صخب ضحكات الصديقتين ولو للحظات..التقطت "مريم" القطعة الأخيرة في الحقيبة لتطلق صفير مرح امتزج بنبرة شفاهها الناصحة لتقول:ذاك اللون سيصيب "فادي" بالهوس لا محالة 
التقطت "قمر" باقي قطع الملابس بسرعة لتبدأ في وضعهم في الحقيبة بلا نظام امتزج بعلامات الإحراج الطفولية لتحرك شفاهها بنبرة خجل قائلة:حسناً حسناً انتهت الحفلة إذن حسناً كفي يا الله أنا من فعلت ذاك بنفسي أنا من أخبرتها بموضع الحقيبة..لماذا لم أصمت؟! غبية يا "قمر" غبية 
ارتسمت علامات الهدوء علي ملامح "مريم" لتلتقط إحدى قطع الملابس بهدوء امتزج بنبرة شفاهها الضاحكة لتقول:تلك القطعة هي الأهم لا تنسيها 
التقطت "قمر" الوسادة من جوارها لتهوي بها علي رأس "مريم" بمزاح طفولى قائلة بنبرة شبه ضاحكة:ماذا أفعل بكٍ؟! يا الله لماذا ابتليتني بتلك الفتاة؟! اصمتي ولو لثوانٍ 
وبدون تردد من "مريم" التقطت وسادة كانت تسند بها ظهرها لتهوي بها علي "قمر" لتبدأ المعركة بين الصديقتين...
وما هي إلا عشرة دقائق حتى فتحت "ثرية" باب الحجرة وعلامات التعجب تكسو ملامحها لتحرك شفاهها بنبرة تحسر قائلة:ذاك ليس بمظهر لفتاة أم وفتاة ستتزوج غداً ذاك مشهد من مستشفي الأمراض العقلية 
أعادت "قمر" خصلات شعرها المتناثرة علي ملامحها للوراء لتحرك شفاهها بنبرة ضحك معتذرة قائلة:أعذريني يا عمتي ولكن لدي صديقة أبدلت عقلها بصحن طعام حامض
اعتدلت "مريم" في وقفتها بجدية مصطنعة لتحرك شفاهها بنبرة حدة مصطنعة لتقول:أنواع الطعام كثيراً يا "قمر" فلتحددي أي نوع حتى لا تصاب عمتي بالحيرة
ضربت "ثرية" كفً بكف بحركة تحسر واضحة لتحرك شفاهها بنبرة استسلام قائلة:كفي!!كفي!! أعان الله "فادي" كان أم "ياسر" وأعان الله تلك الصغيرة 
أكملت "ثرية" حديثها بنبرة تذكر امتزجت بنظراتها الغامضة ل"مريم" لتقول:الأهم الآن أن تنفذي ما اتفقنا عليه ريثما يأتي زوجك لأن السفر سيكون بعد صلاة الفجر مباشرة 
ما إن أنهت "ثرية" حديثها حتى دلفت خارج الحجرة لترفع "قمر" حاجبها الأيسر بتعجب امتزج بنبرة شفاهها المستعطفة لتقول:"مريم"!!صديقتي الصدوقة!!حب عمري!!عما تتحدث عمتي!!لا تخفي أمرً عني
رفعت "مريم" رقبتها إلي سقف الحجرة بلامبالاة..لتتابع "قمر" حديثها قائلة بنبرة طفولية لتقول:أخبريني عما تتحدث وأنا سأصنع لكٍ البريانى الذي تحبيه
اتسعت عيني "مريم" فرحة امتزجت بنبرتها المعترفة سريعاً دون تفكير لتقول:حقاً؟!حسناً سأخبرك.."فادي" أراد إقامة حفل زفاف صغير لكٍ قبل سفركم وسنسافر جميعنا بعد صلاة الفجر لحضور ذاك الزفاف ومن ثم ستسافرون إلي السعودية كما هو محدد..كما أن الزفاف سيكون علي الطقوس الهندية كما كنتٍ تحلمين.. 
الآن أين البريانى؟!!
وكأن اعتراف "مريم" تحول إلي قطع من الجليد غٌرزت في كيان "قمر" ببطء لتصيبها بالتصلب الممتزج بعلامات الصدمة النابعة من نظرات عينيها لتبتلع "قمر" ريقها بصعوبة بالغة امتزج بنبرة شفاهها المرتعشة لتقول:"فادي"؟؟ "فادي" من فعل ذلك؟!!
قهقهة ضاحكة نبعت من "مريم" علي حالة صديقتها المزرية تلك لتحرك شفاهها بنبرة إيجاب ضاحكة قائلة:نعم "فادي" من فعل ذلك وانتظري حتى تري الساري المخصص للزفاف إنه كثوب الأحلام 
تلألأت دمعة فرحة خيالية في عيني "قمر" التي أطلقت تنهيدة شوق تحولت إلي صدمة كهربية صًوبت إلي كيانها بأكمله لتحرك بنبرة حب هامسة قائلة:أعشقه يا "مريم" أعشقه 
ارتفعت نبرة "قمر" تدريجياُ وكلمة "أعشقه" تتراقص علي نبضات قلبها الذي يضخ السعادة إلي أوصالها لتقفز "قمر" بين أحضان "مريم" بينما صخب ضحكاتها الغير مستوعبة بعد بات يملأ أركان الحجرة بأكملها..
و ما إن فاقت "قمر" من حالة الجنون السعيدة التي أصابتها بعدما علمت بمخطط "فادي" حتى دلفت الصديقتان خارج الحجرة ليبدؤوا في جلسة السمر بمشاركة "ثرية"..
...
ومع حلول منتصف الليل كان جميع أبطالنا بموضعه علي فراشه..منهم من كان يتدحرج علي فراشه بقلق ممتزج بضجر ك "منير وحمدي"..
فها نحن نجد الوالدين يرتجعون كؤوس القلق الذي يخفي بين طياته الندم علي ما ارتكبوه بحق أولادهم..
ومنهم من أغمض عينيه براحة فور إسناد رأسه علي وسادته بشعور من الفرحة ك"ناهد" و"ثرية والشيخ\راضي"...
ومنهم من بات يتقلب علي الفراش وابتسامة الفرحة الممتزجة بعلامات الشوق التي تكسو ملامحهم وضربات قلبهم التي تعزف لحنً هادئاً يليق بليلة العزوبية الأخيرة ك "فادي" و"قمر"..
فها نحن نجد أخيراً ذاك المتعجرف وتلك العنيدة يمضون ليلتهم في نسج خيوط مستقبلهم الذي سيبدأ غداً مع تمام زفافهم..
بينما بالنسبة لباقي أبطالنا فقاموا باصطحاب أنفسهم في قيلولة هادئة ريثما يحين موعد السفر..
ساعات معدودة فصلت عن صلاة الفجر مرت بهدوء نسبي خيم علي الأجواء المحيطة بأبطالنا..وبمجرد أن انتهت صلاة الفجر حتى بدأ الجميع في تحضير حالهم إلي سفر..لتبدأ حالة الاستعداد القصوى تعم أركان منازل معظم أبطالنا..
فها هو "بسام" بات منشغل في التأكد من اتساع سيارته لحقائب "قمر" ومتعلقاته بينما انشغل "فادي" بتجميع متعلقاته في سيارة "صالح" بينما ظلت "قمر" تجوب حجرتها في محاولة للبحث عن أي شئ سهت عنه بينما تأكدت "مريم" من عدم نسيانها لأي متعلقات تخص "تميمة" بينما انشغل "ياسر" بمحادثة المسئولين عن الزفاف وإقامتهم الخاصة في محافظة البحر الأحمر بينما تأكدت "أسماء" من اصطحابها لمتعلقاتها الشخصية بينما انشغل "الشيخ\راضي" و"ثرية" بالتأكد من إغلاقهم لنوافذ المنزل وأجهزة الغاز..
لتمر نصف ساعة بالتمام علي أبطالنا وهم منشغلين بالتأكد من عدم نسيانهم لشئ ليتوكل الجميع علي الله وتجوب سيارات أبطالنا المتتابعة الطريق للتوجه إلي البحر الأحمر لإقامة حفلة الزفاف التي طالما انتظرها المتعجرف والعنيدة..
..
دلف "حمدي" إلي منزله بإرهاق واضح علي عينيه ليطلق تنهيدة ألم فور التقاط عينيه لصورة "نسمة" الموضوعة علي الطاولة المجاورة لباب المنزل محركً شفاهه بنبرة حنين قائلاً:اشتقت لكٍ كثيراً
ألقي "حمدي" بسلسلة مفاتيحه علي الطاولة لتعبث يده لحمل صورة "نسمة" والاتجاه إلي أقرب أريكة قابلته في بهو الصالة..
علامات الشوق المرتسمة علي ملامح "حمدي" ناسبت تماماً نظرات عينيه المتلألأة بالدموع ورعشة أنامله فور تحسسه لملامح "نسمة" لتكتمل صورة العاشق المتهالك من الفراق بنبرة شفاهه الباكية ليقول:أخطأت جداً يا "نسمة" أخطأت جداً في حقك وحق نفسي..ظننت بأن "قمر" هي الحب الوحيد في حياتي..ظننت بأن نظرة عينيها هي نظرة العشق الحق وأن ضمتها هي الضمة التي ستشفي أوجاعي ولكنني لم أمهل عقلي للتفكير ولو ثوانٍ لم أسمح لقلبي بدمج نبضاته مع نبضات قلبك التي طالما بعث في جسدك رعشة طفيفة بمجرد احتضاني لكٍ
تحسس "حمدي" ملامح "نسمة" بأنامله المرتعشة ليتابع حديثه قائلاً:يا ليتك تعودين من جديد يا "نسمة" يا ليتك تعودي لضمي بين ذراعيك من جديد يا ليتك تمهلتىٍ قليلاً ربما كنت استطعت التعبير عن1% فقط من عشق روحي لابتسامتك و شوق قلبي لضمتك الحانية 
أسند "حمدي" رأسه إلي الخلف ليطبق علي عينيه برموشه ليحرك شفاهه بنبرة ألم اختلطت بدموعه التي تتأرجح علي ملامحه ليقول:يا ليت الموت تمهل لثوانٍ..يا ليت الموت لم يعاقبني بفراقك بعدما أصبحتىٍ عشقي 
..
إذا انطلقنا إلي جنوب مصر تحديداُ في النوبة لن نجد فرق كبير بما حدث مع "حمدي" الذي بات نادمً علي راحته التي دُفنت مع "بسمة" وبين "منير" الجالس في حجرته بمفرده وأمامه إحدى الرسائل الورقية بخط أخته التي طالما اعتادت علي بعثها إليه بعد زواجها..
أعاد "منير" تلك الرسالة إلي موضعها ليتمدد بجسده علي فراشه لإرهاق امتزج بعلامات الحزن المستولية علي ملامحه لتمتزج مع نبرة الألم الهامسة النابعة من شفاهه ليقول:ما تصورت أبداً خسارتك يا "قمر"..ما تصورت أبداً أن تأتي أيام تخلو من ضحكاتك ومزاحك الدائم معي ولا من ضمة ذراعيك الحانية التي طالما استقبلتني بها 
أطلق "منير" تنهيدة حزن ليتابع حديثه الهامس قائلاً:وعندما رحلتي وضعت كل الذنب علي ذاك الرجل الذي دمر ابتسامتك وأخفي مرحك بزواجه الثاني من تلك المرأة وعندما حاولت الانتقام وظننت أنني أخذت بحقك عاد ابنهم لسلب ابنتي منهم..سنين وأنا أري "قمر" تكبر رويداً رويداً وكل خصلة بها تذكرني بكٍ لتخفف عني ألم فراقك لي..و في النهاية!! هجرت المنزل من أجل ابن الرجل الذي دمرك!! في النهاية جعلته ينتصر عليً بأخذ ابنتي مني كما انتصر عليً بأخذك من بين أحضاني تحت وهم الحب
....
علي نقيض ذاك الحزن الممتزج بأوجاع الفراق التي تخيم علي أجواء النوبة كانت أم القاهرة..كان الوضع مختلف تماماً في البحر الأحمر فبعد أخذ أبطالنا لقيلولة صغير دامت إلي ساعتين..
بدأ الجميع في العمل لإتمام اللمسات الأخيرة لذاك العرس المقرر إقامته في حديقة المنزل الذي قام "فادي" باستئجاره..فإذا دققنا النظر إلي بهو المنزل نجده يعج بأزهار الزينة التقليدية الخاصة بمراسم العرس لدي الشعب الهندي ولاكتمال ذاك الجنان تخلي "وائل" عن عمله كضابط في الداخلية المصرية ليبدأ في متابعة تزيين بهو الصالة المقرر إقامة مراسم العرس الأولي به بينما علي مسافة بسيطة منه نجد "ثرية" و"فادية" منشغلين بالتأكد من تجهيز الطعام الهندي البحت والتأكد من المشروب التقليدي المتعارف عليه في العرس..
بينما في حديقة المنزل..نجد أن العمال قد أنجزوا مهمة كبيرة في تزيين الحديقة و وضع الأساسيات الخاصة بإتمام باقي تقاليد الزفاف الهندي..
أما عن الطابق العلوي في ذاك المنزل وتحديداً في حجرة تقع أقصي يمين الطابق..كانت "قمر" جالسة علي أحد المقاعد الجلدية تحت أيدي "أسماء" و"مريم" المنشغلات بإتمام زينة العروس من مستحضرات تجميل وإكسسوارات خاصة بالساري ونقش الحنة بطريقة هادئة ممتزجة بلمعة سحر...
أما عن الحجرة التي تقع في أقصى يسار الطابق..وكعادة "ياسر" عندما يجتمع ب"فادي" كانت صيحات ضحكاتهم تتمكن من أجواء الحجرة التي بدت غير مرتب نهائياً بسبب الفوضى التي أحدثها "فادي" في عملية بحثه عن عطره وماكينة حلاقته..
مر نهار ذاك اليوم وأجواء الفرحة تخيم علي كل ركن من أركان ذاك المنزل..كل ركن بات شاهداً علي نبضات قلب العاشقين المضطربة فرحاً من ذاك الزفاف الجنوني..
كل لحظة تحركت فيها xxxxب الساعة..باتت شاهدة علي عيني العاشقين التي تتابعها بلهفة في إتمام ذاك الزفاف وشوق في التجمع تحت سقف منزل واحد..
كل حركة من رموش "فادي" كان أم "قمر" تشهد علي استعادتهم لذكرياتهم وما مروا به لأجل الوصول لذاك اليوم..
ذاك اليوم الذي سيكون الشاهد الأقوى علي أن ذاك العشق الناشب بين قلب المتعجرف وقلب العنيدة ما كان يرجو سوي الاجتماع بالحلال..
لنعود مرة أخرى إلي مراسم ذاك العرس الهندي الذي بات مجهزاً كأنه عرس في إحدى قري الهند...فبعد أن تأكد "بسام" من إعطاء جميع العمال مبالغهم كما اتفقوا مع "فادي"..دلف إلي الحجرة المخصصة له و ل"وائل" لتبديل ملابسهم بساري الرجال الهندي ليكتمل ذاك الجنون بنسبة تخطت ال100%..
لم يختلف الحال كثيراً في حجرة "فادي" الذي أنهي ارتداء الساري الخاص به ليتحرك بقلق تجاه المرآة لأخذ نبذة عن هيئته بذاك الساري وبمجرد أن لمح "فادي" هيئته حتى اتسعت عينيه صدمة امتزجت بصيحات ضحكاته التي لم تنقطع ولو للحظات واحدة لدرجة شعر بها "فادي" بأن نبضات قلبه ستخرق ضلوعه من قوة ضرباتها الضاحكة علي تلك الهيئة..
لتنقطع ضحكات "فادي" لثوانٍ بسبب "ياسر" الخارج من دورة المياه الملحقة بالحجرة وهو يخفي ملامحه بإحدى المنشفات القطنية بسبب هيئته بذاك الساري هو الآخر..
ارتفع صخب ضحكات الصديقين بقوة تسللت لخارج حجرتهم لتمتزج بصخب ضحكات "وائل"و"بسام" الجالسين في الحجرة المجاورة لهم..
وسبب ذاك الضحك الجنوني هذا!؟ هو ذاك الساري الرجالي الذي حول أبطالنا إلي أحد أشهر رجال الهند..
بينما علي الجانب الآخر..تحديداً في حجرة "قمر"..
كان صخب ضحكات الجنون هو المسيطر علي الأجواء أيضاً..فبعد انتهاء "أسماء" و"مريم" من ارتداء الساري الخاص بهن والبدء في تزيين حالهن..دلفت "قمر" إلي دورة المياه الملحقة بالحجرة لتبدأ في ارتداء الساري الخاص بها..
لحظات فرحة جنونية مرت علي "قمر" وهي تتأمل هيئتها بذاك الساري الموجود في القصص الخيالية فقط.. 
كل تفصيلة في ذاك الساري تبعث فيها صدمة فرحة مباشرة إلي قلبها ليضخ الفرحة إلي باقي كيانها..
كل قطعة تلألأت علي ذاك الساري لتضيف لمعة ساحرة عليه تشهد علي عيني "قمر" التي طالما تكبدت العناء من أجل تلك اللحظة..
اسم "فادي" المنقوش علي ظهر "قمر" شاهد علي ارتعاد كيان "قمر" فرحاً لنقش اسم ذاك المتعجرف علي جلدها كما حُفر علي قلبها..
كفكفت "قمر" دموع تدحرجت علي خديها لترسم ابتسامة فرحة علي ملامحها محركة شفاهها بنبرة عاشقة لتقول: لطالما شهد الفستان الأبيض علي فرحة الفتاة بزفافها ولكن الحال بات مختلف الآن..فذاك الساري شهد علي فتاة لم تولد إلا في تلك اللحظة التي غطي فيها الساري جسدها لتزف إلي عاشقها
فاقت "قمر" من شرودها علي طرقات خافتة علي الباب امتزجت بنبرة "مريم" المرحة قائلة:هيا يا عروس!! يجب إنهاء وضع الحجاب لأن الجميع في انتظارك 
سرعان ما دلفت "قمر" خارج دورة المياه لتبدأ "أسماء"و"مريم" في وضع اللمسات الأخيرة والتأكد من تثبيت الحجاب علي وجه "قمر" المتورد فرحة..
بدأ العمل بسرعة جنونية لإنهاء اللمسات الأخيرة الخاصة بذاك العرس وفي أقل من نصف ساعة..اتخذ الجميع مواضعهم في الصالة..
لتبدأ مراسم ذاك العرس الجنوني..
وبدايةً بتلك المراسم..رٌفع وشاح حريري من نفس لون ساري "قمر" فوق رأس "قمر" لتصبح أطرافه بين "بسام" و"أسماء" و"مريم" و"ياسر"..ليتقدم هؤلاء الأربعة وتتوسطهم "قمر" إلي "فادي" الواقف في منتصف بهو الصالة وابتسامة الفرحة تزين ملامحه الغير مستوعبة بعد لذاك الجنون..
سنتيمترات معدودة فصلت بين العاشقين..لترتفع نبرة "بسام" المهنئة ليحرك شفاهه قائلاً:مبارك عليكم..انتبه جيداً عليها يا "فادي"
التقطت عيني "فادي" صورة سريعة ل"قمر" التي تخفض وجهها بخجل امتزج بتورد جبينها باللون الأحمر ليحرك "فادي" شفاهه بنبرته العاشقة المعتادة ليقول:لا تقلق إنها محفورة في قلبي 
وبعدما تخلص "فادي" من تعليقات أصدقائه المداعبة..اقترب من "قمر" بثبات امتزج بأنفاسه الهابطة والصاعدة بتسارع يتناسب مع تسارع نبضات قلبه لتبقي المسافة الفاصلة بينهم مليمترات لا أكثر..
أغمض "فادي" عينيه للحظات معدودة للغاية ومن ثم فتح عينيه ببطء في محاولة منه للتأكد بأن ما يمر به ليس من وحي عقله الباطل..وأن من تقف أمامه هي تلك الفتاة التي طالما هاتف باسمها السماء طالباً في أن تصبح حلاله..
لتتسع ابتسامة فرحة علي ثغر "فادي" وتمتزج بنظرات العشق النابعة من شفاهه ليحرك أنامله ببطء لتلامس ذقن "قمر" التي شعرت بصدمة كهربية فور التماس أنامل "فادي" بها ليرتعد جسدها بقوة..شعر بها "فادي" ليحرك أنامله يميناً ويساراً ببطء لا يلاحظه أحد ولكنه يزيد من تسارع نبضات قلب "قمر" ويقوى من حدة الصدمة الكهربية التي تسري في كيانها بأكمله..
رفع "فادي" وجه "قمر" بأنامله ببطء امتزجت بنظرات عينيه المشتاقة للنظر لها..لتظهر ملامح "قمر" التي تعتبر منبع للفرحة تمتزج بتلألأ عينيها بدموع لؤلؤية تأبي الخروج من حيز عينيها وإنما أرادت إضافة صورة جمالية لذاك الوجه الذي يكتسي باللون الأحمر النابع من خديها المتوردين خجلاً ويتناسب مع أنفاسها التي تلهثها بصعوبة لا يشعر بها سوي "فادي"..
أنحني "فادي" بشفاهه لطبع قٌبلة خافتة علي جبين "قمر" التي تمسكت بدورها في طرف ملابسه لتحرك ثغرها تجاه أذن "فادي" لتهمس:أعشقك يا زوجي 
بقدر ما انتظر "فادي" سماع تلك الجملة منذ بداية حبه ل"قمر" بقدر ما كانت رعشة كيانه فرحاً بتلك الجملة ليطلق "فادي" تنهيدة فرحة امتزجت بيده التي تحيط خصر "قمر" في ضمة هادئة..
ضمة بثوب العرس الجنوني..ضمة شهدت علي أن العاشقان ما عادت بينهم أية حواجز وتحولوا إلي جسد واحد ولكنه يمتلك قلبان..قلب عنيدة وقلب متعجرف وكلاهما ليس لديه شغل شاغل سوي كيفية إسعاد الآخر..
وما بين تصفيق امتزج بصافرات فرحة أطلقها باقي أبطالنا فاق العاشقان من عالمهم الموازي ذاك لترتسم ابتسامة فرحة علي ملامحهم وتبدأ مراسم الزفاف الجنوني..
ولأن "فادي" أراد أن تكون مراسم الزفاف هندية بحت ولكن بلمسة محافظة علي تقاليد الدين الإسلامي فبدلاً من وجود ذاك الكاهن الهندي..كان "الشيخ\راضي" هو الجالس علي رأس حلقة دائرية مزينة بالورود علي طرفهم الأيمن تتشابك يدي "فادي" و"قمر" وعلي طرفه الأيسر يجلس "ياسر" المشغل بالتقاط الصور التذكارية و"بسام" المنشغل بتصوير تلك اللحظات فيديو..
وبدلاً من حديث الكاهن الهندي بكلمات تخص طقوسهم..رفع "الشيخ\راضي" كفيه للدعاء للعروسين والجميع يأمنون من خلفه..
وحافظاً علي تقليد قلادة الورد التي يقدمها كلاُ من العروسين إلي الآخر..فبعد أن قدمت "مريم" ل"فادي" قلادته الخاصة التي أحاط به عنق "قمر"..قدمت "مريم" الطوق ل"قمر" لتحيط به رقبة "فادي"...
أما عن تقليد النار المقدسة المخصصة للالتفاف العروسين من حولها فلم يستطع "فادي" اختراع أفكار مجنونة تحل مكان تلك النار لذلك ولعدم الإخلال بالتقاليد قيدت "ثرية" بمساعدة "فادية" العقدة بين ساري "فادي" وساري "قمر" وبدلاً من الالتفاف حول النار المقدسة قرروا الالتفاف حول "تميمة" الجالسة بالمنتصف وتعبث بالورد الهندي لتتصاعد ضحكات جميع أبطالنا علي ذاك المنظر الجنوني..
وبمجرد الانتهاء من تلك الطقوس المجنونة هرول أبطالنا إلي الحديقة لتتجه "أسماء" لإشعال الموسيقي الهندية البحتة لتبدأ رقصة هندية مشتركة بين "فادي" و"قمر" علي أنغام إحدى أغاني " Shahid Kapoor"
لتبدأ مراسم ذاك العرس جنونً لتتوالي الأغاني الهندية واحدة تلو الأخرى وتتحول الحديقة إلي حلقة تضم كل عاشق من أبطالنا مع معشوقته في أجواء هندية بحتة يتابعها باقي أبطالنا من الكبار سنً وابتسامة الفرحة تستولي علي ملامحهم...
لحظات جنونية لم يشعر أيً من أبطالنا بمدها ولكنها كانت كفاية لتتسع لصخب ضحكاتهم وتحمل أجمل لحظاتهم جنونً..فمن الرقص علي الأنغام الهندية وتناول الطعام الهندي الذي حول أفواههم إلي حقل يعم بالمواد الحارة والتنافس بين الشباب في ارتشاف المشروب الهندي ونثر الألوان علي بعضهم بحركات جنونية بحتة..
وبالرغم من أن الحاضرين كان عددهم يحصي علي أصابع اليد إلا أنهم أضافوا بهجة امتزجت بقلوب العاشقين الفرحة..
ولكن!! وللأسف أن لكل بداية سعادة خاتمة مؤلمة..
فبمجرد أن أعلنت دقات الساعة أنها باتت منتصف الليل حتى سكنت ألحان الموسيقي الصاخبة وتناعست الإضاءة الصاخبة وتأرجحت الزهور من موضعها مودعة أبطالنا..
أحاطت "مريم" صديقتها بذراعيها في ضمة كادت أن تمزق ضلوعهن لتحرك شفاهها بنبرة شبه باكية قائلة:انتبهي علي حالك جيداً وأنا سأحادثك كل يوم 
دفنت "قمر" ملامحها في كتف "مريم" لتزيد من تمسكها بها لتتحرك شفاهها بنبرة مرتعشة قائلة:انتبهي أنتي علي حالك جيداً وعلي "تميمة" ولا تهمليٍ في صحتك نهائياً وقلقي من جنونك ذاك
وبينما كان الحزن يكسو ملامح الصديقتين..كانت الدموع تتلألأ في عيني "فادي" بمجرد رفعه لعينيه من أحضان "الشيخ\راضي" لتلتقي عينيه بعيني "ياسر" المغرقة بدموعه اللؤلؤية..
ليقترب "ياسر" من صديقه بتردد امتزج بملامحه الباكية وعينيه المنتفخة من الدموع ليحرك شفاهه بنبرة تحذير مرتعشة قائلاً:انتبه علي حالك كما اتفقنا وإياك ألا تحادثني يومياً وإياك ألا تجيب علي مكالمتي
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "فادي" التي تكتسي بالحزن ليحيط بذراعيه كتف صديقه في ضمة أخفت في طياتها دموع الصديقين ليحرك "فادي" شفاهه بنبرة باكية قائلاً:سأشتاق لك يا أخي 
أكثر من 25عام.. لم يتفرقوا في أيامها إلا ساعات بسيطة أغلبها ساعات النوم أو العمل مع أفواج سياحية..
أكثر من 25 عام..انقسمت فيها فرحتهم علي ثغرين وتشاركت أحزانهم علي قلبين ما عرفوا شئ في ذاك العالم إلا أنهم خلقوا ليصيروا أخوة..
أكثر من 25 عام..ما تخاصموا فيها إلا نادراً وإن طال الخصام فإن شفاهه تزال تدعي للآخر وتناجي ربها بألا يفرقهم..
لا يعلم "فادي" كيف ابتعد عن أحضان "ياسر"؟! ولكنهم سرعان ما كفكفوا دموعهم لتتحرك شفاههم في نفس اللحظة قائلين:أحضر لي منديل!!
ارتفع صخب ضحكاتهم علي حالهم الذي لم يستطع الزمان تغيره ليسرقوا ضمة أخرى سريعة قبل الفراق..
أطلقت "قمر" تنهيدة ألم امتزجت بنبرتها الباكية التي حركت بها شفاهها قائلة:انتبه علي حالك من عملك هذا ولأجلي أنا اطمئن علي أمي من حين إلي آخر 
ابتلع "بسام" ريقه بصعوبة بالغة امتزجت بنبرته الشبه الباكية التي حرك بها شفاهه قائلاً:لا تشغلي بالك سأهتم بها الأهم أن تنتبهي علي حالك وألا تتأخري في الرد علي مكالماتي
زادت قوة الضمة الأخيرة لتقارب علي تكسير الضلوع المتهالكة حزناً من ذاك الفراق الذي لا يعلم أحد بمدته سوي الخالق عز وجل..
وبأعجوبة لا يعلم احد كيف حدثت؟!تركت "قمر" أحضان "ثرية" وتخلي "فادي" عن ضمة "الشيخ\راضي" ليتجه كلاً منهما إلي سيارة "بسام" وينضموا إلي صف السيارات الذي يحوي أبطالنا المتهالكين من البكاء..
أحاط "فادي" بذراعيه كتف "قمر" المرتعدة ألماً ليحركوا يدهم ببطء امتزج بملامحهم الباكية ليلقوا السلام الأخير علي أصدقائهم..
لتتحرك السيارات ببطء يسترق النظرات الأخيرة ل"فادي" الذي يحاول التماسك قليلاً و"قمر" التي تحولت إلي كرة حمراء من كثرة البكاء..
انطلقت السيارات في طريق عودتها إلي القاهرة وبداخل كلاً من الموجودين داخلها ألماً تعجز الكلمات أمامه عن وصفه..
بينما علي الجانب الآخر..بعد ما يقارب النصف ساعة مضت علي "فادي" و"قمر" في بهو الصالة..استطاع الاثنين التخفيف عن بعضهم إلي حد ما لينطلقوا إلي حجرتهم التي تتوسط الطابق العلوي..
مرت ساعة أخرى علي أبطالنا..انشغل فيها "فادي" بأخذ حمام بارد في دورة المياه الخاصة بالطابق السفلي بينما مكثتها "قمر" في محاولة خلع ذاك الساري الهندي وإعادته إلي موضعه في حقيبتها ومن ثم اتجهت لأخذ حمام دافئ لعله يخفف من تورم عينيها بالدموع..
اختارت "قمر" إحدى بناطيلها الحريرية باللون السكري وسترتها الخاصة بها لترتديهم سريعاً فور خروجها من دورة المياه..وما هي إلا لحظات انشغلت فيهم "قمر" بتجفيف خصلات شعرها من قطرات المياه لترتفع طرقات "فادي" علي باب الحجرة لتحرك "قمر" شفاهها بنبرة إذن للدخول ليدلف "فادي" إلي الحجرة بهدوء..
نسمة هواء غادرة لا يعلم أحد ما مصدرها ولكن المؤكد بأنها كانت بالقوة الكافية لنثر خصلات شعر "قمر" الحريري علي ملامحها التي اتسعت خجلاً فور رؤيتها ل"فادي" ببنطاله فقط وعاري الصدر..
أدارت "قمر" ظهرها إلي "فادي" الذي مازال في حالة صدمته لرؤيته شعر "قمر" لأول مرة فبالرغم من أن عقد قرانهم كان من فترة إلا أن الفرصة لم تسمح له برؤية "قمر" بدون حجاب..
ولكن!!ها هي الآن أمام عينيه بملابسها الحريرية التي تبرز معالم أنوثتها الساحرة وتمتزج مع خصلات شعرها الحريري المتراقص علي ظهرها بهدوء كأنه يريد إضعاف أشواق "فادي" وإشعال لهيب حبه...
لم ينتظر "فادي" طويلاً لإيجاد إجابة لسؤاله وإنما اقترب من "قمر" وأنحني بأنفه يستنشق رائحة "قمر" التي تشع أنوثة امتزجت بارتعاد جسد "قمر" فور شعورها بأنفاس "فادي" المتجانسة ببطء لصنع خيوط حريرية تحيط بكيانها المرتعش وخديها المتوردين خجلاً ممتزج بعلامات القلق التي سرعان ما استولت علي ملامحها..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة امتزجت بنبرة شفاهها المشتتة لتقول: "فادي"؟! إذا سمحت أن نؤجل أية أمور ريثما نستريح قليلاً..لأن الفترة الماضية كنا مجهدين جداً
أطلق "فادي" تنهيدة شوق تحولت إلي صدمة كهربية زادت رعشة كيان "قمر" لتأتيها نبرة "فادي" الهادئة ليقول:حسناً يا "قمري" ريثما ننهي العمرة لأنني ما عادت لدي طاقة 
اتجه كلاً من "فادي" و"قمر" إلي فراشهم للفوز بقيلولة هادئة قبل السفر لتحظي "قمر" بقيلولتها الأولي بين ذراعي "فادي" الذي سرعان ما استسلم لإرهاقه وهرب إلي نوم عميق..

يتبع......
#نورهان_حسنى

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن