الرابع والعشرون

1.2K 46 1
                                    

الفصل الرابع والعشرون 

عقد "فادي" حاجبيه بتعجب امتزج مع نبرته المتسائلة ليحرك بها شفاهه قائلاً:وعليكم السلام..ماذا حدث؟! هل هنالك مكروه ما؟!
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم طويلة امتزجت مع نبرة الانتقام النابعة من شفاهها المرتعشة لتقول:أريد التخلص منهم إلي الأبد يا "فادي" فلنعيد استخدام ذاك الترياق أرجوك 
اعتدل "فادي" في جلسته ليحرك شفاهه بنبرة تساؤل ممزوجة بهدوء ليقول:ماذا حدث لكل هذا؟!هل حادثك "محب"؟! 
كفكفت "إسراء" دمعة تدحرجت علي خديها لتحرك شفاهها بنبرة نافية لتقول:لا.."محب" مشغول عني من فترة ولكنني للتو استلمت رسالة من "هاني" يخبرني أنه سيأتي لي بعد أسبوع لقضاء ليلة معي وعندما بعثت له أني أمي توفت وأنني في حالة مزرية لم يبالي بل قال لي نعم أعلم وسأتركك أسبوع لتستعدي لذاك اليوم 
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم كبيرة لتتابع حديثها قائلة:أظن أن صديقك حدد فترة لذاك الترياق وأظن أنه مضي عليها كثيراً ولكننا انشغلنا بأمور أخرى لذلك أرجوك يا "فادي" دعنا ننهي تلك المسألة 
لحظات معدودة استرقها "فادي" للتفكير في الأمر ليحرك شفاهه سريعاً ليقول:حسناً لا تفكري في الأمر كثيراً و بإذن الله سأحادث الباقي لتدبير هذا الأمر 
أطلقت "إسراء" تنهيدة راحة نسبية امتزجت مع نبرتها الشاكرة التي حركت بها شفاهها قائلة:الحمدلله..ريثما تتوصل مع الباقي للتجهيز لذاك اليوم أنا في انتظار مكالمتك
بمجرد إنهاء "فادي" لمكالمة "إسراء" عبثت أصابعه لمحادثة صديقه الأمريكي ليطلب منه تجهيز ترياق آخر..
بينما علي الجانب الآخر..تحديداً في حجرة "إسراء"..
أطلقت "إسراء" تنهيدة ألم ممزوجة بحزن امتزجت مع دموعها المتدحرجة علي خديها بينما عينيها تعرض شريط سينمائي لكل لحظة عاشتها منذ لقاء "فادي"..
لقائها الأول معه في يومها الأول للعمل في الشركة..أسلوبه المتعجرف المعتاد الممتزج بنبرة بروده..نظرة الثقة في عينيه التي طالما عجز الكثير عن إضعافها..محاولاتها المستميتة لجذب أنظاره تجاهها..تجاهله المعتاد في كل لحظة تعرض عليه القرب منها..ما فعلته "هند" من أجل تشكيلها لتصبح نسخة جديدة منها...
ارتسمت ابتسامة باهتة علي ملامح "إسراء" لتحرك شفاهها بنبرة هامسة قائلة:ضحيتي بي يا صديقتي وقمتي بتسليم شريط فيلم يجمعني بآخر ل"محب" و أخبرتيه بكل نقاط ضعفي ولكنك لم تخبريه بنقطة قوتي الوحيدة في ذاك العالم..قلبي الذي تدق ضرباته من أجل ذاك المتعجرف..
حركت "إسراء" يدها المرتعشة تجاه الطاولة المجاورة لها لتلتقط صورة مرسومة بالحبر ل"فادي" لتتحسس ملامحه قائلة بنبرة أوشكت علي البكاء:لولا تدميري لنفسي بصداقتي مع "هند" التي تفننت في كيفية تجردي من قيمي وكل ما أملك..لكنت اليوم حقي أنا ولكن للأسف أنني استبدلت عقلي بتفكير عقيم استولي علي أوصالي ليرسخ فكرة أنك ستكون لي إذا غازلتك بالكلمات وحاولت التقرب منك بقطع من ملابس تفضح جسدي 
تجمدت شفاه "إسراء" عن الحديث لثواني لتسمح لدموعها بالتدحرج علي خديها لتكمل حديثها قائلة:بالتأكيد أن تستحق الأفضل..تستحق من حافظت علي نفسها من أجلك..تستحق من لم تسلم نفسها لشياطين الإنس 
لم تستطع "إسراء" التحكم أكثر في ألمها لتفجر آلامها بصرخة وجع مركزها قلبها الذي أعلن أنه بات في مرحلة الاحتضار بينما كفيها المرتعشين مازالوا يتمسك بصورة "فادي" 
....
أسند "فادي" رأسه بكلتا يديه ليطلق تنهيدة حيرة ممزوجة بألم امتزجت مع نبرته المرهقة ليقول:بالرغم من أن المحامي بات يطمئني أن القضية مضمونة كلياً إلا أنني مازلت قلقاً..قلق مما سيحدث بعدها ومن رد فعل والدها ومما سأقدم عليه بعدها مع "قمر" 
ارتشف "الشيخ\راضي" قليلاً من كوب العصير الخاص به ليحرك شفاهه بنبرة نافية:أنا لست بقلق نهائياً من كل هذا لأنك متأكد أن "منير" لن يستطيع المساس ب"قمر" مرة أخرى وبأن "قمر" نفسها مستعدة للذهاب إلي القطبين سيراً علي قدمها إن كانت معك..أنت تحاول إخفاء قلقك الحقيقي بتلك المعتقدات
التفت "فادي" بعينيه إلي "الشيخ\راضي" ليحرك شفاهه بنبرة تردد"ماذا تقصد يا عماه؟!
نبرة حكمة ممزوجة بهدوء نبعت من شفاه "الشيخ\راضي" الذي قال:كل ما يشغل بالك هو والدك يا "فادي" ..أنت قلق مما سيفعله بعد تنفيذ ما تنوي عليه ..أنت قلق من جهلك بأحوال يومه وصحته...أنت تحاول بطبيعتك المتعجرفة قتل روح الطفل القلقة علي أباه
بدأت علامات الغضب تظهر تدرجياً علي ملامح "فادي" التي باتت تختفي تدريجياُ تحت ستار الغضب ليمتزج مع نبرة "فادي" الجافية ليقول:أبداّ أنا لا أريد معرفة أية أخبار عنه
حرك "الشيخ\راضي" رأسه نافياً لتتحرك شفاهه بنبرة تأكيد:أنا تريد معرفة كل شئ عنه 
التفت "فادي" بعينيه لمتابعة مباراة كرة القدم الناشبة بين الأطفال أمام المحل في محاولة لإنهاء مجري ذاك الحديث بينما تدحرجت لمعة لؤلؤية في عيني "فادي" امتزجت بتنهيدة ألم ارتعد لها كيان "فادي" الذي أعلن احتياجه لوالده..
حقاً إنه في أكثر فترات حياته بحاجة إلي الشعور بالأمان الذي يستمده من وجود والده جواره..
أعاد "فادي" نظره إلي "الشيخ\راضي" ليطبق علي جفونه بسرعة تمنع هبوط دموعه ليحرك شفاهه بنبرة حزن قائلاً:نعم أحتاج لمعرفة كل ما يدور من حوله وأحتاج للاطمئنان عليه ولكننه ما عاد يبالي لأمري 
بدأ تعجرف "فادي" الممزوج بلامبالاته يتمكن من كيانه تدريجياً ليحرك شفاهه بنبرة برود:إن كان يهتم لأمري ما تركني وحيداً وهو يعلم بأنني في أكثر فترات حياتي حاجة له 
ارتشف "فادي" القليل من كوب العصير الموضوع بجواره ليحرك شفاهه بنبرة متسائلة:الأهم الآن يا عماه ها ستساعدني فيما أنوي فعله ريثما تنتهي القضية؟!
...
عكف "بسام" علي الجلوس في القرية ريثما تنتهي قضية الخلع الخاصة ب"قمر" و لذلك بات يتردد علي منزل والده المجاور لمنزل "منير" من حين إلي آخر لدراسة أمور القضية والتواصل مع أصدقائه بعدما استطاع تجميع متعلقاته من المنزل الذي يسكن فيه مع مجموعة من رجال "محب"..
بمجرد تأكد "بسام" من سكون "قمر" في فراشها بعدما عادوا من رحلتهم إلي الطب الشرعي..اتجه "بسام" إلي منزل والده لمراجعة بعد أوراق القضية و الاطمئنان علي "أسماء"...
ومع دقات الساعة السابعة مساءً..أغلق "بسام" جهاز "اللاب توب" الخاصة به ليعيد كل شئ إلي موضعه ومن ثم اتجه إلي باب المنزل..
بمجرد فتح "بسام" لباب المنزل اتسعت عينيه لامبالاة امتزج مع نبرته الباردة التي حرك بها شفاهه قائلاً:خير؟!
نبرة غضب ممزوجة بتوعد نبعت من شفاه "محب" الذي ضرب صدر "بسام" بصفعة قوية قائلاً:الآن صرت رجل 
مسح "بسام" علي ذقنه ببطء لترتسم ابتسامة برود علي ملامحه امتزجت بسرعته التي سدد بها صفعة قوية علي وجه "محب" ليصيح به قائلاً:المنزل خالي لا يوجد به أحد غيرنا أتريد أن أريك الرجولة علي حق
حرك "محب" رقبته يميناً ويساراً وكأنه يعيد تجديد غضبه النابع من نظرة عينيه النارية لينشب العراك بينه وبين "بسام" الذي حاول إخفاء مهارته القتالية قليلاً ليستمتع بذاك المعتوه الذي يحركه ذراعيه بعشوائية نتجت عن غضبه الذي فشل في السيطرة عليه..
بعد مرور عدة دقائق استطاع "بسام" تدريج "محب" للوقوف أمام باب المنزل ومن ثم صفعه "بسام" صفعة كالتي سددها له "محب" في بداية الأمر ليحرك "بسام" شفاهه بنبرة تحدي قائلاً:ألقاك في المحكمة وإن كان عقلك يثير أفكارك لفعل شئ ضد "قمر" فتذكر ما أحمله في جعبتي من أسرارك 
أغلق "بسام" باب المنزل بقوة لترتسم ابتسامة ماكرة علي ملامحه ومن ثم يتجه إلي فراشه للفوز بقيلولة سريعة..
بينما علي الجانب الآخر..استقل "محب" سيارته الخاصة لينطلق بها إلي أحد منازله الخاصة بمتعته بعد أن قام بمكالمة إحدى فتياته الخاصة لقضاء وقت ممتع بعدما حادث "محب" محاميه الخاص الذي أكد له أن القضية ستكون لصالحهم ..لترتسم ابتسامة خبث علي "محب" الذي حادث نفسه قائلاً:انتهي من أمرك في المحكمة يا "قمر" ومن ثم استفيق لك يا "بسام" لأبعثك برسالة إلي والديك
...
مر أسبوع آخر علي أبطالنا..
بالنسبة ل"قمر" كانت الأيام الأخيرة لها كزوجة بالباطل علي ذمة "محب" تقضيها نهاراً في مداوية جروحها وليلاً في محادثة السماء عما يدور بخاطرها عما هو قادم وعن دقات قلبها التي ما عاد لديها قوة لتحمل آلام الشوق ل"فادي"..
لتشهد نجوم السماء علي نضارة القمر التي يستعيدها تدريجياً باقتراب حلول ليلة التخلص فيها من ذاك المعتوه..
أما عن "محب" فقد انشغل عن الجميع بصفقة سلاح يستعد لإمضاء عقدها مع مجموعة من الأجانب ليتحدد الموعد بتسليمها بعد شهر..
ليسلم ذاك الشيطان أمر القضية إلي محاميه وينشغل بإيجاد طريقة لزيادة ثروته..
أما عن "ياسر" فباتت عصبيته تقل تدريجياً بسبب عودة ابنته "تميمة" إلي تمام صحتها ليبدأ في تجهيز منزل "إسراء" مع باقي الشباب لاستعداد لاستقبال "هاني" أو بالأحق استقبال معلومات "هاني" التي ستسهل عليهم الكثير..
أما عن "فادي" فبعد وصول صديقه من أمريكا لتسليمه الترياق بات قلقه أقل حدة لينشغل بمتابعة أخبار قضية الخلع مع المحامي والتحضير لما هو قادم بعدها ومن بين كل هذا لم يستطع "فادي" منع شعور بالحنين إلي والده..
...
أنهي "حمدي" إفطاره اليومي كعادته ليلتقط سلسلة مفاتيحه متجهاً إلي باب المنزل وفي أقل من ثواني يتبدل حاله من اللامبالاة إلي الحنين..ويتغير حال نظرات عينيه بعدما كانت مرهقة صارت مصدومة لتمتزج مع ملامحه التي اختلطت بالفرحة الممزوجة بالعتاب والصدمة..ليبتلع "حمدي" رقه بصعوبة محركاً شفاهه قائلاً:هل منتظر إذن للدخول؟! تفضل يا "فادي"
ما كان "فادي" ينتظر أي إذن نهائياً وإنما خانته ذاكرته لتصحبه لرحلة صغيرة في ذكريات السنين الماضية عندما كان يغيب لأسابيع من أجل رحلة مع وفد سياحي وبمجرد عودته كان والده يستقبله بين ذراعيه في جو طالما سادته الفرحة الممزوجة بصيحات ضحكاتهم ولكن اختلف الأمر تماماً الآن..
تحولت الفرحة إلي جفاء نشب بين الأب وابنه..
وتمكنت نظرات العتاب الممزوجة بالغضب من صيحات الضحك لتدفنها بين طياتها..
وكل هذا..بسبب خبايا ماضي وتحديات حاضر ومستقبل مخيف وعند نشب بين الأب وابنه قضي علي فكرة الحوار بينهم..
أطلق "فادي" حزنه بعيداً عن كيانه بتنهيدة طويلة ليحرك شفاهه قائلاً:هل لنا بالحديث لدقائق 
أومأ "حمدي" رأسه موافقاً ليتجه كلاً منهما إلي أحد مقاعد بهو الصالة ليزيل "فادي" نظارته الشمسية قائلاً بنبرة تساؤل:لماذا قتل "معاطي" أمي؟!
تنهيدة ألم أطلقها "حمدي" امتزجت مع نبرته الموضحة الممزوجة بحزنه ليحرك شفاهه قائلاً:في تحقيقات النيابة قال بأنه أراد الانتقام مني ولكنني لم أصدق ما قاله وأنا متأكد من أن "منير" هو من بعثه 
عقد "فادي" حاجبيه بتعجب ليحرك شفاهه قائلاً بنبرة تساؤل:ولماذا تلك الثقة في أن "منير" من استأجره؟!
مسح "حمدي" لي وجهه بضيق لاستحضار ذكريات الماضي ليحرك شفاهه بنبرة حزن موضحاً:لأنه كان غبي لم ينتبه لساعة يده التي وجدتها بجوارك 
ازدادت تساؤلات "فادي" إلي الضعف ليمسح علي ذقنه بعدم فهم ليحرك شفاهه قائلاً:لا أفهم
رفع "حمدي" عينيه لتقابل عيني "فادي" ليحرك شفاهه بنبرة ألم قائلاً:"منير" طلب من "معاطى" قتل "نسمة" وعندما نفذوا خطتهم الخسيسة تلك من الواضح أن "منير" أراد إيقاع "معاطى" في تلك الجريمة لذلك حسب تقارير النيابة أن "معاطي" تلقي ضربة في رأسه بأداة حادة مجهولة المصدر وذلك يفسر وجوده لجانب جثة والدتك أما عن ساعة "منير" فقد وجدتها بجوارك عندما ألقي بك في حجرة من الثلج 
اتسعت عيني "فادي" صدمة امتزجت مع نبرته المشتتة التي حرك بها شفاهه قائلاً:حجرة من الثلج؟!
أومأ "حمدي" رأسه بالإيجاب ليتابع حديثه بنبرة توضيح ليقول:بعد ولادتك بفترة بسيطة..عانت "نسمة" من حرارة مرتفعة لم تزال بالأدوية لذلك حادثت بعض أصدقائي في الخارج من ثم قاموا هم بدورهم في تجهيز الحجرة العلوية التي علي سطح منزلنا بحيث صرنا نتحكم في شدة برودتها ومن ثم كانت والدتك تمضي فيها بعض الوقت وبالفعل تم شفائها ولكنها طلبت مني الاحتفاظ بتلك الحجرة لأنها قامت أكثر من مرة في تقليل برودتها بحيث نستطيع تحملها ومن ثم كانت تصعد هي أحياناً لها بمفردها للراحة قليلاً من مشاغل اليوم وأحياناً ما كنت اصعد معها ولكنها أبت تماماً أن تضعك فيها خوفاً عليك من برودتها ولكن عندما تأكد "منير" من إغماء "معاطي" وضعك بتلك الحجرة بعد أن تأكد من مؤشرات البروده التي بها ولحسن الحظ أنني استطعت إنقاذك في اللحظة المناسبة ولكن بعد تلك الحادثة مكثت ثلاثة أشهر في المستشفي
بينما كان "حمدي" يقص حقيقة ما حدث ليلة قتل زوجته كان "فادي" يرسم صورة تخيلية لما حدث لوالدته من قبله..يحاول إيجاد تفسير لرجل يلقي بطفل في حجرة تفتك بحياته..يحاول إيجاد تفسير لصمت والده عن تلك الحقيقة من سنين..
يحاول إيجاد تفسير لقلبه الذي مازال يدق من أجل الفتاة الذي كاد والدها أن يفتك بحياته..فقط من أجل الانتقام؟!
فاق "فادي" من شروده هذا علي نبرة ضيق نبعت من شفاه "حمدي" ليقول:هل تأكدت الآن أنه من حقي رفضك لتلك الخرافات التي قولتها بشأن ابنته؟! هل تأكدت الآن أنه من المستحيل أن تتزوج من فتاة والدها كان سبب في قتل والدتك وكاد أن يفتك بحياتي؟!
نظرات انتظار نبعت من عيني "حمدي" التي بات يشعر بأن قلبه سيتوقف من قوة ضرباته ليتهيأ عقله بأنه ابنه سيعتذر له حالاً بعد أن يمحي فكرة الزواج من ابنة الرجل الذي دمر عائلته..
بينما بالنسبة ل"فادي" لم يكن لديه أية مبررات للتفسير فنبرة "قمر" عندما اعترفت بحبها له أغنته عن أي شئ لذلك حرك "فادي" شفاهه بنبرة قوة ممزوجة بثبات قائلاً:ليته فعل ذلك 
عقد "حمدي" حاجبيه بتعجب استولي علي ملامحه قبل نظرة عينيه ليحرك شفاهه قائلاً:ماذا؟!!!
قام "فادي" من موضعه بثبات ليرفع نظارته الشمسية علي عينيه ليحرك شفاهه بنبرة ثبات قائلاً:ليته فتك بحياتي قبل أن تأتي تلك اللحظة يا أبي
خطي "فادي" خطوتين تجاه والده ليقول بنبرة أسف ممزوجة بحزن:أنا آسف يا أبي ولكنني لن أستطيع التخلي عن "قمر"..إن كان والدها كان سبب في الفتك بحياة أمي وكان يريد الفتك بي أيضاً فلن أكون أنا السبب في الفتك بحياة من علمتني كيف أعشق!!..فيما سبق بشهادة الجميع كنت مجرد روح متعجرفة حرمت علي قلبها العشق ولكن عندما باتت هي في حياتي حرمت علي قلبي عشق امرأة غيرها 
علامات من الصدمة الممزوجة بالغضب استولت علي ملامح "حمدي" الذي هب من موضعه قائلاً بنبرة تحذيرية:إذا تزوجت من تلك الفتاة لن تخطو بقدمك ذاك المنزل 
أطلق "فادي" تنهيدة ألم امتزجت مع نبرته التي تحمل أقوي معاني الألم ليقول:تلك الفتاة تحملت الكثير من أجلي ورفضت الخضوع نهائياً..في كل جزء من جسدها كدمة شاهدة علي رفضها الاستسلام..تلك الفتاة ستحمل اسم "فادي الاسيوطى".. 
أكمل "فادي" حديثه بنبرة أوشكت علي البكاء ليقول:كنت أتمني مراراً وتكراراً أن تكون بجواري فيما أمر به الآن يا أبي ولكنني يا أبي لن أستطيع التخلي عنها..سأشتاق لك كثيراً..حقاً سأشتاق لك كثيراً 
ما إن أنهي "فادي" حديثه حتى سار في طريقه إلي باب المنزل وهو يشعر بأن رعشة جسده ستفضحه أمام والده بينما دقات تمده بشعاع من الأمل بأن والده سيصرخ به في العودة وأنه لن يتركه..
ولن سرعان ما أتي الرد سريعاً إلي "فادي" بمجرد وقوفه أمام باب المنزل..لتأتيه نبرة الجفاء من شفاه "حمدي" الذي قال:أغلق الباب ورائك 
في تلك اللحظة فقط..أعلن تعجرف "فادي" الذي استولي علي كيانه فجأة...أعلن التحكم من زمام الأمور ليقضي علي علامات الألم التي بدأت في التحكم من ملامحه..وتدمير تلك الدموع التي تلألأت في عيني "فادي" ..
ليعلنها تعجرف "فادي" صريحة ب"أنه أصبح يتيماً بالرغم من أنفاس والده التي مازالت تنخفض وتتصاعد"
بينما علي الجانب الآخر..بمجرد أن أغلق "فادي" باب المنزل أعلنت قوة "حمدي" التحطم نهائياً وتمكن شعور الألم من أوصاله تدريجياً لتدمع عيني "حمدي" بالدموع أو بالأحق تغرق ملامح وجهه بدموع ألم زفرت لحظات قسوته علي ابنه الوحيد..
لتعلن دموعه فوز قسوته في تلك اللحظات وكسرته لابنه بل بالأحق كسرة نفس ذاك الأب الذي بات يشعر أن سنده في تلك الحياة رحل إلي الأبد..
....
ارتسمت ابتسامة خبث علي ملامح "محب" فور عرض محاميه للصور التي التقطها أحد رجاله حيث تجمع "فادي" ب"قمر" لتتصاعد ألسنة اللهب من عيني "بسام" الذي زاد من تمسكه بيد "قمر"وكأنه يريد بث روح الطمأنينة إلي جسدها الذي ارتعد فور عرض تلك الصور..
بالنسبة ل"منير" فسر رعشة كيان ابنته تلك أنه خوف ولكن الأحق أنها رعشة اشتياق للحظات نعمت فيها بالراحة..
فاق الجميع من شرودهم علي نبرة محامي "محب" الخبيثة الذي حرك شفاه بها قائلاً:الآن يا سيادة القاضي تستطيع سيادتك تفسير تقرير الطبيب الذي يثبت تعرض المدعية علي موكلي بأنه ضربها ويتضح لسيادتك أنه فعل ذلك بدافع تأديبها علي فعلتها بمعرفة شخص آخر عليه 
بالنسبة لمحامي "محب" كان يري عدة صور تجمع "فادي" ب"قمر" في أماكن عامة سبيل كفاية لوضع "قمر" في صورة الخائنة وبالنسبة ل"محب" فما كان مهتماً بتلك القضية من البداية لتأكده من أن ذاك المحامي ممسكك بزمام الأمور..
ولكن سرعان ما أتي رد محامي "قمر" علي تلك المعتقدات العقيمة سريعاً ليحرك شفاهه بنبرة هادئة قائلاً:بالنسبة للبعض من حضراتكم فسر تلك الصور علي أنها دليل لخيانة موكلتي لزوجها مع رجل يدعي "فادي" ولكن هل لي بطرح سؤال علي الأستاذ\محب 
أومأ القاضي رأسه موافقاً ليلتفت المحامي بنظره إلي "محب" قائلاً بنبرة تساؤل:هل تتذكر سيادتك متى تم التقاط تلك الصور؟! و من بعث لك بها؟! 
صمت "محب" لثواني معدودة ليحرك شفاهه بنبرة شبه واثقة:جاءت إلي مكتبي من شخص مجهول أما عن المدة فكانت في زيارتي الأخيرة للأقصر 
ارتسمت علامات السخرية علي ملامح المحامي الذي حرك شفاهه باستهزاء قائلاً:و هل معقول لصور تم التقاطها في الفترة التي كانت موكلتي مقيمة في القاهرة لإنهاء رسالة الماجستير الخاصة بها أي بمعني أنها كانت قبل ثمانية أشهر أن تأتي تلك الصور لسيادتك في ذاك الوقت تحديداً 
نبرة غضب مكتومة ممزوجة بثبات حاول "محب" الحفاظ عليه ليحرك شفاهه قائلاً:من الممكن أن يكون من فعل ذلك يريد إفاقتي من غفلتي علي "قمر" 
أعاد المحامي نظره إلي القاضي لترتسم ابتسامة سخرية علي ملامحه تمتزج مع نبرة شفاهه الواثقة ليقول:تاريخ تلك الصور يا حضرات تثبت أنها كانت في الفترة التي كانت بها موكلتي في القاهرة أي في الفترة التي لم يكن يربطها ان شئ رسمي بأستاذ "محب" وإن كان أستاذ "محب" فسر تلك الصور علي أنها دليل علي خيانة موكلتي فاسمح لي بأن أوضح لسيادتكم حقيقة تلك الصور
اتجه المحامي إلي تسليم القاضي بعض الملفات بينما أطلقت "قمر" تنهيدة خوف ممزوجة بنبرة هامسة تناجي بها ربها لتأتيها نبرة المحامي الواثقة ليقول:ذاك الرجل الموجود بالصور يدعي "فادي حمدي الأسيوطي" مرشد سياحي في شركة من أكبر شركات السياحة بالوطن العربي أجمع وعلاقته بموكلتي كانت تحت إطار تبادل المعلومات حيث أنه من الظاهر في الورق أمام سيادتكم تفريغ لمحادثة جمعته بموكلتي كانت عبارة عن حديث عن كتب تخص اللغة والتراث لا أكثر والصورة التي تجمعهم بفتاة ورجل آخرين فما هم إلا جيران موكلتي في عمارتها السكنية التي كانت في القاهرة وبالتالي لا يوجد دليل يثبت أنها كانت علي علاقة غير شرعية به وبالإضافة لذلك يا سيادة القاضي كيف يتهمها أستاذ\محب علي الاستمرار في تلك العلاقة بالرغم من مكوث موكلتي منذ فترة زواجهم في النوبة وعدم اقتنائها لأية وسائل اتصال بالإضافة لأنه عند سفر أستاذ\محب كانت موكلتي قاطنة في منزل والدها
ظهرت علامات القلق علي ملامح "محب" الذي مسح قطرات عرق تدحرجت علي جبينه لترسم "قمر" ابتسامة فرحة محادثة نفسها قائلة "سأتخلص منك أيها المعتوه" 
ابتلع المحامي ريقه لثواني ليحرك شفاهه بنبرة قوة قائلاً:أما عن الورق الموجود في نهاية الملف يوضح لسيادتك أنه تقرير موثق من الطبي الشرعي يثبت أن موكلتي مازالت عذراء بالرغم من مرور ثمانية أشهر علي زفافها وذلك يوضح الكدمات التي ملأت جسدها بسبب زوجها الذي عجز عن فرض قوته الجنسية فاضطر لفرض قوته الجسدية 
اتسعت عيني "محب" صدمة ممزوجة بغضب ليقفز من موضعه بسرعة ليصيح بنبرة غضب ممزوجة بتوعد:ذاك التقرير مزور هذا مستحيل مستحيل 
بقدر ما شعر "محب" بإهانة صوبت له ليتمكن غضبه من أوصاله بقدر ما كانت صدمته بأن "قمر" كانت عذراء قبل زواجهم وبأن علاقتها ب"فادي" لم تمسها أفكاره الشيطانية تلك..
حذر القاضي "محب" من الحديث مرة أخرى بدون إذن ليستكمل المحامي حديثه قائلاً:لذلك يا سيادة القاضي أطلب قبول دعوة موكلتي لتوافي سببين قوين في تلك الدعوة الأول التعرض الوحشي لموكلتي بالضرب والسباب والثاني بل الأقوى عجز المدعي عليه جنسياً
رفع القاضي المحاكمة لمناقشة لمدة نصف ساعة لتتجه "قمر" بصحبة "بسام" إلي خارج القاعة..
وما هي إلا ثواني معدودة من جلوس "قمر" علي مقعدها حتى أتتها عاصفة "محب" الغاضبة الذي اقترب منها في محاولة للاعتداء عليها وهو يصيح بنبرة غضب:أنا عاجز جنسياً أيتها العاهرة حسناً دعيني أريكي كيف يكون ذاك العاجز 
لثاني مرة في تتحطم شوكة "منير" لرؤيته ابنته تحتمي خلف ظهر "بسام" رافضة أن تستمد أية طمأنينة منه نهائياً بينما حاولت "ناهد" التخفيف من حدة رعشة جسد ابنتها بكل ما أوتيت من قوة...
أما عن "بسام" فقد استطاع بقوة ملحوظة دفع "محب" عن "قمر" بل وتلقينه صفعة نارية وقبل أن تتحرك شفاهه استطاع رجال الداخلية التفريق بينهم ليعود كلاً من الطرفين إلي موضعها..
أسندت "قمر" رأسها علي كتف "بسام" لتحرك شفاهها بنبرة إرهاق قائلة:هل أنت بخير؟!
أومأ "بسام" رأسه موافقاً ليحرك شفاهه بنبرة ضجر قائلا:كلها دقائق وتتخلصي من ذاك المعتوه 
بعد المدة المحددة لمناقشة المستشارين..دلف الجميع عائدين مرة أخرى إلي مقر المحاكمة..
لحظات معدودة تفصل "قمر" عن نهايتها مع ذاك المعتوه..لحظات معدودة وتعود لحريتها من جديد..
لحظات معدودة وتستلم وثيقة خلاصها من ذاك الشيطان وبداية حياتها مع ذاك المتعجرف..
ابتلعت "قمر" ريقها بصعوبة فو أن لمحت شفاه القاضي تتحرك ليعم الصمت المكان وترتفع نبرة القاضي بصوت الحق لقبول دعوى "قمر" وخلعها ل"محب" أي بمعني أدق طلاقها من ذاك المعتوه..
لحظات لم تعلم "قمر" عددها ولكنها كانت كافية بالنسبة لها لعزف كلمات القاضي من جديد لتنطلق صرخة فرحة من "قمر" امتزجت مع ضحكات "بسام" التي أطلقها تبعاً لتنهيدة الراحة التي اكتست ملامحه..
بينما علي الجانب الآخر..اشتعل الغضب في كيان "محب" فور سماعه لحكم القاضي ليضرب يده بالطاولة بقوة قاربت علي الفتك بالمحكمة بأكملها وليست الطاولة فقط..ليتجه إلي ذاك المحامي متوعداً له ومن ثم نكس رأسه بسرعة متجهاً إلي باب القاعة ولكن سرعان ما أوقفته زغاريط فرحة أطلقتها "قمر" ..
ليلتفت "محب" بنظره إلي داخل القاعة ليجد أن المسافة بينهم وبين "قمر" صارت معدودة ولأول مرة يري ابتسامة فرحة ترتسم علي شفاه "قمر"...
ابتسامة فرحة لم يري خيالها حتى ليلة زفافهم ولكنه باتت ترتسم علي ملامحها ليلة خلعها له..
نبرة فرحة ممزوجة بقوة نبعت من "قمر" التي حركت شفاهها قائلة:من اليوم تحررت من عقد زورته بالباطل كان يجعلني زوجتك..ثمانية أشهر وأنت تسقيني العذاب ولكن حان دوري الآن لأرد لك كل ما فعلته بي وأول الأمر فضيحتك في القرية بأن زوجتك خلعتك لأنك عاجز عن القيام بواجبات الزوج 
ارتسمت ابتسامة سخرية امتزجت مع نبرة الطمأنينة التي استمدتها "قمر" فور احتضانها لقلادة "فادي" لتقول:بإرادة الله أولاً ثم بعاشقي سأسترد باقي حقوقي ولكن نصيحة مني هيئ نفسك جيداً و تمتع بما هو باقي من أيامك لأن "فادي" لن يتأخر في تقديم العقاب لك 
بقدر ما كان غضب "محب" الذي قارب علي الفتك ب"قمر" بقدر ما كان يريد مهلة للتفكير في دفعات المصائب التي سقطت علي رأسه فجأة..ليرمق "قمر" بنظرة غضب تخفي في طياتها العجز الذي تملك منه فور صدور الحكم..
ليدلف "محب" خارج القاعة أو بالأحق خارج حياة "قمر" نهائياً لتطلق "قمر" تنهيدة راحة وتلتفت إلي "بسام" الذي عبث بشاشة هاتفه لإرسال رسالة طمأنينة إلي "فادي"..
لترتسم ابتسامة ماكرة علي شفاه "بسام" قابلتها "قمر" بغمزة فرحة لتهوي "قمر" بجسدها بين ذراعي "بسام" الذي حملها بفرحة لتتصاعد صيحات ضحكاتهم لأول مرة منذ أكثر من ثمانية أشهر..
لأول مرة من فترة كبيرة تستمع "ناهد" لصيحات ضحكة ابنتها التي طالما كتمت صيحات آلامها..
لأول مرة من فترة كبيرة تلتقط عيني "منير" علامات الفرحة علي ملامح ابنته التي طالما اكتست ملامحها بإحساس القهر...
لأول مرة من فترة كبيرة يطمئن قلب "بسام" علي شقيقته منذ أكثر من ثمانية أشهر عاشهم في قلق دائم في أحلامه قبل واقعه..
لأول مرة منذ ثمانية أشهر تشعر "قمر" بالحرية التي اكتسبتها فور نطق القاضي بنهاية سجنها في منزل ذاك الشيطان وتحطيم قيوده التي كادت أن تفتك بحياتها..
لأول مرة منذ ثمانية أشهر يعود القمر الذي أضاء حياة ذاك المتعجرف..
لتتحرر تلك الفتاة من قبضة ذاك الشيطان الذي كاد أن يفتك بحياتها..

يتبع.......
#تورهان_حسنى

في أرض النوبة للكاتبه نورهان حسني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن