الخامس والعشرون

1.1K 44 0
                                    

الفصل الخامس والعشرون

مع دقات الساعة الحادية عشر مساءً..
أنهي "ياسر" سكب الترياق في زجاجة الفودكا ليعيدها إلي موضعها قائلاً بنبرة تأكيد:انتبهي يا "إٍسراء" تلك هي الزجاجة 
أومأت "إسراء" رأسها موافقة لتحرك شفاهها بنبرة تساؤل حرجة قائلة:ألن يأتي "فادي"؟!!
نبرة نافية امتزجت بنظرات عيني "ياسر" التي تفحص المكان ليحرك شفاهه قائلاً:الأمور تسير علي ما يرام و"فادي" ينهي أمور لا بد من الانتهاء منها اليوم 
هبط "وائل" من علي الكرسي الخشبي ليحرك شفاهه بنبرة تأكيد:أجهزة التصنت باتت مثبتة هيا بنا الآن يا "ياسر"
استأذن "ياسر" من "إسراء" التي جلست علي مقعد يقابل طاولة زجاجات الخمر بينما حمل "وائل" السلم الخشبي واتجه به مع "ياسر" إلي حجرة سيتابعون منها ما يجري..
وضع "وائل" سماعات الأذن الخاصة به ليحرك شفاهه بنبرة مزاح قائلاً:منذ طفولتي تمنيت أن أكون ضابطاً لكن بفضلكم سأجاور أصدقائي من المجرمين 
قهقهة خافتة نبعت من شفاه "ياسر" الذي حركها بنبرة مرح قائلاً:لا تقلق سنكون نحن أصدقائك المجرمين لن نتركك لا داخل أسوار السجن ولا خارج أسواره 
بمجرد أن أنهي "ياسر" حديثه حتى ارتفع صوت رنين جرس المنزل لتطلق "إسراء" تنهيدة ثبات ومن ثم تتجه إلي فتح باب المنزل لتجد "هاني" يستقبلها بابتسامة ماكرة ترتسم علي ملامحه..
لم يهتم "هاني" بعلامات الحزن التي تكسو ملامح "إسراء" ولا بالدمعة اللؤلؤية التي تتدحرج في عينيها وإنما كان اهتمامه أجمع في استراق قٌبلة فرنسية فور إغلاق "إسراء" لباب المنزل..
سالت دمعة "إسراء" علي خديها لتمتزج بملامح وجه "هاني" الشهوانية..لتشهد تلك الدمعة علي ما تعانيه تلك المسكينة التي باتت سلعة يستمتع بها ذاك المعتوه سابقاً وحالياً بات صديقه الماكر يتمتع بها غير مبالياً لما تمر به..
حاولت "إسراء" دفع "هاني" عنها برفق لتستعيد تماسكها من جديد ومن ثم تحرك شفاهها بنبرة دلال مصطنعة لتقول:هل لنا بالتحدث قليلاً مع كأس فودكا ريثما أستطيع التعود علي ما أمر به بسبب فقداني لأمي 
ابتعد "هاني" عن "إسراء" مسترقاً نظرة شهوانية إلي فستانها الذي يزين ملامح أنوثتها ليضع عود تبغه بين ثغره قائلاً:حسناً لا تتأخري
دمعة لؤلؤية سالت فور التفات "إسراء" بظهرها لتطلق تنهيدة ألم سرعان ما حاولت إخفاء لتعد كؤوس الفودكا والزجاجة التي تحتوي علي الترياق..
جلست "إسراء" بجوار "هاني" الذي أحاط كتفها بذراعيه قائلاً بنبرة خبث:ما ذاك الجمال الذي تظهرين به اليوم؟!!
ارتسمت ابتسامة دلال مصطنعة علي ملامح "إسراء" التي ناولت "هاني" كأس الفودكا قائلة بنبرة أنوثة مصطنعة:أنا في جميع حالاتي جميلة أنت فقط الذي لا تنتبه لي
ارتشف "هاني" القطرات الأولي من الكأس ليحرك مسار شفاهه لتقابل شفاه "إسراء" التي حاولت تفادي قبلاته تلك بدلال مصطنع..ليبدأ مجري الحديث في ثناء "هاني" علي جمال مظهر "إسراء" إلا أن تعالت ضحكاته فجأة قائلاً بلا وعي:"محب" كان محقاً في كل حرف حادثني به عن جمال علاقتكم لما لا أقيم الآن ما قاله عملياً
ارتسمت ابتسامة خبث علي ملامح "إسراء" التي تأكدت من بدء مفعول الترياق لتعبث بخصلات شعر "هاني" وهي تحرك شفاهها قائلة:ألن تقول لي يا حبيبي عن مخبأ والدة "محب"؟!
ارتشف "هاني" البعض من الفودكا ليشير إلي ثغره بحركة خبيثة ومن ثم ترتفع ضحكاته قائلاً:ادفعي ضريبة حديثك أولاً
زفرت "إسراء" بضجر لتحرك مسار شفاهه لتقابل شفاه "هاني" في قٌبلة عنيفة اصطنعها "هاني" الذي حاول إزالة فستان "إسراء" ولكنها أمسكت بيده قائلة بدلال مصطنع:ذاك لن تحصل عليه إلا مع دفعك لضريبة وهي إخباري بمكان ذاك المخبأ 
وبلا وعي استولي علي عقل "هاني" امتزج برغباته الشهوانية ليحرك شفاهه مفصحاً عن مكان ذاك المخبأ ليحرك "وائل" إصبعه سريعاً ليدون ذاك العنوان ومن ثم ينظر إلي "ياسر" بنبرة انتصار قائلاً:هل من الممكن اصطحابنا في جولة سياحية في محافظة المنيا 
ضرب "ياسر" كف "وائل" بحركة انتصار مرحة ليحرك شفاهه قائلاً بنبرة مرح:سأصحبك إلي مخبأ كالذي نسمع عنه في الحكايات الخيالية 
بينما علي الجانب الآخر..حاولت "إسراء" بشتى السبل هدر مدة الترياق المحددة في الحديث مع "هاني" عن خبايا ذاك المخبأ بينما "وائل وياسر" يدونون تلك الملاحظات بسرعة وابتسامة النصر تكسو ملامحهم إلا أن أغلق "هاني" عينيه ليهرب في ثبات عميق ومن ثم يعاود "وائل وياسر" ما فعلوه سابقاً ليتركوا "إسراء" بمفردها بعدما تأكدوا من سلامتها ويعود كلاً منهما إلي منازلهم علي وعد بلقاء مساء غد..
..
رفعت "قمر" وشاحها لإخفاء ملامح وجهها أو بالأحق لإخفاء دموع تخفي كدمات وجهها لتطلق تنهيدة ألم امتزجت بنظرات عينيها التي باتت تتأمل كل جزء في حجرتها..
ذاك المكتب الذي طالما غفت عليه في لحظة مذاكرة..ولطالما شهد ذاك المكتب علي لحظات يأس توصلت لها "قمر" عند تعثر فهمها لسؤال ما وبالرغم من ذلك شهد ذاك المكتب علي ابتسامتها الصافية عند توصلها لإجابة ذاك السؤال..
أما ذاك الفراش الذي طالما شارك "قمر" لحظات حزنها قبل فرحتها..لطالما كتمت فيه صيحات بكائها ولطالما تعاركت بوسادته مع أقاربها..
تلك المرآة التي طالما كانت شاهد رئيسي علي لحظات جنون من "قمر" كانت تمر عليها وهي تتغزل بنفسها أمام المرآة وبالرغم من ذلك لطالما شهدت علي عيني "قمر" المنتفختين من البكاء في الأشهر الماضية..
خزانة الملابس تلك لطالما حملت أروع ذكريات الطفولة لدي "قمر" عندما كانت تختبئ بها لتلهو مع والدتها لكي تبحث عنها..ولطالما شهدت علي حيرة "قمر" في ارتداء أية ملابس في مناسبات العيد..
كل جزء بالحجرة شهد علي ذكري فرحة كانت أم حزن..كل جزء بتلك الحجرة شارك "قمر" أيامها وهي تنمو تدريجياً إلي أن حانت تلك اللحظة التي قررت فيها توديع تلك الحجرة للأبد..
خطت "قمر" خطواتها الأولي تجاه باب شرفة حجرتها لتطلق تنهيدة ألم كبيرة لتحرك شفاهها بنبرة همس مرتعشة:إن كان ما أفعله صواب أم خطأ ذاك ما وجده عقلي قبل قلبي أنه الصواب..فبعدما فقدت شعوري بالأمان في منزل والدي ما عاد لي مكان فيه..نعم سأشتاق لأمي كثيراً ولكنني أرجو من الله أن يهون عليها تلك الأيام التي لا يعرف أحد مدها سواه...وأنني ما رأيت الصواب إلي فيما سأفعله بأن أتخلي عن كل شئ من أجل "فادي" 
حمدت "قمر" ربها أنها فازت بضمة من والدتها قبل خلودها إلي الفراش ولولا تلك الضمة التي مازالت تشعر بمدي دفئها لهرولت "قمر" إلي حجرة والدتها لتحظي بضمة وداع لا يعلم أحد مداه..
فتحت "قمر" باب الشرفة بحذر لتجد "بسام" يقف في انتظارها وهو يلتفت حوله بقلق..حملت "قمر" حقيبتها علي ظهرها لتمسك بيد "بسام" ومن ثم تقفز من شرفتها وتعيد إغلاق الباب..
ارتسمت علامات الحزن علي ملامح "قمر" لتمتزج بنبرتها التي توشك علي البكاء لتقول:اذهب أنت إلي منزلك يا أخي
حرك "بسام" رأسه نافياً ليقبل جبين "قمر" قائلاً بنبرة إصرار:لا لن أتركك بمفردك لا 
لولا ذاك الوشاح الذي يخفي ملامح "قمر" لاستطاع "بسام" رصد ابتسامتها الحزينة التي تزين ملامحها ولكن سرعان ما حركت "قمر" شفاهها بنبرة قلق ممزوجة بنبرة توشك علي البكاء لتقول:الساعة باتت الثانية والنصف صباحاً وإذا أتيت معي وعدت مرة أخرى من الممكن أن يكون الأمر قد كشف..لذلك اذهب إلي منزلك وانتبه علي حالك جيداً
لحظات الفراق لا يعلم أحد كم ستدوم هي اللحظات الأقوى ألماً التي يمر بها الإنسان..
هي اللحظات التي يلعن فيها القلب كل ما تسبب في ذاك الفراق الذي لن تستطيع الأيام نسيانه بل سيزداد ألمه مع كل لحظة تمر..
ذاك فراق شخصين هم بالأحق روح واحدة قبل أن تجمعهم وحدة الدم والتربية..ذاك فراق موطن شهد علي لحظات جاءت بالعمر مرة واحدة..
ذاك فراق الجسد لموطنهم من أجل الروح التي تسكن في موطن آخر بين ضلوع ذاك المتعجرف..
أنحني "بسام" في مستوي "قمر" ليرفعها إلي أحضانه بقوة قائلاً بنبرة توشك علي البكاء:انتبهي أنتي علي حالك وأنا سأحاول زيارتك ريثما تنتهي القضية
أخفت "قمر" دموعها في طيات ملابس "بسام" لتحرك شفاهه بنبرة أمل مرتعشة:سأنتظرك..لن يتم زفافي بدونك
طبع "بسام" قٌبلة حزن طويلة علي جبين "قمر" ليعيد أنظاره المتألمة إليها ليحرك شفاهه بنبرة تأكيد ممزوجة بقلق:انتبهي علي نفسك وأنا سأنتظر مكالمة "فادي" يطمئني أنني وصلتي إليه 
أومأت "قمر" رأسها موافقة لتودع "بسام" بابتسامة أمل ارتسمت علي عينيها التي غرقت في بحر دموعها لتسحب "قمر" يدها من علي يد "بسام" ببطء وكأنها تري شريط ذكرياتها معه يمر أمام عينيها ببطء..
لتترك يد سند طالما كان حمايتها من أجل يد عاشق لا يفكر بشئ سوي حمايتها..
تنهيدة ألم أطلقها "بسام" في لحظات متابعته ل"قمر" التي تدلف خارج حدود المنزل تدريجياً ليرفع عينيه إلي السماء مناجياً ربه بحفظها وبإدخال السعادة علي قلبها هي و"فادي"..
ما يقارب الثلث من الساعة مرت علي "قمر" وهي تسترق النظر من حولها خوفاً من أن يراها أحد بينما قدمها منحها السرعة للوصول خارج القرية..
أنحنت "قمر" بظهرها علي ركبتيها لتدلكهما بألم بينما صدرها يرتفع وينخفض بسرعة من أنفاسها المتلاحقة خوفاً من أن تكون عيني غادرة رصدتها..
لحظات معدودة مرت علي "قمر" وهي تستعيد أنفاسها من جديد لتعتدل في وقفتها تدريجياً بينما يدها تعبث لنزع وشاحها ببطء لتمتزج مع انحناء رقبتها للبحث عن "فادي"..
منذ دقائق معدودة كان "فادي" جالساً في السيارة المقررة لنقله هو و"قمر" بينما وساوس شيطانه باتت تدب سمومها في عقله بأفكار أن "منير" من أراد قتله بل وهو من ساعد في قتل والدته وما إلي ذلك..
ولكن سرعان ما صاحت عيني "فادي" في وساوس شيطانه تلك بغضب فور التقاطها ل"قمر" التي تقف في منتصف الطريق تلهث أنفاسها..
لتتحول وساوس الشيطان تلك إلي لهفة ممزوجة بشوق تمكنت من أوصال "فادي" بسرعة البرق ليدلف "فادي" خارج السيارة يتابع رعشة جفونها التي تبحث عنه ..
شعور بصدمة كهربية ارتعد لها كيان "قمر" فور رصد عينيها لعيني "فادي" التي تتابعها بنظرات شوق ممزوجة بعشق..
تنهيدة راحة أطلقها العاشقين امتزجت بابتسامة خافتة ارتسمت علي شفاههم في نفس الوقت ليستلم كلاً منهما إلي أوامر قلبه العاشق ليحرك قدمه تجاه الآخر ويرسل شوق عينيه بنظرات كاد أن يلتهم كلاً منهما الآخر..
بدأت المسافة تتقلص بين العاشقين وبالرغم من أنها لا تعتبر شئ أمام ما واجهوه فيما سبق إلا أنهم شعروا بأن تلك الدقائق التي مرت عليهم كانت أضعاف مضاعفة مما مر عليهم في السابق..
أقل من المتر كانت هي المسافة التي توقف عندها كلاً من "فادي وقمر" عن السير ليفسحوا المجال لعينيهم بالحديث..
ما كان هذا وقت حديث الشفاه أبداً بل ذاك الوقت بكل تأكيد هو من أجل تلك العيون التي تلألأت شوقاً ممزوج بعدم تصديق بأنه وبعد ثمانية أشهر عانها الاثنين بآلامهم وأوجاع الفراق التي بدلت ملامحهم الناضرة لملامح باهته..
ثمانية أشهر تشهد كل ثانية فيهم بأن ذاك القلب المتعجرف وذاك العقل العنيد اجترعوا أقوى جرعة ألم لتشتت عن بعضهم...
ثمانية أشهر تتآكل فيها إنسانيتهم في كل لحظة غضب تمتزج بقليل من اليأس يريد الفتك بقوة إيمانهم..
ثمانية أشهر حكم فيها كلاً من العاشقين علي ابتسامتهم بالفناء حتى يعودوا للإتحاد سوياً..
ولكن!!الآن باتت عينيهم متأكدة أن ما يحدث الآن ما هو إلا جزاء بسيط لما مروا به من آلام اختصرتها العيون في نظرات لهفة..عتاب..شوق..احتياج..حب..ألم..
تنهيدة فرحة طويلة أطلقها "فادي" لتمتزج مع نبرته الغير مستوعبة لما يحدث بعد ليقول:أخيراً ؟!
ارتسمت ابتسامة سعادة علي ملامح "قمر" لتمتزج مع دمعة لؤلؤية تدحرجت علي عينيها لتحرك شفاهها بنبرة شبه مرتعشة:أخيراً
خطي "فادي" خطوتين في مقابلة "قمر" وعينيه تزف لعينيها نظرات شوق ممزوج بعشق بات مسيطراً علي كيانه بأجمع وليس عينيه فقط..
حرك "فادي" شفاهه بنبرة لهفة ممزوجة بطلب..نبرة شبه هامسة مخصصة فقط للعشاق ليقول: "قمر" !!
تلك النبرة لم تحمل إطلاقاً أي معني سوي أن "فادي" يطمع في ضمة واحدة تخفف من حدة الشوق الذي قارب علي الفتك بضلوعه..
ضمة واحدة سواء كان "فادي" أم "قمر" هما بحاجة لها..بحاجة لإزالة الآلام التي تهيمن علي ضلوعهم بضمة حانية..
ضمة واحدة يرها العاشقان أنها الجزاء الأمثل لما لاقوه في الشهور الماضية هي المسكن الوحيد حتى يقام الزفاف..
نظرة عيني "فادي" فسرت ل"قمر" سر تفوهه باسمها ليتورد خديها خجلأ امتزج مع أنفاسها المرتفعة والمنخفضة بسرعة جنونية..لتشعر وكأن ضربات قلبها تتسارع لتبلغ "فادي" باحتياجها لضمة من ذراعيه..
أبلغت جفون "قمر" المرتعشة موافقة "قمر" لترتسم ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي" ومن ثم يحرك قدمه بخطوات ثابتة تزيد حدة لهث "قمر" لأنفاسها..
لتتقلص المسافة نهائياً بين العاشقين ويتحرك ذراع "فادي" الأيمن ليحيط بخصر "قمر" بينما ذراع الأيسر التف علي ظهرها ليشعر "فادي" بارتعاد جسد "قمر" الغير مستوعب لما يحدث الآن..
لم تمهل "قمر" لعقلها التفكير فيما يحدث وجعلت قلبها يمسك بزمام الأمور لتحيط بيدها اليمني رقبة "فادي" وبيدها اليسرى تزيد تمسكها به..
ليطلق "فادي" تنهيدة راحة لم يشعر بها باتت إلا في تلك الضمة لتتحول أنفاسه تلك إلي صدمة كهربية ارتعدت لها ضربات قلب "قمر" التي تتسارع للإتحاد مع قلب "فادي"..
دمعة فرحة ممزوجة براحة تلألأت في عيني "قمر" التي دفنت وجهها في كتف "فادي" لتتسارع تلك الدمعة للإتحاد مع الجسد الذي أعاد لها الشعور بالأمان..
لتتحد ضلوع العشاق أخيراً لتفتك بأية آلام كانت تبعث الخوف في كيانهم وتبدلها بطمأنينة بات قلبهم يتراقص فرحاً بها..
لحظات أو ربما هي دقائق أو بالأحق لا يعلم "فادي" كان أم "قمر" بمدتها ولكن ما ترسخ في أذهانهم أن ذاك الوقت كان كافياً لتأكيد فكرة "أن ضمة العشاق الحق هي التي تتحد فيها ضلوعهم وتصبح ضربات قلوبهم واحدة" 
أغلق "فادي" عينيه ببطئ ليمحي تلك الدموع اللؤلؤية التي تتأرجح في عينيه ليعد فتحها من جديد ومن ثم يهوي بثغره إلي أذن "قمر" قائلاً بنبرة حب هامسة ممزوجة بمزاح:لم أتخيل يوماً أن يرجف قلبي في حضرتك أيتها القمر ولكنني متخيل تماماً ما سيحدث إذا رأنا أحد
ضحكات خافتة بعثتها "قمر" في كيان "فادي" لتزيد من رجفة قلبه ومن ثم ترفع عينيها بخجل ممزوج بفرحة لتحرك شفاهه بنبرة هادئة:أنا لم أتخيل تماماً أن استعيد شعوري بالأمان أضعاف مضاعفة بين ذراعيك 
ابتسامة خافتة رسمت علي ملامح "فادي" لتمتزج مع نبرته الهادئة وهو يقول:الآن هيا بنا لأصحبك إلي مسكنك الجديد ريثما يتم الزفاف
اتجهت "قمر" بصحبة "فادي" إلي سيارته ومن ثم حادث "فادي" "بسام" ليطمئنه أن "قمر" وصلت له بسلامة ومن ثم بدأت أطراف الحديث بين كلاُ من العاشقين لتمتزج صيحات مزاحهم بصخب ضحكاتهم بنبرة الحزن لتذكر ذكري ألم من الماضي بنظرة يسترقون فيها تأملهم لبعضهم لتأكدهم من أنهم باتوا أخيراً سوياً..
هاتف محمول جديد يحوي أرقام "فادي" و"بسام" و"مريم" أحضره "فادي" ل"قمر" من اجل الاطمئنان عليها من حين إلي آخر..
عقدت "قمر" حاجبيها بتعجب قائلاً بنبرة تساؤل قلقة:ماذا تعني بإحضارك لذاك الهاتف؟!هل ستغيب مرة أخرى يا "فادي"؟!
نبرة اطمئنان ممزوجة بتوضيح نبعت من شفاه "فادي" الذي قال:لن أغيب أبداً يا قمري ولكنني أعمل علي ترتيب أمور سفرنا والزفاف وبالإضافة لذلك والدك لن يهدأ بعد غيابك وأول شخص سيراقبه سأكون أنا لذلك يجب ألا يعلم نهائياً أين تسكنين ريثما أنهي أموري واذهب لدار الإفتاء لمعرفة إن كانت لكي عدة أم لا !!
تنهيدة طمأنينة أطلقتها "قمر" امتزجت بنبرتها الفضولية التي حركت بها شفاهها قائلة:ولكن أين سأسكن؟!
ارتسمت ابتسامة خافتة علي ملامح "فادي" الذي حرك شفاهه بنبرة هادئة قائلاً:ستعلمين عندما نصل 
...
علامات من الصدمة امتزجت مع صيحة الخوف التي أطلقتها "ناهد" فور رؤيتها لحجرة ابنتها فارغة ليرتعد كيانها قلقاً فور تذكرها لكلمات ابنتها الأخيرة قبل ذهابها إلي الحجرة حين همست في أذنها قائلة 
"عندما تفقد الطفلة إحساسها بالأمان علي يد والدها تتحول إلي عجوز ترتعد من نسمة هواء غادرة تزيد إضعاف جسدها ولكنني لن أنتظر ريثما يحدث هذا لي يا أمي؟!"
تشكلت لمعة لؤلؤية بين جفون "ناهد" التي حركت شفاهها بنبرة حزن هامسة:لماذا؟!لماذا يا ابنتي؟! لماذا الرحيل؟!كل هذا من أجل الفرار بما ظل في كيانك من القوة؟! لم للفوز بحبك الذي أراد والدك القضاء عليه؟!
بمجرد أن أنهت "ناهد" حديثها حتى جذبتها نبرة "منير" المتسائلة بغضب قائلاً:ما هذا الصراخ؟!
رعشة أطراف "ناهد" امتزجت مع نبرة بكائها التي حركت بها شفاهها قائلة:ابنتك تحررت من سجن الجفاء التي قيدتها بك..ابنتك لم تعد تشعر بأمان في منزلك..ابنتك قررت الرحيل 
اتسعت عيني "منير" صدمة امتزجت مع دقات قلبه التي تسارعت في محاولة لعدم تصديق ما قالته زوجته ليدلف إلي داخل حجرة ابنته بسرعة البرق بينما عينيه تحاول جاهدة البحث عنها..
نظرات عينيه باتت تترجي الحجرة أن تظهر له ابنته من جديد..دقات قلبه تأبي الاقتناع بأن ابنته تركته إلي الأبد..
هرول "منير" إلي منزل "بسام" ليطلق دفعات متتالية من الضربات الغاضبة وفي أقل من ثوانِ فتح "بسام" باب المنزل وعلامات التعجب علي ملامحه لتأتيه ضربة "منير" في صدره قائلاً بغضب:أين ابنتي؟! أين أخفيتها؟!
نبرة صدمة ابتدع "بسام" في إظهارها محركاً شفاهه قائلاً:"قمر" ؟! لا أعلم عنها شئ منذ أن أتينا من المحكمة
أنهي "منير" البحث في الحجرات عن ابنته ليتجه إلي "بسام" ويحكم القبضة علي رقبته ليصيح به بغضب قائلاً:إن لم تقل لي أين هي سأقتلك يا "بسام" 
حرر "بسام" رقبته بأعجوبة من قبضة "منير" النارية ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلاً:سأذهب للبحث عنها وإن وصل الحال للسفر للقاهرة ولكن يجب عليك ألا تترك المنزل
صيحة غضب أنطلقت من "منير" لتمتزج مع نبرة الضجر التي حرك بها شفاهه قائلاً:نعم؟!أتريد ترك ابنتي تذهب لذاك المعتوه 
نظرة ثبات انطلقت من عيني "بسام" لتمتزج بنبرته المحذرة التي حرك بها شفاهه قائلاً:سأذهب للبحث عنها مهما كلفني الأمر ولكنك إن ذهبت أيضاً ستجعل أهل القرية يطلقون عليها الشائعات لذلك كفي ما حدث لها وأتركني أنا أبحث عنها 
...
أغلقت "قمر" باب السيارة بحذر لتعقد حاجبيها بتعجب امتزج مع نبرة شفاهها المتسائلة لتقول:ما هذا المنزل؟!وما هذا المكان؟!

يتبع......
#نورهان_حسنى

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن